رمضان في الدول الخليجية .. غلاء في الأسعار وأعباء غير مسبوقة
متابعة ـ الرأي ـ
يعتبر شهر رمضان استثنائياً هذا العام في غالبية الدول الخليجية. الإغلاق الذي فرضته تداعيات فيروس كورونا يضرب معظم الاقتصادات. غالبية الحكومات تسعى لاتخاذ إجراءات تسرّع الوصول إلى التعافي، إلا أن ذلك لم يمنع الارتدادات الكبيرة للجائحة على القوة الشرائية للمواطنين، فيما ترتفع أسعار السلع وسط صعود في مستويات التضخم.
وتأثيرات كورونا تتباين بين الدول الخليجية، في حين تتبع كلها آليات لتكثيف حملات التطعيم، وصولاً لاستئناف الأنشطة التجارية والخدماتية أعمالها.
المرحلة غير مسبوقة، الخسائر الناجمة عن تدهور أسعار النفط، تضافرت مع الأزمات المالية الطاحنة التي خلّفتها الجائحة، ما ساهم في تبني عدد من الحكومات خططا تقشفية أحبطت المواطنين.
السعودية: أعباء مالية
تعتبر السعودية أكثر المتضررين من جائحة كورونا بسبب الخسائر الفادحة الناجمة عن تدهور أسعار النفط خلال العام الماضي بالإضافة إلى توقف الأنشطة التجارية المصاحبة لخدمات الحج والعمرة بسبب انتشار كورونا.
وقال خبير اقتصادي في الرياض، عبد العزيز الخالدي، لـ “العربي الجديد” إن السعودية مثل غالبية دول العالم تشهد تراجعاً اقتصادياً بسبب جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى تراجع الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وعن القوة الشرائية مع بدء رمضان، شرح الخالدي أن أصحاب الأنشطة الاقتصادية والعاملين في الأسواق يشكون فعلاً من تراجع ملحوظ في حجم المبيعات وذلك بسبب غلاء الأسعار، حيث ارتفعت أسعار بعض السلع والمنتجات الغذائية قبل أيام من شهر رمضان 150 في المائة.
وأشار الخالدي إلى أن المملكة قامت بزيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة على معظم السلع والخدمات، الأمر الذي أثار تململ المواطنين بسبب الأعباء المالية التي تفرض عليهم في ظل تردي الأوضاع. وأوضح أن الحكومة السعودية قررت خلال عام 2020، خفض الإنفاق وزيادة الضرائب التي فرضت أول مرة في 2018 بمقدار ثلاثة أضعاف.
الكويت: غلاء غير مسبوق
انعكست التوترات التي تشهدها الساحة السياسية في الكويت على الأوضاع الاقتصادية، في ظل ضعف الإصلاح الاقتصادي، وذلك على الرغم من النداءات بشأن ضرورة التوافق لإيجاد حلول للأزمات المالية الطاحنة. وفي ظل التراجع الاقتصادي، تسود حالة الإحباط بين المواطنين الكويتيين خصوصا مع هبوط الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار في ظل شهر رمضان، حيث يفرض حظر التجول الجزئي منذ 7 مارس / آذار الماضي.
وحاولت الحكومة الكويتية التخفيف من وطأة الأزمة والأوضاع الصعبة، حيث وافقت على تأجيل أقساط القروض الاستهلاكية للمواطنين لمدة 6 أشهر، فيما ستتحمل الحكومة تكلفة التأجيل والتي تبلغ ما يقرب من ملياري دولار.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي علي الموسى لـ “العربي الجديد” إن الكويت تحاول تسريع حملات التطعيم والوصول إلى المناعة المجتمعية من أجل إنهاء قيود الحظر الجزئي واستئناف الحياة الطبيعية والأنشطة التجارية. وأضاف أنه مع الجهود الصحية، ينبغي على الحكومة وضع حلول جادة لإنهاء الأزمات الراهنة، كما أوضح أن غياب الإصلاح الاقتصادي سيفاقم الأوضاع فيما ستزداد معاناة المواطنين بصورة أكبر.
الإمارات: انفراج نسبي
عانت الإمارات في بداية أزمة جائحة كورونا من أوضاع اقتصادية صعبة في ظل تراجع الإيرادات النفطية والخسائر الفادحة لكافة الأنشطة التجارية ومن بينها قطاع السياحة والتجارة والعقارات، إلا أنها استطاعت تنفيذ حملة تطعيمات واسعة النطاق.
وتمكنت الإمارات من استئناف الأنشطة التجارية والعودة إلى الحياة الطبيعية، إلا أن مؤشرات الاقتصاد لم تعد إلى مستويات ما قبل الجائحة. ولفت الخبير الاقتصادي الإماراتي، عادل الريامي، لـ “العربي الجديد” إلى أن حملة التطعيم الناجحة ستنعكس بالإيجاب على الاقتصاد والاستثمار والسياحة، وسترفع حالة التفاؤل لدى الجميع، مشيرا إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية على كافة المستويات.
وتوقع الريامي أن “تكون الإمارات أولى الدول الخليجية التي ستشهد تعافيا اقتصاديا في ظل التوقعات بفتح الاقتصاد بعد عيد الفطر ومع استئناف حركة الطيران وعودة السياحة إلى دبي.”
قطر: نمو اقتصادي
رغم القيود على الرغم من القيود الأخيرة التي فرضتها السلطات القطرية لمواجهة الموجة الجديدة من إصابات كورونا، تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد القطري يستمر في النمو بشكل مطّـرد هذا العام. وفي حين أدت زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا ومعدلات دخول المستشفيات، إلى فرض قيود أكثر صرامة، تؤثر هذه الإجراءات فقط على التوقعات الاقتصادية على المدى القصير.
وتوقع تقرير “أكسفورد إيكونوميكس” نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.8 في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة تقديرية بنحو 3.1 في المائة في 2020. كما يشير إلى أن النمو سيستمر في التوسع بشكل مطّرد، بسبب الاستثمارات المتواصلة قبل كأس العالم 2022، وزيادة إنتاج الغاز.
عمان: تراجع القوة الشرائية
تأثرت الأوضاع المعيشية للمواطن العماني من جراء القيود المشددة التي فرضتها السلطات لمواجهة الزيادة غير المسبوقة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا. وشهدت الأسواق العمانية خلال شهر رمضان ارتفاعا كبيرا في الأسعار، بالإضافة إلى نقص في العديد من السلع.
وأشار الباحث الاقتصادي العماني هيثم خلدون لـ “العربي الجديد” إلى أن هناك استياء بين المواطنين بسبب غلاء الأسعار لافتاً إلى أن القوة الشرائية للسكان تأثرت جراء التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا. وأوضح خلدون أن هناك موجات كبيرة لتسريح المواطنين والوافدين من أعمالهم بسبب الخسائر التي تتكبدها شركات القطاع الخاص.
وفي وقت سابق، قالت وزارة المالية العمانية إن سلطنة عُمان اقترضت 600 مليون ريال (1.56 مليار دولار) من جهاز الاستثمار العماني (الصندوق السيادي)، و1.77 مليار ريال (4.6 مليارات دولار) من صندوق الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل ميزانية العام 2021.
البحرين: زيادة المعاناة
أدت القيود التي فرضتها السلطات البحرينية خلال الآونة الأخيرة إلى تصاعد المخاوف بشأن تراجع الاقتصاد البحريني مجددا وزيادة معاناة المواطنين. وأظهرت بيانات حكومية أن اقتصاد البحرين انكمش 8.9 في المائة، وسط القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا المستجد.
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز قالت إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبحرين قد ينكمش 5 في المائة هذا العام بفعل تأثير الجائحة وتراجع أسعار النفط على أنشطة الاستهلاك والاستثمار.انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق