التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

ما وراء قصة المراقبة الدولية للانتخابات العراقية 

في الأسابيع القليلة الماضية ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، هناك خطط لتأجيل الانتخابات أو المطالبة برقابة دولية.

ستجرى انتخابات نيابية عراقية مبكرة في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، ووفقاً للمفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات، فقد سجل حتى الآن 29 ائتلافاً سياسياً لخوض الانتخابات المقبلة، شارك 25 منها سابقاً في انتخابات 2018. وبحسب المفوضية، فقد تم ترخيص 283 حزبا حتى الآن، و68 حزبا جديدا على وشك التأسيس، و77 حزبا أعلنوا استعدادهم لخوض الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، في خطوة مثيرة للجدل، دعا مسؤولو وزارة الخارجية العراقية والمفوضية العليا للانتخابات القوات الأجنبية لمراقبة العملية الانتخابية. على سبيل المثال، كتب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين رسالة في 11 فبراير 2021 دعا فيها إلى مراقبة دولية للانتخابات العراقية. كما أرسلت المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات 75 دعوة إلى سفارات الدول العربية والأجنبية والمنظمات الدولية لمراقبة عملية الانتخابات العراقية. ومع ذلك، فقد تم الاعتراض على هذا النهج من قبل تيارات سياسية مختلفة، ما أجبر الوزارة على الرد؛ حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية احمد الصحاف في بيان يوم السبت “لا توجد مراقبة دولية للانتخابات العراقية، لكن فريق الامم المتحدة يراقبها للمرة الاولى بناء على طلب الحكومة العراقية مع الالتزام الكامل بالسيادة الوطنية العراقية”. وبحسب الصحاف، يسعى العراق إلى توفير وفد قوي منسق من قبل مكتب الأمم المتحدة لدعم الجهود المبذولة لضمان نجاح العملية الانتخابية وتنفيذها في الوقت المناسب، من خلال إطلاق استراتيجية شاملة لإطلاع الجمهور على أهمية انتخابات.

الراقبة الخارجية هي خطوة نحو اللعب على أرض غربية

على مدار العام الماضي، كانت إحدى الحجج الرئيسية لمؤيدي تأجيل الانتخابات دائمًا هي الافتقار إلى أسس وشروط للمراقبة الدولية للانتخابات. على سبيل المثال، عندما أعلن مجلس وزراء حكومة العراق في 20 يناير 2021 خلال اجتماع عن تأجيل الانتخابات المبكرة من 6 يونيو 2021 إلى 10 أكتوبر 2021، أحد الأسباب التي قدمتها لجنة الانتخابات المستقلة (IEC) هو لتوفير الفرصة لخبراء الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين للتخطيط لمزيد من الرقابة والشفافية في عملية الانتخابات المقبلة. ويأتي هذا العذر ومثل هذه الحجج في سياق رغبة المجتمع العراقي في الحد من التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، ويبدو أنه وبعد 18 عاما أصبح الجهاز التنفيذي العراقي الآن قادرا على إجراء انتخابات برلمانية سليمة، ومراقبة الامم المتحدة ليست سببا مقنعا ولا فنياً لتأجيل الانتخابات. والأهم من ذلك، أنه في الجولات الأربع الأخيرة من الانتخابات البرلمانية العراقية في 2006 و2010 و2014 و2018، لم تكن هناك مزاعم خطيرة بشأن تزوير الانتخابات. في الواقع، ترك العراق حكومة وشعباً سجلاً ناجحاً في جميع الانتخابات الأخيرة، لذا فإن أي دور رقابي خارجي ليس مسألة تدخل أجنبية فحسب، بل يمكن أن يستغل لتحقيق رغبات ومصالح الجهات الأجنبية.

الأحادية في النظر إلى مصالح مجموعات معينة

إن دعوة المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والدول الأجنبية، لمراقبة الانتخابات العراقية لا تعكس ولا بأي حال من الأحوال الإرادة الحقيقية للشعب العراقي. في الواقع، يعتقد العديد من التيارات السياسية أن أي رقابة خارجية تنتهك سيادة العراق وإرادته الوطنية ولا يمكن أن تكون في المصلحة الوطنية للعراق. لطالما كانت التدخلات الخارجية في العراق ودورها في تطورات الأوضاع في السنوات التي تلت عام 2003، من الموضوعات التي لاقت انتقادات من الرأي العام والمواطنين ومعظم التيارات السياسية. كما يعتقد العديد من المراقبين السياسيين وعامة الشعب العراقي أن السبب الأهم لانعدام الأمن وعدم الاستقرار في هذا البلد هو السياسات المدمرة للأجانب. في مثل هذا الوضع، فإن وجود مجموعات معينة تعمل على تنشيط وجمع المؤيدين لإثارة مسألة الحاجة إلى الرقابة الخارجية بحجة انعدام الشفافية في الانتخابات، لا يمكن أن تكون في المصلحة الوطنية للعراق، ولكنها تصب أكثر في مصلحة بعض الفئات الصغيرة والمحدّدة.

استراتيجية غربية جديدة للتأثير على العملية الانتخابية

من ناحية أخرى، يمكن تقييم مسألة مراقبة الانتخابات أنها تأتي لتنفيذ رغبات تتماشى مع هدف الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب للتأثير على الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق. يبدو أنه بعد فشل الغربيين في موضوع تأجيل الانتخابات، تحولوا الآن إلى موضوع الحاجة إلى رقابة دولية. مؤخراً، أعرب ستيفن هيكي، السفير البريطاني في العراق، في مقابلة مع شبكة تابعة للسعودية، عن شكوكه في إجراء انتخابات نزيهة في العراق، وبالتالي دعا إلى انتخابات مبكرة. وبالطبع، قوبلت تصريحات السفير البريطاني برد فعل قوي من الغالبية العظمى من التيارات السياسية، وتمت إدانته بتعبيرات مثل “الإملاء الخارجي”، و”أمثلة على التدخل الأجنبي”، و”ادعاءات لا أساس لها من الصحة”، ووصفت تصريحاته من الشعب والحكومة العراقية بأنها تدخل غير مقبول. أدت هذه الأُمور مجتمعة إلى فشل الخطة “أ” للغرب، ويبدو إجراء الانتخابات في 10 أكتوبر أمرًا مؤكدًا؛ في مثل هذه الظروف نشهد بداية الخطة “ب”، وهي خطة ضرورة إدخال مراقبين أجانب في الانتخابات المبكرة في العراق.

في هذا الصدد، ونظراً للتأثير الخاص للولايات المتحدة وبريطانيا في المؤسسات الدولية، ولا سيما الأمم المتحدة، فإن مناقشة ملاحظاتها عن الانتخابات العراقية يؤكد بأنهما يسعيان إلى إدارة المشهد بما يتماشى مع رغباتهما ومصالحهما. وهذا يعني أنه إذا كانت نتائج الانتخابات لا تتوافق مع رغبات هذه الدول – فإنه وحتى في ظل وجود احتمال أكثر من أي وقت مضى لنجاحها، لكن مع إمكانية فوز تيارات تابعة للمقاومة ومعادية لأمريكا – فمن الممكن طرح مسألة التلاعب بنتائج الانتخابات وعدم شرعيتها وبطلان الأصوات، لإثارة الفتنة والتفرقة بين التيارات السياسية العراقية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق