التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 7, 2024

قصة 12 يومًا من المعارك الشرسة للمقاومة الفلسطينية ضد محتلي القدس الشريف 

أعلنت الحكومة الإسرائيلية، صباح الجمعة الماضي، وقف إطلاق نار أحادي الجانب وقبوله من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، منهية بذلك جولة جديدة من الاشتباكات بعد 12 يومًا من الهزيمة المأساوية للجيش الإسرائيلي. ولقد قبل العدو الصهيوني الهزيمة وأعلن وقف إطلاق النار، ومنذ الأيام الأولى للحرب بدأ مسؤولو الكيان اتصالات عديدة مع مسؤولين وقادة دول مجاورة مثل الأردن ومصر لإقناع المقاومة بوقف إطلاق الصواريخ من غزة على المناطق المحتلة، لكن المقاتلين الفلسطينيين رفضوا قبول وقف إطلاق النار حتى قدمت إسرائيل تأكيدات بأنهم لن يستولوا على أراضي وبيوت الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بالقدس ويخرجون من المسجد الأقصى، ولقد قبلت فصائل المقاومة شروط الكيان الصهيوني أخيرًا يوم الجمعة الماضي وأعلنوا أنهم سيقبلون وقف إطلاق النار المقترح من جانب تل أبيب.

اختلافات كبيرة بين معركة 2021 والحروب السابقة

في العقدين الماضيين، اندلعت ثلاث معارك كبرى بين الجيش الإسرائيلي وأبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في أعوام 2008 و 2012 و 2014، واشتباكين صغيرين في عامي 2018 و 2019، لأسباب منها إنهاء الحصار الوحشي المفروض على قطاع غزة وخلال تلك السنوات كان يقوم أبطال المقاومة الفلسطينية بالتسلل إلى الاراضي المحتلة وأسر بعض الجنود الصهاينة وبالمقابل كان الجيش الصهيوني يقوم باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية. لكن الصراع الأخير في المنطقة بدأ بهدف مختلف وأكثر أهمية وكان متمثلاً في دعم المظلومين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشريف. وفي الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، عشية يوم القدس العالمي، اتخذت محكمة محلية في الأراضي المحتلة خطوة حمقاء بالاستيلاء على الملكية القانونية لعدد من بيوت العائلات الفلسطينية في منطقة حي الشيخ جراح، ما أثار من نشوب حركة وانتفاضة شعبية بين أبناء الشعب الفلسطيني كافة.

ولقد بدأت هذه الموجة من الاشتباكات في البداية بمظاهرات كبيرة وأعمال شغب في حي الشيخ جراح الواقع في مدينة القدس الشريف وبعد ذلك امتدت تدريجياً إلى منطقة الضفة الغربية. وهنا تجدر الاشارة إلى أن الحماقة الثانية للصهاينة فقد تمثلت في الهجوم المتزامن لليهود المتطرفين وشرطة هذا الكيان على المسجد الأقصى، الأمر الذي أثار غضبًا كبيرًا بين مسلمي العالم ووحّد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والفلسطينيين الساكنين في الضفة الغربية. هذه المرة، وقفت فصائل المقاومة ليس لتحقيق مطالبها في غزة، بل لتحقيق حقوق المظلومين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وتحديد مهلة 48 ساعة للمحتلين لمغادرة المسجد الأقصى.

وفي نهاية هذا الموعد، بدأت قوات فصائل المقاومة الفلسطينية في يوم 10 أيار، بإطلاق صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة من القدس الغربية، حمل رسالة مهمة للعدو الصهيوني. الجدير بالذكر أن هذه المرة ، لم يكن هناك حد لعدد الصواريخ التي اطلقتها المقاومة الفلسطينية على شمال وجنوب إسرائيل. وفي الساعات الثلاثين الأولى من هذه الاشتباكات، تم إطلاق أكثر من 1100 صاروخ وقذيفة على مناطق متفرقة من الأراضي المحتلة، لا سيما بلدات سيدروت وعسقلان وأشدود والقدس الغربية. وفي اليوم الثالث للمعركة، بدأ عدد الصواريخ التي تطلقها قوات المقاومة الفلسطينية في تزايد غير مسبوق على ضواحي تل أبيب وفي مناطق مثل رمات غان وريشون لتسيون، ولقد استمر اطلاق الصواريخ حتى اليوم الأخير تقريبًا من المعركة.

وهذا أمر غير مسبوق في كل الحروب السابقة بين المقاومة وإسرائيل حتى في حرب الـ 33 يوماً. ولأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني القصير، قضى حوالي 5 ملايين شخص يعيشون في شمال الأراضي المحتلة نحو 10 أيام في الملاجئ خوفًا من إصابتهم بصواريخ المقاومة. لقد تم إطلاق صواريخ على مناطق مثل تل أبيب أو القدس الغربية في عام 2014 ولقد استمرت تلك المعركة الشهيرة 51 يومًا، ولكن في ذلك الوقت لم يتم إطلاق سوى عدد قليل من الصواريخ على هذه المناطق، مقارنة بالإطلاق اليومي لما لا يقل عن 100 صاروخ على العاصمة الإسرائيلية خلال الايام الماضية. وكان الفارق المهم الآخر بين هذه المعركة والمعارك السابقة هو التضامن غير المسبوق للمسلمين الذين يعيشون في ما يسمى بأراضي 1948 الذين نظموا مظاهرات، دعماً لحلفائهم في غزة والضفة الغربية، في الشوارع حتى في البلدات القريبة من تل أبيب مثل “أللد” وحتى أنهم تمكنوا لساعات من السيطرة على هذه البلدات وأجبروا قوات الأمن الإسرائيلية على طلب مساعدة القوات البرية للجيش الصهيوني لفض تلك المظاهرات الفلسطينية!. والآن تدرك السلطات الصهيونية جيداً أنها في أي معركة في المستقبل القريب لن تنخرط في قطاع غزة المحاصر فقط، بل إن جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية ستقف في وجه قمعها واحتلالها.

لقد انتهى عصر التدمير والاحتلال

منذ تشكيل الكيان الصهيوني سيئ السمعة في عام 1948 وعقب مرور أقل من عقدين من الزمن، حارب المقاتلون الفلسطينيون ضد العدو المحتل بأيد فارغة وبأقل قوة ضاربة متاحة لهم، ولكن بمساعدة الدول المؤيدة للمقاومة، تمكنت غزة من تغيير قواعد الحرب منذ الحرب التي استمرت 22 يومًا في عام 2008. وعلى الرغم من أن عدد إطلاق الصواريخ والأضرار التي لحقت بالعدو الصهيوني كانت صغيرة في السنوات الأخيرة، إلا أن المعركة الأخيرة في غزة أظهرت أن الحقبة التي كانت تقوم فيها إسرائيل بمساعدة قواتها المسلحة بتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة قد انتهت.

إن العدد الكبير وغير المسبوق للهجمات الصاروخية في الحرب الأخيرة، واستخدام أسلحة بعيدة المدى برؤوس حربية ثقيلة مثل صاروخ “عياش 250” أو صواريخ “بدر 3 و M75″، واستخدام طائرات “شهاب” الانتحارية الجديدة، شكّل تحدياً رئيساً لنظام الدفاع الإسرائيلي وذلك عقب ناجح قوات المقاومة الفلسطينية بضرب المنشآت العسكرية الصهيونية بدقة عالية، حيث أظهرت الضربات الصاروخية للمقاومة على مطارات الكيان ومخازن النفط في شمال الأراضي المحتلة إلى الجنوب خلال 12 يومًا من القتال أنه بمرور الوقت، نمت القدرة العسكرية للمقاومة بشكل كبير، وأكدت أنه في المعركة التالية التي قد تحدث في المستقبل القريب، سوف يتمكن أبطال المقاومة من استخدام المزيد من الأسلحة الحديثة وسوف يتمكنون من تغيير قواعد الحرب لمصلحتهم وتنفيذ هجمات قوية في أعماق الأراضي المحتلة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق