حجب مواقع المقاومة.. عدوان أمريكيّ غاشم على “حرية التعبير”
من المعروف للقاصي والداني أنّ سياسة واستراتيجيّة الإدارة الأمريكية تجاه دول محور المقاومة هي الأكثر عدوانيّة وعداء، لما تحققه من فوائد لواشنطن وكيانها الصهيونيّ الغاصب، ومؤخراً واستكمالاً لذلك الدور شنّت أمريكا حرباً شعواء ضد وسائل الإعلام التابعة لمحور المقاومة في المنطقة، بناء على مفهوم “أنت حر لكن أصمت” من أجل تغليف وتبرير سياستها الدمويّة تجاه دول المقاومة، والتغطيّة على جرائمها المنظمة، فيما أصدرت وزارة العدل الأمريكية، بيانًا لتبرير انتهاكها الفاضح لحرية التعبير عقب حجب 33 موقعاً إلكترونيّاً يستخدمها اتحاد الإذاعات الإسلاميّة، و 3 مواقع تابعة لكتائب حزب الله في العراق، زاعمة أنّ “الإجراء الأمريكي اتخذ لحجب مواقع مختلفة وفق القانون ولانتهاك العقوبات الأمريكية”.
ومن ضمن المواقع الالكترونية المحجوبة من قبل الأمريكيين مواقع قنوات «العالم»، و «المسیرة»، و «النبأ»، و «الفرات»، و «کربلاء»، و «اللؤلؤ»، و «الکوثر»، و «النعیم»، و «فلسطین الیوم»، و «آفاق»، و «الاشراق»، و «المعلومة» و «المسار الأولی»، حيث أثارت خطوة وزارة العدل الأمريكيّة ردود فعل إقليميّة بشأن هذه الخطوة، وقد اعتبرت قناة المسيرة في بيان، أنّ الإجراء الأخير الذي اتخذته الحكومة الأمريكية في حجب موقعها الإلكترونيّ لا مبرر له، معتبرة التحرك الأمريكيّ لمنع شبكة المسيرة وعدد من المواقع الأخرى التابعة لمحور المقاومة من قول كلمتها، مثالاً واضحاً على “القرصنة الأمريكية”.
“الإجراء الأمريكيّ لن يضعف إرادة مواقع المقاومة”، رسالة واضحة وصريحة للولايات المتحدة والكيان الصهيونيّ المجرم، وتؤكّد “المسيرة” كما بقية مواقع المحور على استمرارها في أنشطتها ورسالتها السابقة، لمنع قطع الطريق من قبل الولايات المتحدة وتل أبيب أمام محور المقاومة والأمة الإسلاميّة، ففي الوقت الذي تقوم فيه أمريكا بترويج مفاهيم “الحرية” و”العدالة” و”محاربة الإرهاب”، تمارس أقذر السياسات وأكثرها استبداداً ودمويّة تجاه شعوب ودول العالم وبالأخص محور المقاومة.
وبما أنّ الشعارات الأمريكيّة أصبحت “مجرد هراء” بالنسبة لدول محور المقاومة التي اعتادت على مبررات واشنطن المتكررة، تعلم مواقع محور المقاومة أنّ الحرب الإعلاميّة الأخيرة عليها تأتي ضمن الاستهداف الأمريكيّ للرأي المخالف لأنّه يقف في وجه مشاريعها التوسعيّة والاحتلاليّة والتدميريّة، ويثبت مرة أخرى للجميع أن شعارات واشنطن الخاصة بحرية التعبير “كاذبة ومضللة”.
وفي هذا الشأن، رد محللون عراقيون على التحرك الأمريكيّ لحجب المواقع التابعة للمقاومة وخاصة في العراق، مستغربين من أن بعض المواقع التي حجبتها وزارة العدل الأمريكيّة هي “مواقع دينيّة وغير سياسيّة”، مثل مواقع كربلاء، والنعيم، والكوثر، مؤكدين أنّ هذا العمل يُظهر أن هدف واشنطن هو “ضرب الإسلام الحقيقيّ”، في الوقت الذي توهم فيه أمريكا شعبها بأنّ العالم كله يهدد أمنها رغم أنّ العالم هو من يعيش الويلات بسبب سياسة الإدارة الأمريكيّة الإجراميّة.
وتحاول الولايات المتحدة بكل ما أوتيت من قوة استهداف كل من يقاوم كذبها ونفاقها وتدخلاتها السافرة بالشؤون الداخليّة للدول أو احتلالها ووجودها غير الشرعيّ في دول أخرى، وإنّ حجب عشرات المواقع لمحور المقاومة، وخاصة في إيران وفلسطين العراق واليمن، أظهرت مرة أخرى المعايير المزدوجة للولايات المتحدة في التمسك بـ “حرية التعبير”، حيث حظر الأمريكيون عشرات المواقع السياسيّة والدينيّة في المنطقة، على الرغم من الشعارات التي تتوقف عن دعم حرية التعبير “ظاهريّاً”.
ولم يكن هذا الأمر مستغرباً من الولايات المتحدة التي بني نظامها السياسيّ على المعايير المزدوجة مثل “الحرب والسلام” و”الحرية وكم الأفواه”، وإنّ تبني واشنطن معياراً مزدوجاً في مسألة “حرية التعبير” أمر طبيعيّ للغاية في هذا النظام الرأسماليّ الذي لا يقيم وزناً للحرية ولا العدالة ولا الديمقراطيّة، إلا عندما تلتقي مع مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة.
كذلك، فإنّ “الحرب الإلكترونيّة” الأخيرة تأتي في سياق الشعو الأمريكيّ بأنّ صوت المقاومة يردع هيمنتهم على بعض الدول ويشف تآمرهم بعد أن فشلت كل محاولاتهم السابقة في كم الأفواه وتشويه الصورة الحقيقيّة، كما أنّ قرار وزارة “العدل” الأمريكية في حجب الشبكات الدينيّة وغير السياسيّة إلى جانب الشبكات التابعة لمحور المقاومة، يدل على أن الأمريكيين عازمون على محاولة توجيه معتقدات شباب العالم العربيّ في الاتجاه الذي يحلو لهم، نتيجة التأثير الكبير والدور الفعال لوسائل إعلام المقاومة على المستويين الإقليميّ والدوليّ وخاصة في السنوات الأخيرة، في تغطية الأحداث في المنطقة، وفضح العديد من المؤامرات والمخططات العدائية لواشنطن وتل أبيب وحلفائهما للجمهور.
في النهاية، تدرك الولايات المتحدة جيداً حجم توجه الرأي العام في المنطقة والعالم نحو الإعلام المؤيد للمقاومة، لذلك وسعت نطاق حربها المفتوحة ضد هذه الوسائل، إيماناً بأنّ الرأي العام مقتنع بحقيقة النظام الأمريكيّ الذي يقلب الحقائق رأساً على عقب عبر وسائل إعلامه، وقد كانت الشعبية المتزايدة لوسائل الإعلام المؤيدة للمقاومة من أهم العوامل في إجبار واشنطن على اتخاذ قرارات عدائيّة ضدها، كي يتسنى لواشنطن وكيانها استباحة دول المنطقة ونشر السرطان الأمريكيّ، وإفراغ الساحة لوسائل الإعلام التابعة لها وإنّ افتتاح القنوات الصهيونيّة في الإمارات خيرُ دليل على ذلك.
المصدر/ الوقت