قمع حرية الرأي والتعبير في السعودية.. معرض حقوقي عالمي يستعرض جرائم نظام “آل سعود”
سجلت السعودية تدنيّاً واضحاً في عدة مقاييس من أهمها العلامة صفر في مقياس التنظيمات السياسية، ودرجات شديدة الانخفاض في مقاييس الحياة الدستورية، والانتخابات العامة، والشفافية، وحرية الرأي والتعبير، إضافة إلى إشكاليات بالغة التعقيد في مختلف هذه المقاييس وخاصة فيما يتعلق بالحريات العامة، واللافت في الأمر أن “بايدن” وفور دخوله البيت الابيض انقلب وبشكل دراماتيكي على كل وعوده الانتخابية، بغض النظر عن بعض الاجراءات الفاشلة التي لم تردع الرياض ولم تمنعها من مواصلة ذات السياسة القمعية. ومع غياب أي قانون يحمي السعوديين من المعاقبة بهذا الأسلوب السادي، لا تنفك أجهزة النظام السعودي عن إصدار الأحكام المُجحفة بحق شعبها، وإن أكثر ما يجعل الرياض غير آبهة بالأنظمة والقوانين، عدم تضحية واشنطن بمصالحها مع السعودية من أجل أي شيء ولو أن ذلك على حساب أرواح الأبرياء، فأمريكا تجد نفسها مضطرة للتعامل مع ولي العهد محمد بن سلمان على أنه ملك السعودية القادم، ما يعني ضوءاً أخضر منها لمواصلة نهجه الإجرامي. ولم تهتم مملكة آل سعود للانتقادات المتكررة من قبل المنظمات الحقوقية المعروفة كـ “هيومن رايتس ووتش”، ولا حتى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، ولم يصغ المجتمع الدولي لدعوات لجنة “الدفاع عن حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية”، التي تطالب بإيقاف الدعم السياسي عن نظام آل سعود، ما يطرح تساؤلات عديدة حول آلية التعامل الدولية مع الرياض وغياب محاسبة قياداتها، ويعتقد البعض أن المجتمع الدولي إما منخرط مع السعودية مع إجرامها الداخلي والخارجي، أو أنه يقبض ثمن صمته كما كان يفعل الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”.
ولكشف جميع الجرائم والانتهاكات التي قام بها النظام السعودي في حق أبناء الشعب السعودي، قامت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) بإقامة معرضا إلكترونيا تحت عنوان “معرض الجناة”، تستعرض خلاله جرائم رموز الحكام الطغاة في الشرق الأوسط. وتحاول (DAWN) الكشف عن أسماء وأدوار رموز النظام السعودي المتورطين في الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإخفاء القسري. وكذلك الانتهاكات والإجراءات القانونية المرتكبة بحق نشطاء حقوقيين وسياسيين وصحفيين وباحثين سلميين. وتقول منظمة (DAWN) إنها ستعمل على تحديث “معرض الجناة” على الموقع الإلكتروني بانتظام واستخدام المعلومات لكشف المسؤولين المسيئين ودعوة الحكومات إلى فرض عقوبات فردية عليهم. وقالت “سارة لي ويتسن” المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN) :”لا يمكن لأي طاغية أن يفرض طغيانه على بلدٍ كاملٍ بمفرده”.
وأضافت: “لقد حان الوقت لأن يدفع هؤلاء الداعمون في الحكومتين المصرية والسعودية المستبدتين ثمنًا من سمعتهم بسبب إساءة معاملة الأشخاص الذين يفترض أنهم في خدمتهم”. ويرتكب الآلاف من كبار المسؤولين الحكوميين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جرائم بشعة بصفتهم الرسمية، لكنهم ينجحون في التهرب من عواقب أفعالهم. بحسب ويتسن. وأشارت إلى أن بعض هؤلاء المسؤولين الحكوميين يحاولون الحفاظ على سرية وظائفهم، وفي بعض الأحيان يبذلون جهودًا كبيرة لإخفاء هوياتهم. وقالت: “حتى أنهم يتخذون أسماء وهمية في أماكن العمل. ويحاول آخرون الاختباء أمام مرأى من الجميع، لكنهم يتركون أدلة ورقية تُفصّل انتهاكاتهم لحقوق الإنسان”.
وكشفت منظمة (DAWN) عن إخفاق العضوة السابقة في هيئة حقوق الإنسان السعودية وسفيرة المملكة الحالية لدى النرويج “آمال المعلمي” في أداء واجبها. وقالت إن “المعلمي فشلت في التحقيق في مزاعم ذات مصداقية بالتعذيب ذكرتها المدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول، التي أخفاها المسؤولون السعوديون قسرًا وعذبوها واعتدوا عليها جنسيًا”. و”المعلمي” هي الآن سفيرة السعودية لدى النرويج، وفي يوم المرأة العالمي، في مارس/آذار 2021، أرسلت شوكولاتة إلى البرلمانيات النرويجيات، مشيدة بإجراءات الحكومة السعودية في تعزيز حقوق المرأة. وتطلب منظمة (DAWN) من الحكومات فرض عقوبات على هؤلاء المسؤولين، وامتناع المؤسسات عن إشراكهم في الزيارات والفعاليات، ما لم تتناول الفعاليات سجلهم الحقوقي. وحثت مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التحدث علانية عن الانتهاكات التي يرتكبها هؤلاء المسؤولون. وقالت سارة لي ويتسن: “على الولايات المتحدة والحكومات الأخرى تجميد أصول هؤلاء الجناة ومنعهم من الحصول على التأشيرات، عند الحاجة”. ورأت أن ذلك أقل ما يمكن القيام به نيابة عن الأشخاص الذين تم انتهاك حقوقهم.
وعلى صعيد متصل، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق، أن انتهاكات المملكة العربية السعودية لحقوق الإنسان واستهداف المعارضين وضعها في قمة الحضيض، وسلط تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 2021 على الوضع الحقوقي في المملكة. وأكدت أن السعودية ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان كالقتل غير المشروع والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي. وقال التقرير إن “الرياض استخدمت حملات مكافحة الفساد ذريعة لاستهداف المعارضين السياسيين”. وكشف تقرير دولي عن محاولات كبيرة لولي عهد السعودية الأمير “محمد بن سلمان” لحرف أنظار العالم عن انتهاكات حقوقية بالغة. وقالت صحيفة “News Week” البارزة في تقرير إن الأمير المتهور يقوم بين الحين والآخر بمحاولات لتصحيح أخطاء في المملكة. وأشارت إلى أن ولي عهد السعودية بدا يشعر أنه ما كان عليه أن يرتكبها المقام الأول، وأكد التقرير أن تلك المحاولات من أجل أن يصرف أنظار العالم عن أخطائه وسلبياته.
ويتزامن ذلك مع وصف صحيفة أمريكية شهيرة لـ”محمد بن سلمان” بأنه القائد الفعلي لأحد أكثر الأنظمة قمعاً بالعالم. وقالت صحيفة “ذا هيل” إن “الرئيس الأمريكي جو بايدن سيوقف انتهاكات النظام السعودي”، وأكدت أن جريمة القتل الوحشي بأكتوبر 2018 للصحفي السعودي “جمال خاشقجي” كشف عن الافتراس من ولي العهد الشاب، ووجهت اتهامات في حينه إلى أن الجريمة نفذت بتعليمات عليا من “بن سلمان”. ورغم كل ما حدث من جريمة وتوتر مع تركيا إلا أن إدارة ترمب أبقت دعم المملكة السعودية ثابتاً، وقالت الصحيفة: “في نهاية المطاف سيكون الأمر متروكًا لإدارة بايدن لعكس مبيعات الأسلحة إلى السعودية باللحظة الأخيرة”. وذكرت أنها خطوة قد يميل “بايدن” لتحقيقها نظرًا لتصريحه بأن إدارته لن “تحقق من قيمها على الأبواب فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة”. وختمت الصحيفة: “الولايات المتحدة لن تنظر بعد الآن بالاتجاه الآخر، إذ تستخدم أسلحتها لتمكين الحكام المستبدين أو قتل المدنيين”.
وفي السياق نفسه، قالت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية إن “النظام السعودي يسعى للسيطرة على السلطة وكتم حرية التعبير والتحكم فيما يُكتب عنهم بأي ثمن”، مؤكدة أن السلطات السعودية تولي اهتماما كبيرا لهذا الملف خوفًا من انتفاضات مدنية على غرار ثورات “الربيع العربي”. وبينت المجلة الأمريكية في تقريرها الذي كتبه “الكساندر هول” وترجمه “الواقع السعودي” أن وسائل التواصل تساعد على إخفاء هوية الصحفيين والناشطين أثناء كشفهم فضائح قضايا حقوق الإنسان من النظام السعودي وهذا أكثر أماناً لهم، إلا أنه وعلى الرغم من أن هذه المنصات تتيح حرية التعبير، لكنها أيضاً تتيح للحكومة التتبع المستمر لهؤلاء النشطاء وابتزازهم. وتشير نتائج الاستخبارات، التي صدرت في فبراير 2021، إلى أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” وافق على العملية التي استهدفت “خاشقجي”. إن إصدار هذا التقرير دون أي خطة عمل “يبعث برسالة، للأسف الشديد، مفادها بأنه سيتم التسامح مع هذه الأنواع من الأعمال التي يقوم بها القادة الاستبداديون، الذين لديهم المال الكافي والدعم المالي والقدرة على تنفيذ جرائم مثل هذه”. . ويرتبط هذا بجرائم مماثلة يرتكبها زعماء سلطويون آخرون.
وفي وقت سابق، كشفت نتائج انتخابات مجلس حقوق الإنسان، بعد فرز الأصوات النهائية لمقاعد آسيا والمحيط الهادئ، عن فوز باكستان وأزباكستان ونبال والصين، بالمقاعد الأربعة المتنافس عليها في المجلس، فيما خسرت السعودية بعد حصولها على المرتبة الأخيرة، وفق مدير الإعلام والمتحدث باسم الجمعية العامة للأمّم المتحدة، “برندان فارما”، وبشكل مباشر رحبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بتلك النتيجة، معتبرة أن مجلس حقوق الإنسان وجّه توبيخاً شديد اللهجة إلى السعودية في ظل قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، الدولة الوحيدة غير المنتخبة، والمنبوذة من قبل أغلبية الأمم المتحدة. وبناء على ذلك، نالت السعودية وفق المنظمة ما تستحقه وإن إخفاقها بالفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان، جاء لانتهاكاتها الخطيرة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب في الخارج، وتذكير مُرحب به بالحاجة إلى مزيد من المنافسة في انتخابات الأمم المتحدة، عقب تقارير فضحت محاولات السعوديّة الحكومية لاستغلال الفعاليات الدولية المهمة لحرف الأنظار عن جرائمهم الوحشية والحد من الانتقادات الدولية لانتهاكهم الخطيرة، وتقويض الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين السعوديين عن كل الجرائم التي ارتكبوها.
المصدر/ الوقت