التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

ابتسامة الأسير الفلسطيني.. رصاصة أقوى من سلاح جندي صهيوني 

أن تبتسم في وجه أخيك فهذه صدقة يمكن أن يفعلها الكثيرون دون عناء، ولكن أن تبتسم أمام قاتلك وسجانك وأنت مقيد بالأغلال، فهذه طعنة له بلا سكين، وانتفاضة بلا حجارة وانتصار بلا سيف، مذيل بعبارة “صنع في فلسطين”. في بعض الأحيان تكون الابتسامة رصاصة قاتلة في صدر العدو. وإذا أردنا أن نقولها بمعنى آخر، فإنها تصبح نفس هذه الجملة، “ضحتكي المرة أكثر حزنًا من البكاء”، ولكن في بعض الأحيان، يكون هذا صحيحًا، أي إن التعبير عن الشعور الصحيح الذي يغلي من الداخل يتناسب بشكل جيد مع هذه الابتسامة. ومنذ عدة سنوات، اتخذت الابتسامات معنى جديدًا بنشر صور الشباب والمراهقين الفلسطينيين منذ لحظة أسرهم ولقد كان لتلك الابتسامات معنى خاصاً بهم وربما يحتاج المرء فقط أن يكون في فلسطين لفهم معناها في الحقيقة، لقد غيّر هؤلاء الشباب معنى أشياء كثيرة. في الأسبوع الماضي، انتشرت ابتسامة “مريم العفيفي”، شابة فلسطينية، على الفضاء الإلكتروني عندما تم اعتقالها من قبل القوات الإسرائيلية المتوحشة، ما دفع الكثيرين إلى مراجعة الصور القديمة لابتسامات “مريم العفيفي”. إن إبتسامة هذه الشابة الفلسطينية دافعت عن حقوق الفلسطينيين التي انتهكها الكيان الصهيوني.


ما الذي يمكن أن يكون أصعب على جندي الاحتلال الصهيوني الغازي من مهاجمة مراهق أو شاب بكل قوته، ولكن بدلًا من بث الخوف فيه وجعله يندم على ما فعله، قام بالتبسم في وجوههم، ما أثار من غيضهم. فعلى سبيل المثال، قام “عامر أحمد مبروك” البالغ من العمر 34 عامًا بالابتسامة بكرامة وبدون تردد في اللحظات الأولى من اعتقاله أمام جنود الاحتلال. ليس لديه سلاح بيده، ولكن بما أن هذا الفلسطيني تعّلم الدفاع عن شرفه ووطنه، فإنه يستخدم السلاح الأخير، “الابتسامة”، لينقل رسالة التمرد والعداوة إلى قلب العدو ويقول: “أنت تفعل كل شيء، لكن الحكومة لا تزال في السلطة”. الآن فكر بنفسك ماذا سيحدث لذلك الجندي الإسرائيلي المسكين؟ إنه بالتأكيد نادم، لكن كبريائه لا يسمح له بالتسول.

تقول الصور إن اسرائيل خسرت رهانها على الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني الذي ولد في ظل اتفاقيات “أوسلو ومدريد”، وأن توقعاتها لـ “الفلسطيني الجديد” المشغول بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وبتحقيق وضع اقتصادي جيد بأنه لن يشغل باله المقدسات ،ولن يكترث باقتحامات الأقصى ،ولن يتأثر بدماء شهداء تسيل هنا او هناك، توقعات ساذجة فاشلة، فالجيل الجديد انتفض دفاعا عن المقدسات بانتفاضة الطعن، فمنهم من لقي ربه شهيدا، أما من تم اعتقالهم ووقعوا في أسر قوات الاحتلال وعددهم يزيد على 650 فلسطينيا منذ بداية شهر أكتوبر الجاري بينهم نساء وأطفال وفقا لتقرير لجنة الاسرى الفلسطينيين فهؤلاء قهروا وهزموا غطرسة القوة بابتسامة النصر.

وفي صورة أخرى، تتكرر ضحكة فتاة مراهقة لم تبلغ حتى 15 عامًا. حيث يظهر الجنديان المحتلان كل قوتهما الذكورية على أيدي هذه الفتاة الرقيقة، لكنهما غير مدركين أنه بمجرد إظهار ابتسامتها ونشر صورتها عالميا، فإن الغيوم الفارغة قد حولت النصر الظاهر للكيان الصهيوني إلى كتلة من السود وغبار من الفشل. وعلى الرغم من الألم والدراما الموجودة في الصورة الأخرى، لا يمكن تجاهلها بسهولة، ولا يمكن أن تكون مفجعة جدًا، إنها ابتسامة الشاب الذي يغطي وجهه بكل سلام. من الواضح أن الكثير من الإيمان قد ترسخ في قلبه لدرجة أن هذه الظلم لم يجلب الحزن على وجهه بسهولة.

وفي صورة أخرى، يظهر شاب فلسطيني محاطا بعشرات من الجنود الإسرائيليين، وبرغم هيبة الموقف فإن الشاب ذا اللحية الخفيفة والملابس الممزقة بفعل اعتداء قوات الاحتلال عليه بدا وهو مبتسم غير عابئ بكم السلاح الذي يحيط به، ويبدو عليه الثبات فيما كان مرسوما على وجوه جنود الاحتلال وملامحهم القلق والغضب. وفي صورة ثانية يظهر أسير فلسطيني شاب يرتدي الكوفية الفلسطينية الشهيرة مقيدا بالأغلال ومطروحا أرضا، بينما جندي صهيوني يقف بحذائه فوق جسده. ومع قسوة المشهد ودراميته المؤلمة فإن الأسير الشاب أبى إلا أن يحرم الصهاينة من نشوة النصر ولذة القهر فخرجت ابتسامة من قلبه كست وجهه وهو تحت أقدام جنود الاحتلال الصهيوني فبدا كما لو كان ميلاد فجر ينير قلبه في ظل ظلمة عارمة. وفي صورة أخرى، يظهر مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي بزيهم التقليدي وهم ممسكون بطفلة تبدو وكأنها لم تجاوز الثانية عشرة من عمرها. تظهر الطفلة في الصورة وهي تضحك بينما ينظر الجندي الصهيوني في الأرض.

وهنا ينبغي القول أن هذه الأرض ستصل في النهاية إلى مالكها الأصلي وسيتم تغيير مكان المحكوم والمدان. إن هذه الصور كثيرة بين الشباب الفلسطيني. كثير من الابتسامات لم تكن في عدسات الكاميرات وقتها ولحظتها ليتم نشرها في وسائل الإعلام العالمية، لكن المهمة التي كان يجب أن تحدث وهزت قلب العدو قد حدثت. إن فلسطين التي جاهدت بالدماء والشهداء لأكثر من 70 عامًا، ولم تكتف بأقل من تحرير القدس وكل الأراضي المحتلة وتحرير الفلسطينيين، أعطت هذه الابتسامات سر الحب الذي، إذا أردنا تفسيره، هو أنه في لحظة القبض عليهم يرون كل شيء في الشهادة وكل شيء يتحول إلى عسل، والابتسامة مطبوعة على شفاههم، وإنهم يعلمون أنه في النهاية سوف يرجع الحق إلى اصحابه.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق