التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

إدانة الديمقراطية الأمريكية في محكمة استجواب ترامب 

فشلت لائحة الاتهام الثانية ضد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مجلس الشيوخ الأمريكي.

عقدت جلسة استجواب ترامب في مجلس الشيوخ الأمريكي بتهمة “التحريض على الشغب” صباح الأحد، وتطلبت إدانته ثلثي الأصوات في مجلس الشيوخ أي 67 صوتًا، لكن العملية فشلت في النهاية.

في اجتماع مجلس الشيوخ، برأ أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ترامب من التهم في المحاكمة الثانية، حيث حصل على 43 صوتًا سلبيًا(بريئًا) و57 صوتًا إيجابيًا(مذنباً).

الديمقراطيون يشعرون بخيبة أمل من تبرئة ترامب

قوبلت تبرئة دونالد ترامب برد فعل عنيف من السياسيين الديمقراطيين. وفي رد الديمقراطيين الأكثر أهميةً، أصدر الرئيس الحالي جو بايدن بيانًا نشره البيت الأبيض، قال فيه: إن تصويت مجلس الشيوخ جاء بعد تصويت من الحزبين لعزله(الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب) في مجلس النواب. وفي حين أن الحكم النهائي لم يؤد إلى إدانته، فلا يوجد شك في مفهوم هذه التهمة وطبيعتها.

وأضاف بايدن: لقد ذكَّرنا هذا الفصل الحزين من التاريخ بأن الديمقراطية هشة. وأنه يجب دائماً الدفاع عنها، ويجب أن نكون يقظين دائمًا. وأن العنف والتطرف لا مكان لهما في أمريكا. وأن على كل منا، كأميركيين، واجب ومسؤولية، وخاصةً كقائد، للدفاع عن الحقيقة وهزيمة الأكاذيب. وهكذا سننهي هذه الحرب، ونشفي روح بلادنا.

السناتور “باتريك ليهي” الذي ترأس جلسة الاستجواب، قال في كلمة ختامية: “لقد تمت تبرئة الرئيس السابق من الاتهامات المطروحة في الاستجواب. وهکذا سيتم تبرئة ترامب من التهم الموجهة إليه.”

كذلك، انتقد “تشاك شومر” زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ في بيان له تبرئة ترامب، وقال إن “الحجج التي قدمت للدفاع عن الرئيس السابق كانت ضعيفةً وغير مفهومة”. وأضاف شومر: “إفلات ترامب من العقاب سيدرج في تاريخ مجلس الشيوخ الأمريكي باعتباره تصويتًا مشينًا”.

على مستوى آخر أيضًا، أدانت رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” تحرك أعضاء مجلس الشيوخ لتبرئة ترامب، وقالت: إن مجموعةً من الجمهوريين الجبناء كانت السبب الرئيسي لتبرئة ترامب. کما انتقدت بشدة زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي “ميتش ماكونيل” لعدم سماحه بمناقشة اقتراح عزل ترامب في مجلس الشيوخ بينما كان لا يزال في البيت الأبيض.

ترامب يعود إلى الساحة

بعد تبرئة دونالد ترامب بتهمة التحريض على الشغب، أصدر الرئيس السابق بيانًا يحدد مخططه لمستقبله السياسي.

قال ترامب ردًا على قرار تبرئته: “لقد كنت دائماً وسأظل مدافعاً قوياً عن سيادة القانون، وقوات الشرطة الأبطال، وحق الشعب الأمريكي في مناقشة قضايا اليوم سلمياً، دون حقد أو كراهية”.

کما اتهم الديمقراطيين بتحويل القضاء إلى “وسيلة للانتقام السياسي وملاحقطة واضطهاد كل الأفراد والآراء التي تعارضهم”.

وأضاف ترامب: “الشيء المحزن في عصرنا هو أن حزباً سياسياً في الولايات المتحدة يعطي تراخيص مجانية لتقويض سيادة القانون. إنهم اختلقوا الأعذار وحوّلوا المشاغبين والعدالة إلى أداة للانتقام السياسي.”

وإذ رحَّب بالتصويت، تعهد الرئيس الأمريكي السابق بمواصلة الدفاع عن “عظمة أمريكا”. وقال: إن “حركتنا التاريخية والوطنية قد بدأت في استعادة عظمة أمريكا”.

جمهوريو مجلس الشيوخ المعارضون لترامب

بالإضافة إلى جميع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، صوَّت سبعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ – بمن فيهم ميت رومني – لصالح القرار.

تطلبت إدانة ترامب انضمام 10 أعضاء جمهوريين آخرين إلى الديمقراطيين. وکانت سوزان كولينز، باتريك تومي، ريتشارد بور، ليزا موركوفسكي، ميت رومني، بن ساس، بيل كاسيدي، من الجمهوريين الذين صوتوا لصالح عزل ترامب، مع 50 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين. بالطبع، من الجدير بالذكر أن أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء قد عبروا عن رؤية واضحة لموقفهم.

وفي هذا الصدد، فإن سناتور “سوزان كولينز” عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماين، وبصفتها إحدى مؤيدي لائحة الاتهام ضد ترامب، قالت في کلمة لها في مجلس الشيوخ إن “هذا الهجوم لم يكن اندلاعًا اعتباطيًا لأعمال العنف، بل كان تتويجًا لموجة مستمرة من الاستفزازات من قبل الرئيس الأمريكي، بهدف تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية”.

من جهته کتب “باتريك تومي” السيناتور الجمهوري الآخر الذي صوَّت ضد ترامب، في بيان: إن “خيانته للدستور واليمين الرئاسي تستحق الإدانة. لقد بدأ محاولةً منهجيةً وغير شريفة لإقناع أنصاره بالفوز في الانتخابات. وقد فشلت طعونه القانونية ولكن غير الناجحة، لعدم كفاية الأدلة”.

من ناحية أخرى، كتب “بيل كاسيدي” السيناتور الجمهوري عن ولاية لويزيانا، في رسالة عبر تويتر حول قراره التصويت ضد ترامب: “إن الدستور وبلدنا أهم بكثير من أي شخص آخر. لقد صوتت لترامب لأنه مذنب”. ونقل موقع “هيل نيوز” عن رئيس مكتب كاسيدي قوله، إن هذا السيناتور الأمريكي کان قد أعدّ بيانين منفصلين بشأن إدانة ترامب وعدم إدانته.

كما كتب السناتور عن ولاية كارولينا الشمالية “ريتشارد بور” في بيان، أن ترامب كان مسؤولاً عن الأحداث في الكونغرس، وقال إن الأدلة التي قدمها المحققون كانت مقنعةً للغاية.

إضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأربعة هؤلاء، صوتت “ليزا موركوفسكي” و”ميت رومني” و”بن ساس” أيضًا لصالح ترامب في محكمة الاستجواب. حتى السناتور الجمهوري في مجلس الشيوخ “ميتش مكونيل”، الذي صوت لصالح تبرئة ترامب، قال في بيان: إن “الرئيس ترامب لا يزال مسؤولاً عن كل ما فعله خلال فترة ولايته. إنه لم يفلت من أي شيء بعد”.

انهيار الديموقراطية الأمريكية

على الرغم من فشل لائحة اتهام وعزل دونالد ترامب في الكونغرس الأمريكي، يمكن تقييم مسار التطورات في هذا البلد على أنه كسر للبنى التقليدية وانحسار الديمقراطية في هذا البلد.

وربما عندما كتب بعض علماء الاجتماع والمؤرخين مثل الفرنسي “ألكسيس دو توكفيل” رسائل وكتباً في مدح الديمقراطية الأمريكية، لم يتخيلوا أبدًا وضعًا مشابهًا للوضع الحالي للديمقراطية والمجتمع السياسي الأمريكي. أي يوم يحاصر فيه المواطنون الأمريكيون رمز السيادة وحكم القانون، ويهددون بقتل أعضاء الكونغرس.

علی الرغم من أن احتلال الكونغرس وأحداث الانتخابات بشكل عام، من وجهة نظر الخبراء، ساعدت فقط في الكشف عما كان يحدث منذ عقود بسبب الانقسامات العرقية والاقتصادية الكبيرة تحت جلد المجتمع الأمريكي؛ وهي قضية تم تغطيتها على مدى عقود من قبل وسائل الإعلام والنخب من كلا الحزبين.

في الواقع، إن أهم نتيجة لتصويت مجلس الشيوخ، هي أن المستقبل السياسي لترامب لا يزال مطروحاً، وأن الفجوة التي نشأت خلال الانتخابات لن تزول خلال السنوات الأربع المقبلة. يفكر ترامب، مع الملايين من المؤيدين المتشابهين معه في التفكير والرؤية، في إعادة انتخابه ووصوله للبيت الأبيض والكونغرس، وحتى الشخصيات الجمهورية البارزة لن تتمكن من مواجهته، حتى يستمر كابوس النظام السياسي-الرأسمالي في أمريكا.

وهذه قضية، يمكن أن تدفع بالتقاليد الديمقراطية للمجتمع الأمريكي إلى حافة الانقراض في المستقبل غير البعيد.

المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق