أربعة آلاف صاروخ مقاومة تسحق الحالة النفسية للصهاينة
بعد أربعة أيام من انتهاء حرب الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة، التي استمرت 12 يومًا، تتكشف أضرار هذه الحرب وعواقبها على المحتلين يومًا بعد يوم، ومن بينها انتشار المشكلات النفسية التي يعاني منها المحتلون، جنوداً ومواطنين. منذ عدة سنوات، أصبحت المشاكل النفسية في الأراضي المحتلة مشكلة متفاقمة عندهم، وتتزايد أبعادها يومًا بعد يوم، والتي أصبحت أكثر اتساعًا في حرب الـ 12 يومًا. على الرغم من أن الهجمات الصهيونية واسعة النطاق على غزة والتي استمرت 12 يومًا ألحقت خسائر مادية وبشرية فادحة بالفلسطينيين وأسفرت عن استشهاد 248 فلسطينيًا، من بينهم 66 طفلاً و39 امرأة و17 شيخًا، إلى جانب 1910 جريحًا، إلا أن الصهاينة المحتلين أيضاً خلال هذا الحرب وتعلموا درساً لن ينسوه من المقاومة الفلسطينية، درساً علمه إياهم أصحاب الأرض الشعب والمقاومة.
عدم كفاءة نظام الدفاع الجوي المتطور المسمى بالقبة الحديدية للكيان الصهيوني، والذي لم يتمكن من اعتراض سوى نسبة ضئيلة من 4000 صاروخ قصير ومتوسط وبعيد المدى أطلقها الفلسطينيون. أصبحت صواريخ المقاومة تمثل رعباً للمراكز العسكرية والاقتصادية للكيان في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، مما أدى إلى انهيار الحالة النفسية لآلاف الصهاينة في الحرب الأخيرة. وفي تقرير عن الأضرار النفسية التي لحقت بأهالي الأراضي المحتلة من قبل الجمعية الصهيونية “عیران”، قالت إن طلبات الدعم النفسي التي قُدمت للجمعية عبر الهاتف تضاعفت خلال العملية العسكرية الأخيرة (حرب 12 يومًا) في قطاع غزة. وذكرت الجمعية أنه منذ بداية العملية العسكرية للكيان الإسرائيلي ضد غزة (في 10 مايو)، تلقت حوالي 10000 طلب مساعدة نفسية من قبل صهاينة في الأراضي المحتلة. وذكرت الجمعية أن هذه الإحصائية هي ضعف الإحصائية التي تتلقاها في الأيام العادية. وقالت جمعية “عيران” إنها تلقت معظم طلبات المساعدة من أولياء الأمور الذين يعانون من أزمة نفسية بسبب إطلاق الصواريخ من غزة أو طلب المشورة النفسية لأطفالهم. وبحسب التقرير، فإن 30٪ من الحالات كانت بسبب ذعر الصهاينة و20٪ بسبب الأزمة النفسية التي تفاقمت بسبب حالة الطوارئ في الأراضي المحتلة. تأتي هذه الزيادة في عدد الصهاينة المصابين نفسيا خلال حرب كيان الاحتلال الأخيرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث قضي ملايين الصهاينة عدة أيام وليال في الملاجئ وفي حالة الطوارئ في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، وخاصة في المدن الصهيونية المجاورة. يضاف إلى هذه المشكلة، الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الكيان الصهيوني نتيجة الحرب التي استمرت 12 يومًا على قطاع غزة، والتي أُعلن أنها بلغت نحو 2.12 مليار دولار؛ ومع وجود أزمة “فيروس كورونا” والصراعات الحزبية من أجل السلطة في الأراضي المحتلة؛ فقد زاد عدد المصابين بالاضطرابات النفسية. وكتبت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية، نقلاً عن مصدر في وزارة المالية في كيان الاحتلال بعد وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية الكيان قوله، “الأضرار التي سببتها هذه الحرب، مقارنة بحرب الـ 51 يومًا عام 2014 والتي بلغت 0.3 بالمائة من صافي الإنتاج المحلي آنذاك، قد كلفت الآن نحو 0.5 بالمئة من صافي الانتاج المحلي الإجمالي للكيان”. وبحسب المصدر الصهيوني، فإن هذه الأضرار تشمل خسائر في مجال النشاط الاقتصادي، وانخفاض الإنتاج في المصانع، وتراجع كبير في الاستهلاك المحلي، إضافة إلى التكاليف الباهظة للأنشطة الحربية على الاقتصاد الإسرائيلي. كما ذكر الاقتصاديون في مجال الاستثمار أن الأضرار التي سببتها حرب الـ 12 يومًا على الناتج المحلي الإجمالي للكيان من المرجح أن ترتفع من 0.6 إلى 0.8 في المائة.
يعاني آلاف الجنود الصهاينة من مشاكل نفسية
بالإضافة إلى المعاناة الواسعة للمستوطنين الصهاينة من مشاكل في صحتهم العقلية، فإن جنود جيش الكيان يعانون من أمراض نفسية أكثر من للمستوطنين العاديين، حيث يقول الخبراء أن أحد أسبابه هو قتل الفلسطينيين العزل، وخاصة الأطفال والنساء، على يد الجنود الصهاينة، عمل يتسبب بعد فترة في معاناة الضمير الخفيف للجنود الصهاينة وانسحابهم من الخدمة في جيش هذا الكيان. في عام 2020، ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن عدد الجنود الإسرائيليين الذين تقاعدوا من الجيش بسبب مشاكل نفسية قد ارتفع بنسبة 30 في المائة مقارنة بالعام السابق ليبلغ 4500 جندي مقارنة بـ 3500 في العام السابق. وأشارت الصحيفة إلى أن نصف الجنود هم من اليهود “الحريديين” الذين يعارضون تمامًا الخدمة في الجيش الإسرائيلي”. وذكرت “الجيش غير قادر على معرفة أسباب هذه الزيادة غير المسبوقة في المشاكل النفسية بين أفراد قواته”. صرح الجيش الصهيوني مرارًا وتكرارًا أن الخوف من الخدمة في الجيش، وخاصة بين أفراد الوحدات المتمركزة في الشريط الحدودي لقطاع غزة، تتسبب في توترهم وخوفهم باستمرار، وإصابتهم بأمراض نفسية مختلفة.
هزيمة الجيش الإسرائيلي في حرب الـ 33 يوماً كانت بداية الزيادة في عدد المصابين بأمراض عقلية
بعد الهزيمة الفادحة التي لحقت بجيش الكيان الصهيوني على يد “حزب الله اللبناني” عام 2006، ازدادت المشاكل العقلية والنفسية لجيش الكيان يومًا بعد يوم بسبب الخوف من ضربات المقاومة الإسلامية، إلى أن امتدت هذه القضية في السنوات الأخيرة إلى الأراضي المحتلة، والشريط الحدودي مع قطاع غزة. في نفس العام، أفادت مصادر إخبارية إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي كان يحاول تجنيد مجموعة جديدة من الأطباء النفسيين لتقييم الصحة العقلية للجنود الإسرائيليين. في الوقت نفسه، أفادت صحيفة “معاريف” الصهيونية أن الجيش الإسرائيلي شهد انخفاضًا في خدمته العسكرية بسبب انخفاض معدلات المواليد والهجرة من الأراضي المحتلة، متزامناً مع ارتفاع عدد الفارين من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. بعد هذا الموضوع، قدم القادة العسكريون في الكيان الصهيوني خطة شاملة استعانوا فيها بعدد كبير من الأطباء النفسيين لحل المشكلة النفسية لجنود الاحتلال. خلال عام 2006 وبعده، أضيفت مشكلتان رئيسيتان أخريان إلى مشاكل الجيش الصهيوني، الأولى هي هروب الجنود من الخدمة، والثانية حالات الانتحار بين أفراد الجيش بسبب مشاكلهم النفسية. وعلى سياق متصل، أفادت مصادر صهيونية عن انتحار خمسة من جنود الكيان في شهر واحد فقط، ما وجه ضربة قوية لجيش كيان الاحتلال. في ذات السياق نقلت صحيفة “معاريف” عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن “جميع وحدات الجيش الإسرائيلي تعاني من نقص حاد في الأطباء النفسيين، لذلك من المتوقع أن يزداد عدد الأطباء النفسيين الذين سينضمون إلى الجيش بشكل كبير في المراحل المقبلة”. أصبحت قضية الانتحار والهروب من الخدمة العسكرية في جيش الإحتلال في السنوات الأخيرة، والتي كانت بسبب مشاكلهم النفسية المتزايدة، قضية عالقة في جيش تل أبيب مع كل هزيمة جديدة للجيش الإسرائيلي. على كلا الجبهتين، الجنوبية والشمالية، تصبح هذه المشكلة أكثر صعوبة بالنسبة للحكومة والجيش الصهيونيين.
لقد غير الفلسطينيون في السنوات القليلة الماضية تكتيكاتهم من الصخر إلى الصاروخ ضد عدوان الكيان الإسرائيلي، لا سيما في حرب غزة الأخيرة، التي اجتاح خلالها 4000 صاروخ مقاومة الأراضي المحتلة وحولت موازين القوى لصالح المقاومة. يجب على المحتلين أن ينسوا النوم الهانئ إلى الأبد وأن يحاولوا تقوية السباحة ليعودوا إلى بلادهم الأصلية.
المصدر/ الوقت