اجتماع أمني مع مشائخ القبائل اليمنية لتدارس حسم المعركة في مأرب ومناقشة آلية التواصل مع المخدوعين
خلال الايام القليلة الماضية تمكنت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية “أنصار الله” من التقدم كثيراً في عدد من مديريات محافظة مأرب، ونظراً لهذا فقد بذلت الدول المعتدية الكثير من الجهود بمساعدة أنصارها الغربيين لوقف العمليات العسكرية في مدينة مأرب. وتقول مصادر ميدانية، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية اقتربوا خلال اليومين الماضيين من أبواب مدينة مأرب من المحور الغربي وسيطروا على مديرية صرواح بالكامل، وهي أقرب جبهة لمدينة مأرب. وعلى هذا الصعيد، ذكرت العديد من التقارير أنه عُقد في العاصمة صنعاء يوم الثلاثاء الماضي، اجتماع قبلي عسكري استثنائي لمناقشة آلية الحسم في جبهة مأرب وتوسيع قنوات التواصل لعودة المخدوعين وفي الاجتماع الذي ترأسه نائب رئيس هيئة الأركان اللواء ركن “علي الموشكي” بحضور رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء “عبدالله الحاكم” وعدد من مشائخ ووجهاء اليمن، خاطب اللواء “الموشكي” مشائخ ووجهاء اليمن قائلاً: مسؤوليتكم الدينية والوطنية تستدعي منكم التواصل مع المخدوعين للخروج من مأرب لإنقاذهم من الهلاك والعودة إلى أهاليهم.
ولفت اللواء “الموشكي” خلال حديثه، إلى أن أبناء محافظة مأرب ومعهم الجيش واللجان الشعبية هدفهم رفع هذه المدينة الشرقية الاستراتيجية من تحت أقدام المحتلين وليس إسقاطها، موضحاً أن “أبطال الجيش واللجان هدفهم تحرير مأرب من المحتلين الذين يختطفون النساء من الطرقات والبيوت بغرض إلحاق العيب الأسود بقبائل مأرب”. وأكد رئيس هيئة الأركان أن أبطال الجيش واللجان الشعبية لن يهدأ لهم بال إلا بعد تحرير آخر شبر من الوطن. ومن جانبه، أكد رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء “عبدالله الحاكم”، أن الاجتماع اليوم مع الجانب القبلي يأتي لإشعاره بأهمية الموقف والدور اللازم عليه القيام به ضمن مهمة متكاملة مع الجيش واللجان، مشيرًا إلى أن هناك اهتماما عاليا بالعمل العسكري بكل مساراته ولكن المعركة تقتضي علينا جميعًا أداء مسؤولياتنا كلٌ وفق مهامه.
وقال اللواء “الحاكم”: “إن على كل شيخ التواصل مع المخدوعين من أصحابه لإنقاذهم من الهلاك فمرحلة التغرير تجاوزها شعبنا، وتواصلكم مع المخدوعين اليوم من أبناء قبائلكم لإعادتهم إلى أهاليهم يدفع عنكم الملامة في المستقبل القريب” وأوضح بقوله: “تأكيدنا على أهمية التواصل مع المخدوعين ليست من ضعف وإنما حرصًا على من خدعوا من القبائل”، مشدداً على أن يكون التواصل مع المخدوعين من قبائلهم وفق آلية منسقة بين هيئة قبائل اليمن والجوانب العسكرية والأمنية المختصة لتجنب العشوائية التي قد يستغلها العدو. ودعا رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية من عجزوا عن العودة من المخدوعين إلى التواصل والتنسيق لتحييد أنفسهم أو أداء دور معين للجيش من داخل المدينة أو مغادرتها باتجاه حضرموت.
وتوازيا مع استمرار تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية في اتجاه مدينة مأرب، كثفت قيادة صنعاء اتصالاتها مع القبائل من أجل تجنيب المدينة القتال. وهو ما يقابَل بتجاوب ملحوظ من قِبَل الفاعليات القبلية، التي أبدت استعدادا غير مسبوق لكسر الخطوط الحمر السعودية. في هذا الوقت، تواصل الرياض استنفارها، محاولة بشتى الوسائل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في مأرب، من دون أي نتيجة لمصلحتها إلى الآن وبالتزامن مع تحقيق قوات صنعاء مكاسب جديدة في الجبهتين الشمالية والغربية لمدينة مأرب، وتمكنها خلال الساعات الـ24 الماضية من التقدم في قلب وادي ذنة الواقع بين ضفتي سد مأرب، فضلا عن تقدم آخر مواز في “البلق القبلي” وصولا إلى “نقيل مدرج”، من شأنه أن يمكن الجيش واللجان الشعبية من عزل مناطق “مراد” عن جنوب المدينة، أكدت قبائل المحافظة أن الخطوط الحمر التي كانت رسمتها السعودية قد انتهت، وذلك بعدما فتحت حكومة الإنقاذ جميع قنوات التواصل مع تلك القبائل لتجنيب مركز المحافظة القتال، متيحة لمقاتلي الطرف الآخر فرصة الخروج الآمن.
ومع تراكم انتصارات صنعاء على الجبهات سارعت الدول الداعمة لتحالف العدوان الى التدخل ولقد صّدق البرلمان الأوروبي قبل عدة أيام على قرار يدعو لانسحاب جميع القوات الأجنبية من اليمن وإنهاء ووقف العدوان عليه والتأكيد على أن لا حلَ للأزمة في اليمن إلا عبر مفاوضات بقيادة يمنية تشمل جميع مكونات الشعب. وبالتزامن مع هذا القرار الأوروبي عُقد يوم السبت الماضي في العاصمة اليمنية صنعاء، اجتماع أمني برئاسة مساعد وزير الدفاع للموارد البشرية اللواء الركن “علي الكحلاني”، ضم رئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع اللواء “عبدالله يحيى الحاكم” ومدير ديوان وزارة الدفاع اللواء الركن “محمد العوامي” وعدداً من رؤساء الهيئات ومديري الدوائر والكليات والقيادات العسكرية وذلك لمناقشة آلية حسم المعركة في مأرب باستخدام كل الوسائل المشروعة لضرب ما تبقى من قدرات الأعداء. كما ناقش الاجتماع سبل تعزيز الأداء القتالي للمرابطين في مختلف الجبهات، بما يعزز من صمودهم في مواجهة قوى العدوان والمرتزقة، وآليات استقبال العائدين إلى صف الوطن عبر المركز الوطني لاستقبال العائدين والذين عاد منهم حتى الآن أكثر من عشرين ألفاً.
وفي المقابل، جددت الرياض تهديداتها للقبائل الموالية لـ”هادي” باستهدافها في حال التعاطي مع أي مبادرات سلام جديدة صادرة عن قيادة صنعاء. وهو ما قوبل برد واسع رافض لتلك التهديدات؛ إذ عقد في صنعاء، خلال اليومين الفائتين، أكثر من لقاء بين قيادات عسكرية عليا في وزارة الدفاع في صنعاء والعشرات من كبريات قبائل مأرب ومن مشائخها وأعيانها. كما عقد قبل عدة أيام، اجتماع موسع بين لجنة المصالحة الوطنية وعدد من كبار القيادات العسكرية والأمنية وأعضاء من مجلسي النواب والشورى وهيئة شؤون القبائل وأيدت جميع اللقاءات تحرير المدينة من سيطرة القوى الموالية لتحالف العدوان، وشددت على تجنيب النازحين فيها أي مخاطر.
الجدير بالذكر أن لقاءات صنعاء جاءت تزامنا مع إعلان عدد كبير من القبائل اليمنية النفير العام، وتأييدها للجيش واللجان الشعبية في معركة تحرير مأرب. ووفقا لمصادر مطلعة، فإن تحريك حكومة صنعاء قنوات التواصل مع الجانب القبلي أتى بعد تلقيها اتصالات مكثفة من مختلف قبائل مأرب، أكدت وجود رغبة محلية في تجنيب المدينة الدمار، فضلا عن إدراك قيادة صنعاء حقيقة السخط الشعبي على ميليشيات الإصلاح التي احتلت المحافظة منذ ست سنوات، واستحوذت على الثروة والسلطة، وأمعنت في استخدام القوة ضد أبناء القبائل. بالتوازي مع ذلك، تستمر المحاولات السعودية، عبر القنوات الدبلوماسية الخلفية، لوقف تحرير مدينة مأرب، التي كانت الرياض حتى العام الماضي تعتبرها خطا أحمر، لكن آليات الضغط التي سبق لها أن استخدمتها خلال السنوات الماضية لإبقاء مأرب تحت وصايتها الكاملة، فشلت أخيرا، وحتى الورقة الإنسانية التي تحاول اللعب بها بحكم وجود العشرات من مخيمات النازحين في محيط مأرب، تتعامل معها صنعاء بحرص شديد على تجنيب المدنيين الخطر.
ويرى مراقبون أن تحرير مأرب يعد ضربة مزدوجة؛ لحكومة “هادي” المستقيلة التي سينهي ما تبقى لها من نفوذ وسيطرة على الأرض، وللسعودية التي ستخسر به آخر معاقل وصايتها في اليمن. ومن هنا، حذر موالون لحكومة المستقيل “هادي”، الرياض، من تداعيات سقوط كامل المحافظة، التي تعد بحسبهم خط الدفاع الأول عن مدينتي جيزان وشرورة السعوديتين، وسيفتح سقوطها الباب أمام حركة “أنصار الله” لتوسيع نفوذها إلى كامل الحدود السعودية المشتركة مع اليمن.
وفي الختام يمكن القول إن قرار تحرير مدنية مأرب من قوات الاحتلال السعودية قد تم اتخاذه في العاصمة اليمنية صنعاء وخلال الايام القادمة سوف نشاهد أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” يرفعون علم الحرية والعزة في مدينة مأرب اليمنية. إن الانتصارات الاخيرة التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الأيام الماضية في العديد من جبهات القتال في محافظة مأرب، دفعت بمن ما زال في نفسه كرامة وغيرة على وطنه وعرضه أن يغادر صفوف العدوان ويلتحق بالصف الوطني ويدافع عن بلده وشعبه.
المصدر/ الوقت