التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

هل تستطيع المفاوضات بین إيران والسعودية تخفيف التوترات القائمة بينهما 

أشار معهد “ستراتفور” للأبحاث، في مقال إلى أخبار المحادثات الإيرانية – السعودية، حيث تكهن حول الاحتمالات القائمة لتحسين العلاقات بين طهران والرياض, وقال: “إن المحادثات الثنائية بين السعودية وإيران لن تنهي التنافس بينهما، لكنها يمكن أن تحد من الصراع في بعض بلدان المنطقة مثل اليمن حيث لدى هذين البلدين نفوذ كبير في هذا البلد الفقير. ولقد انتشرت أنباء المحادثات المثيرة للاهتمام بين الخصمين الرئيسيين في الشرق الأوسط في الوقت الذي تحاول فيه كل من الرياض وطهران معرفة وضعها ومستقبلها مع الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي “جو بايدن” وقد يكون حرص الحكومة العراقية على وضع بغداد كقوة إقليمية مستقلة بدلاً من مصدر صراعات بالوكالة قد جذب انتباه وسائل الإعلام إلى المحادثات.

الجدير بالذكر أنه في 17 أبريل/نيسان الجاري، ذكرت صحيفة “فايننشيال تايمز”، أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين أجروا محادثات مباشرة في العاصمة العراقية بغداد في 9 أبريل/نيسان الجاري. وأكد المسؤولون العراقيون المحادثات منذ ذلك الحين وقالوا إنه من المقرر أن يعقد الجانبان جولة أخرى من المفاوضات في الأسابيع المقبلة. وقال المركز إنه من المرجح أن يسهم حرص الحكومة العراقية على وضع بغداد كقوة إقليمية مستقلة بدلا من أن تكون ساحة للصراعات بالوكالة في النظر باهتمام إلى هذه المحادثات. وبحسب ما ورد، ركزت المحادثات في بغداد على اليمن ولبنان. وبحسب ما ورد أيضا فقد ضمت مسؤولين استخباراتيين من كل من السعودية وإيران. وترى الحكومة العراقية أن من واجبها السياسي تحويل البلاد إلى مكان للوساطة بين القوى الإقليمية بدلا من أن تكون ضحية للصراعات، وخاصة في عام الانتخابات غير المستقر.

ويعتقد مركز الأبحاث هذا أن التغيير في السياسة الأمريكية في إدارة “بايدن” قد ساعد أيضًا في دفع العملية الدبلوماسية السعودية الإيرانية، حيث أجبرت استراتيجية البيت الأبيض الجديدة في الشرق الأوسط القوتين الإقليميتين على الجلوس على طاولة المفاوضات والتباحث حو تعزيز علاقاتهما السياسية والأمنية. وفي حالة السعودية، فإن إدارة “بايدن” التي بذلت الكثير من الجهود لإبرام اتفاق نووي آخر مع إيران، أعطت الرياض ضمانات أن مثل هذه الصفقة لن تهدد أمنها. وفي حالة إيران، يمكن أن يساعد تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية طهران على تحقيق هدفها طويل الأجل المتمثل في تشكيل التعاون الإقليمي، ما سيقلل من عزلتها العالمية ويساعد على إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.

وذكر التقرير أن “الولايات المتحدة سعت منذ فترة طويلة لتقليص وجودها الأمني ​​والاستراتيجي الواسع النطاق في الشرق الأوسط الذي مزقته الحرب والتركيز على التهديدات في آسيا”. وسيؤدي التقليل من الوجود الأمريكي في المنطقة في النهاية إلى خلق فراغ في القوة في الشرق الأوسط. وهنا تجدر الاشارة إلى أن القوى الإقليمية الموجودة في المنطقة تتعامل مع هذه القضية بطريقة براغماتية واستباقية، وقد درست إلى حد ما تحالفاتها المتعددة الأطراف ونقاط ضعفها. وعلى مدى عقود، سعت إيران إلى إقامة شراكة أمنية في الخليج الفارسي مع جيرانها العرب، لكن السعودية والبحرين والإمارات كانوا مترددين إلى حد ما بسبب علاقاتها الأمنية والسياسية المهمة مع الولايات المتحدة، كما أن العلاقات المتنامية بين دول الخليج الفارسي وإسرائيل تجعل من الصعب إقامة علاقات أفضل مع إيران.

استمرار عدم الاستقرار والصراع في المنطقة

في جزء آخر من التقرير، أشار معهد “ستراتفور” العالمي للأبحاث إلى المجالات التي يمكن تحسين الوضع فيها وقال: “قد يؤدي التفاهم بين السعودية وإيران إلى تحسين بعض القضايا الأمنية في المنطقة، ومع ذلك، فإن جهود المناطق الخارجة عن سيطرتهم ستستمر في إثارة الصراع. حتى لو بدت المصالحة بين السعودية وإيران غير مرجحة، فإن عدم الاستقرار والصراع في المنطقة سيستمران. لكن هناك توجد آمال في التحسن في بعض المجالات التي تتمتع فيها السعودية وإيران بنفوذ مباشر، وقد تشمل هذه التحسنات ما يلي:

الف ) تهدئة الحرب في اليمن: كان لهجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “”أنصار الله” على الأراضي السعودية تأثير كبير حتى الآن على المنشآت الرئيسية في البلاد، بما في ذلك قطاع الطاقة ولهذا فقد أصبحت الرياض قلقة من زيادة دقة هذه الهجمات ونطاقها وتسارعها، وبصفتها أحد اللاعبين الرئيسيين في الحرب اليمنية، تلعب السعودية دورًا مباشرًا في المفاوضات السياسية وجهود الوساطة لإحلال السلام في هذا البلد الفقير ومن الممكن أن تخفض إيران دعم لحركة “”أنصار الله” من أجل خلق مساحة لتحسين العلاقات مع السعودية.

ب) قيادة لبنان لتشكيل حكومة جديدة: يتمتع “حزب الله” اللبناني، وهو حزب سياسي مدعوم من إيران، بنفوذ كبير في الحكومة اللبنانية. كما أن للسعودية نفوذاً بين قادة السُنة في بيروت، وعلى رأسهم رئيس الوزراء المستقيل “سعد الحريري”. ولقد أدى الشلل الطويل الأمد للوضع السياسي في لبنان إلى تقليص الاستقرار المادي والاقتصادي لجميع الأطراف المشاركة في النظام السياسي اللبناني. ومع استمرار الشلل طويل الأمد للوضع السياسي في لبنان، يمكن لاتفاق مباشر بين الرياض وطهران بشأن الحاجة إلى تشكيل حكومة أن يساعد في التعاون بين الأطراف المتخاصمة في بيروت.

ج) تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب في العراق: من غير المرجح أن تؤدي المحادثات المباشرة بين السعودية وإيران إلى تغيير ميزان القوى العام في بغداد. وهنا تجدر الاشارة إلى أن المباحثات الإيرانية السعودية تأتي في الوقت ذاته الذي تسعى الدول الكبرى وألمانيا في فيينا لإعادة إحياء اتفاق الملف النووي لعام 2015، أو ما يعرف باسم “خطة العمل المشتركة”، بحضور الولايات المتحدة وعدم مشاركتها. حيث ترفض إيران القبول بالتفاوض مع الولايات المتحدة قبل رفع العقوبات التي فرضتها إدارتا الرئيسين السابقين “باراك أوباما ودونالد ترامب”، وهو ما ترفضه واشنطن التي تطالب طهران بالامتثال للاتفاق النووي ووقف عمليات التخصيب أولا وإعادتها إلى مستوياتها المتفق عليها عام 2015. ومن السابق لأوانه التنبؤ بنتيجة المباحثات بين إيران والسعودية، بحسب نائب وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي”، في تغريدة له عبر حسابه على تويتر. وتعتقد إيران، وفق متحدث وزارة الخارجية “سعيد خطيب زادة”، أن الحوار مع السعودية يخدم مصلحة البلدين، وكذلك السلام والاستقرار في المنطقة، وهو تأكيد إيراني غير مباشر على صحة التقارير التي أشارت إلى مباحثات استضافتها بغداد بين وفدين البلدين في 9 أبريل.

ويخلص المركز البحثي إلى أن “طهران لديها نفوذ في العراق أكبر من السعودية بسبب سيطرتها على الجماعات العراقية المسلحة القوية”. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي المحادثات إلى تعاون في شكل جهود أمنية ضد المتشددين الجهاديين، الذين يشكلون تهديدًا لكل من السعودية وإيران. ولهذا فقد كثفت القوات المسلحة السعودية جهودها لتدريب القوات العراقية في المناطق الحدودية بمحافظة الأنبار من أجل التصدي للعناصر التابعة للتنظيمات الإرهابية، وقد لعبت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران (قوات الحشد الشعبي العراقية) دورًا رئيسيًا ومتزايدًا في مكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق