التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

القدس تُربك المطبعين ومن يدعم التطبيع 

تتصاعد حدة العنف على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويمارس الكيان الاسرائيلي وحشية واجرام لم يشهده العالم مع الشعب الفلسطيني، والجميع يعلم أن ما تقوم به اسرائيل غير انساني وغير اخلاقي وحتى انه مخالف لجميع القوانين الدولية ومع ذلك تجد الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان رئيسها تدافع عن كيان العدو كعادتها وتعتبر أن ما تقوم به دفاعا عن النفس، وهذا ليس بالأمر الغريب علينا، ولكن أن تتعامى بعض الأنظمة العربية ولاسيما المطبعة مع اسرائيل عن الاجرام الاسرائيلي وتصدر بيانات متأخرة وخجولة تدين فيها العدوان أو تدعو لضبط النفس هو أمر غريب للغاية، لأن نتحدث عن دولة عربية مسلمة مظلومة، لم تعتد على احد وانما جاء من يعتدي عليها ويخرج سكانها من منازلهم وفوق كل هذا تتدافع الدول نحو التطبيع، ما هو المعيار؟، هل حقا يمكن لهذه الدول ان تثق باسرائيل؟

بكل الأحوال تبدو الأحداث في فلسطين ثقيلة على شركاء “إسرائيل” الجدد من الدول الخليجية، وعلى الشركاء المتوقعين الذين يتعرضون لضغوط عديدة من أجل المضي قدماً نحو التطبيع معها. إنه السقوط المدوي لاتفاقيات عُقدت باسم تحقيق “السلام”، لتصطدم في أول اختبار لها بعنجهية الاحتلال وما يقوم به من تهجير وتشريد وقتل للفلسطينيين، وهي اتفاقيات أسقطتها جبهات فلسطين المشتعلة. وعلى الرغم من صمت هذه الدول في الأيام الأولى، فإنَّها وجدت نفسها مجبرة على التعاطي مع الحدث وتسجيل موقف لا لبس فيه.

ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد أعرب عن قلقه إزاء أحداث العنف التي تشهدها القدس المحتلة، وأكد رفضه “جميع أشكال العنف والكراهية التي تتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية، ودعا إلى “إنهاء الاعتداءات والممارسات التي تؤدي إلى استمرار التوتر والاحتقان في المدينة المقدسة”، وطالب بوقف “أيّ ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك”.

الوضع في هذه الدول الآن محرج، والسّؤال بهذه البساطة: أين “السلام” الذي وُعدت به المنطقة؟ أما السؤال الأهم في سياق ما يجري، فهو: هل تعيد هذه الدول حساباتها وتتراجع عن اتفاقيات التطبيع أو أنها تعتبر ما يحصل الآن جولة ستنتهي بتفاهمات ووقف لإطلاق النار كالعادة، ما يسمح لها بإعادة إنتاج هذا التطبيع وتسويقه؟

أما في الجانب الآخر من المشهد، فتأتي الدول الخليجية التي ما زالت ترفض التطبيع. وفي هذا السياق، تستفيد قطر من الحدث لتعزيز موقعها الشعبي في العالم العربي، وإبراز دورها كطرف داعم للمقاومة الفلسطينية وقادر على أداء دور الوسيط بين “إسرائيل” و”حماس” والسلطة الفلسطينية.

وفي خلفيّة هذا المشهد، استمرار للثنائية القطرية التركية في المنطقة، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة تركيا في العالم الإسلامي ودورها كحامية للمقدسات الإسلامية، في سياسة منافسة ومعاكسة للسعودية التي تسمح للتطبيع بأن يتمدّد في الدول الخليجية، فقد اختارت قطر التعبير عن قلقها إزاء ما يجري في اتصال هاتفيّ مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إذ دعا الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى خفض التصعيد واحترام القانون الدولي الإنساني، كما أجرت اتصالين مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى اتصال مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية.

هذا الأمر أثار استياء الرياض، وهو استياء عبر عنه ما يعرف بـ”الذباب الإلكتروني” في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى قطر، متّهماً إياها بدعم الإخوان المسلمين، لا القضية الفلسطينية. في المقابل، رد القطريون بانتقاد اتفاقيات التطبيع.

وسط تضامن شعبي عربي واسع يبث الذباب الإلكتروني السعودي دعاية معادية للفلسطينيين ويحاول حجب التعاطف معهم في خضم هجمة إسرائيلية عنيفة على المسجد الأقصى.

وتصدَّر وسم “#صفر_تعاطف_معهم” الترند في السعودية في مقابل هاشتاغات كثيرة تدعم القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح الذي يواجه أهله استفزازات إسرائيلية ومعركة لمنع مصادرة بيوتهم.

وقال بعض تلك الحسابات التي لا تحمل أسماء وصوراً معروفة إن “فلسطين ليست قضيتي”، وإن “الفلسطينيين واجهوا السعودية بنكران الجميل”، حتى إن بعضهم دعا لطرد العاملين والموظفين الفلسطينيين من المملكة.

وهذه الحملة ضد الفلسطينيين لم تبدأ اليوم، بل علا صداها منذ أن أعلنت واشنطن عن صفقة القرن المزعومة، وسط حديث مستمر عن إمكانية تطبيع السعودية العلاقات مع إسرائيل، في خطوة سبقتها إليها الإمارات والبحرين.

وعام 2018 نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية تسريبات عن لقاء جمع ولي العهد السعودي ببعض رؤساء المنظمات اليهودية الرئيسية في نيويورك، وقالت إنه طالب الفلسطينيين بقبول ما يُعرض عليهم من تسويات.

وذكرت القناة أن بن سلمان قال خلال اللقاء الذي عقد في 27 مارس/آذار إن القيادة الفلسطينية فوتت العديد من الفرص خلال العقود الأربعة الماضية ورفضت كل المقترحات التي قُدمت لها.

كما قال إن الوقت قد حان كي يقبل الفلسطينيون ما يعرض عليهم، وأن يعودوا إلى طاولة المفاوضات وإلا فليصمتوا وليتوقفوا عن التذمر.

وتصدَّر وسم “#صفر_تعاطف_معهم” الترند بالسعودية في مقابل هاشتاغات كثيرة تدعم القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح الذي يواجه أهله استفزازات إسرائيلية ومعركة لمنع مصادرة بيوتهم.

وفي يوم الإثنين الماضي، وعند الساعة السادسة مساءً، فتح المقاومون في قطاع غزة النار على العدو الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، دفاعاً عن المقدسيين والمسجد الأقصى.

قبل أن تَمضي تلك الليلة، نشرت “رئاسة أمن الدولة” في السعودية بياناً، حذّر السعوديين «من الاستجابة لدعوات جهات خارجية مجهولة لجمع تبرّعات للعمل الخيري خارج المملكة”.
وفيما حثّ على “عدم التبرع لتلك الجهات”، التي لم يُسمّها، هدّد «أمن الدولة» المُتبرّعين لها بـ”المساءلة”.

لم يقف الموضوع عند هذا الحد، فبعد يومين أعلنت وزارة الأوقاف، في بيان، أنها وجّهت “الدعاة ومنسوبي المساجد والجمعيات الدعوية” بـ”التحذير من جهات مجهولة داخل المملكة وخارجها تدعو إلى جمع التبرعات لجهات خارجية، عبر الإنترنت، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتعتقل السعودية عشرات من الفلسطينيين من أعضاء ومناصري حركة «حماس»، بينهم مُمثّلها السابق في السعودية محمد الخضري، ونجله هاني.

والشهر الماضي، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملةً للإفراج عن المعتقلين، عبر وسمي “#الحرية_للمعتقلين_الفلسطينيين_في_السعودية”، و”#الحرية_للخضري”.

وقد شاركت في الحملة الإلكترونية قيادات في “حماس”، منهم سامي أبو زهري، الذي اعتبر، في تغريدة، أن “اعتقال عشرات الفلسطينيين على خلفية تقديم الإغاثة لغزة، هو خطيئة بحق الأمة الإسلامية”، مطالباً بـ”الإفراج عن المعتقلين”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق