التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

مستقبل الأردن يتجه نحو المقاومة.. تغييرات جذرية تسير بعيداً عن السعودية 

الأردن يسير على طريق مختلف عن السنوات السابقة، مع دلائل واضحة على حدوث تحول في سياسته الخارجية. تميل المملكة، التي كانت تقليدياً حليفاً غربياً في المنطقة وحليفاً للسعودية ومركزاً للتسوية، في السنوات الأخيرة إلى تغيير بعض تحالفات سياستها الخارجية مع حلفائها التقليديين، إن التهاني الأخيرة من الملك عبد الله لآية الله رئيسي، الرئيس المنتخب للشعب الإيراني، بينما تم إغلاق السفارة الإيرانية في طهران منذ عام 2016، هي علامة على توجه عمان لتحسين العلاقات مع طهران في المستقبل القريب، وفي المقابل، كان الأردن، وعلى الرغم من معارضة الغرب، من بين الدول العربية التي صعدت من تحركاتها السياسية في قضية تطبيع العلاقات مع دمشق وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ومن ناحية أخرى، على الرغم من أن الأردن كان من الدول العربية في المنطقة التي تعرضت لضغوط من المحور السعودي الإماراتي لدعم الحرب في اليمن ثم قطع العلاقات مع قطر، واتخذت حكومة عمان خطوات في هذا الصدد، لكن في الأشهر الأخيرة، إضافة إلى لعب دور في المحادثات اليمنية-اليمنية لإنهاء الأزمة، قام الأردن بتوسيع علاقاته مع قطر، لدرجة الإعلان هذا الأسبوع عن اتفاق عسكري – أمني بين الدوحة وعمان، خبر مهم يمكن اعتباره رسالة بلسان الملك عبد الله للمحور السعودي الإماراتي.

كساد الاقتصاد الأردني وتجاهل الدول الخليجية

يعاني الأردن منذ سنوات من مثلث المخاطر الاقتصادية المتمثل في الفقر والبطالة والتضخم. يشهد الاقتصاد الأردني، الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، تدهوراً مع مرور الوقت مع تراجع المساعدات العالمية والأزمات الاقتصادية وتراجع أسعار النفط، في الوقت الذي لا توجد فيه موارد طبيعية في البلاد تقريباً، من جهة اخرى، أجبرت الحرب والإرهاب في البلدان المجاورة الحكومة على إنفاق جزء كبير من ميزانية البلاد على النفقات الأمنية والعسكرية. وكنتيجة لذلك لم يعد القطاع العام قادراً على جذب العمالة، في الوقت الذي يدخل حوالي 600000 خريج سوق العمل كل عام، لقد تفاقم الوضع أكثر مع تفشي فيروس كورونا، ووصل متوسط ​​معدل البطالة في الأردن إلى نسبة غير مسبوقة بلغت 24 في المئة بسبب العواقب الوخيمة لوباء كورونا الذي أدى إلى بطالة العمال الأردنيين في الدول الأجنبية وخاصة مجلس التعاون.

وقد ساهمت هذه الازمة أيضاً في خلق وضع سياسي حرج، حيث نادراً ما تصل حياة حكومات الدولة إلى عام واحد، ومع ذلك، فإن المساعدات الخارجية التي الأردن في أمس الحاجة إليها ووعود صندوق النقد الدولي والدول الخليجية إما قد تم التنازل عنها بدعوى سياسات تقشف، أو لم يتم تنفيذها، في يونيو 2018، وبعد اجتماع لمراجعة الوضع الاقتصادي الأردني في مكة، أعلنت السعودية والكويت والإمارات في بيان مشترك مع السعودية أن الدول الثلاث ستقدم 2.5 مليار دولار كمساعدات اقتصادية للأردن، ولكنهم لم يوفوا بوعودهم، وعليه، تأمل عمان، التي تمر بحالة اقتصادية صعبة، أولاً بحل جزء من الأزمة بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم من خلال الإسراع بحل الأزمة في سوريا، حيث تواصل الدول الغربية وبعض الدول العربية تأزيم الوضع في سوريا، ومن ناحية أخرى، يسعى الأردن إلى إعادة فتح طرق العبور إلى سوريا والعراق، لاستئناف التجارة مع هذين البلدين، والقدرة على توليد الدخل وخلق فرص العمل بهذه الطريقة، عقد العاهل الأردني، مؤخرا، اجتماعا ثلاثيا في العراق مع الرئيسين المصري والعراقي عبد الفتاح السيسي ومصطفى الكاظمي، ركز معظمه على التعاون الاقتصادي.

قضية فلسطين وخنجر الأصدقاء في الظهر

ما لا شك فيه أن موضوع التطورات في فلسطين وتضارب الآراء والسياسات الأردنية مع الدول التي تدعم تطبيع العلاقات مع الصهاينة على أساس صفقة القرن والانتقال من خطة السلام العربية واتفاق أوسلو، كان أحد أهم الأسباب لبعض التغييرات في السياسة الخارجية هو العلاقة مع محور المقاومة وحلفائه التقليديين في الخليج الفارسي، لطالما سعى الأردن، حيث يتألف معظم سكانه من لاجئين فلسطينيين، إلى وسيلة لعودة اللاجئين الفلسطينيين، على الرغم من كونه أحد الرواد في تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، لكن بعد إعلان خطة صفقة القرن من قبل الحكومة الأمريكية آنذاك، عارضها بشدة لأن الخطة نسيت قضية اللاجئين الفلسطينيين وأراد تسليم جزء من الأردن إلى شبه الحكومة الممنوحة للفلسطينيين، ومن ناحية أخرى، أدى تطبيع العلاقات مع الصهاينة، بمبادرة من الإمارات والبحرين، إلى تقليص دور الأردن بشكل فعال في التطورات الفلسطينية، وتقويض موقعه في السياسة الإقليمية الغربية، الأمر الذي يتعارض مع مصالح الأردن، لذلك يمكن القول إن الأردن يعتبر قضية التطبيع والانتقال من خطة السلام العربية خنجراً في الظهر من الحلفاء العرب في الخليج الفارسي، وللتعبير عن استيائهم، ينتهج الاردن سياسة التقارب من المعارضين الجادين للتسوية بشأن القضية الفلسطينية، وهم محور المقاومة.

غضب الملك عبد الله على ابن سلمان

المسألة الثالثة التي يمكن الاستشهاد بها كمصدر للتغيير في السياسة الخارجية الأردنية هي بالتأكيد غضب الملك عبد الله من مؤامرة الانقلاب التي أعلنتها الحكومة في أبريل من هذا العام واعتقال الجناة، وكان المشتبه بهم الرئيسيون في التخطيط لهذا الانقلاب هم الكيان الصهيوني إلى جانب السعودية والإمارات، حيث تمت محاكمة “باسم عوض الله” رئيس الديوان الملكي السابق والمبعوث الأردني السابق للسعودية المتهم بالتآمر وتنفيذ الانقلاب، كما أن لامبالاة ملك الأردن تجاه المبادرات السعودية المقدمة منذ اكتشاف الحادث أظهرت بوضوح أن الملك عبد الله كان غاضباً جداً من مؤامرة محمد بن سلمان.

ما لا شك فيه أن موضوع التطورات في فلسطين وتضارب الآراء والسياسات الأردنية مع الدول الداعمة لتطبيع العلاقات مع الصهاينة على أساس خطة صفقة القرن والانتقال من خطة السلام العربية واتفاقيات أوسلو، هي الأسباب الرئيسة لبعض التغييرات في السياسة الخارجية اتجاه محور المقاومة والحلفاء التقليديين لهذا البلد.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق