التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

“الأبارتايد الإسرائيليّ” إلى الواجهة مجدداً.. ألم يحن موعد انتفاضة الأحرار في العالم 

من جديد، تعود قضيّة “الأبارتايد الإسرائيليّ” أو العنصريّة الصهيونيّة إلى الواجهة، حيثُ نشر موقع “ميديابارت” الاستقصائيّ الفرنسيّ، عريضة بعنوان: “رسالة ضد الأبارتايد: دعماً للنضال الفلسطينيّ من أجل إنهاء الاستعمار”، حثّ فيها عدداً كبيراً من الفنانين والكتاب والمبدعين الفلسطينيين وحلفائهم في عالم الثقافة، على ‘‘إظهار الشجاعة’’ ودعم النضال من أجل إنهاء الاحتلال الصهيونيّ، بالتزامن مع الاتهامات الدوليّة التي يتعرض لها العدو، حول انتهاجه سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، والتي ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة أكبر برهان على ذلك.

كيانٌ عنصريّ

بالتزامن مع تصاعد إجرام العدو الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع وأبشع الجنايات بحق الفلسطينيين، ذكرت العريضة أنّه “منذ بداية شهر مايو/ أيار المنصرم تعرض الفلسطينيون للاعتداء والقتل على أيدي جنود ومدنيين إسرائيليين مسلحين يجوبون شوارع القدس واللد وحيفا ويافا ومدن فلسطينيّة محتلة أخرى وهم يهتفون الموت للعرب، دون أيّ عقاب، وتعرض عدد من الفلسطينيين المستضعفين العُزل للإعدام دون محاكمة في الأسابيع الأخيرة، فيما أُجليت عائلات عن حي الشيخ جراح في القدس من منازلها وهُجّرت قسراً”، الشيء الذي يضع الكيان مجدداً في دائرة ممارسة الفصل العنصريّ والاضطهاد.

وأوضح التقرير أنّ أعمال العنف الإسرائيليّ من قتل وترهيب ونزع ملكية، تُرتكب تحت حماية، إن لم يكن بمباركة، من حكومة العدو وشرطتها، في شهادة دوليّة جديدة، تؤكّد على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، دون قيام المجتمع الدوليّ بتحمل مسؤولياته تجاه فلسطين وشعبها، في مساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ.

ولا بدّ أن يُذكِّر التقرير جميع الأطراف الدوليّة بمراجعة سياساتهم والتزاماتهم القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي، حيثُ أشار الموقع الاستقصائيّ إلى أنّ “حكومة العدو ارتكبت مجزرة في غزة، حيث قصفت الفلسطينيين بشكل عشوائي وبلا هوادة، منازلهم ومكاتبهم ومستشفياتهم وشوارعهم”، في “استراتيجية متعمدة ومتكررة، أُهلكت عائلات بأكملها ودمرت البنية التحتيّة المحليّة، ما أدى إلى تفاقم الظروف غير الصالحة للسكن بالفعل في واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض، على الرغم من وقف إطلاق النار”.

ومع غياب أيّ إجراءات عقابيّة واضحة وعمليّة من المجتمع الدوليّ بحق الكيان القاتل، رغم الدلائل الكثيرة والبراهين التي لا حصر لها، والتي توثق وتفضح الممارسات العدوانيّة للكيان، اعتبر الموقعون على العريضة، أنّه من الخطأ والتضليل عرض هذا الوضع على أنه “حرب بين طرفين متساويين”، مشدّدين على أن الكيان الباغي هو القوة المُحتلة، وفلسطين هي الخاضعة للاحتلال، وبالتالي، فإن ما يحصل هو “أبارتايد” أو نظام فصل عنصريّ.

وفي وقت سابق، أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان، في تقرير لها، إلى أنّ القيود الصهيونيّة على حركة الفلسطينيين والاستيلاء على أراض مملوكة لهم لإقامة مستوطنات يهوديّة في مناطق احتلتها في حرب عام 1967 باعتبارها أمثلة على سياسات وصفتها بأنها جرائم “تفرقة عنصريّة واضطهاد”، بسبب تمادي قوات المحتل الأرعن بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، إضافة إلى ارتفاع حدّة الاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن.

كذلك، جاء في التقرير الدوليّ أنّ “قوات العدو الصهيونيّ تريد الهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود”، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم المجرم وفق منهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.

سيطرة صهيونيّة

فضحت الحرب الصهيونيّة الأخيرة على الفلسطينيين الكيان المعتدي دوليّاً، لدرجة أنّ وسائل الإعلام التابعة له نشرت تلك المجازر، فيما كشفت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية (مركز إسرائيليّ غير حكوميّ مختص بحقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها العدو الصهيونيّ الغاصب)، أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنّهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها، ما أضاف تأكيداً جديداً من الإسرائيليين أنفسهم على منهجيّة الاحتلال العنصريّة ضد أصحاب الأرض والمقدسات.

ولم تخفِ المنظمة المناهضة للاحتلال الصهيونيّ في تقريرها أنّ إحدى النقاط الرئيسة في نتائجها هي أنّ هذه المنطقة الجيوسياسيّة الواحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه)، موضحة أنّ هذه ليست ديمقراطيّة بجانب احتلال، بل “أبرتهايد” بين النهر والبحر، ولهذا بيّن الموقعون على العريضة التي نشرها الموقع الاستقصائيّ الفرنسيّ، أنّ الفلسطينيين واجهوا الخطر القاتل في الأسابيع الأخيرة، في الداخل وحول العالم، حيث خرج المواطنون إلى الشوارع، ونظموا حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، ودافعوا عن منازلهم وعن بعضهم البعض، وهم يطالبون بوضع حد للتطهير العرقيّ، والفصل العنصريّ، والتمييز ونزع الملكية.

وفي ظل عدم وجود أيّ معيار يتساوى فيه الفلسطينيّ واليهوديّ في فلسطين المحتلة، ومع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة خاصة في السنوات الأخيرة، طالب الموقعون على العريضة، بوقف فوريّ وغير مشروط للعنف الصهيونيّ ضد الفلسطينيين، وإنهاء الدعم الذي تقدمه القوى العالميّة للعدو وجيشه، على وجه الخصوص من قبل الولايات المتحدة، التي تدعمه على مختلف المستويات وبالأخص العسكريّة، دون قيد أو شروط، كما دعوا الجميع إلى المساعدة قدر الإمكان في تفكيك نظام الفصل العنصريّ، مذكرين الحكومات التي تسمح بهذه الجريمة ضد الإنسانية بضرورة فرض عقوبات على تل أبيب وتعبئة هيئات المساءلة الدوليّة وإنهاء علاقاتها التجاريّة والاقتصاديّة معها، يأتي ذلك في الوقت الذي تبنّى فيه كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون لحكومتها اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد.

يشار إلى أنّ التصريحات الصهيونيّة العنصريّة تؤكّد بشكل مستمر، أنّه لا سبيل للعيش دون إزالة هذا العدو الباغي، ومؤخراً عكست التصريحات التي أدلى بها وزير الحرب الصهيونيّ، خلال مقابلة أجرتها معه قناة “كان” الرسميّة، مدى عنصريّة الكيان الذي قتل في عدة أيام فقط، المئات من الفلسطينيين بدم بارد، بغض النظر عن الضحايا والدمار الهائل، حيث ربط مسألة إعمار غزة بملف الجنود الأربعة الموجودين في قطاع غزة، في الوقت الذي تعتقل فيه قواته نحو 5000 فلسطينيّ في سجونها، بينهم مئات المرضى وعشرات النساء.

علاوة على ذلك، اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قبل مدة، أنّ الصهيونية لا تفضي إلى سلام عادل، وأن الضغط الخارجيّ وحده القادر على إنهاء “الفصل العنصريّ” للعدو الغاصب، وفي مقال للكاتب “رفائيل ميمون”، الذي نشأ في منزل صهيونيّ، وقضى 12 عاماً في حركة شبابية صهيونيّة، وعاش 4 سنوات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ولديه أصدقاء وأفراد من عائلته خدموا في جيش العدو، أكّد أنّ الأشخاص الذين يعيشون في هذا المحيط من الصعب أن يروا الفصل العنصريّ الذي يحدث أمامهم، واصفاً احتلال الضفة الغربيّة بأنه نظام فصل عنصريّ، بمعنى تطبيق نظامين قانونيين لجماعتين عرقيتين، فلو ارتكب يهوديّ وعربي الجريمة نفسها بالضفة الغربية، فسيواجه الأول محكمة مدنية، أما الثاني فسيقف أمام محكمة عسكريّة.

خلاصة القول، يجب على كل المقاومين والمناضلين والأحرار في العالم، السعي بكل ما أوتوا من قوة لعزل الكيان الصهيونيّ من جميع النواحي، ومن الضروري أن يتحركوا في شتى الميادين للوقوف مع فلسطين، والانضمام إلى حملات مقاطعة الكيان القاتل وكل المؤسسات المتواطئة أو التابعة له، والوقوف بحزم في دعم الفلسطينيين وحقهم المقدس في السيادة والحرية والانعتاق من الاحتلال.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق