التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

كيف أجبرت مقاومة السبع سنوات لـ”أنصار الله” وقوتها الصاروخية الولايات المتحدة على تغيير موقفها 

لطالما لعبت الولايات المتحدة، بصفتها الطرف الرئيس في الحرب ضد اليمن التي تقودها السعودية والتي استمرت طوال السنوات السبع الماضية، دورًا نشطًا في هذه الحرب المدمرة، عسكريًا ولوجستياً، وكذلك على مستوى الساحة السياسية.

عداء أمريكا القديم لـ”أنصار الله”

في المقام الأول يتضح أن جماعة “أنصار الله” اليمنية كعضو في محور المقاومة الإقليمي، مثلها مثل حركات أخرى مثل “حزب الله” اللبناني، هي أحد الأعداء الرئيسيين للولايات المتحدة ومشاريعها في الشرق الأوسط. ويخضع اليمن لحصار تحالف العدوان السعودي الذي تساعده الولايات المتحدة منذ ست سنوات ونصف، حيث وضعت وزارة الخزانة الأمريكية “عبد الحكيم الخيواني” رئيس جهاز الأمن القومي التابع لحكومة الإنقاذ الوطنية، و”مطلق عامر المراني” نائب جهاز الأمن القومي في حكومة الإنقاذ الوطنية، و”عبد القادر الشامي” أحد أعضاء حركة “أنصار الله” اليمنية في قائمة العقوبات الأمريكية.

ولقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، في الأيام الأخيرة من حياته في البيت الأبيض، أنها وضعت حركة “أنصار الله” على قائمة المنظمات الإرهابية. وبالطبع، في الأيام الأولى من ولايته في البيت الأبيض، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن”، خلال المناورات الإعلامية التي بدأها بالمطالبات الإنسانية وجهود إنهاء الحرب اليمنية، أنها رفع اسم حركة “أنصار الله” من قائمة الجماعات الإرهابية. ومع ذلك، فإن دعم واشنطن للرياض وجهودها لإضعاف جماعة “أنصار الله” والقضاء عليها، وتحويل جميع مناطق اليمن إلى بؤرة ساخنة للقوات الأمريكية، تظل في مقدمة الأهداف الأمريكية في اليمن. ومؤخرا أعلنت الأمم المتحدة الخاضعة للإشراف المباشر للولايات المتحدة، بناء على أوامر من أمينها العام “أنطونيو غوتيريش”، أنها تعتزم وضع حركة “أنصار الله” على قائمة “منتهكي حقوق الطفل”! وهذا في الوقت الذي نرى فيه أن أسماء السعودية والكيان الصهيوني غير مدرجة في هذه القائمة كنظامين لقتل الأطفال!.


عندما تضطر الولايات المتحدة إلى الاعتراف بـ”أنصار الله”

لكن وسط كل العداء الأمريكي لـ”أنصار اللة”، وبينما كانت واشنطن تعتقد أن الحكومة اليمنية المستقيلة بقيادة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” تتمتع بالشرعية الدولية وأن الأزمة اليمنية لا يمكن التفاوض عليها، إلا أن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن “تيموثي لاندر كينغ” اعترف رسمياً يوم الأربعاء الماضي بحركة “أنصار الله” اليمنية كطرف اساسي في اليمن في ندوة عبر الإنترنت بين المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية – العربية ولم يحملها المسؤولية الكاملة عن أعمال العنف في اليمن.

وقال المسؤول الأمريكي في جزء من كلامه، “إن الولايات المتحدة تعترف بجماعة أنصار الله كطرف شرعي، وهي جماعة حققت الكثير من الانتصارات في اليمن وهذه الجماعة وحدها ليست المسؤولة عن العنف وذلك لأن تحالف العدوان السعودي الإماراتي ارتكب الكثير من اعمال العنف في العديد من المحافظات اليمنية”. ويتضح مما قيل أن تحرك الولايات المتحدة في الاعتراف بجماعة “أنصار الله” كعنصر فاعل في الساحة السياسية اليمنية لا يرجع إلى حسن نية واشنطن تجاه اليمنيين أو محاولة إنهاء الحرب اليمنية.

الرد جاء سريعاً من قبل عضو المكتب السياسي لحركة انصار الله، “محمد البخيتي”، قائلا: “لم نسعَ يوما لنيل شرعيتنا من أمريكا وإنما لاستعادة سيادة واستقلال اليمن وتحرير كل شبر من ارضه وقد قدمنا الكثير من التضحيات وصمدنا صمودا لم يسبق له في التاريخ مثيل”. واضاف “البخيتي” في تغريدة له على صفحته الشخصية، “المطلوب من دول العدوان وعلى رأسها امريكا وقف عدوانها ورفع حصارها وسحب قواتها واحترام ارادة الشعب اليمني”. بدوره دعا عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، “محمد علي الحوثي”، المجتمع الدولي إلى التعامل بندية مع اليمنيين والابتعاد عن فرض الإملاءات بالقوة. وكتب “الحوثي” يوم الخميس الماضي عبر “تويتر”، “اليمن اليوم بفضل الله انتصر بصموده وقوته في الدفاع عن نفسه فحقق بها شرعيته واستقلاله وعلى المجتمع الدولي ان يحترم التعامل معه بندية بعيدا عن الاملاءات بالقوة والابتزاز بالتجويع لمصادرة حقه في الايقاف الفوري للعدوان والحصار وفرض التدخل في شؤونه السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.”

وهنا تجدر الاشارة إلى أن حكومة “بايدن” بذلت في الأشهر الأخيرة جهودًا كبيرة لإرضاء الرياض بشكل مباشر وغير مباشر من خلال تحقيق أقصى مكاسب لتحالف العدوان في حرب اليمن، بغض النظر عن مطالب وحقوق اليمنيين، لكن حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية أعلنت بأنها لن تغض الطرف عن أصغر الحقوق للشعب اليمني الذي عانى سبع سنوات من الحرب والمعاناة وأنهم سوف يستمرون في المقاومة العسكرية حتى تتحقق حقوق اليمنيين محذرة الولايات المتحدة من عدم وجود سلام مجاني من دون تحقيق مطالبهم ومطالب الشعب اليمني ورفع الحصار على الموانئ والمطارات اليمنية.

كيف ركّعت الصواريخ اليمنية الولايات المتحدة على ركبتيها؟

وفي غضون ذلك، يقول الخبراء إن العامل الأول الذي دفع الولايات المتحدة إلى الاستسلام لـ”أنصار الله” هو الزيادة المذهلة في القدرات العسكرية والصاروخية اليمنية التي وصلت إلى حافة خلق “معادلة سياسية” في المنطقة. ومنذ عام 2015، أطلقت اللجان الشعبية اليمنية والجيش مئات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة على مواقع لقوات تحالف العدوان الغازية وعلى الأراضي السعودية، ووصلت في بعض الحالات إلى العاصمة السعودية الرياض.

وفي الوقت الحالي، أصبحت قوة الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليسيتة التابعة للقوات اليمنية من الدرجة التي تعترف بها حتى وسائل الإعلام الأمريكية. ولقد ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلاً عن مصادر مطلعة أن “عملية أنصار الله بطائرات من دون طيار أصبحت أكثر دقة وفعالية من ذي قبل وهذا الامر أقرت به الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة علناً”. كذلك، منذ بداية الحرب، وخاصة في السنوات الثلاث الماضية، تم استهداف جميع القواعد العسكرية والمنشآت النفطية والمطارات للمعتدين السعوديين، ومرّت صواريخ “أنصار الله” عبر منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية “باتريوت” وضربت الأهداف المقصودة بدقة عالية.

وفي بداية عام 2021، لخص المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد “يحيى سريع” أهم إنجازات الشعب اليمني في الحرب اليمنية على النحو التالي:

الف) نفذت قوات الدفاع الجوي واللجان الشعبية التابعة للجيش اليمني أكثر من 721 عملية عسكرية منذ بداية العدوان وتمكنت من إسقاط الكثير من طائرات العدو.

ب) دمرت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية أكثر من 8887 دبابة وآلية عسكرية وناقلات جند ومدرعات وجرافات للعدو منذ بداية العدوان السعودي.

ج) أسفرت الاشتباكات منذ عام 2015 عن مقتل أكثر من 10 آلاف ضابط وعسكري سعودي وإماراتي.

د) ضربت آلاف الصواريخ الباليستية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، قواعد ومنشآت العدو خلال ست سنوات من القتال، وعلى العدو أن ينتظر نفس العدد بل وأكثر في وقت قصير للغاية، حيث نفذت وحدة الطائرات المسيرة للجيش واللجان الشعبية اليمنية 4116 عملية عسكرية منذ بداية الحرب وبداية الغزو السعودي على اليمن.

ه) وفي الآونة الأخيرة، أظهر اليمنيون أنهم أصبحوا مكتفين ذاتيا في إنتاج جميع أنواع الصناعات العسكرية من خلال كشف النقاب عن مركبة مدرعة من نوع “بأس 1” من صنع خبراء يمنيين.

ز) ويُعد تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية مؤخراً في محافظة مأرب آخر معقل للمعتدين السعوديين في اليمن بثماني عمليات تخطف الأنفاس من بين الإنجازات الأخرى لليمنيين في هذه الحرب.

بالطبع، لقد استمرت عمليات “أنصار الله” بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد مواقع العدو بالتزامن مع بداية العام الجاري، والعملية الكبرى في جيزان جنوب السعودية التي تم تنفيذها الشهر الماضي، والتي أسر فيها أكثر من 80 ضابطا وجنديا من الجيش السعودي والسوداني، هي خير شاهد على الانتصارات الاخيرة التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية على المرتزقة الخونة.

كما غرد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد “يحيي سريع” مساء الخميس الماضي، أن طائرات مسيرة هاجمت معسكر تدريب لتحالف العدوان السعودي في منطقة الوديعة (داخل المملكة العربية السعودية بالقرب من الحدود اليمنية). وعليه، نجحت 10 طائرات المسيرة الهجومية من طراز “قاصف كي 2” في استهداف مركز القيادة ومراكز التدريب والمباني الأخرى القريبة من الثكنات العسكرية. وفي هذه العملية الواسعة النطاق، قُتل وجُرح أكثر من 60 مرتزقًا، من بينهم عدد من القادة وكان من بين القتلى عدد من الضباط السعوديين.

الصواريخ اليمنية ومصالح إسرائيل في المنطقة

من ناحية أخرى، فإن مصالح الكيان الصهيوني في المنطقة هي أيضًا أحد الاهتمامات الرئيسية للولايات المتحدة. حيث تظهر الأبحاث الأمريكية أن صواريخ “أنصار الله” لديها القدرة على نقل الصراع إلى داخل أراضي دول تحالف العدوان وعلى رأسها السعودي. في الواقع، من الممكن أن يستهدف “أنصار الله” البنية التحتية للإمارات والسعودية، أو إطلاق صاروخ، على سبيل المثال ، على “ميناء إيلات” لإحداث مشاكل للكيان الصهيوني، الذي يعتبر شريكاً أساسياً للرياض وابوظبي في هذه الحرب. وهناك قلق كبير لواشنطن من أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة لن يكونوا قادرين على إيجاد درع مناسب ضد أنشطة اليمن الصاروخية، وأن نطاق الصراع سيصبح أكثر حساسية واتساعًا. وأيضًا، ستكون المكونات الأخرى لمحور المقاومة قادرة على إظهار قوتها المتزايدة للولايات المتحدة وحلفائها من خلال الدخول في هذه المواجهة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق