التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

أبوظبي تُرسل هدية مفخخة لتونس.. غضبٌ شعبيّ يُعرّي الإعلام الإماراتيّ 

عقب الإساءة التي أقدمت عليها أبو ظبي بحق الشعب التونسيّ، والذي وصفه الإعلام الإماراتيّ بـ “المحتاج”، شهدت العلاقات التونسيّة – الإماراتيّة توتراً كبيراً في الأيام الماضية، حيث وصف الرئيس التونسيّ الأسبق منصف المرزوقي في تصريح له، هدية اللقاحات الإماراتيّة لبلاده بأنها من بلد “حقير”، كما طالب وزير الصحّة السابق والقياديّ البارز في حركة النهضة الإخوانيّة، عبد اللطيف المكّي، في منشور له على فيسبوك، رئيس الحكومة التونسيّة، هشام المشيشي، بإعادة كمية اللقاحات التي قدّمتها الإمارات كهدية إلى رئاسة الجمهوريّة، وقد أثارت هذه القضيّة غضباً واسعاً من الشعب التونسيّ، وضجّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ بدعوة الإعلام الإماراتي للاعتذار عن تلك الإساءة البالغة.

هدية مفخخة

أعطت المساعدات الإماراتيّة التي تمّ إرسالها إلى تونس على متن إحدى الطائرات يوم الثلاثاء 1 تشرين الثاني 2020، والتي سيستفيد منها أكثر من 11 ألف عامل في القطاع الصحيّ وتضم 11 طناً من الإمدادات الطبيّة وأجهزة التنفس، لتوفير مزيد من الحماية لهم في مواجهة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، أثراً عكسيّاً نتيجة التغطيات الإخباريّة المُسيئة التي صدرت عن الإعلام الإماراتيّ، لدرجة أنّ بعض التونسيين طالبوا الرئيس التونسيّ، قيس سعيد، بإرجاع ما وصفوها بـ “الهدية المفخخة” إلى الامارات.

“تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها” ضرب المثل الذي انتشر كالنار في الهشيم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ في تونس عقب الإساءة الإماراتيّة بحق التونسيين، وقد كان رد الرئيس التونسيّ الأسبق، منصف المرزوقي، لاذعاً حيث أشار إلى أنّ هدية اللقاحات الإماراتيّة لتونس بأنها “من حقير”، عقب ما تناقله التونسيون من حديث لوسائل إعلام إماراتية عن تلك الهدية.

وفي الوقت الذي أوضح فيه المرزوقي أنّ التونسيين لا يمكن أن يقبلوا هذه الإساءة، ذكر في منشوره عبر فيسبوك: “أوافق على اقتراح وزير الصحّة السابق والقياديّ البارز في حركة النهضة الإخوانيّة، عبد اللطيف المكّي، وأقاسم الشعب التونسيّ غضبه من تسريب القصة إلى استغلالها اعلاميّاً”، مخاطباً رئاسة الجمهوريّة والحكومة بقوله: “أرجعوا لحكام الإمارات لقاحاتهم ” وأضاف إنّ “المنّ الحقير لا يكون على شعب تونس”، خاتماً منشوره بأنّه “لا بد لليل أن ينجلي”.

ومن الجدير بالذكر، أنّ وزير الصحة التونسي الأسبق، طالب رئيس الحكومة التونسيّة، هشام المشيشي، بإرجاع اللقاحات التي تلقتها رئاسة الجمهورية من أبو ظبي كهبة، معللاً ذلك بما وصفه بالامتهان (الابتذال والاحتقار) في طريقة تناول أخبار تلك الهدية في وسائل إعلام إماراتيّة، وكتب عبر صفحته على فيسبوك: ” السيد رئيس الحكومة.. أرى أنّ تعيد كمية اللقاحات الإماراتيّة فوراً إلى مصدرها، لأننا لم نردها ولا نريد الامتهان، كما حدث في إعلامهم”.

يشار إلى أنّ الرئاسة التونسيّة أصدرت في الأول من آذار الجاري، بياناً قالت فيه إنّها تلقت 500 جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا وأنّ الرئيس التونسيّ قد أمر بتسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكريّة، مؤكّدة على أنّه لم يقع تطعيم لأيّ أحد بهذه الجرعات، لا من رئاسة الجمهوريّة ولا من غيرها من الإدارات الأخرى.

وما ينبغي ذكره، أنّ العلاقات الإماراتيّة – التونسيّة شهدت توتراً واضحاً عقب الثورة التونسيّة عام 2011، بالأخص مع وصول حركة النهضة الإخوانيّة للحكم، وقد بلغ هذا التشنج الدبلوماسيّ ذروته في 27 أيلول عام 2013، عندما استدعت الإمارات سفيرها في تونس، رداً على تصريحات الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، في الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي طالب فيها بإطلاق سراح الرئيس المصريّ الإخوانيّ المعزول، محمد مرسي، أثناء الانقلاب العسكريّ في ذلك العام.

تقرير مُهين

أجبر الغضب الشعبيّ التونسيّ، موقع “العين” الإماراتيّ على تغيير عنوان تقريره المُهين على خلفية تلقي الرئيس قيس سعيد لقاحات ضد فيروس كورونا من الإمارات دون الإعلان عن ذلك في الإعلام الرسميّ وفق ما ذكرت مواقع إخباريّة، حيث إنّ موقع “العين” قد نشر تقريراً بعنوان “جزيل الشكر.. فرحة شعبيّة تونسيّة بوصول لقاح كورونا من دولة الإمارات”، إلا أنّ سخط التونسيين وغضبهم من تصرفات حكومة الإمارات التي اعتبرت التونسيين متسولين ومحتاجين، أجبر الموقع الإماراتيّ المذكور على حذف كذبة فرحة الشعب التونسيّ باللقاحات ليصبح عنوان التقرير “جزيل الشكر.. هدية لقاح كورونا من الإمارات للرئاسة التونسيّة”.

وعلى هذا الأساس، فإنّ كشف فضيحة تلقي الرئاسة التونسيّة للقاحات من أبو ظبي في الغرف المظلمة، لاقى غضباً واسعاً من سياسيين وإعلاميين ونشطاء المجتمع المدنيّ التونسيّ، إضافة إلى ذلك أطلق نشطاء تونسيون حملة لطرد السفير الإماراتيّ من تونس، ردّاً على إهانة التونسيين، مطالبين بتوضيح العلاقة بين الرئيس قيس سعيد وأبو ظبي التي أُدخلت إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّ مع العدو الصهيونيّ الغاصب.

كذلك، أرجع خبراء محسوبون على جماعة “الإخوان المسلمين” حذر الرئيس التونسيّ، قيس سعيد، في تصريحاته من قضية التطبيع الإماراتيّ – الصهيونيّ إلى رغبته بعدم الصدام مع الإمارات والولايات المتحدة، في ظل الوضع الداخليّ التونسيّ الهش، وبالتزامن مع الاتهامات الصادرة عن سياسيين تونسيين للإمارات، بقيادة “ثورة مضادة” لإفشال عملية التحول الديمقراطيّة في بلادهم، وهي الوحيدة الناجحة، وفق ما يقول مراقبون بين دول عربية أخرى شهدت الموجة الأولى مما تُسمى “ثورات الربيع العربيّ” عام 2011، وهذا ما تنفيه أبوظبي على المستوى الرسميّ.

وفي وقت سابق، قطع الرئيس التونسيّ الطريق أمام الإسلاميين المتشددين وأطراف أخرى في تونس سعت إلى تحقيق أهداف سياسيّة من خلال المزايدة على الموقف التونسيّ بشأن تطبيع دولة الإمارات مع الكيان الغاصب، حيث أكّد سعيّد دعمه للفلسطينيين واحترامه لإرادة الدول الأخرى، وشدّد على موقف بلاده الثابت من الحق الفلسطينيّ، وثقته بأنّ الشعب الفلسطيني سيسترد حقوقه المشروعة، منوهاً بأنّ هذا الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفه الأهواء والمصالح.

يُذكر أنّ الخلاف بين الرئاسات الثلاث في تونس يتفاقم منذ انتخابات عام 2019، والتي أسفرت عن برلمان منقسم ورئيس جديد على الساحة السياسيّة، ما أوجد حالة مستمرة من الاضطرابات السياسيّة في الدولة الوحيدة التي خرجت بديمقراطيّة سليمة كما يصف البعض، مما يُدعى “الربيع العربي” قبل ما يقارب الـ 10 سنوات، وقد وصل الخلاف إلى ذروته في وقت تحاول فيه الحكومة التونسيّة تجاوز الأزمة الاقتصاديّة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق