ثمة إمكانية لتغيير النظام الملكي في السعودية
يعتقد البعض أنه مع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، قد يأمل المرء في حدوث تغيير طفيف في السياسة الداخلية والخارجية الامريكية. خاصة بعد ان أدى سلوك الرئيس السابق دونالد ترامب إلى تراكم الأزمات الداخلية والتحديات المحيطة بامريكا؛ والتي استمرت لمرحلة ما بعد ترامب.
كان تسارع سلوك ترامب تجاه التطورات في منطقة غرب آسيا، لا سيما القضية الفلسطينية وقضية السعودية، إلى درجة أنه أحدث تغييرا غير متوازن أكثر مما كان عليه في الماضي. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله بايدن هو العودة إلى مرحلة ما قبل ترامب. بمعنى آخر، لن يكون هناك تغيير في سياسة امريكا.
وعلى الرغم من أن السعودية ربطت استقرارها السياسي بالأمريكيين على أساس مفهوم الأمن مقابل النفط، إلا أن السعودية وضعت كل بيضها في سلة ترامب في الماضي، مما أثار غضب خصوم ترامب الديمقراطيين في امريكا.
حيث قامت دول مثل السعودية والإمارات والبحرين بتغطية نفقات حملته الانتخابية وأوراق اقتراعه. وكانت قضية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وصفقة القرن من بين التنازلات السياسية والهدايا التي قدمها بعض العرب لترامب للفوز بالانتخابات. ومع ذلك، على الرغم من أن ضغط بايدن على السعودية قد يزداد، فإن هذا لا يعني تغييرا في سياسة امريكا تجاه السعودية والمنطقة، وكل ما يريده هو الضغط على السعودية لتقديم تنازل سياسي جديد، ولا شيء أكثر من ذلك.
وفي هذا الصدد، تم اجراء مقابلة مع البروفيسور حسين عسكري، الخبير الاقتصادي وأستاذ كلية التجارة والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن في امريكا.
كان حسين العسكري مستشارا لوزير المالية (1978) ومستشارا لملك السعودية السابق (الملك عبد الله) ويعرف أيضا باسم مهندس الاقتصاد السعودي. وهو أستاذ الأعمال والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدير معهد البحوث والإدارة العالمية والرئيس السابق لقسم التجارة الدولية بجامعة جورج واشنطن. حيث ترتكز أطروحته ومناقشاته في جامعة جورج واشنطن على الاقتصاد، والتنمية السياسية والإنسانية والصراعات والحروب في الشرق الأوسط، والاقتصاد السياسي للنفط، والاقتصاد الإسلامي.
ورد ذكر ريتشارد نفيو باعتباره مهندس العقوبات الأمريكية ضد إيران. بعد انتخابه من قبل بايدن، يعتقد البعض في إيران أن الرئيس الأمريكي ينوي تشديد العقوبات ضد إيران. لكن من ناحية أخرى، يعتقد الكثيرون أن انضمامه إلى الحكومة الأمريكية سيقلل العقوبات. ما رأيك بهذا؟
عسكري: كان المهندس الحقيقي للعقوبات الأمريكية ضد إيران هو ستيوارت ليفي، نائب وزير الخزانة الأمريكي السابق لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية. كان هو الذي يعتقد أن العقوبات المالية هي السلاح الأكثر فعالية. قبل ذلك، لم تكن العقوبات فعالة. وفي هذا الصدد، أنشأ ليفي إطارا لواضعي السياسات. لا أعتقد أن نيفيو أضاف أي شيء إلى ما فعله ليفي وفريقه بشأن العقوبات. كما ان تعيينه لا علاقة له بتشديد العقوبات او تخفيفها. لا يفهم نيفيو سوى تاريخ العقوبات ضد إيران، والتي ستكون مفيدة في دفع حكومة بايدن إلى الأمام.
في المتوسط، تلحق العقوبات ضررا أكبر بمواطني المجتمع. لكن الشرط المسبق للعقوبات هو على وجه التحديد إجبار الحكومة على تغيير سياساتها من خلال التسبب في الألم وعدم الراحة للناس العاديين.
أعتقد أن العقوبات ستكون ضربة كبيرة للدولة التي تفرضها. والدولة التي تفرض العقوبات هنا هي امريكا، والتي ستخلق لنفسها أعداءً كثيرين. الأبرياء الذين يعانون من العقوبات وقد يفقدون أحباءهم بسبب العقوبات سيصفون العقوبات بأنها حرب غير عادلة.
المثير في الأمر أن امريكا التي اعترضت في السابق على العقوبات العربية ضد إسرائيل واعتبرتها غير قانونية ومخالفة للقانون الدولي، تفرض الآن عقوبات على دول أخرى أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
كان بايدن قد أعلن خلال حملته أنه سيعود إلى الاتفاق النووي. لكن بعد وصوله إلى السلطة، وعلى الرغم من حقيقة أن امريكا كانت هي التي انسحبت من الاتفاق وليس إيران، فقد وضع سلسلة من الشروط المسبقة للعودة إلى الاتفاق النووي. كيف تقيم هذه التصرفات المتناقضة؟
عسكري: قبل أن يترشح للرئاسة، كان الاتفاق النووي نتيجة إدارة أوباما، وهو كان مساعدا للرئيس آنذاك، واعترف بنجاحه في السياسة الخارجية. لذلك، أراد بايدن استعادة نجاح هذه السياسة. لكن في غضون ذلك، رأى ترامب وحلفاؤه الإسرائيليون أن إيران تشكل تهديدا بسبب برنامجها الصاروخي ودعمها لحلفائها في المنطقة.
فيما يتعلق بسياسة بايدن تجاه السعودية، فمن ناحية، دعا الرياض لوقف الحرب ضد الشعب اليمني، لكنه من ناحية أخرى يعطي السعودية حق الدفاع عن بلادها. كما يتحدث عن دور حكام السعودية في اغتيال خاشقجي، لكنه لا يتخذ إجراءات جادة لمعاقبة المسؤولين عن الاغتيال. كيف تقيم سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الرياض؟ يبدو أن كلاً من بايدن وترامب قد استخدما قضية اليمن وقضية خاشقجي كوسيلة لتحقيق مكاسب اقتصادية أكبر. هل هناك فرق بين سياسات بايدن وترامب في هذه القضايا؟
عسكري: يرجى أن تضعوا في اعتباركم أن بعض الأمريكيين ذوي النفوذ لديهم اتفاقيات شخصية مباشرة مع الحكومة السعودية وآل سعود. كما أن هناك مصالح للعديد من الشركات الأمريكية في السعودية. في المقابل، تعرضت إيران للهجوم من قبل إسرائيل واللوبي اليهودي ووسائل الإعلام الأمريكية.
لذا، في حين أنني لا أتفق مع بايدن، فأنا أرى البلد الذي يميل إليه. لكنه يحتاج إلى دعم من الكونغرس لدفع أجندته، والتسامح مع إيران لن يساعده في الكونغرس الأمريكي. لكنني أتفق معك أيضا في أن امريكا وجماعات المصالح، أي الشركات وجماعات الضغط، قد استخدمت وستستخدم حالات مثل اليمن وخاشقجي لكسب أموال أكثر من محمد بن سلمان والسعودية.
واسمحوا لي أيضا أن أشير إلى أنه عندما اعتقل محمد بن سلمان بن نايف، قلت إنه سيُطيح به بمرور الوقت لأنه خالف القاعدة الأساسية للملك عبد العزيز؛ يعني متابعة موضوع الأقدمية في الأسرة وعدم التآمر على بعضنا البعض. في ذلك الوقت، قلت إن بعض أعضاء آل سعود كانوا سيطيحون بمحمد بن سلمان بمساعدة امريكا. اليوم، أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث في عهد بايدن، وبدلاً من فرض عقوبات جدية على السعودية، ستساعد امريكا محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز على الإطاحة بمحمد بن سلمان.
المصدر/ الوقت