التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

وثيقة التعاون الشامل بين ايران والصين؛ فرص للطرفين 

سياسة ـ الرأي ـ
وقعت ايران والصين يوم امس السبت وثيقة التعاون الشامل للاعوام الـ 25 القادمة والتي تتضمن مختلف اوجه التعاون وفي مقدمها السياسية والاقتصادية.

هذه الوثيقة الموقعة من قبل وزيري خارجية البلدين بعد جهود حثيثة ومناقشات مسهبة ومحادثات مطولة هي وليدة ظروف عالمية جديدة؛ ظروف لها ضرورات جديدة وبامكانها ان تخلق فرصا جديدة ايضا للطرفين.

قبل 20 عاما تقريبا حينما كان الرئيس روحاني يتولى مهمة كبير المفاوضين الايرانيين في المفاوضات حول القضية النووية الايرانية، اجرى زيارة الى الصين وطرح مع مسؤوليها مسالة التعاون بين البلدين لمواجهة اميركا الا انه لم يسمع ردا حاسما.

هذا الرد من المسؤولين الصينيين لكبير المفاوضين النوويين الايرانيين في ذلك الوقت كان انعكاسا لاستراتيجية الصين لتحقيق التنمية القصوى من دون اثارة حساسية اميركا. في ذلك الحين كانت حكومة بوش قد نشرت نحو 200 الف عسكري للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط وتدفق الطاقة منها وكانت النظرة الى الصين كشريك اقتصادي مثالي لاستثمارات الشركات الاميركية.

الا ان الظروف قد تغيرت الان وتحولت الشركات الصينية هي نفسها الى منافس قوي للشركات الاميركية والمثال على ذلك ان مبيعات شركة “هواوي” اصبحت تفوق مبيعات شركة “ابل” الاميركية.

والاهم من ذلك انه حينما تسعى ادارة بايدن للمماطلة في العودة للاتفاق النووي يقوم المسؤولون الصينيون بزيارة طهران لتوقيع الوثيقة الشاملة للتعاون للاعوام الـ 25 القادمة مع المسؤولين الايرانيين.

وخلال الاعوام الاخيرة ازداد اعتماد الصين على نفط الشرق الاوسط بحيث استوردت في كانون الثاني / يناير 2021 نحو 11 مليون برميل نصفه من هذه المنطقة، لذا فان امن الطاقة في منطقة الشرق الاوسط الذي ربما اصبح قليل الاهمية للاميركيين قد اصبح عنصرا حيويا للصينيين.

الى جانب ذلك فان ايران بامتلاكها احتياطيات نفطية كبيرة تعد واحدة من اهم خيارات الصين لتنويع مصادر وارداتها النفطية وان تركيز شراء النفط على احد اللاعبيين النفطيين الكبار في العالم يعد في الاساس تهديدا للصينيين.

فضلا عن ذلك فان ايران تعد من منظار الصينيين لاعبا له ادوار اخرى مهمة في المنطقة من ضمنها في امن افغانستان ومنطقة آسيا الوسطى كما ان ايران مازالت تعد احد اهم مسارات نقل السلع والطاقة في مشروع “طريق واحد-حزام واحد”؛ حدث ربما يسير ببطء بسبب بعض عدم التنسيقات في الداخل.

كل هذه الامور تشير الى ان ايران تعد بالنسبة للصين اساسا ورقة لا يمكن تبديلها ذلك لان دور ايران كقاعدة امن في منطقة غرب اسيا وقطب النفط بالمنطقة لا تقارن مع اي عنصر اخر.

ولا بد من القول ان الطريق طويل امام تفعيل هذه الاتفاقية لان ما تم توقيعه بين الطرفين اساسا هو برنامج طويل الامد لتطوير العلاقات بينهما.

ومازال البعض في ايران ينظر بتشاؤم الى تنمية العلاقات مع الصين الا ان الحقيقة هي ان حل العديد من المشاكل غير ممكن من دون اقامة علاقات استراتيجية بين البلدين.

ان قسما من اهم اجراءات الحظر ضد ايران خلال الاعوام الماضية ومن ضمنها اعادة فرض الحظر على البنوك الايرانية تحت يافطة مكافحة الارهاب او فرض الحظر على الاقتصاد الايراني او تصفير صادرات النفط الايرانية قد وضعت اساسا للحيلولة دون اقامة علاقات استراتيجية بين طهران وبكين. بناء على ذلك لا يمكن توقع رفع اجراءات الحظر هذه في ظل اي توافق بين طهران وواشنطن حتى في حالاته المثالية.

الصينيون يدركون جيدا بان قسما مهما من تحسن اقتصاد بلادهم المستمر مدين لعلاقاتها مع ايران وقد بعثت اشارات محددة للحفاظ على هذه العلاقات ربما احدها زيادة شراء النفط من ايران.

بناء على ذلك فان اجراءات الحظر الاميركية ضد ايران لا تاثير لها على العلاقات بين طهران وبكين وربما ستشكل هذه العلاقات في المستقبل سبيلا لكسر اقفال الحظر.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق