وزير خارجية تركيا الأسبق: انقرة تواصل عزلتها وسياستها الخاطئة تجاه دمشق
دخلت خطوات أنقرة نحو تطبيع العلاقات مع القاهرة والرياض مراحل حرجة. حيث تظهر اتصالات المسؤولين الأتراك مع المسؤولين المصريين والسعوديين فصلاً جديدا في العلاقات السياسية التركية في المنطقة. والحقيقة هي أن تركيا واجهت في السنوات الأخيرة معارضة من دول البحر الأبيض المتوسط بسبب أنشطتها للتنقيب عن الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. وقد أدى هذا أيضا إلى عزل تركيا في المنطقة. ولهذا السبب، يبدو أنه كان على تركيا تغيير بعض مناهجها للتخلص من هذه العزلة، لكن محاولة استئناف العلاقات بين تركيا ومصر هي مسألة يجب مراعاتها، حيث ان حزب العدالة والتنمية اي الحزب الحاكم في تركيا منذ سنوات يدعم جماعة الإخوان المسلمين، وبسبب هذا النهج، فقد عانى من توتر العلاقات مع مصر. لكن السؤال الرئيسي هو ما هي السياسة المستقبلية لهذا الحزب تجاه الإخوان المسلمين، ومن ناحية أخرى ، فإن بدء عملية تطبيع العلاقات مع السعودية ومصر يثير التساؤل عما إذا كان يمكن أن تكون الدولة القادمة هي سوريا؟
وبخصوص التطورات الأخيرة في السياسة الخارجية التركية في المنطقة، تم اجراء مقابلة مع وزير الخارجية التركي السابق “ياشار ياكيش وسفير أنقرة السابق في القاهرة.
في الآونة الأخيرة، كانت هناك تحركات في علاقات تركيا الخارجية مع السعودية ومصر لتحسين العلاقات. وبحسب بعض المحللين، فإن هذه الخطوة تهدف إلى كسر عزلة الحزب التركي الحاكم في شرق البحر المتوسط. ما هو تحليلك لهذه القضية؟
ياكيش: هناك أسباب مختلفة لمحاولة تركيا تحسين علاقاتها مع السعودية ومصر. الأول هو أن أداء تركيا سيئ في تحديد أحواض البحر في شرق البحر الأبيض المتوسط. ونتيجة لذلك، قامت دول أخرى، بغض النظر عن تركيا، بتقسيم خطوطها البحرية فيما بينها وتقريباً حصر سيادتها البحرية في أنطاليا. بينما تمتلك تركيا أطول خط ساحلي في شرق البحر الأبيض المتوسط. تعوض تركيا الآن عن سلوكها السلبي فيما يتعلق بقضية شرق البحر المتوسط.
ثانيا، تركيا في عزلة سياسية بسبب سياستها الخارجية الخاطئة، وقد نشطت الآن دبلوماسيتها للتخلص من هذه العزلة.
ثالثا، نهج تركيا تجاه الانقلاب العسكري للجنرال السيسي في مصر. حيث ان حزب العدالة والتنمية، باعتباره الحزب الحاكم في تركيا، كان أول حكومة عارضت حكومة السيسي والانقلاب عسكري في مصر بسبب تحالفه الأيديولوجي مع جماعة الإخوان المسلمين. لكن تركيا الآن تحاول تعويض هذه السياسة.
السبب الرابع أن عملية إحياء العلاقات بين دول الشرق الأوسط قد بدأت. كما أن تركيا لا تريد أن تكون بعيدة عن هذه التطورات.
والخامس هو أن تركيا اتخذت نهجا محايدا في الخلاف بين الدول العربية منذ سنوات عديدة، لكنها دعمت حكومة الدوحة بعد بدء الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر. وقد تسبب هذا أيضا في توترات بين تركيا والدول المطلة على الخليج الفارسي. والآن تتخذ تركيا خطوات لإصلاح علاقاتها مع هذه الدول.
وصفت تركيا منذ سنوات حكومة السيسي بأنها انقلاب وخرجت دعما للإخوان المسلمين. ما أسباب تركيا وأهدافها لإقامة علاقات دبلوماسية مع مصر؟ هل ستتغير مقاربة تركيا للإخوان المسلمين؟
ياكيش: عانت تركيا الكثير من الخسائر بسبب الإخوان المسلمين. ولهذا السبب اضطرت حكومة أنقرة إلى إعادة النظر في علاقاتها مع حكومة القاهرة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت تركيا ستتخلى تماما عن جماعة الإخوان المسلمين، لكن من المرجح أن يتراجع دعم الإخوان المسلمين إلى مستوى تقبل فيه الحكومة المصرية، ومن المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الحكومتين.
عملت مصر بشكل وثيق مع اليونان في شرق البحر المتوسط لسنوات عديدة. ما هو تأثير طاولة المفاوضات بين أنقرة والقاهرة على وضع تركيا في شرق البحر المتوسط؟ وما هي التحديات التي تواجه الحكومتين في استئناف العلاقات؟
ياكيش: إن سبب مشاكل تركيا في شرق البحر المتوسط ليس مصر فقط. لذلك ، إذا تحسنت العلاقات بين تركيا ومصر، فسنرى أثرها فقط في العلاقات بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكننا أن نتوقع تحسن العلاقات التركية المصرية على المدى القصير. حيث ان مصر تريد معرفة ما إذا كانت الوعود التي قطعتها تركيا ستتحقق بالكامل في أي مرحلة ام لا. وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إننا لا نأبه بالأقوال فقط وننظر إلى تصرفات الحكومة المقابلة. تظهر تصريحات وزير الخارجية المصري أن القاهرة ستكون أكثر حذرا في إحياء علاقاتها مع أنقرة.
مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، أصبحت العلاقات بين أنقرة ودمشق شديدة التوتر. ومع بدء الاتصالات السياسية التركية مع مصر والسعودية، هل من الممكن أن تستأنف العلاقات بين أنقرة ودمشق في المستقبل القريب؟
ياكيش: ان سياسة تركيا في سوريا مليئة بالأخطاء. فمعارضة تركيا للتطورات في سوريا يجب ألا تنتهي بسياسة تغيير حكومة دمشق والتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا.
كما أصبحت سياسة حزب العدالة والتنمية في سوريا خاطئة اكثر مع مرور الوقت، لأن الأزمة السورية نفسها دفعت بعض المواطنين الأكراد السوريين إلى بذل المزيد من الجهود من أجل الاستقلال. بما أن مصالح دمشق وأنقرة تتماشى مع القضية الكردية، فهناك الآن أسباب وجيهة للحكومتين للعمل معا.
وهنا يجب القول إن ديناميكيات علاقات تركيا مع مصر والسعودية ومع سوريا مختلفة. ومع ذلك، إذا كان هناك تليين في العلاقات الدولية في المنطقة، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على العلاقات بين أنقرة ودمشق.
قلتم في وقت سابق أن هناك إمكانية لإغلاق القاعدة التركية في قطر. هل السبب في ذلك من المصالحة بين قطر والسعودية؟ هل هناك احتمال لتغيير سياسة تركيا تجاه قطر؟
ياكيش: قصدت أنه مع تحسن العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر، ستضغط الدول العربية على الدوحة لإغلاق القاعدة التركية في قطر. ومن الصعب التكهن بمدى قدرة قطر على تحمل هذا الضغط.
المصدر / الوقت