التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

لبنان على حافة الانهيار … أوروبا تلوح بعقوبات وخبراء يحذرون 

وكالات ـ الرأي ـ
مع استمرار تردي الوضع الاقتصادي في لبنان والفشل في تشكيل حكومة، يطالب لبنانيون الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على مسؤولين يحملونهم مسؤولية أزمة البلاد الخانقة. وفيما تدرس بعض دول الاتحاد فرض عقوبات، يحذر خبراء من العواقب.

يئن لبنان تحت وطأة ظروف اقتصادية متردية وأزمة سياسية خانقة، إذ أنه لا يزال بلا حكومة منذ أكثر من عام فيما يحذر خبراء من أن الاقتصاد اللبناني على شفا الانهيار بعد عقود من سوء الإدارة والفساد. وشهد الشهر المنصرم الكثير من القصص، بعضها “تافه” وبعضها “مرعب”، حيال ما وصلت إليه الأمور في لبنان.

تزامن هذا مع تقديرات أشارت إلى أن ما يقرب من نصف اللبنانيين باتوا الآن يعيشون تحت خط الفقر، بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد. فيما كشف تقييم صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن أن قرابة 77 بالمائة من الأسر اللبنانية ليس لديها ما يكفي من الطعام أو حتى المال الكافي لشراء مواد غذائية.

وسبق هذا ما ذكره البنك الدولي في مطلع الشهر الجاري من أن الأزمة اللبنانية ربما تكون ضمن واحدة من أسوأ ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. فقد ذكر باحثون من البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان يشهد انخفاضا منذ عام 2018 بالتوازي مع سعر صرف غير رسمي. وأضاف الباحثون أن “مثل هذا الانكماش الكبير والسريع يرتبط عادة بالصراعات أو الحروب”.

يشار إلى أن الليرة اللبنانية ترتبط بالدولار الأمريكي، لكن لا يوجد سعر صرف ثابت وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى سوق موازِ غير رسمي أو ما يُطلق عليه (السوق السوداء) لبيع العملات بأسعار غير ملائمة. وعلى وقع هذا الأمر، يلقي معظم اللبنانيين باللائمة على قادة البلاد، ويحملونهم مسؤولية الأزمة الراهنة.

فبعد الحرب الأهلية التي دارت رحاها لأكثر من 15 عاما وانتهت في عام 1990 أسفر “اتفاق الطائف” عن تقسيم السلطة بين 18 طائفة دينية معترف بها في لبنان. بيد أن هذا الاتفاق مهد الطريق أمام عقود من الفساد، ما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار شبه كامل للنظام المصرفي اللبناني.

يأس وإحباط

وكان الشهر الماضي قد شهد زيارة مهمة قام بها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى لبنان. وقال المسؤول الأوروبي عقب الزيارة “إننا على استعداد للمساعدة… لكن إذا كان هناك المزيد من العراقيل أمام الحلول للأزمة الحالية متعددة الأبعاد في البلاد، فسيكون علينا بحث مسارات عمل أخرى كما اقترحت بعض الدول الأعضاء.. بما في ذلك فرض عقوبات محددة الأهداف”.

لكن حتى الآن لم تصدر تصريحات رسمية حيال توقيت فرض العقوبات وهل ستشمل قادة البلاد؟ وتدعم فرنسا وألمانيا هذا المقترح، إذ أكدت السفارة الألمانية في لبنان خلال مؤتمر دعا إلى إجراء مزيد من التحقيقات حيال انفجار مرفأ بيروت، أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات ضد القادة اللبنانيين.

أما فرنسا، فقد اتخذت بالفعل خطوات أحادية الجانب في هذا الصدد إذ بدأت في منع إصدار تأشيرات لبعض المسؤولين اللبنانيين في أبريل/ نيسان الماضي. وفي هذا السياق، يقول جوليان بارنز داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، “أعتقد أن الحكومات الأوروبية تشعر باليأس الشديد والكثير من الإحباط”.

وفي مقابلة مع DW، يضيف داسي “لا أعتقد أن السؤال يتعلق في الحقيقة حيال ما إذا كان (فرض العقوبات) سيكون صارما بالقدر الكافي، بل إنه يتعلق بفكرة هل ستكون العقوبات فعالة؟”.

ويشدد داسي على أن النظام اللبناني بأسره في حاجة إلى تغيير جذري، مشيرا إلى أن “النخبة السياسية اللبنانية ربما تكون مستعدة لرؤية البلاد تتدهور أكثر فأكثر، بدلا من اتخاذ خطوات قد تهدد سيطرتها على الاقتصاد والسياسية في لبنان”.

ويتفق مع هذا الرأي جوزيف باحوط أيضا، مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت. ويضيف “تنتاب الطبقة السياسية في لبنان الشعور بالسخرية. فأبناء هذه الطبقة يشاهدون الأزمة تزداد سوءا يوما بعد يوم، لكنهم يضحكون حيال الأمر.” ويستشهد باحوط برد فعل بعض السياسيين على منع فرنسا إصدار تأشيرات لبعض المسؤولين اللبنانيين. ويقول “أبناء النخبة اللبنانية عادة ما يمتلكون جوازات سفر أخري ويدخلون بها إلى أوروبا عبر دولة أخرى مثل إيطاليا. لذا يمكن أن نرى صورا لهم وهم يتسوقون في باريس أو نيس”.

وإزاء الطرح بفرض عقوبات أوروبية على بعض المسؤولين اللبنانيين، يحذر خبراء من تداعيات الأمر. وفي ذلك يقول شاهين والي، رئيس برنامج الجغرافيا الاقتصادية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن فرض العقوبات قد يكون أيضا خطيرا.

ويضيف والي الذي كتب في سبتمبر/ أيلول 2020 تقريرا سياسيا عن الأزمة في لبنان، أن “العقوبات إما أن تكون ضد كافة السياسيين اللبنانيين كتلة واحدة، أو قد تكون عقوبات محددة الأهداف. لكن هذا الأمر قد يثير خللا في النظام السياسي. وفي هذه الحالة فإن العقوبات ستأتي بنتائج عكسية.” ويشير الباحث إلى أنه إذا اختار الاتحاد الأوروبي سياسيين بعينهم لفرض عقوبات عليهم، فإن الاتحاد الأوروبي بهذا الأمر “يضع السياسيين في لبنان في مواجهة بعضهم البعض”.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق