التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

أكاديمية وباحثة أمريكية.. حقوق الإنسان في السعودية انتهاكات فظيعة دون رادع 

خلال السنوات الماضية تعرض وضع حقوق الإنسان في السعودية لانتقادات واسعة من قبل مختلف الدول والأوساط الدولية، ولكن على الرغم من هذه الانتقادات؛ كانت اوضاع حقوق الإنسان والحقوق المدنية الأساسية في أسوأ حالاتها في السعودية وعلى مدى السنوات الأربع الماضية على الأقل في عهد “ترامب”، لم يخفف القادة السعوديون مطلقًا عقوبة النشطاء المدنيين والسياسيين، ولكنهم خلال الفترة القليلة الماضية قاموا بعدد من الخطوات غير المسبوقة لتخفيف بعض الاحكام على ناشطين مدنيين سعوديين وهذا الامر أدى إلى ظهور بعض الاستنتاجات حول هذا التغيير في سلوك القادة السعوديين المرتبط بتغيير الحكومة في أمريكا.

وحول هذا السياق، أعربت الدكتورة “أنيل شيلين” أستاذة العلوم السياسية الأمريكية، أن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية فظيعة ولا تزال مقلقة للغاية. وعددت “شيلين”، جرائم الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد “محمد بن سلمان”، مثل الحرب على اليمن والاغتيال الوحشي للصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في تركيا واختطاف رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري”، واعتقال المعارضين والنشطاء الحقوقيين داخل المملكة، وكذلك ملاحقة المعارضين خارج حدود المملكة. وحذرت “شيلين” من الخطورة القانونية للناشطة الحقوقية “لجين الهذلول”، فهي لا تزال معرضة لخطر الملاحقة القانونية، كما سيظل العديد من مئات الأشخاص قابعين في السجن ظلما.

ولفتت الدكتورة “شيلين” إلى الشيخ “سلمان العودة”، رجل الدين السعودي الذي يُمثل موقفا تقدميا أكثر تجاه الإسلام من نواح عديدة مقارنة بالمؤسسات السعودية في حد ذاتها. وقالت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط إنه من المقلق أن الحكومة السعودية تدّعي أنها تروج لما يدعى بالإسلام المعتدل، بينما يقبع أحد رجال الدين القدامى الذي شجع على إعادة تقييم بعض الافتراضات حول التفسيرات المتحفظة للإسلام في السجن، ويعاني من نقص الرعاية الطبية داخل الحبس الانفرادي، منذ خريف عام 2017. وخلصت الدكتورة “شيلين” إلى أن وضع حقوق الإنسان في السعودية يعدّ فظيعا بشكل عام. وكانت إدارة “بايدن” قد أعلنت أنها ستنشر المعلومات المتعلقة بهذا الأمر، ويبقى هذا الموضوع في أذهان العديد من الأمريكيين عندما يفكرون في السعودية.

وإضافة إلى دور الرياض في أحداث الحادي عشر من أيلول، وحقيقة أن أغلب مختطفي الطائرات حينها كانوا سعوديي الجنسية ولا يزال ينظر العديد من الأمريكيين إلى السعودية على أنها راعية للإرهاب والعنف الوحشي وتهميش حقوق المرأة، انتقدت أستاذة العلوم السياسية الأمريكية غياب حقوق المرأة في السعودية، وقالت، إن “نظام الوصاية لم يتغير، وظلت النساء عرضة لسوء المعاملة بموجب هذا النظام”. وأضافت إن “الأهم من ذلك أنه يجدر بمحمد بن سلمان التوقف عن قمع شعبه وسجنهم، إضافة إلى قتل الناس خارج حدوده. ولذلك، فإنه بالنسبة للعديد من السعوديين، سيكون الشيء الحقيقي الذي يرغبون فيه هو المزيد من الفرص الاقتصادية، دون إنفاق الموارد على أمور مثل الحرب في اليمن على سبيل المثال”. ولفتت الدكتورة “شيلين” إلى أن الحرب العبثية التي شنتها الرياض في اليمن تستنفد قدرا هائلا من موارد المملكة، بينما كان من الممكن إنفاقها بفاعلية أكبر على السكان السعوديين، وهو أمر مشابه لما يحدث في الولايات المتحدة.

وفي جزءً أخر من حديثها، قالت الدكتورة “شيلين”، “لقد عزز بن سلمان سلطته الخاصة، وقام بالفعل بتغيير السلطة داخل السعودية التي يتقاسمها العديد من الإخوة المختلفين من أبناء الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة. لكن سيكون لبعض الإخوة سيطرة أكبر في مجالات معينة، وفي جوانب معينة من اقتصاد الحكومة ونتيجة لذلك، كان صنع السياسات في السعودية في كثير من الأحيان أكثر حذرا وأكثر تحفظا، والذي شهد تدخلات العديد من الأمراء الأقوياء، ما دفع البعض في وقت لاحق إلى الاعتقاد بأن هذا الوضع أدى إلى انعدام التغيير، ونقص المبادرة من جانب السعوديين قد يؤدي للاعتراف بأن البديل ليس بالضرورة جيدا أيضا، لأنه عندما كان محمد بن سلمان يعزز سلطته الخاصة فإنه كان غير مؤهل لاتخاذ قرار يخدم بالضرورة مصلحة المملكة ولا المناطق التابعة لها”.

وأضافت، “أعتقد أنه بعد اكتساب ابن سلمان لهذا القدر من القوة من المرجح أن يعتلي العرش. وفي المستقبل، سيتوجب على الولايات المتحدة التعايش مع ذلك والاستعداد للتعامل معه، ونأمل أن تشجع أمريكا دوافعه الأكثر إنتاجية كتلك التي تدعم تنمية شعبه، والاقتصاد السعودي، والانتقال بعيدا عن البترول ومشروع رؤية 2030، على سبيل المثال، يتمتع بأهداف مثيرة للإعجاب، إلا أنه من غير الواضح كيف سيتم تنفيذها بالضبط، نظرا لاستمرار انخفاض سعر النفط وميل محمد بن سلمان للاستثمار في مشاريع استعراضية كبيرة مثل نيوم بدلا من التركيز على احتياجات مواطنيه”.

وعلى صعيد متصل، وجهت أكثر من ثلاثين دولة غربية انتقادات صريحة إلى السعودية خلال الفترة الماضية بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة. وفي جنيف دعت تلك الدول الرياض في بيان إلى إطلاق سراح الحقوقيات المعتقلات وإلى القيام بتحقيق شفاف ومستقل بشأن مقتل “خاشقجي”. حيث انتقدت 36 دولة، من بينها ألمانيا، السعودية أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة. ونيابة عن الدول الـ 36، قرأ “هارالد أسبيلوند”، ممثل أيسلندا في جنيف بيانا جاء فيه “نحن قلقون بشكل خاص حول تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب وغيرها من الأحكام المتعلقة بالأمن ضد الأفراد، الذين يمارسون حقوقهم وحرياتهم سلمياً”. وأضاف البيان “المدافعون عن حقوق الإنسان ومجموعات المجتمع المدني يجب أن تؤدي دورا مهما في عملية الإصلاح، التي تنتهجها المملكة”. كما دعت تلك الدول السعودية مرة أخرى إلى القيام بتحقيق يتمتع بالاستقلال والشفافية في قضية مقتل الصحفي المعارض “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في إسطنبول وقالت: “نحن ندعو السعودية لنشر جميع المعلومات وإلى التعاون مع جميع التحقيقات، وكذلك مع التحقيق الذي يجريه المقرر الخاص المعني بقضايا الإعدام التعسفي والإعدام خارج نطاق القضاء”.

وفي السياق نفسه، كشفت العديد من التقارير أن سلطات الرياض مارست خلال السنوات الماضية العديد من الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان من اعتقالات تعسفية وإعدامات للمواطنين وحصار وحروب مع الدول المجاورة بشكل يومي، كذلك تعمل المنظمات الحقوقية على تسليط الأضواء على الانتهاكات والتي بدأت تؤثر في سمعة سلطات الرياض وتؤرق كبار المسؤولين. كما أكدت تلك التقارير أن الأمير “محمد بن سلمان” شن حملة اعتقالات تعسفية واسعة ضد أمراء ورجال الأعمال ورجال الدين والكفاءات والنخب من كل المناطق والتيارات والتوجهات والمهن، وامتلأت السجون بالمعتقلين والمعتقلات وهذه أول مرة يتم فيها اعتقال عدد كبير من النساء لأسباب تتعلق بحرية الرأي والعمل الحقوقي. إن سياسة التهميش والتغييب والاستخفاف بالشعب لم تتغير في عهد الملك سلمان وابنه ولي العهد الأمير “محمد” الذي يروج للانفتاح والترفيه، فهو في الحقيقة كبقية العهود السابقة الحاكمة في السعودية من حيث عقلية الاستبداد وتهميش للشعب المغيب والمطلوب منه في كل عهد وسلطة أن يطبل ويمجد سياسة الملك سلمان وابنه ولي العهد.

وعليه، فإنه يمكن القول.. في السعودية، لا يزال التعبير عن الأفكار المخالفة للتيار الوهابي الأيديولوجي والديني محظورًا ويرتبط بتكاليف باهظة على المواطنين، وبعض الإجراءات الأخيرة السطحية والمحدودة، مثل تخفيف العقوبة وإطلاق سراح العديد من السجناء والنشطاء السياسيين والاجتماعيين، لن يكون له تأثير على الأوضاع المتردية لحقوق الانسان في السعودية. إن هذه الاجراءات الاخيرة جاءت من أجل تهيئة المناخ مع الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث بادرت الرياض بتسريع عملية إغلاق الملفات الساخنة والمثيرة لدى الإدارة الأمريكية والعالم، وفتح صفحة جديدة مع الرئيس الجديد “بايدن” بأقل الخسائر، وبالخصوص ملف اعتقال الحقوقيات والناشطات وبالذات ملف الحقوقية “لجين الهذلول”. ويبدو أن قرار تخفيف أحكام الإعدام بحق عدد من الشبان ينصب ضمن المسار نفسه والطريق الذي بدأت الرياض تسير به لعلها تجد حلاً مع إدارة “بايدن”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق