التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

ثوران براكين الغضب الشعبي في جنوب اليمن ضد تحالف العدوان 

نزل أهالي جنوب اليمن إلى الشوارع عدة مرات قبل عدة أشهر للاحتجاج على النخبة الحاكمة في عدن عاصمة تحالف العدوان السعودي الإماراتي التي أعدتها لتكون العاصمة المؤقتة للرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” وحكومته القابعة في فنادق الرياض. ويلقي المواطنون اليمنيون باللوم على فصيل منصور هادي (المدعوم من السعودية) والمجلي الانتقالي (المدعوم من الإمارات) باعتبارهما الجناة الرئيسيين في حدوث الازمات الاقتصادية والأمنية التي تعصف بالمدن الجنوبية، ووجهوا المتظاهرين أسهم الاحتجاجات إلى هاتين المجموعتين اللتين استولتا على السلطة. وبحسب آخر الأخبار، فقد اشتدت احتجاجات سكان الجزء الجنوبي من اليمن ضد تحالف العدوان السعودي الإماراتي في الأيام الأخيرة، ونظم الأهالي تظاهرات واسعة النطاق في شوارع عدن، معلنين عن رفضهم للوضع الاقتصادي السيئ الذي لا يطاق.

وحول هذا السياق، أشار مصدر ميداني يتابع عن كثب التطورات في مدينة عدن إلى تفاصيل الاحتجاجات وقال: “طالب الناس في المسيرات بانسحاب تحالف العدوان السعودي الإماراتي من المحافظة وعزل منصور هادي والبرلمان وقادة المجلس الانتقالي”. وقال المصدر الميداني، إن “الاحتجاجات بدأت وانتشرت من شهر رمضان، حيث أثار الانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء غضب الأهالي”، مضيفًا أن “انقطاع التيار الكهربائي في المناطق الجنوبية من اليمن وصل إلى 15 ساعة في بعض الأيام وهذا الأمر أثار غضب الناس.” وبحسب هذا المصدر الميداني، فإن أهالي مديريات “كريتر والمعلا والمنصورة” قد نظموا عدة مظاهرات منذ شهر رمضان وحتى الآن، وامتد نطاق احتجاجات المواطنين تدريجياً إلى أحياء وأجزاء مختلفة من محافظة عدن. وبحسب المعلومات التي قدمها هذا المصدر الميداني، فإن نقص خدمات الرعاية ليست المشكلة الوحيدة لسكان جنوب اليمن، وإنما الحزب الحاكم غير قادر على دفع رواتب الموظفين وتوفير الخدمات الصحة لهم.


ومع تصاعد الاحتجاجات، تم إرسال عناصر شبه عسكرية تحت قيادة المجلس الانتقالي إلى مداخل مدينة عدن وأجزاء أخرى من المحافظة لقمع التظاهرات الشعبية والسيطرة عليها؛ وفي الوقت نفسه، قامت مجموعة من المتظاهرين بقطع شوارع “الزعفران ومدرام وخليفة” في مناطق كريتر والمعلا والمنصورة. وردد المتظاهرون خلال المسيرات هتافات مختلفة ضد تحالف العدوان وخاصة للقادة الإماراتيين، وأعلنوا أنه في حال قطع رؤوسهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج وسيواصلون التظاهرات حتى يتم طرد عناصر البرلمان وقادة المجلس الانتقالي من محافظة عدن. وفي مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة ميليشيات حزب “الاصلاح” المدعوم من تحالف العدوان، انفجر السكان غضبا جراء الاوضاع المعيشية الصعبة متظاهرين في الشوارع بطريقة لم تشهدها المحافظة منذُ أعوام. طفح الكيل” هتف المتظاهرون بها علنا. وكتبوها على الجدران والشوارع والبيوت والمنشآت العامة وعلى حائط مبنى المحافظة، كما كتب المتظاهرون عبارات تطالب برحيل المحافظ وسلطته الفاسدة المحسوبة على حزب “الاصلاح” وتحالف العدوان السعودي الإماراتي.

وتُظهر الصور التي انتشرت في شوارع هذا المدينة مرارة الواقع المآساوي الذي وصلت اليه المحافظة بفعل سيطرة ميليشيات “الاصلاح” على المؤسسات الحكومية وكافة المنافذ الايرادية بالمحافظة، وهو ما أجبر المئات من ابناء تعز على الخروج صباح يوم الخميس الماضي في مظاهرات جابت الشوارع مطالبة ضبط الفاسدين ومحاسبتهم. وخلال 6 سنوات تحولت تعز الى مدينة اشباح بفعل انتشار عصابات الاجرام والسطو والقتل في مديريات المحافظة الواقعة في قبضة ميليشيات “الاصلاح” وتحالف العدوان السعودي الإماراتي، فلا يمر يوم دون جريمة ولا تمر ساعة دون معاناة. ناشطون يمنيون اعتبروا خروج ابناء تعز في مظاهرات ضد ميليشيات الاصلاح مطالبين برحيل سلطة المحافظة الفاسدة، خروج عن المآلوف في ظل تمكن ميليشيا الاصلاح من كبح المتظاهرين وتكميم افواه الناشطين وقمع كل من تسول له نفسة الخروج عن الجماعة وانتقادها خلال 6 سنوات من عمر الحرب على اليمن.


ورفع المتظاهرون من أبناء تعز، خلال تظاهرات الخميس، لافتات طالبوا فيها الحكومة بإقالة وتغيير جميع الفاسدين وإحالتهم للنيابة والقضاء لمحاسبتهم. ودعا المتظاهرون جميع أبناء المدينة إلى الخروج والمشاركة في المسيرات السلمية المقبلة، حتى يتم محاكمة الفاسدين، في ظل تردٍ في الخدمات العامة أبرزها انعدام الكهرباء وارتفاع الأسعار وانقطاع المرتبات وتردي الأوضاع المعيشية. كما طالبوا بالكشف عن مصير الأموال التي تم استقطاعها من مرتبات وقوت الموظفين المدنيين في تعز، ومحاسبة كل من تورط في نهبها إذا ثبت ذلك، بدلاً من توجيه طاقات مليشيات الإخوان لابتزاز المواطنين واستغلال المدنيين.

وحول هذا السياق، كان الإعلامي اليمني، “سالم المجيدي”، ممن حضر وشهد المسيرات والتظاهرات التي عاشتها تعز يوم الخميس الماضي. وقال “المجيدي”: إن “المواطنين خرجوا في مسيرات شارك فيها الحزبيون والمستقلون على حد سواء؛ للاحتجاج على تردي الأوضاع الخدمية؛ والمطالبة باجتثاث الفساد والفاسدين بتعز”. مؤكدًا أن هناك من يستغل ظروف الحرب في تعز، ويعتاش على الفساد والنهب، في الوقت الذي لا يبالون فيه بما يكابده المواطنون ويستغلون معاناتهم دون أدنى مبالاة. وأشار الصحفي اليمني “سالم المجيدي” إلى أن بعض الأحزاب السياسية انتهزت فرصة المظاهرات، ورأت فيها مناسبة جاءت على هواها، للانتقام والتخلص من خصومها الفاسدين. لافتًا إلى أن تلك الأحزاب غير مقتنعة باجتثاث الفساد كمنظومة، ولكنها سايرت الموجة للانتقام والتخلص من منافسيها وخصومها؛ ليضلوا متربعين هم على كراسيهم ومناصبهم.

ومن جانبه، يصف الصحفي اليمني “صالح عامر” الوضع في تعز بأنه “يسير من سيئ إلى أسوأ”، على كافة المستويات، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا. وأضاف أن كل طرف يرمي بمسؤوليته على الطرف الآخر، والضحية في النهاية هو المواطن التعزي تحديدًا، حيث لم تمر تعز بأسوأ بما مرّت به الآن منذ عقود خلت. وأشار “عامر” إلى أن التضييق بات يهدد حتى الشركات التجارية والاستثمارية الكبرى في تعز، والتي باتت مهددة بالإغلاق نتيجة ابتزازها من قبل قادة ومتنفذين، منتسبين لألوية عسكرية، في إشارة للنافذين من قادة الإخوان. وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي غير المواتي في جنوب اليمن وتزايد السخط (وقبول أهالي محافظة عدن وتعز والمحافظات الجنوبية بتقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” على جبهة مأرب)، من الممكن أن يضع المحتجون الكفاح المسلح على أجندة حكومة عدن. وبحسب عدد من التقارير الاخبارية، فإن خطر طرد عناصر تحالف العدوان السعودي الإماراتي من عدن يُعد خبر سيء للغاية بالنسبة للصهاينة الذين تربطهم علاقات وثيقة بالإماراتيين والسعوديين في جنوب اليمن، حيث ستفشل محاولاتهم التي بذلوها في السنوات السابقة للتسلل إلى هذه المناطق وستواجه السفن التجارية والعسكرية التابعة للكيان الصهيوني في خليج عدن مشاكل خطيرة في المستقبل.

وفي الختام تجدر الاشارة إلى أنه في المقابل، تتمتع مناطق الشمال اليمني بهامش لافت من الأمن الاجتماعي والاقتصادي فقد نتج عن السياسات المتبعة لحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء في تحقيق استقرار سعر صرف للعملة الوطنية اليمنية، ووضع حد للانهيار المتواصل، خاصة قرارها الذي يقضي بحظر التعامل بفئات العملة غير القانونية أو حتى حيازتها. وقد حافظ الريال اليمني على قيمته في صنعاء عند 598 ريال أمام الدولار للبيع، و596 للشراء. وهذا ينعكس إيجابًا على الأوضاع الخدماتية والاجتماعية في هذه المناطق، مع المحاولات الحثيثة والجهود العظيمة التي تبذل لأجل تسوية أوضاع المواطنين اليمنيين مع ضحالة الإمكانيات والفرص والحصار السعودي الاماراتي الخانق إلا ان حكومة صنعاء تحارب حتى الرمق الأخير، وتقدم نموذجًا وتجربة في إدارة الحكم والبلاد في أحلك الظروف التي تمر على اليمنيين. وأما في الجنوب، وعلى الرغم من سيطرة تحالف العدوان على المنشآت الحيوية، وإحكام السيطرة على منافذ الحدود وإدارة المؤسسات العامة، والدعم الغربي الكبير الذي استمر طيلة سنوات، لم تستطع السعودية والإمارات من تخفيف معاناة اليمنيين في المناطق التي تسيطران عليها، بل أمعنت في زيادة الأوبئة والفلتان الأمني، وارتفاع معدل الجريمة، وهذا ليس بالأمر المستغرب، فمن يلقي نظرة على الأهداف التي كانت يتطلع التحالف لتحقيقها، ويرى الفشل الذي مُني به بعد 6 سنوات، يعلم حجم التخبّط والاخفاق التي تعاني منها هذه الجماعات والميليشيات الموالية للتحالف وسوء إدارتها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق