فايننشال تايمز: بعد أفغانستان تحدي بايدن هو الصين وروسيا
وكالات ـ الرأي ـ
قال المعلق جدعون رتشمان في صحيفة “فايننشال تايمز” إن الصين وروسيا هما امتحان الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بعد أفغانستان.
وأشار لما قاله الرئيس بايدن قبل أسابيع “أمريكا عادت” ولكنها في أفغانستان “خرجت”، فقد أعلن الرئيس عن سحب كل القوات الأمريكية من هناك بحلول 11 أيلول/سبتمبر 2001. واختار الرئيس نهاية الحرب التي امتدت عشرين عاما في هذا اليوم الرمزي.
وربما تساءل العالم الذي يراقب عن الفجوة التي تظهر بين خطاب البيت الأبيض حول عودة أمريكا لدورها العالمي وبين واقع تستمر فيه بالانسحاب من العالم وبشكل متزايد.
وقال إن أمريكا حققت أهداف مكافحة الإرهاب وعلى “أفغانستان خوض حرب العشرين عاما المقبلة وليس حرب العشرين عاما الماضية”. ومع ذلك تظل المفاهيم مهمة، والخطر هو أن ينظر للانسحاب من أفغانستان بنفس الطريقة التي خرجت فيها أمريكا من فيتنام والذي قد يقود إلى سقوط كابول بيد طالبان وتكرار لسقوط سايغون في 1975.
وستشعر الدول المنافسة لأمريكا وبالتحديد الصين وروسيا بالجرأة لفحص تصميم بايدن وإدارته. ونقطتا التأزم في الوقت الحالي هي أوكرانيا وتايوان، ففي الأسابيع الماضية حشد الكرملين قوات على الحدود الأوكرانية أكثر مما حشد في 2014 عندما ابتلع شبه جزيرة القرم. أما الصين فقد حققت في الأسبوع الماضي الرقم القياسي في عدد المرات التي خرقت فيها الأجواء الجوية لتايوان.
وكلا البلدين يجمعان ما بين استعراض العضلات والخطاب الداعي للحرب. واستخدم بايدن نفسه لغة صدامية عندما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقاتل وفرضت إدارته عقوبات على مسؤولين صينيين وروس، كما ووصفت ما يجري في منطقة تشنجيانغ ضد المسلمين الإيغور بالإبادة.
وسمح بالفترة الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين بمقابلة المسؤولين في تايوان. ولكن الوضع الاستراتيجي في كل من أوروبا وآسيا يشتركان في أمر واحد وهو أن أمريكا عبرت عن دعمها لكل من أوكرانيا وتايوان ولكن لا يتمتع أي منهما بضمانات واضحة للحماية والدفاع، ذلك أن الولايات المتحدة تمارس “استراتيجية الغموض” بشأن تايوان. والفكرة هي أن على الصين فهم وجود فرصة لأن تدافع الولايات المتحدة عن تايوان وبدون وعد أكيد من أنها ستشارك بالدفاع عنها. ولكن ماذا ستفعل لو شنت روسيا غزوا شاملا على أوكرانيا.
ومع أن ما يفصل بين تايوان وأوكرانيا هي آلاف الأميال ويشتركان في أعداء مختلفين فإن البلدين مرتبطان. ويعتقد إيفو دالدر السفير الأمريكي السابق لحلف الناتو أن “موسكو وبيجين ستراقبان عن قرب كيفية ردنا على وضع لتحديد الوضع المقبل”. ويناقش دالدر أن على أمريكا أن يكون لديها “وضوح استراتيجي حول ما يجب عمله لو تحركت روسيا عسكريا ضد أوكرانيا والصين ضد تايوان”. وهناك أصوات في الولايات المتحدة تدعو أمريكا لكي تقدم ضمانات استراتيجية واضحة لتايوان وأن يقوم حلف الناتو بتسريع العملية التي يسمح فيها لأوكرانيا بالانضمام إليه.
ويؤمل بأن يردع هذان التحركان كلا من الصين وروسيا وبالتالي تقليل مخاطر الحرب التي قد تبدأ من خلال سوء تقدير. وأضاف أن الجدال ضد هذه التغيرات في السياسة هو أن الصين وروسيا قد تفسرانها على أنها تحول مهدد للوضع القائم وتشعران بالحاجة للرد. ويشعر الحلفاء في أوروبا وآسيا أن تقديم ضمانات أمنية إلى تايوان وأوكرانيا قد تكون استفزازية. وكان البيان المشترك لبايدن ورئيس الوزراء الياباني يوشيدي سوغا مركزا على أهمية السلام في مضيق تايوان، بدون أي وضوح حول كيفية تصرف كل من واشنطن وطوكيو على أي تحرك. وستجد إدارة بايدن صعوبة في الرد على تحركين عسكريين في وقت واحد. ويخشى بعض الاستراتيجيين الغربيين من وجود تنسيق بين الصين وروسيا من أجل زيادة الضغط على بايدن.
وأشاروا إلى اللقاءات المتكررة بين المسؤولين في البلدين وتعميق التعاون العسكري، كما صدرت بيانات من وزيري خارجية البلدين عبرا فيها عن رفض للنظام الدولي الذي يقوده الغرب. وربما وجد قادة البلدين نفسيهما أمام حاجة للنزاع بسبب الظروف الداخلية، ففي روسيا سجن بوتين أليكسي نافالني المعارض الأخطر الذي واجهه الرئيس الروسي منذ توليه الحكم. وبدأ نافالني إضرابا عن الطعام وقد يموت قريبا، مما قد يقود إلى احتجاجات جديدة.
ويعرف الكرملين أن الحرب في أوكرانيا زادت من شعبية بوتين عام 2014 وأن حربا صغيرة جديدة قد تكون خيارا مغريا. وفي الوقت الذي يحضر فيه الحزب الشيوعي للاحتفال بالمئوية الأولى على إنشائه نهاية هذا العام، فربما بحث شي جينبينغ عن انتصار في تايوان. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن المسؤولين الصينيين أقنعوا أنفسهم بحالة التراجع الأمريكي الحقيقية وأن واشنطن لن تتدخل دفاعا عن تايوان.
وحتى مع كل هذه الفرضيات فإن القوميين المتشددين في كل من الصين وروسيا يشعرون بأن هناك مخاطر للمواجهة بشأن أوكرانيا وتايوان. ومن المحتمل مواصلة الصين وروسيا أساليب “المنطقة الرمادية” والتي لا تؤدي لإشعال مواجهة شاملة. وتعلمت أمريكا في أفغانستان أن من السهل بدء حرب ولكن السيطرة على نتيجتها أمر آخر.انتهى