التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

السعودية عثرة في طريق تشكيل الحكومة اللبنانيّة.. إلى أين يتجه المشهد 

بعد أشهر على تکليف رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، بتشکيل حکومة جديدة في لبنان، وعدم نجاح تلك المهمة التي أدت تفاقم الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، ركزت الصحف اللبنانية مؤخراً على عودة التهدئة إلى خط الرئاستين الأولى والثانية، فيما استبعدت تشكيل الحكومة في الوقت الحالي، فيما حث الاتحاد الأوروبيّ على ضرورة تشكيل الحكومة لاحتواء الازمة الاقتصاديّة، في ظل الخلاف السياسيّ الكبير الذي يعيشه لبنان منذ عودة الحريري من الاختطاف في السعودية حيث فشلت الأطراف السياسيّة في انجاز أيّ ملف من ذلك الحين.

وفي هذا الخصوص، أشارت صحيفة “البناء” اللبنانيّة نقلاً عن مصادر تواكب المسار الحكومي والعلاقات السياسيّة على مثلث (بعبدا – بيت الوسط – عين التينة)، إلى أنّ “المساعي التي قادها حزب الله اللبنانيّ نجحت بالتفاهم على عزل الشارع عن التجاذبات عشية يوم الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العماليّ العام وأيدته الأطراف الثلاثة (تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحركة أمل)، وأنّ الدعوات للتهدئة بدأت تظهر في تراجع الخطاب التصعيديّ الذي بلغ أعلى درجاته في الفترة الأخيرة، ولا يبدو أن هناك جديداً على المسار السياسيّ حتى لو عادت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى التداول.

وتتحدث المعلومات أنّ الانفجار السياسيّ الذي شهده لبنان كان نتيجة قناعة رئيس الجمهورية، ميشال عون، وفريقه أن فرصة اعتذار الحريري عن مهمته كانت قد لاحت، بعد تأكّد تلقيه نصيحة من ولي العهد الإماراتيّ، محمد بن زايد، بعدم التورّط بتشكيل حكومة من دون الرضى الكامل لولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، وأن لا مصلحة بالدخول في رهانات تغيير موقف ابن سلمان بفرض أمر واقع قد يتسبب بإغضابه أكثر، في الوقت الذي كان يحظى فيه الحريري بغطاء السعودية ماليّاً ومعنويّاً لإدارة تياره السياسيّ، لكن منذ حادث خطفه بات يشعر بأن السعودية تخلت عنه بشكل واضح.

كذلك، فإنّ الحريري كان على عتبة الإعلان عن الاعتذار قبل أن يتدخّل رئيس مجلس النواب ويحمّله مسؤولية ما سيحدث بعد ذلك، لأن الاعتذار سيفتح باب الاستشارات وتسمية بديل لرئاسة الحكومة، ولن يكون مقبولاً من الحريري اعتبار الشراكة في ذلك استهدافاً له فتراجع عن الاعتذار، وكان وقع الأمر صادماً في الرئاسة التي شعرت أن «اللقمة وصلت الى الفم وضاعت»، لكن المصادر تقول إنّ الأمر انتهى الآن والحريري صرف النظر عن الاعتذار على الأقل مرحلياً، وتوقعت أن يعود رئيس التيار الوطني الحر للإعلان عن دعوة بري لاستئناف مبادرته، لتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري.

ويلعب حزب الله دوراً مهماً في خفض منسوب التوتر السياسيّ والإعلاميّ بين كل الأطراف المتنازعة والحؤول دون انتقاله إلى الشارع اللبنانيّ، ودعا الحزب كافة الأفرقاء إلى إبقاء الخلاف تحت الإطار السياسيّ المضبوط وتجنب الشوارع في حال كان الاتفاق على تأليف الحكومة متعذراً، وذلك للحفاظ على الحد الأدنى من الخطاب السياسيّ الهادئ والاستقرار الأمنيّ في ظل الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتفجرة في هذا البلد.

وإنّ الأولويّة بالنسبة للحريري هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً، وليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطنيّ، إذا كان يسهّل عمليّة تأليف حكومة جديدة، يُمكن أن تساهم في إنقاذ البلد، بحسب تغريدة له على تويتر، فيما أوضح رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، أنّه لا يمكن الاستمرار في ما أسماها “الحالة الانتظاريّة” من قبل بعض المسؤولين خاصة أنّ البلاد تتراجع يوماً بعد آخر في غياب الحكومة، مؤكّداً أنّ الأوان قد حان لجعل التسوية فوق كل اعتبار بعيداً عن الحسابات الشخصية الضيقة.

وفي هذا الشأن، بيّنت صحيفة البناء أن كافة الأطراف سلّمت بصعوبة تأليف الحكومة اللبنانيّة في المدى المنظور، بسبب فشل القوى السياسيّة الداخلية في التوصل إلى تسوية سياسيّة بعدما كان الخارج يتدخل بشكل دائم لفرضها، وهذا ما حصل في الطائف والدوحة وتسوية الـ2016، لذلك ينتظر الأفرقاء اللبنانيون تدخل القوى الخارجيّة بعد إنجاز الاتفاقات في الملفات الكبرى كالاتفاق النووي الإيرانيّ والحل السياسيّ للحرب في اليمن وتأليف حكومة جديدة في سورية إضافة إلى ظهور نتائج الحوار السعودي الإيرانيّ – السوريّ، وبالتالي انعكاس المشهد الإقليميّ الجديد على لبنان.

في النهايّة، عادت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانيّة ومعها ملف الأزمات المتفاقمة في البلاد إلى المربع الأول، ما يعني مزيداً من التداعيات البالغة السلبيّة على مختلف المستويات وبالأخص الاقتصاديّة والاجتماعيّة كما تقول الوقائع، وسط تنبؤات تشاؤميّة وشكوك متعاظمة حيال أيّ احتمالات إيجابيّة من شأنها إعادة إحياء الآمل في قضيّة تشكيل الحكومة اللبنانيّة الجديدة، رغم الهدنة غير المعلنة التي تحدثت عنها وسائل إعلام لبنانيّة بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب بعد حرب السجالات العنيفة التي انفجرت بينهما مؤخراً، بالتزامن مع الرفض السعوديّ الواضح لتشكيل أيّ حكومة برئاسة الحريري.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق