التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 29, 2024

انقلاب إعلاميّ في التغطية الإسرائيليّة لأحداث غزة.. الكيان قاتلٌ وفاشلٌ ومهزوم 

انقلاب مفاجئ في سياسة إعلام العدو الصهيونيّ عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان على غزة، والتي تركت تل أبيب في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، حيث اعتبر الإعلام العبريّ أنّ “إسرائيل” فشلت في قتل المئات من مقاتلي المقاومة الإسلاميّة حماس بـ”سلاح سرّي”، وفي تقارير أخرى أشار إعلام العدو إلى أنّ ما فعله رئيس حركة “حماس” في غزة، يحيى السنوار، يُشكل صفعة قاسية على وجه الكيان، فيما نشرت صحيفة “هآرتس” العبريّة صور 67 طفلاً من غزة استشهدوا في هجمات عنيفة من الطائرات الإسرائيليّة، ما أضاف انتصاراً جديداً للفلسطينيين، حيث إنّ إعلام العدو عادة ما يُقلل من أهميّة انتصارات المقاومة أو يحاول التستر على فشله فيما يتعلق بهذه القضايا أو التعامي عنها.

صفعة قاسيّة

“صفعة قاسية على وجه إسرائيل”، هكذا وصف الإعلام الصهيونيّ الجولة الميدانيّة العلنيّة لقائد حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” في غزة، يحيى السنوار، رغم تصاعد نبرة التهديد الصهيونيّة بالاستمرار في سياسة الاغتيالات للتخفيف من حجم الهزيمة الأخيرة، حيث صدمت زيارة السنوار بيوت الشهداء وأحياء القطاع العدو الغاصب وإعلامه، فيما اعتبره معلّقون صهاينة ترسيخاً للنصر الذي حقّقته المقاومة، بالرغم من محاولة إخفاء ذلك، حيث حملت الرسائل تحدٍّ كبيرة، في وقت هدّدت فيه المقاومة بالعودة إلى التصعيد بسبب الاستفزازات التي يقوم بها العدو، بالأخص في العاصمة الفلسطينيّة المحتلة، وحمايته عمليات اقتحام المسجد المبارك من قبل الصهاينة المتشددين، وفرض حصار على حيّ “الشيخ جراح” بعد فشل محاولات سلب منازل الفلسطينيين هناك.

وفي هذا الخصوص، اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن تجول السنوار في غزة على مرأى من مخابرات الاحتلال، وذهابه إلى منزله سيراً على قدميه، تماماً مثلما أعلن خلال كلمته، تحدٍّ لوزير الحرب الصهيونيّ، بيني غانتس، الذي أثقب مسامعنا بالتهديدات الفارغة، معتبرة ذلك “تحدياً لإسرائيل” أيضاً، متسائلة: “أين جنرالات إسرائيل ليشرحوا ويفسّروا لنا ما يحدث”، حيث تبادل نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعيّ صوراً للقياديّ الفلسطينيّ في طريق عودته إلى منزله سيراً على قدميه، وصوراً للقائه بعضَ الأهالي في الطريق بعد أن استوقفوه لإلقاء التحية.

وفيما يتعلق بتهديدات الكيان الصهيونيّ باستهدافه، بيّن السنوار أنّه يتحرَّك في غزة بكل حرية وسهولة، وأنّه بانتظارهم، مؤكّداً أنّ “تهديدات العدو جوفاء، ولا قيمة لها بالمطلق، وهو يعرف ذلك”، في الوقت الذي تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على غزة باتت وراء ظهور الفلسطينيين، وقد شملت رسائل المقاومة تهديداً مباشراً وصريحاً، بأنّ أيّ اعتداء على القطاع سيتمّ الردّ عليه بالمثل، وخاصة في ظلّ محاولة تل أبيب فرض معادلة جديدة بشأن إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة التي أرهقت الكيان، وتواصلت عقب تهديد غانتس، بأنّه لن يسمح بعودة تنقيط الصواريخ أو البالونات من غزة، وزعمه أن سياسة الردّ سيتمّ تشديدها بشكل أكبر.

خطوة غريبة

في خطوة غريبة من نوعها ضمن التغطية الإسرائيليّة الإعلاميّة، قامت صحيفة “هآرتس” العبريّة، بنشر صور الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا في العدوان الصهيونيّ الأخير على قطاع غزة المحاصر، والذي أدى إلى استشهاد مئات الأبرياء، بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين، وإصابة ما يقارب 9000 آخرين، ناهيك عن الخراب الذي خلّفه العدوان الغاشم، وكتبت الصحيفة التي اعتدنا على انحيازها الكامل في الحروب السابقة للدعايّة الرسميّة السوداء لتل أبيب، في عنوانها الرئيسيّ، “67 طفلا قُتلوا في غزة.. هذا هو ثمن الحرب”.

وقد وصف البعض تغطيّة “هارتس” التي خالفت مساعي وسائل إعلام العدو لطمس الحقيقة، بأنّها نوعٌ من السباحة بعكس التيار في أجواء مسمومة ومشبعة بكراهية الآخر، من خلال إظهار عينة من الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم طائرات الكيان المجرم، وذكرت أنّ حمادة (13 عاما) وعمار (10 سنوات) كانا عائدين من المدرسة، ويحيى (13 عاما) كان ذاهباً لشراء الآيس كريم، وتم العثور على جثث أميرة (6 سنوات)، وإسلام (8 سنوات)، ومحمد (9 أشهر) تحت أنقاض منزلهم.

وبعكس ما اعتدنا عليه في الحروب الإجراميّة السابقة للعدو، اعترفت الصحيفة العبريّة باستشهاد 67 طفلا في غزة خلال الجولة الأخيرة من المعارك التي بدأت في 10 أيار الجاري، واستمرت 11 يوماً، مضيفة إنّه عندما طُلب من الآباء وصف شعورهم، أجاب العديد منهم بهدوء “هذه إرادة الله”، وقالوا إن “أطفالهم كانوا يريدون أن يصبحوا أطباء وفنانين وقادة”، لكن الغارات عنيفة ومكثفة للكيان الصهيونيّ على القطاع منعتهم من ذلك.

أكثر من ذلك، نقلت هاآراتس عن طيار حربيّ صهيونيّ قوله: “إن تدمير الأبراج السكنية خلال العدوان على قطاع غزة، كان طريقة للتنفيس عن إحباط الجيش الإسرائيليّ” عقب فشله في وقف إطلاق الصواريخ من القطاع والتي وصلت لأربع آلاف صاروخ، جاء ذلك في حوار أجرته القناة 12 العبريّة، مع عدد من الطيارين الصهاينة الذين شاركوا في نسف 9 أبراج سكنية في غزة، بحجة أنها تُستخدم كبنى تحتية عسكريّة، من بينها برج الجلاء الذي يضمّ مقريّ “شبكة الجزيرة” التابعة للنظام الحاكم في قطر، ووكالة “أسوشيتد برس” الأمريكيّة في غزة، والتي فصلت إحدى موظفاتها لمُجرد تعاطفها مع الحقوق الفلسطينيّة.

وفي هذا الصدد، نوّه أحد هؤلاء الطيارين الذي ألقى مع أصدقائه أطناناً من الذخيرة والنيران على الأبراج في غزة، بأنّه كان يخرج لشن غارة، فيما ينتابنه شعور بأنّ إسقاط الأبراج أصبح طريقنا للتنفيس عن الإحباط مما يحدث لهم، بسبب الاستمرار في ضربهم بالصواريخ، مشدّداً على أنّ جيش العدو لم ينجح في المساس بقيادة التنظيمات، لذلك كانوا يسقطون الأبراج، وذلك في ظل الانتقادات المتصاعدة في الأراضي الفلسطينيّة التي يسيطر عليها الصهاينة للحرب على غزة.

يُشار إلى أنّ أوساط اليمين الصهيونيّ هاجمت صحيفة “هآرتس” العبريّة، بالأخص عضو الكنيست المتطرف عن حزب “الصهيونية الدينيّة”، بتسلئيل سموتريتش، تبعه ما يُطلق عليه وزير”شؤون القدس” الحاخام اليمينيّ المتطرف، رافي بيرتس، والذي قال إنّ نشر هذه الصورة بمثابة “فقدان للبوصلة وللطريق”، بعد أن اعتاد الصهاينة على الانحياز المُطلق لجرائم الكيان الإرهابيّ.

فشل إسرائيليّ

أقرّت وسائل إعلام العدو، الجمعة الفائت، بفشل الكيان في قتل المئات من مقاتلي حركة حماس بـ”سلاح سري”، وأوضحت هيئة البث العبريّة “كان”، أنّه في اليوم الرابع للحرب التي شنّها الكيان على قطاع غزة، والمعروفة إسرائيلياً باسم “حارس الأسوار”، وفلسطينياً باسم “سيف القدس”، أطلقت تل أبيب عملية سريّة تهدف إلى تدمير الأنفاق، بدعوى أن بداخلها مئات المقاتلين من حركة المقاومة.

وكشفت “كان” أنّ جيش العدو فشل في عمليته السريّة أو مخططه خلال الأيام الأولى من الحرب على غزة، والتي كان يهدف من خلالها لقتل قادة حركة حماس، حيث أطلقت تل أبيب على تلك العملية الجديدة اسم “ليلة احتيال الجيش الإسرائيليّ”، وكان من المفترض أن يتم تنفيذ العملية العسكريّة الصهيونيّة بمساعدة “تمرين مخادع”، يتمثل بإرسال أدلة كما لو أن جيش العدو كان على وشك القيام بعملية بريّة داخل قطاع غزة، بدعوى دفع أو إجبار قادة حماس إلى النزول أو اللجوء إلى الأنفاق.

وتحدثت القناة العبريّة أن حيلة الكيان الصهيونيّ لم تكن قويّة بما فيه الكفاية لدفع قادة المقاومة إلى النزول للأنفاق، فضلاً عن عدم اجتياح جيش العدو لقطاع غزة برياً، ووفق الموقع الإلكترونيّ للقناة، فإنّ جيش العدو خطط لاستخدام “سلاح سري” خلال تلك العملية العسكريّة التي وُصفت بـ”السريّة”، باستخدام قنابل خاصة قادرة على اختراق الأرض لتدمير الأنفاق، لكن قادة حماس أدركوا “المكر” الإسرائيليّ ولم ينزلوا إلى الأنفاق.

بناء على كل ما ذُكر، فإنّ الحرب الأخيرة على غزة والتي رافقها تضامن عالميّ كبير، لقّنت العدو الصهيونيّ دروساً لن ينساها على مختلف المستويات، وبالأخص الإعلاميّة منها، حيث بات الصهاينة يعترفون بإجرام وجبروت وطغيان كيانهم بأنفسهم، بعيداً عن التستر والتغطية على قتلة الأطفال والنساء، وكما أصبحت الصورة الوحيدة المرسومة في أذهان العالم عند ذكر “إسرائيل”، هي الموت والدمار، سيصبح الكيان رويداً رويداً بنظر مستوطنيه قاتلاً ومحتلاً كما هو بالفعل دون خداع أو غسيل أدمغة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق