موت الرسام الدنماركي المسيئ للرسول الأكرم.. مرور على تلك الحادثة الأليمة
مات الرسام الدنماركي، كورت فيسترغارد، المعروف برسم صورة كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، عن عمر ناهز 86 عاما، حسبما أفادت عائلته لوسائل إعلام دنماركية أمس الأحد.
وقالت عائلته لصحيفة “Berlingske” إن “فيسترغارد توفي أثناء نومه بعد فترة طويلة من اعتلال صحته”.
وكان الرسام وراء 12 رسما نشرتها صحيفة “Jyllands-Posten” اليومية المحافظة عام 2005 تحت عنوان “وجه محمد”، أثار أحدها غضبا خاصا.
وتسببت الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت عام 2005 وصورت النبي محمد على “هيئة رجل يحمل قنبلة فوق عمامته” غضب الكثير من مسلمي العالم، ما أدى إلى احتجاجات عالمية، ومظاهرات اتسمت بالعنف.
حياة في رعب
في أوائل عام 2010، ألقت الشرطة الدنماركية القبض على صومالي يدعى محمد جيلي يبلغ من العمر 28 عاما، مسلحا بسكين وفأس في منزل فيسترغارد، حيث كان يخطط لقتله. وحينها قال فيستر غارد إنه كان في المنزل مع حفيدته البالغة من العمر خمس سنوات، في الأول من يناير/ كانون الثاني 2010 عندما كسر جيلي الباب الأمامي لمنزله واقتحم المنزل.
وشهدت حفيدته ستيفاني أيضا يوم الخميس كيف أنها تصورت في البداية ان الرجل المعتدي كان لصا وطلبت منه أن يغادر المنزل. وقالت انها قد بكت عندما قام المهاجم بكسر النافذة.
وقال ويسترجارد للمحكمة في اليوم الثاني لنظر القضية إنه كان يخشى “الذبح”، واضاف أنه حبس نفسه داخل غرفة الحمام المصفحة التي حصنها جيدا تحسبا لمثل هذا الاعتداء وترك ستيفاني وحدها في غرفة الاستقبال بعد ان رأى ان المهاجم “يستهدفه” وانه كان يهتف “اذهب الى الجحيم أيها الكافر.. يجب أن تموت”.
ورفض الرسام قول المتهم انه كان يريد فقط اخافته ووصفه بأنه “كاذب جبان”.
وخلال السنوات الأخيرة من حياته، كان يجب على كورت فيسترغارد، على غرار العديد من الأشخاص الآخرين المرتبطين بالرسوم الكاريكاتورية، أن يعيش تحت حماية الشرطة في مكان سري.
تورط عدة صحف أوروبية
في 30 سبتمبر 2005 قامت صحيفة يولاندس بوستن Jyllands-Posten الدانماركية بنشر 12 صورة كاريكاتيرية لرسول الإسلام محمد بن عبدالله وبعد أقل من أسبوعين و في 10 يناير 2006 قامت الصحيفة النرويجية Magazinet والصحيفة الألمانية Die Welt والصحيفة الفرنسية France Soir و صحف أخرى في أوروبا بإعادة نشر الصور الكاريكاتيرية. نشر هذه الصور جرح مشاعر الغالبية العظمى من المسلمين وقوبل نشر هذه الصور الكاريكاتيرية بموجة عارمة على الصعيدين الشعبي و السياسي في العالم الإسلامي وتم على إثر هذه الاحتجاجات إقالة كبير محرري جريدة France Soir الفرنسية من قبل رئيس التحرير ومالك الجريدة رامي لكح الفرنسي من أصل مصري كاثوليكي . وأخذت الاحتجاجات طابعا عنيفا في دمشق حيث أضرمت النيران في المبنى التي تضم سفارتي الدانمارك و النروج في 4 فبراير 2006 وتم إحراق القنصلية الدانماركية في بيروت في 5 فبراير 2006
فكرة الرسوم المسيئة ونشأتها
في 17 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة Politiken الدانماركية مقالة بعنوان “الرهبة الشديدة من انتقاد الإسلام” وتحدثت المقالة عن الصعوبة التي لاقاها كاري بلوتكن الصحفي الدانماركي الذي كتب كتابا عن سيرة الرسول محمد(ص) موجهة للأطفال باسم “القرآن وحياة الرسول محمد ولكنه وجد صعوبة في إقناع الرسامين بإضافة صور عن الرسول(ص) إلى كتابه ووصل هذا الخبر صحيفة يولاندس بوستن التي قامت بإجراء مسابقة بين 40 رساما كاريكاتيريا لرسم صور تعبر عن معاناة بلوتكن في إيجاد رسامين لكتابه و إبراز الإدعاء القائل أنه لا يوجد فنان مستعد لرسم كتاب للأطفال عن محمد(ص) بدون إبقاء اسمه سريا.
وأثناء المسابقة انسحب 3 من الرسامين وعلل أحدهم انسحابه بخوفه أن يحدث له ما حدث للمخرج ثيو فان غوخ الذي قتل في 2 نوفمبر 2004 على يد محمد بويري الهولندي من أصل مغربي لإخراجه فيلما قصيرا (10 دقائق) باسم فلم الخضوع والذي يمكن ترجمته بالاستسلام أو الخضوع وكان الفيلم عن ماحاول المخرج أن يصوره كسوء معاملة المرأة في الإسلام وربطه بنصوص من القرآن وعلل رسام آخر انسحابه من خوفه أن يهاجم مثل المحاضر في معهد Carsten Niebuhr Institute في كوبنهاغن الذي تعرض للضرب من قبل 5 طلاب في أكتوبر 2004 لأنه حسب بعض المصادر “قرأ نصوصا من القرآن على حشد من غير المسلمين” وأثار انسحاب هؤلاء نوعا من روح التحدي في رئيس التحرير الذي اعتبر ذلك منافيا لحق حرية التعبير حسب وصفه.
في 30 سبتمبر 2005 قامت الصحيفة بنشر مقال بعنوان “وجه محمد” وفيه 12 صورة كاريكاتيرية وجاء في المقالة نص ترجمته تقول “إن بعض المسلمين يرفضون المجتمع العلماني و يطالبون بمنزلة خاصة من ناحية التعامل مع مشاعرهم الدينية وهذا لايطابق المفاهيم الديمقراطية الحديثة لحرية التعبير عن الرأي التي تفرض على كل شخص أن يتقبل الإهانة و السخرية”.
وأدت الرسومات إلى احتجاجات في الدنمارك وفي أنحاء العالم الإسلامي، وانطلاق حملات مقاطعة البضائع الدنماركية في عدة دول إسلامية. واعتبرت هذه الأزمة أخطر أزمة في السياسة الخارجية للدنمارك منذ الحرب العالمية الثانية.
حرية الرأي فقط ضد الإسلام!!
يظهر الاتجاه التاريخي لهذه الحادثة أن الجانب النقدي ، الذي يدعيه الغرب زوراً ، يركز فقط على دين الإسلام والمثير للاهتمام أن الأديان الأخرى ومقدساتها بعيدة كل البعد عن هذه الانتقادات. إذا كان موضوع المناقشة هو القضايا العقائدية للأديان ، بما في ذلك الإسلام ، والسمات الشخصية لأولئك الذين يلعبون دورًا في عالم الدين ، فلا بد من انتقاد الأديان الأخرى.
بالطبع ، من المهم أن نلاحظ أن الأديان التوحيدية خالية بشكل عام من العيوب التي يود شخص ما أو عدة أشخاص أن ينتقدوها في عيوبها ونواقصها. يبدو الأمر كما لو أن الأنبياء الإلهيين عملوا على تعزيز الإنسانية والكرامة الإنسانية واحترام الطبيعة والتقوى ومساعدة إخواننا من البشر. لم يُنظر إلى أي من رسل الديانات التوحيدية على أنه يتخذ خطوات تتعارض مع الصحة والغريزة والقواعد الإنسانية ومبادئ التعايش السلمي. ولكن الغرب يحاول أن يستغل مسألة حرية الرأي ليحارب الإسلام من خلالها.
المصدر/ الوقت