الصافي: فتوى الجهاد الكفائي ظاهرة يجب أن تدرس
سياسة ـ الرأي ـ
تحدث ممثل المرجعية الدينية العليا، السيد أحمد الصافي، الخميس، عن فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقها المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، فيما أكدت أن الفتوى أعادت للعراق هيبته وأبعدت الخطر عنه.
وقال السيد الصافي، في مؤتمر فتوى الجهاد الكفائي: ”نستحضر هذه الأيّام تلك الفتوى العظيمة التي أعادتْ للعراق هيبته، وأبعدت ذلك الخطر والخوف الذي كان يخيّم على البلاد ودفعته إلى غير رجعة، وبهذه المناسبة أيضاً نبتهل إلى الله تعالى أن يمنّ علينا برفع هذا الوباء الذي عصف بالعالم، سائليه أن تعود الحياة على ما كانت عليه، بعد أن التفتت البشريّة إلى هذا الدرس الذي ضرَبَه الله تبارك وتعالى بمخلوقٍ لا يُرى بالعين المجرّدة، وشلّ الكرة الأرضيّة التي تربو على سبعة مليارات نسمة، فتبيّنتْ قدرة الباري سبحانه وتعالى أنّه إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه”.
وأضاف: “نحن كمؤمنين نرى أنّ الابتلاءات تتعدّد، وأسبابها وغاياتها مرهونة بتلك الإرادة الإلهيّة، ولعلّ هذا الابتلاء بهذا الداء بلاء ولله سبحانه وتعالى في خلقه شؤون، فعلينا أن نزداد بصيرةً وإيماناً بقدرة الباري سبحانه وتعالى، كما أنشأه هو يبعده”.
وأردف بالقول: “سأتحدّث بمنتهى الصراحة في بعض المفاصل المهمّة، وسأبدأ بالسؤال الآتي وهو: لو لم تكن الفتوى موجودة ماذا سيحصل؟ أو بمعنى آخر لو لم تكن الفتوى حاضرةً وموجودةً ما الذي كان يُمكن أن يحصل؟!!”.
وأكمل: “القراءةُ للأحداث هي مهمّةُ العقلاء والمفكّرين وأهل الرأي والقرار، وقد يقول القائل: لا داعي لهذا السؤال باعتبار أنّ الأمر مرّ وانتهى، والفتوى حضرتْ وأسّستْ وغيّرتْ، فلماذا نسأل هذا السؤال؟! بل سيكون هذا السؤال من فرض المحال باعتبار أنّه زمن مضى ولا يُمكن العودة به، هذا صحيح لكن جاء السؤال من باب التحليل والتفتيش عن مجريات الأمور في وقتها، والتداعيات التي كان يُمكن أن تحصل، لأنّنا عندما نتحدّث عن مسألةٍ لابُدّ أن نفهم عظمها وأهمّيتها، حتّى تكون ردود الفعل بمقدار هذا الفعل”.
واستطرد قائلاً: “الفتوى فعلٌ عظيم وكبير، فلابُدّ أن تكون ردود الفعل متناسبةً مع هذه العظمة، وهذا السؤال لعلّ الوقت ليس وقت مناقشتِهِ على هذه المنصّة، لكن من باب الإثارة لكي نفهم الأمور وكيف نقرأ التاريخ، وسنتحدّث بثلاث نقاط:
الأولى: أنّ هذه الفتوى المباركة هي ظاهرةٌ مهمّة ولابُدّ أن تُدرس، ونحن في العتبة العبّاسية المقدّسة بعد أن اتّفقت الإدارة على أنّ هناك مشكلة في توثيق منجزاتنا، لا أتحدّث الآن إنّما كعراقيّين عندنا هذه المشكلة، منجزاتنا لا نؤرّخها أو نوثّقها بل كثير من الأمور تمرّ مرور الكرام، وإذا أردنا أن نستذكر فإنّ الذاكرة ستخوننا في كثيرٍ من الجزئيّات أو سنقرأُها في كتبِ مَنْ لم يصنع الحدث، وبالنتيجة سيضع مبتنياته على ما يسطّر، فإذا كان الجيلُ شاهداً على خلاف ما يسطّر فالجيل الآتي ستنطلي عليه هذه الشبهات، ويتعامل مع الواقع مثل ما كُتِب، لذلك حرصنا أن يكون هذا التوثيق بيد أبنائِهِ، وطلبنا من الإخوة أن يكتبوا كلّ ما كان له دورٌ في المعركة أن وثّقوه واكتبوه، وهناك لجانٌ متعدّدة ستتبنّى الحفاظ على الفكرة، وإعادة الصياغة وفق ما تتطلّبه طريقة الموسوعات”.
وختم بالقول: “البعض استجاب والآخر بين بين والبعض تكاسل، وما زال الباب مفتوحاً لكلّ من عنده شيء قد فات أن يذكره أو يكتبه أو لم يكتبه أصلاً، فما زال الباب مفتوحاً وعلى الإخوة الأعزّاء أن يكتبوا كلّ ما كان في هذه الفترة من نشاطٍ أو انتصار أو معاناة، وسنعمل على تضمينه في القادم من هذه الموسوعة التي تتألّف من (62) جزءاً، فإنّنا نأمل أن تُضاف إليها عشرات الأجزاء، وقد بدأ الإخوة بجمع ما ستتمّ إضافته من توثيقات، وبعض الأمور التي لم تكن حاضرة، فلا بُدّ أن نكيّف أمورنا وفق رؤيةٍ مقبولةٍ، وهذه الموسوعة وغيرها ستكون تحت نظر أهل القرار مادّةً علميّة لكلّ مَنْ يريد أن يحلّل أو يفتّش، أو من يريد أن يقرأ هذا التاريخ في هذه الحقبة، طبعاً لا ندّعي التكامل في ذلك لكن هذا ما وصلت إليه أيدينا، فالنقطة الأولى لابُدّ أن تُدرس هذه الظاهرة وهي ظاهرة الفتوى، وتُستَذكر في كلّ وقتٍ لأنّها فعلاً أحدثتْ ما أحدثَتْ”.انتهى