كشف الستار عن التحركات الإماراتية الخبيثة في جزيرة “ميون” اليمنية
لقد تم تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة مستقلة عام 1979 وقبل ذلك الوقت كانت عبارة عن من مجموعة من الإمارات المتفرقة التي يعيش فيها البدو وبعد تأسيس هذه الدولة على ضفاف الخليج الفارسي سرعان ما كشفت عن وجهها الإستعماري حيث بذلت خلال السنوات الماضية احتلال والسيطرة على بعض الجزر الواقعة في البحر الاحمر وقبل عدة أيام كشفت العديد من التقارير الاخبارية عن محاولة أبو ظبي لإقامة قاعدة عسكرية لها في جزيرة ميون اليمنية. إن هذا الأمر يهم العالم كله وليس اليمنيين فقط، إذ يشكل تشييد الإمارات قاعدة سرية في جزيرة ميون اليمنية الاستراتيجية تطوراً استراتيجياً خطيراً للعالم كله، وليس اليمن فقط؛ لأن من يتحكم في هذه الجزيرة يتحكم في الملاحة في قناة السويس، التي تمر عبرها نسبة كبيرة من التجارة العالمية.
وكانت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية قد كشفت الثلاثاء، 25 مايو/أيار 2021، أن الإمارات تقوم بتشييد “قاعدة جوية سرية في جزيرة ميون البركانية قبالة اليمن، وتقع القاعدة في واحدة من نقاط الاختناق البحرية المهمة في العالم لكل ممرات الطاقة والشحن التجاري، بالتحديد عند مضيق باب المندب الوكالة نقلت عن مسؤولين في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن إماراتيين يقفون وراء مشروع القاعدة الجوية، رغم أنها أعلنت عام 2019 سحب قواتها من تحالف العدوان العسكري بقيادة السعودية من اليمن. وأفادت تقارير بأنه جرى نقل المعدات من القاعدة الإماراتية في إريتريا إلى جزيرة ميون، في استنساخ لسيناريو الهيمنة الإماراتية على جزيرة سقطرى اليمنية التي سيطرت عليها الإمارات، علماً بأن موقع جزيرة ميون أكثر أهمية. وحول هذا السياق، قال نائب رئيس مجلس النواب اليمني في حكومة الفنادق، “عبدالعزيز جباري”، إن السكوت عما يجري في جزيرة ميون في مضيق باب المندب من قِبل دولة الإمارات تفريط في سيادة اليمن. جاء ذلك في أول تعليق رسمي على ما نشرته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية من صور مأخوذة عبر أقمار صناعية لقاعدة جوية في جزيرة ميون اليمنية، يعتقد أنها تابعة لدولة الإمارات.
إن أهمية جزيرة ميون تأتي من كونها تُشرف على الممر المائي في مضيق باب المندب، الذي تمر فيه نحو 21 ألف سفينة عملاقة سنوياً، وبواقع 57 سفينة حاملة نفط يومياً، حسب ما ذكرته وزارة التجارة في صنعاء قبل سنوات، وتُقدر كمية النفط العابرة في المضيق بـ3.3 مليون برميل يومياً. وجزيرة ميون ومضيق باب المندب يعتبران الشريان المتدفق الرابط بين البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن جنوباً، وعرض باب المندب الكلي يُقدر بـ30 كلم، (20 ميلاً تقريباً)، وهي المسافة الفاصلة بين قارتي آسيا وإفريقيا، بين رأس منهالي في الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي.
ويعتقد الكثير من المراقبين، أن هدف الإمارات من احتلال هذه الجزيرة لا يرتبط فقط بالوضع اليمني، بل أيضاً بطموحات الإمارات الاستراتيجية، حيث ترى أبوظبي في نفسها إمبراطورية بحرية، يجب أن تسيطر على الموانئ الرئيسية وطرق التجارة البحرية في المنطقة. كما يأتي هذا التطور في وقت يشهد المشروع الإماراتي في المنطقة كبوات، بدءاً من السمعة السيئة للتطبيع الإماراتي بسبب حرب غزة، والتقارب بين حركة حماس ومصر، التي توسطت في التهدئة مع إسرائيل، في وقت تبدو القاهرة غاضبة من الدور الإماراتي المؤيد لإثيوبيأ في ملف سد النهضة، والتعاون الإماراتي الإسرائيلي في مجال النقل، الذي يهدف إلى إيجاد منافسين أو بدائل لقناة السويس. ولذا كان لافتاً أن واحدة من أوائل عمليات القصف التي نفذتها حماس ضد إسرائيل استهدفت خط أنابيب إيلات عسقلان، الذي يمثل واحداً من أوائل المشروعات المنافسة لقناة السويس. ومن هنا فإن سعي الإمارات لإقامة قاعدة في هذه الجزيرة يأتي ضمن محاولة إعادة تقوية موقفها في المنطقة، كلها بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية البالغة لهذه الجزيرة التي سيطرت عليها على مدار القرون الماضية كل الإمبراطوريات الاستعمارية القوية. ومن الصعب معرفة إلى أي مدى وصلت الخلافات المصرية، ولكن المؤكد أنه هناك غضباً مصرياً ظهر في تصريحات المسؤولين بالقاهرة، بشأن التعاون الإسرائيلي الإماراتي في مسألة إيجاد منافسين أو بدائل لقناة السويس.
الاطماع الإماراتية في جزيرة سقطرى
بعد إعلان دولة الإمارات عن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني قبل عدة أسابيع، قام قادة أبو ظبي بإعطاء الصهاينة هدية خاصة في جزيرة سقطرى اليمنية (غرب بحر العرب) لجعل خيانتهم أكثر وضوحا لشعوب المنطقة. حيث قام النظام الإماراتي، الذي يحتل أجزاء من جنوب اليمن (مناطق واسعة من محافظة لحج، والمناطق الجنوبية من محافظة الضالع، والمناطق الغربية من محافظة شبوة، والمناطق الجنوبية من محافظة حضرموت، والمناطق الجنوبية الغربية من محافظة أبين جنباً إلى جنب مع محافظة عدن، عبر عناصر خاضعة لقيادته (قوات المجلس الجنوبي الانتقالي)، بالتنازل للكيان الصهيوني عن حق بناء قاعدة عسكرية له في جزيرة سقطرى. إن مغامرة دولة الإمارات في بناء قاعدة عسكرية للصهاينة في جزيرة سقطرى ليست فقط لتغيير ميزان القوى وتقليص النفوذ السعودي في المناطق الجنوبية من اليمن، بل إن هذه الخطوة الخطيرة ستوفر فرصة للكيان الصهيوني للتحرك في هذه المنطقة بشكل حر وسلس. ومن خلال التمركز في هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 3769 كيلومترًا مربعًا، سيكتسب الجيش الصهيوني أيضا ميزة عسكرية خاصة في المحيط الهندي، فضلاً عن فرصة مراقبة التطورات في خليج عمان وضواحيها، بما في ذلك الخليج الفارسي.
وسقطرى هي أرخبيل يمني مكون من 6 جزر تقع في المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي، بالقرب من خليج عدن، وتبعد 350 كم على شبه الجزيرة العربية. ويشمل الأرخبيل جزر “سقطرى، ودرسة، وسمحة، وعبد الكوري، وصيال عبد الكوري، وصيال سقطرى”، بالإضافة إلى 7 جزر صخرية أخرى، وهي “صيرة، وردد، وعدلة، وكرشح، وصيهر، وذاعن ذتل، وجالص”. وتعتبر جزيرة سقطرى أكبر الجزر العربية، ويبلغ طولها 125 كم وعرضها 42 كم، ويبلغ طول الشريط الساحلي 300 كم، وعاصمة الجزيرة “حديبو”. وعلى نفس هذا المنوال، كشف موقع “ساوث فرونت” الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية، نهاية آب الماضي عن عزم الإمارات وإسرائيل إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في جزيرة سقطرى. ونقل الموقع المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية عن مصادر عربية وفرنسية، أن وفدا ضم ضباطا إماراتيين وإسرائيليين قاموا بزيارة الجزيرة مؤخرا وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية. وعلى إثر ذلك، خرجت المظاهرات الحاشدة في المحافظات الجنوبية ومديرياتها رفضاً للوجود الإسرائيلي في جزيرة سقطرى واستنكاراً للتطبيع مع الكيان الصهيوني ونصرة للقضية الفلسطينية، وأحرقت المسيرات الجنوبية في عدن وأبين ولحج وحضرموت وكافة مدن الجنوب العلم الإسرائيلي ورددت شعارات رافضة للتطبيع وداعمة للقضية الفلسطينية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أن الغضب من وجود أتباع الإمارات في الجزيرة، عّم كل مناطق سقطرى ما أثمر عن تحركات خارجية سياسية ودبلوماسية وغليان شعبي واجتماعي في مناطق الجزيرة تهدف إلى طرد المحتل الإماراتي من الجزيرة. حيث مارست قوات الإمارات والمجلس الإنتقالي خلال وجودها في جزيرة سقطرى انتهاكات ضد سكان الجزيرة وفتحت سجون سرية لمعارضي سياساتها الاحتلالية بغرض تكميم الأفواه، الأمر الذي دفع بمحامين وعددهم 21 محامياً لرفع دعوى قضائية ضد حكومة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” القابعة في فنادق الرياض لغياب دورها تجاه ما يحدث في محافظة سقطرى. ورفع محافظ أرخبيل سقطرى، “رمزي محروس”، رسالة إلى الرئيس المستقيل “منصور هادي”، كشف فيها سلسلة من الانتهاكات والممارسات التي تقوم بها الإمارات ومليشياتها في المحافظة منذ الإنقلاب المسلح الذي قاده الانتقالي الجنوبي في يونيو الماضي.
انتقادات حكومة صنعاء للإحتلال الإماراتي للجزر اليمنية
اتهمت حكومة صنعاء، دولة الإمارات، قبل عدة أيام، بالـ”تغطية على نشاطات إسرائيلية” في جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمن. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “زكريا الشامي” وزير النقل في حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء، في اجتماع استعرض الاعتداءات التي تتعرض لها حدود الجرف القاري للجمهورية اليمنية ووضع بلوكات استكشافية نفطية من قبل الصومال في الجرف القاري اليمني. وأكد “الشامي” على أهمية المحافظة على خط الأساس للجرف القاري للجمهورية اليمنية. كما توعدت حكومة صنعاء، يوم الخميس الماضي، دولة الإمارات بشن هجمات عسكرية، متهمة أبوظبي بفرض “أمر واقع” في عدد من الجزر والأراضي اليمنية، وخصوصاً سقطرى وميون. وجاء التحذير اليمني، الذي أطلقه وزير الخارجية في حكومة صنعاء، “هشام شرف”، على خلفية ظهور تقارير تتحدث عن شروع الإمارات في تشييد قاعدة عسكرية في جزيرة ميون الواقعة بمنطقة باب المندب غربي اليمن. واعتبر المسؤول اليمني، أن ما تقوم به الإمارات من ممارسات غير قانونية “أمر لا يمكن السكوت عنه” ومخالف للقانون الدولي الإنساني. وقال “شرف” إن التصرفات الإماراتية في الجزر والأراضي اليمنية ينطبق عليها المادة رقم (42) من اتفاقية لاهاي للعام 1907، والتي تنص على أنه “تعتبر أراضي الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو”.
وفي الختام يمكن القول أنه على مدى العقد الماضي، وضعت دولة الإمارات السياسة الخارجية العدوانية على جدول أعمالها لتوسيع نفوذها في المنطقة والقرن الإفريقي. ولتحقيق هذا الهدف، صار من الضروري على الإمارات أن تسيطر على خليج عدن، لأنه من خلال عدن يمكن أن تصل إلى مضيق “باب المندب” وشمال إفريقيا، وفي الوقت نفسه، فإن أرخبيل سقطرى له دور لوجستي وعسكري للإمارات، وذلك لأنه جسر إلى عدن ثم مضيق “باب المندب”. وفي البعد الاقتصادي، تسعى دولة الإمارات إلى التسلل إلى جنوب اليمن من أجل التجارة مع أوروبا وتجاوز مضيق “هرمز”، وكذلك المنافسة الاقتصادية مع السعودية ومنع موانئها التجارية من الانهيار من خلال استغلال موانئ عدن. ومن الناحية الأيديولوجية والسياسية، تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة لحزب الاصلاح اليمني ذو الميول الإخوانية والحراك الجنوبي الانفصالي كأداتين لتحقيق أهدافها ومصالحها الخبيثة في اليمن ومن جهة أخرى تقوم أبو ظبي بالاستثمار طويل الأمد على الرئيس المستقيل “منصور هادي” وذلك لاستخدامه كلعبة على التراب السعودي، لتنظيم وتعزيز قوى المجلس الانتقالي في جزيرة سقطرى، وتحقيق توازن ضد منافسيها ولهذا فقد فتحت هذه السياسة الباب أمام الكيان الصهيوني في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى تعّقد المعادلات أكثر في جنوب اليمن.
المصدر/ الوقت