صباغ: بعض الدول تتجاهل الآثار الكارثية للإجراءات القسرية المفروضة على سورية
سياسة ـ الرأي ـ
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ أن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تتعمد تجاهل الآثار الكارثية للإجراءات القسرية غير الشرعية التي فرضتها على الشعب السوري ما يوضح أنها لا تتطلع إلى عمل إنساني في سورية بل إلى تحقيق أهداف سياسية من خلال توظيف واستغلال الوضع الإنساني فيها.
وأشار صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم عبر الفيديو إلى أن هذه الدول تواصل استغلال منصة مجلس الأمن لتسييس العمل الإنساني في سورية والنقاشات المتصلة به والترويج لنظرة انتقائية للوضع الإنساني فيها حيث تركزت بياناتها على ما يخدم أهدافها بما في ذلك سعيها المحموم لتمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وتعزيزها موضحا أنه كان من الأجدى أن تغتنم وفود تلك الدول هذا الاجتماع الرفيع المستوى للتبرؤ من سياساتها الفاشلة خلال الأعوام العشرة الماضية وتغليب الاعتبارات الإنسانية على مصالحها الضيقة.
وقال صباغ: كان الأجدى بمجلس الأمن التحدث بصوت واحد ضد كل من يقوم بحرمان السوريين من الحصول على مقدراتهم الاقتصادية التي هم بحاجة ماسة لها ومطالبة الولايات المتحدة بإنهاء احتلالها الأراضي السورية ووقف دعمها الميليشيات الانفصالية ووقف عمليات نهبها الثروات السورية ومطالبة النظام التركي بسحب قواته من الأراضي السورية ووقف دعمه التنظيمات الإرهابية والكيانات المرتبطة بها.
وشدد صباغ على أن العالم بات يدرك اليوم أن هذه البيانات ما هي إلا جزء من حملة لتضليل الرأي العام لإقناعه بأن تلك الدول لا علاقة لها بما وصلت إليه سورية بعد عشر سنوات من الحرب الإرهابية عليها لافتا إلى أنه على الرغم من هذا الحجم الهائل من التضليل الذي تضمنته تلك البيانات فإنها لا يمكنها إقناع أحد بأن تلك الدول غير مسؤولة عن جلب آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سورية والأنكى أنها ترفض الآن إعادتهم وذويهم إلى دولهم الأصلية لمقاضاتهم عن الجرائم التي ارتكبوها وإعادة تأهيل وإدماج النساء والأطفال.
مواقف بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة لا تساعد في تحسين الوضع الإنساني في سورية
وقال صباغ: يريدون ممن يستمع لبياناتهم أن يصدق بأن الإجراءات القسرية الأحادية غير الشرعية التي تفرضها هذه الدول على الشعب السوري وآخرها ما يسمى “قانون قيصر” لا تمثل إرهابا اقتصاديا وعقابا جماعيا ولا صلة لها بالأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري وهم يريدون أن نصدق أن مشروطيتهم لعملية إعادة الإعمار لا تعيق توفير البيئة المؤاتية للعودة الطوعية والكريمة للاجئين والمهجرين إلى مناطقهم وأن نصدق أن ما يسمى “مؤتمر بروكسل” المنعقد اليوم هو محفل لمساعدة السوريين في حين أنه مجرد فعالية استعراضية لا فائدة منها في غياب الدولة السورية ومنصة للهجوم على سورية ومحاولة الإساءة لها.
وأضاف صباغ “كنا نتطلع لأن تكون إحاطة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك أكثر توازنا وأن يشير فيها إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها سورية لتسهيل إيصال المساعدات وإلى استهداف التنظيمات الإرهابية المدعومة من الاحتلال التركي حيين في مدينة حلب بقذائف صاروخية تسببت باستشهاد مدنيين اثنين وإصابة آخرين بجروح بينهم أطفال”.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن مواقف بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة لا تساعد بأي حال في تحسين الوضع الإنساني في سورية لافتا إلى أن تكريس لغة فرض الإملاءات وتكرار اللاءات ومشروطية إعادة الإعمار وتجاهل الدعوات لرفع الإجراءات القسرية وعرقلة عودة المهجرين هي كلها عوامل لا تسهم بإرساء الظروف المناسبة لتحقيق الحل السياسي وإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية.
مركز العمل الإنساني في سورية هو دمشق وليس أي مدينة أخرى في دول الجوار أو ما وراءها
وجدد صباغ التأكيد على أن مركز العمل الإنساني في سورية هو دمشق وليس أي مدينة أخرى في دول الجوار أو ما وراءها وهذا أبسط ما يعنيه احترام مبدأ سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها الذي تؤءكده جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كما يعني ضرورة الانخراط في تعاون بناء وتنسيق فاعل مع الحكومة السورية لتعزيز العمل الإنساني ودعم جهودها وشركائها في تقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها لمستحقيها بما يحقق تحسنا نوعياً ملموساً.
وبين صباغ أن سورية عبرت مرارا وتكرارا عن مشاغلها الجدية حيال آلية إيصال المساعدات عبر الحدود وخاصة لجهة انتهاكها مبدأ سيادة سورية ووحدة أراضيها ولضوابط العمل الإنساني التي أرساها قرار الجمعية العامة رقم 46-182 مشيرا إلى أن سورية وانطلاقا من حرصها على تلبية احتياجات مواطنيها على جميع أراضيها بادرت إلى تعزيز آلية إيصال المساعدات عبر الحدود بما يدعم تحسين الوضع الإنساني آخذين بعين الاعتبار أن الظروف التي رافقت اعتماد القرار 2165 في تموز 2014 لم تعد قائمة.
ولفت صباغ إلى أن هناك جملة عيوب جسيمة رافقت تطبيق آلية إدخال المساعدات عبر الحدود أبرزها أن ما تسمى آلية الرصد أظهرت على مدى السنوات الماضية عجز القائمين عليها عن ضمان معايير التحقق والدقة التي تكفل المصداقية والمهنية واجبة الاحترام مبينا أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في مدينة غازي عنتاب لا يلتزم بضوابط العمل الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ما يؤدي إلى استغلاله أداة خدمة لأجندات بعض الدول.
آلية التوزيع تمثل الجانب الأخطر في عملية إدخال المساعدات عبر الحدود جراء انعدام الشفافية
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن آلية التوزيع تمثل الجانب الأخطر في عملية إدخال المساعدات عبر الحدود جراء انعدام الشفافية وعدم تحديد هوية الأطراف الثالثة أو الشركاء الذين يشير “أوتشا” إليهم في تقاريره إلى جانب ما أظهرته تجربة السنوات الماضية من استيلاء التنظيمات الإرهابية على الكم الأكبر من المساعدات الإنسانية التي تضعها الأمم المتحدة عند الحدود واستخدامها لتمويل أنشطتها الإرهابية وكسب الولاءات وتجنيد إرهابيين جدد إضافة إلى أن هذه الآلية أتاحت للنظام التركي حرية الحركة في دعم التنظيمات الإرهابية ومواصلة ممارساته الرامية إلى تغيير الطابع الديمغرافي وفرض إجراءات التتريك والليرة التركية والمناهج الدراسية التركية في المناطق التي يحتلها.
وأشار صباغ إلى أن سورية والتزاماً منها بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق بما في ذلك عبر الحدود تشدد على أهمية الممرات الإنسانية التي يتم فتحها بالتعاون مع الأصدقاء الروس ومنها الممر الذي افتتحته مؤخرا في سراقب وتدين في الوقت ذاته قيام التنظيمات الإرهابية بمنع أهلنا في إدلب من الخروج عبر تلك الممرات الإنسانية واحتجازهم رهائن ودروعا بشرية وتعتبر تجاهل بعض الدول المتعمد لهذه الممارسات التي تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني دعما لاستمرار سيطرة التنظيمات الإرهابية على إدلب.
وأكد صباغ أن مناقشات مجلس الأمن لا يمكن أن تحقق تقدما من خلال البيانات الاستفزازية واستخدام عبارات غير لائقة ووقحة أحيانا فالتقدم ممكن فقط من خلال الحوار المنفتح والبناء والقائم على الاحترام المتبادل بين الدول الأعضاء والأخذ بالاعتبار بوجهات نظر الدولة المعنية بالمناقشة.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق