التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024

دول منظمة “شنغهاي” وما يحدث في أفغانستان… المخاوف والآمال 

بصفتها منظمةً أمنيةً وسياسيةً في آسيا الوسطى وأوراسيا، كانت منظمة شنغهاي دائمًا موضع الاهتمام في التطورات الإقليمية.

وفي الوقت الراهن وبعد أن شهدت أفغانستان بعض التطورات الداخلية التي تأثرت بتقدم طالبان، وتعاني حالة انعدام الأمن والاستقرار والتوترات الداخلية، ناقشت منظمة شنغهاي للتعاون قضية أفغانستان في اجتماعها الأخير.

وفي هذا الصدد، دعا مجلس وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون في بيان مشترك جميع الأطراف المعنية في أفغانستان إلى الامتناع عن استخدام القوة، واتخاذ الإجراءات التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وعواقب لا يمكن التنبؤ بها في المناطق الحدودية بين أفغانستان والدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

كما أيد وزراء خارجية منظمة شانغهاى للتعاون تشكيل أفغانستان “كدولة مستقلة ومحايدة وموحدة وسلمية وديمقراطية ومزدهرة”، ووصفوا “السلام والاستقرار” في هذا البلد بأنه أحد العوامل الرئيسة في ضمان الأمن لمنطقة منظمة شنغهاي للتعاون.

في الواقع، بالنظر إلى أهداف منظمة شنغهاي للتعاون على مدى السنوات الماضية، هناك بعض الأهداف بما في ذلك مكافحة الإرهاب والمخدرات، والتحرك نحو توازن القوى في عالم متعدد الأقطاب، وخاصةً في المناطق الواقعة تحت نفوذ ووجود الولايات المتحدة، والتعاون الاقتصادي.

لذلك، مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، تزداد أهمية هذا البلد بالنسبة لمنظمة شنغهاي.

مخاوف شنغهاي وآمالها من انسحاب الولايات المتحدة

على الرغم من أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، من وجهة النظر السياسية والتوازن الإقليمي، يمكن أن يلبي إلى حد كبير أهداف منظمة شنغهاي للتعاون، لكن في الوقت نفسه لا يمكن تجاهل مخاوف أعضاء شنغهاي بشأن مستقبل الوضع في أفغانستان.

بمعنى آخر، مع انسحاب الناتو والقوات الأمريكية من أفغانستان، يمكن لمنطقة آسيا الوسطى أن تحقق توازنًا سياسيًا نسبيًا مقارنةً بالماضي، شريطة ألا تسعى الولايات المتحدة إلى إقامة قواعد عسكرية في دول آسيا الوسطى الأخرى بعد مغادرة أفغانستان.

لكن في الوقت نفسه، هناك تقارير تفيد بأن وزارة الدفاع الأمريكية قررت إقامة عدة قواعد عسكرية في بعض دول آسيا الوسطى، الأمر الذي لن يشكل تحديًا جديدًا للتوازن الأمني ​​في المنطقة فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تداعيات سياسية جديدة على الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

ولهذا، فإن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ترافقه مخاوف وآمال روسيا والصين، وقد ذکرت روسيا صراحةً أنها لن تتسامح مع وجود قواعد عسكرية أمريكية في دول آسيا الوسطى بعد انسحابها من أفغانستان.

مخاوف أعضاء شنغهاي الأمنية

إن حكومة أفغانستان ليست عضواً رئيسياً في منظمة شنغهاي للتعاون، وقد تم قبول عضويتها كعضو مراقب، ولكن بالنسبة لأعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، فإن التطورات في أفغانستان مهمة.

تشترك أفغانستان في حدود برية مع ما لا يقل عن أربعة أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك باكستان والصين وطاجيكستان وأوزبكستان، ومن هذا المنظور، فإن جزءاً كبيراً من حدود منظمة شنغهاي للتعاون مشترك مع أفغانستان.

وبالتالي، فإن أي انعدام للأمن وعدم الاستقرار على الحدود الداخلية لأفغانستان، سيكون له بلا شك تأثير مباشر على جيرانها، بما في ذلك أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون. ولهذا، أثار عدم الاستقرار في أفغانستان بعض المخاوف بين أعضاء شنغهاي.

حتى دول أخرى مثل روسيا والهند، كأعضاء مهمين في شنغهاي والتي لا تشترك في الحدود مع أفغانستان، لكنها حساسة للغاية تجاه التطورات في هذا البلد.

تعتبر روسيا آسيا الوسطى -كالجزء الإقليمي الرئيسي لمنظمة شنغهاي- حديقتها الخلفية، وهي تدرك أن انعدام الأمن وصعود الأصولية والإرهاب في أفغانستان سيجعل دول آسيا الوسطى عرضةً للخطر.

ولذلك، خلال تقدم طالبان في أفغانستان، أعلنت روسيا أنها ستتدخل بشكل مباشر إذا تعرضت حدود طاجيكستان أو دول آسيا الوسطى الأخرى لبعض انعدام الأمن نتيجة ما يحدث في أفغانستان.

وبالنسبة لروسيا، يعتبر انعدام الأمن في دول آسيا الوسطى المتاخمة لأفغانستان، خطاً أحمر ومسألةً حاسمةً للغاية لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال.

من ناحية أخرى، ونتيجةً لإضعاف الحكومة المركزية، ستؤثر بعض التطورات الداخلية في أفغانستان بشكل مباشر على آسيا الوسطى كمنطقة محورية، إذا أدت إلى نمو الأصولية والإرهاب وإنتاج المخدرات في هذا البلد الذي مزقته الحرب.

ذلك أن السياق الديموغرافي والعرقي في بعض دول آسيا الوسطى، بما في ذلك طاجيكستان وأوزبكستان، من حيث وجود بعض الميول السلفية، سيوفر أرضيةً خصبةً لنمو الأصولية ولاحقًا عدم الاستقرار الأمني.

وعليه، إذا أدت التطورات الحالية في أفغانستان إلى تقوية ونمو بعض الجماعات الأصولية في هذا البلد، فمن الطبيعي أن يبدي أعضاء منظمة شنغهاي كمنظمة أمنية في آسيا الوسطى ردود فعل قلقة.

العلاقات الاقتصادية لأعضاء شنغهاي مع أفغانستان

على الرغم من أن المخاوف الأمنية هي جزء مهم من سبب رد فعل أعضاء شنغهاي على التطورات في أفغانستان، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن تجاهل أن بعضًا من أهم أعضاء شنغهاي، بما في ذلك الهند والصين، لديهم علاقات اقتصادية مهمة ومتنامية مع أفغانستان على مدى السنوات الماضية.

في الواقع، من بين الأعضاء الثلاثة الرئيسيين في منظمة شنغهاي للتعاون، أي روسيا والهند والصين، فإن قلق الروس بشأن التطورات في أفغانستان يرتبط بالمجالات الأمنية في الأكثر، أما بالنسبة إلی مخاوف الهند والصين، فإضافة إلى القضايا الأمنية، فإنها تتعلق بالغموض بشأن الوجود الاقتصادي في مستقبل أفغانستان.

لقد استثمرت الهند في قطاع السكك الحديدية وكذلك في البنية التحتية في أفغانستان في السنوات الأخيرة، وكانت حكومة كابول دائمًا تنظر إلى الهند باعتبارها شريكًا اقتصاديًا مهمًا.

کما تم بناء مبنى البرلمان الأفغاني بدعم مالي من الهند، وبعد سقوط طالبان في أفغانستان عام 2001، بدأ الهنود الاستثمار في أفغانستان. وتتصدر الهند قائمة القوى التي استثمرت في تحديث أفغانستان.

کذلك، تبرعت الهند بـ 250 ألف طن من القمح لأفغانستان خلال المجاعة في أفغانستان عام 2011، ويقال إن سد سلمى المائي أقيم في ولاية هرات بمشاركة نيودلهي، بمساعدة 1500 مهندس من البلدين وبمبلغ 300 مليون دولار.

كما أنشأ الهنود جامعة العلوم والتكنولوجيا في قندهار، وتعهد السفير الهندي في كابول قبل عامين بالتبرع بمئات الحافلات إلى كابول لتسهيل سفر الشعب الأفغاني.

ووفقًا لتقرير السفارة الهندية في كابول، فقد أنفقت الهند ملياري دولار، أي 139 مليار روبية هندية، في أفغانستان بحلول عام 2018، وقد زادت هذه الاستثمارات بشكل واضح في العامين الماضيين.

كل هذه الإجراءات اتخذتها نيودلهي علی أمل تحسين الوضع الأمني ​​والاستقرار السياسي في أفغانستان، وبالتالي فإن انهيار الأمن وإضعاف الحكومة الحالية في كابول يعني خسارة سنوات من استثمارات نيودلهي في أفغانستان.

بدورهم نشط الصينيون أيضًا في بعض مناجم النحاس في أفغانستان في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أن الوجود الأمريكي كان أكبر عقبة أمام وجود الصين في أفغانستان، إلا أن حكومة كابول أعطت دائمًا الضوء الأخضر للوجود الاقتصادي الصيني.

ولذلك، لا شك في أن سقوط الحكومة في كابول أو تقوية الأصوليين في أفغانستان، سيضيق من الناحية العملية المجال أمام وجود المستثمرين الصينيين، وخاصةً في قطاع التعدين، وبالتالي فإن بكين كعضو رئيسي في منظمة شنغهاي تتابع بقلق مزدوج التطورات الحالية في أفغانستان.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق