التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, أكتوبر 7, 2024

“إسرائيل” ومحاولات الخروج من مأزق الهزيمة بالسياسة 

ما حققه الفلسطينيين في معركة “سيف القدس” الأخيرة وانتصارهم المدوي على الاسرائيليين يعتبر علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني_الاسرائيلي وستعد اسرائيل للمليون قبل أن تقدم على خطوة جديدة أو ان تشن حربا جديدة على غزة على عكس ما تروج له اليوم عبر الولايات المتحدة الأمريكية وعبر ساستها، بأنه إما التسوية السياسية أو الحرب مجدداً. لن تتجرأ اسرائيل على شن أي حرب جديدة وفقا لجميع المعطيات بالداخل الاسرائيلي والتي تؤكد أن الهزيمة وقعت لا محالة خاصة في ظل الغضب الكبير الذي يواجهه نتنياهو اليوم.

عشرات المرات اتجه الفلسطينيين نحو التسوية السياسة، ماذا كانت النتيجة؟. هل توقف الاحتلال عن استهداف الفلسطينيين أو هل توقف عن بناء المستوطنات؟.

الاحتلال الاسرائيلي خسر معركته الأخيرة والحل الوحيد امامه هو استغلال تعاطف الغرب معه وتحقيق نصر سياسي جديد لارضاء الداخل الاسرائيلي، وفي هذا الاطار قال رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، مساء يوم الجمعة، “إنّ هناك من يحاول حرمان المقاومة من نصرها في غزة، واستثمار المعركة في التسوية السياسية و”حل الدولتين الميت”.

واضاف مشعل، خلال مهرجان انتصار “سيف القدس” في البقاع اللبناني: “أنّ الاحتلال يحاول أنّ يحقق سياسيًا ما لم يحققه في الميدان، ويحاول استفزازنا في القدس والأقصى والشيخ جراح، وأنّ يغطي جرائمه بالتطبيع والعلاقات”.

وتابع: “إنّ الاحتلال يتآمر على أمتنا في كل مكان”، لافتاً إلى أنّ هناك حراكًا أمريكيًا لتعويض خسارة الاحتلال ميدانيًا”.

وأكمل مشعل: “إننا هزمنا الاحتلال الإسرائيلي، وسجلنا نقطة كبيرة في هذه المعركة، ولا مستقبل للاحتلال على أرضنا”، لافتاً إلى كل واحد من هذه الأمة له دور ونصيب في مشروع التحرير.

ودعا رئيس حركة “حماس” خارج فلسطين خالد مشعل إلى انتفاضة في كل الأراضي المحتلة، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني في كل المناطق أمام مسؤولية التحرير.

الواضح أن مشاريع التسوية السلمية مع الاحتلال الإسرائيلي لم تُفضِ إلى تسوية عادلة للصراع ولم تنهِ حالة العداء ولم تصل إلى سلام شامل ولم تستطع حسم القضايا الرئيسية المعقدة، ومنها قضايا القدس واللاجئين وحق تقرير المصير، وأنها كانت مشاريع تصفية وفرض للرؤية الإسرائيلية، وتعكس حالة الاستسلام والتردي والتراجع المستمر في المستوى السياسي العربي. ومن النتائج المدمرة لمشاريع التسوية الاعتراف بدولة إسرائيل وبحقها في الوجود وإقامة الدول العربية علاقات دبلوماسية معها بالرغم من تنكرها للحقوق الفلسطينية وتوقف المفاوضات حولها، وعلى ما يبدو أننا وفي الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، على أبواب مرحلة جديدة من التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي تُدشن بأيد عربية أسقطت القضية الفلسطينية من أولوياتها وتبنت رؤية الاحتلال ومطالبه و”شَيطنت” المقاومة الفلسطينية، وسعت لتحقيق مصالح وأمجاد شخصية في تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي دون السعي لإحراز أي من الحقوق الفلسطينية.

ولا بُدّ من التذكير بأن آخر مبادرة وساطة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قام بها وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، في عام 2014، ولم تتكلل بالنجاح، شأن كل المبادرات والجهود السابقة.

ووفقًا للقراءات الإسرائيلية ومسوّغاتها حيال مآل “عملية السلام” في الوقت الراهن، فإن فشل هذه المبادرات والجهود يعكس ليس عدم قدرة الطرفين على الوصول إلى النتيجة المرجوّة ضمن الجدول الزمني المُحدّد فحسب، إنما أيضًا يعكس وزن عدد من العوامل الأساسية التي تصعّب على الجانبين إنهاء المفاوضات بنجاح، حتى لو أتيح للمفاوضين وقت إضافي. ومهما تكن تلك العوامل، يُشار في جلّ المقاربات الإسرائيلية على نحو خاص إلى اثنين منها:

الأول، الوضع السياسي الداخلي في الساحة الفلسطينية (أراضي 1967)، فهي منقسمة بين قطاع غزة الخاضع لسلطة حركة حماس والضفة الغربية الخاضعة لسلطة فلسطينية تشكّل حركة فتح قاعدة سياسية لها. الأولى لا تعترف بإسرائيل، وليست مستعدة للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق دائم معها. والثانية تعترف بإسرائيل وترغب في التفاوض من أجل تسوية دائمة معها.

وعلى الرغم من أن هذه السلطة تخضع لسيطرة شركاء إسرائيل في المفاوضات منذ 1993، إلا أن من المشكوك فيه أن تكون قادرة على التوصل إلى اتفاق دائم، وأن تطبّقه، وذلك لأن هذه السلطة تعاني مشكلتين أساسيتين: فقدان الشرعية (غير منتخبة من الجمهور الفلسطيني)، والضعف.

العامل الثاني، الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، والذي كان قائمًا قبل الأزمة الأخيرة أيضًا. وبصدد ذلك الوضع، يُشار إلى أنه بعد أعوام الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، وبعد عدة حروب، بداية في لبنان في صيف 2006، ثم في قطاع غزة في 2008 – 2009 و2012 و2014، فقد الجمهور الإسرائيلي ثقته بإمكان التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ينهي الصراع معهم. كذلك هناك عدم ثقة أو قناعة بمبدأ “مقايضة الأرض بالسلام”، والذي استبدل أخيرًا بمبدأ “مقايضة السلام بالسلام”، بمباركة بضع دول عربية وقّعت اتفاقات تطبيع مع إسرائيل.

من الآثار السياسية للتسوية:

– تسويق الكيان الصهيوني ككيان طبيعي في المنطقة، له حق العيش ضمن حدود آمنة، أي حصول الكيان على “شرعية” فلسطينية – عربية.

– تكريس حالة التجزئة والقطرية والضعف في العالم العربي، وهي حالة لا يمكن أن يستمر الكيان الصهيوني بدونها.

– إسقاط قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بفلسطين كقرار تقسيم فلسطين، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرض 1948.

– زيادة التوتر داخل الصف الفلسطيني، حيث توجد معارضة قوية واسعة للتسوية.

– قمع كافة الحركات الإسلامية والوطنية المعارضة للتسوية في البلاد العربية، وقطع الطريق عليها للوصول إلى الحكم وفق الطرق الدستورية.

– وهذا، سيؤدي تراجع مسار “الديموقراطية” والحريات في العالم العربي، مما سيحدث حالة احتقان وأزمات داخلية كبيرة.

– هناك مخاوف كبيرة حقيقية من أن تمارس “إسرائيل” دور شرطي المنطقة الذي يحمل عصاه الغليظة لكل من يخرج عن “الطاعة”.

– هناك احتمالات كبيرة أن تستمر البلاد العربية تدور في فلك التبعية للقرار السياسي “الإسرائيلي” – الأمريكي – الغربي.

– توفير ظروف أفضل للهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة حيث الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق