تنافس سعودي إماراتي على عباءة القوة الإقليمية والقلق يصل إلى قلب الكيان الإسرائيلي
شهدت العلاقات السعودية الإماراتية تدهوراً واضحاً على أكثر من صعيد، بما في ذلك خلافهم الأخير حول قرار الإمارات توسيع طاقتها الإنتاجية لدعم خطط تنويع الاقتصاد.
ويبدو أن غرف اتخاذ القرار في أبوظبي تشهد مناقشات على أعلى المستويات مع شركة النفط الوطنية حول ما إذا كان سيتم ترك “أوبك” وسيسمح بالمغادرة للإمارات بتمويل خطط لتنويع الاقتصاد.
أصبح واضحاً للجميع أن الوحدة السعودية الأماراتية تشهد تصدعات في قضايا مختلفة بدءاً من إنتاج النفط مروراً باليمن وحتى في قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني والتنافس الاقليمي حول القوة الاقتصادية الاقليمية.
مؤشرات الخلاف بين السعودية والامارات
وأول مؤشر حول هذه التصدعات في العلاقة بين البلدين كان قرار السعودية وقف الرحلات من الإمارات وإليها في ظل تفشي متحورات كورونا اعتباراً من الأحد 4 يوليو، بعدما أصدرت الداخلية السعودية قراراً بمنع سفر المواطنين، دون الحصول على إذن مسبق من الجهات المعنية، إلى كل من الإمارات وإثيوبيا وفيتنام.
وضجت بعدها مواقع التواصل الجتماعي متسائلة حول الهدف من وضع الجارة والحليفة الإمارات في قائمة واحدة مع دول مثل أفغانستان وبنغلاديش وفيتنام. ولكن السبب يبدو واضحاً ألا وهو اشتداد حدة الخلاف بين الجانبين.
الرد الإماراتي على الخطوة السعودية بإعلان شركة “طيران الإمارات” تعليق جميع رحلات الركاب من وإلى السعودية حتى إشعار آخر.
الهجمات السعودية لم تقف عند هذا الحد حيث أعلنت السعودية عن تعديل قواعد الاستيراد من الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لتستبعد السلع المنتجة بالمناطق الحرة أو التي تستخدم مكونات إسرائيلية، من الامتيازات الجمركية التفضيلية.
وطبقا لما جاء في القرار السعودي، لن يسري الاتفاق الجمركي الخليجي على البضائع التي يدخل فيها مكون من إنتاج إسرائيل أو صنعته شركات مملوكة بالكامل أو جزئيا لمستثمرين إسرائيليين أو شركات مدرجة في اتفاق المقاطعة العربية للكيان الإسرائيلي.
ويبدو أن هذا التحرك ناجم عن تنافس السعودية مع الإمارات في جذب المستثمرين والأعمال، إضافة إلى تباين مصالح البلدين في أمور أخرى مثل علاقتهما بكل من إسرائيل وتركيا.
كما لا تزال مواقف البلدين متباين في خضم الأزمة اليمنية حيث تدعم الرياض جماعة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي، في حين تقدم الإمارات دعمها لقوى المجلس الانتقالي الجنوبي.
أما الخطوة الأخيرة التي اتخذتها السعودية ربما تكون هي التي أثارت تخوف الكيان الاسرائيلي وقلقه من تداعيات هذه الأزمة، حيث استضافة قناة “العربية” رئيس حركة “حماس” في الخارج خالد مشعل الذي دعا الرياض عبر شاشتها لفتح أبواب العلاقة مع حركة “حماس”، وهذا يمكن اعتباره تحدياً للإمارات التي تلتزم موقفا في غاية التشدد من “حماس” وأخواتها المنضوية تحت لواء التيار الإسلامي الإخواني.
القلق الإسرائيلي يتزايد
ما لا شك فيه أن الخلاف بين السعودية والإمارات هو تحت مجهر الكيان الإسرائيلي الذي يأمل أن لا يضر هذا الخلاف بمصالحه التي بدأت تنتشر في الدول الخليجية.
الاحتلال الذي بات يتمتع بعلاقات متصاعدة مع الإمارات، كان يأمل بالتطبيع مع السعودية أيضاً إلا أن خروج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من البيت الأبيض جمد مسيرة التطبيع وأوقف القطار.
وفي هذا السياق يرى بعض الخبراء والمحللون الإسرائيليون أن هذه الخلافات لن تعكس بنفسها على الاحتلال، إلا أن آخرون قالوا إن الكيان يخشى أن يتعرض لـ “ضربة مرتدة عليه”.
وعن هذه التطورات قال المحلل السياسي الإسرائيلي يوني بن مناحيم، لوكالة الأناضول؛ إن تل أبيب “لا تتدخل في الخلافات ما بين الدول العربية، فهي لها علاقة رسمية الآن مع الإمارات، وتأمل أن يكون لديها مستقبلا علاقة رسمية مع السعودية”.
وأضاف: “لا أرى فرصة قريبة لتطبيع العلاقات ما بين السعودية و الكيان الإسرائيلي، خاصة مع انتهاء ولاية ترامب، الذي كان يضغط من أجل إقامة علاقة كهذه”.
وتابع بن مناحيم: “في حين أن إدارة ترامب كانت تضغط من أجل علاقة بين إسرائيل والسعودية، فإن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن لا تولي أي أولوية لهذه القضية”.
وأشار إلى وجود مخاوف في أوساط الحكومة الإسرائيلية، من أن عملية التطبيع بين “إسرائيل” والدول العربية “قد تجمدت”.
وقال بن مناحيم: “نرى أن عملية التطبيع لم تعد على قائمة أولوية الإدارة الأمريكية، وأن التركيز هو على التوصل إلى اتفاق مع إيران”.
وأضاف: “من ثم، أنا لا أرى أن الخلاف بين الإمارات والسعودية، سيعكس بنفسه على الكيان الإسرائيلي “.
بالمقابل، يرى موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري، أنه “بينما يستهدف السعوديون والإماراتيون بعضهم بعضا، يمكن أن يتعرض الكيان الإسرائيلي لضربة مرتدة”.
وقال: “مع انتشار المنافسة الخليجية إلى العلن، من المرجح أن تسعى الرياض إلى كبح جماح طموحات أبو ظبي من خلال استهداف أحدث شريك تجاري لها، وهو الكيان الإسرائيلي”.
وأضاف: “لدهشة الكثيرين، بدا أن السعودية تستهدف الكيان الإسرائيلي الأسبوع الماضي، عندما ذكرت الدولة اليهودية على وجه التحديد في إعلان عن سياسات تخفيض الضرائب الجديدة”.
وقال مراسل الموقع “لازار بيرمان”؛ إن “الخطوة السعودية هي في الواقع جزء من المنافسة المتصاعدة مع الإمارات على عباءة القوة الإقليمية”.
وأضاف في تقريره الذي نشره بالموقع الإخباري: “في حين أن الكيان الإسرائيلي ليس منخرطاً بشكل مباشر في التنافس، إلا أن هناك عددا من الطرق المحتملة التي يمكن من خلالها الانجرار إلى الوسط، حيث يتنافس البلدان على الهيمنة الاقتصادية والسياسية على منطقة الخليج”.
وتابع بيرمان: “ترى الإمارات علاقتها الناشئة مع الكيان الإسرائيلي، كمحرك محتمل للنمو الاقتصادي وتوسيع النفوذ السياسي، في حين أن السعوديين الآن أمام مسارين، الأول الانضمام إلى هذا الحراك لتحقيق مصالحهم الاقتصادية-وهو ما رفضوا القيام به حتى الآن-أو أداء دور المفسد”.
ونقل موقع “تايمز أوف إسرائيل”، عن مدير الأبحاث في مركز موشيه دايان بجامعة تل أبيب، براندون فريدمان، قوله؛ “إنهم (السعوديون) يحاولون معاقبة الإماراتيين بسبب اتفاقات إبراهيم، التي تمنح الإمارات ميزة اقتصادية إقليمية، وأيضا ميزة سياسية”.
كما نقل الموقع عن جوشوا كراسنا، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في مركز موشيه دايان بجامعة تل أبيب قوله: “قد يكونون (السعوديون) غير راضين عن السرعة التي تتحرك بها الأمور بيننا وبين الإمارات، ومدى روعة هذه السرعة”.
وبحسب الموقع، فإن الرياض “يمكن أن تتحرك لإبطاء الصفقات التكنولوجية والتجارية المهمة بين الكيان الإسرائيلي والإمارات، إذا رأت أنها تمنح أبو ظبي ميزة غير مستحقة”.
يبدو واضحاً أن القلق الاسرائيلي هو أكثر من المعلن لأن الكيان يخشى على علاقاته الجديدة مع الأمارات والتي لم يتم إحكامها وتقويتها بعد والسعودية تحاول المساس بهذه العلاقات بشكل أو بآخر وهذا قد يؤدي ربما إلى وأد هذه العلاقة مع الإمارات في الرمال الخليجية، صحيح أن القلق الاسرائيلي كان على لسان المحللين ووسائل الإعلام إلا أنه من المؤكد يشير إلى قلق على كل المستويات داخل الكيان الذي يراقب عن كثب التحركات السعودية ومن المؤكد أيضاً أن الكيان لن يقف مكتوف الإيدي حتى يتم تخريب الاتفاق فهو سيتدخل علناً إلى جانب الإمارات وهذا ما سنشهده في الأيام المقبلة.
المصدر / الوقت