الوفاء لشعب مظلوم… رياضي جزائري يرفض مواجهة لاعب صهيوني
خلال العقود الماضية بذل الكيان الصهيوني الكثير من الجهود لإقناع العديد من دول المنطقة لبناء علاقات اقتصادية وسياسية معه، إلا أن الكثير من الدول العربية لم تقبل ذلك ولم تقبل عمليات التطبيع مع ذلك الكيان الغاصب، ولهذا فلقد لجأ القادة في تل أبيب إلى التركيز على المربعات الأكاديمية والبحثية والتعليمية والرياضية والثقافية والفنية والإعلامية، التي يسهل عبرها الاختراق والتجنيد، والهدف هو كسر الحاجز النفسي من الوجود في نفس المساحة مع العرب والمسلمين، والغاية هي إضفاء الشرعية على وجوده، وبالتالي تسويق نفسه كدولة لها وجود قانوني وفعلي. وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن القادة الإسرائيليين حاولوا خلال السنوات القليلة الماضية اختراق العالم العربي والإسلامي من الجانب الرياضي، إلا أن الكثير من الرياضيين العرب والمسلمين رفضوا ذلك التطبيع الرياضي ولم يرضخوا للأطماع الخبيثة الصهيونية، ولذا فإن الكثير من الرياضيين العرب فضلوا الانسحاب بكل شرف وسعادة، وعدم الدخول في مواجهات رياضية مع الفرق أو الأفراد الإسرائيليين حتى لو كلفهم ذلك الغالي والنفيس، ولو فرضت عليهم العقوبات العالية وحتى لو وصل الأمر بهم إلى قطع مسارهم ونشاطهم الرياضي نهائياً.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية قبل عدة أيام أن اللجنة الأولمبية الجزائرية قررت يوم السبت الماضي سحب اعتمادي لاعب الجودو “فتحي نورين” ومدربه “عمار بن خليف” من أولمبياد طوكيو وترحيلهما إلى بلادهما، بعد إيقافهما مؤقتا من قبل الاتحاد الدولي للعبة لرفض الأول مواجهة لاعب إسرائيلي. وكان من المقرر أن يواجه “نورين” اللاعب السوداني “محمد عبد الرسول” الاثنين الماضي في مباراته الأولى في دور الـ64، مع احتمالية أن يلتقي في دور الـ32 مع الإسرائيلي “توهار بوتبول” في فئة 73 كلغ رجال. لكن “نورين” أعلن في تصريح لقناة جزائرية محلية الخميس الماضي انسحابه من الحدث الرياضي لأن “القضية الفلسطينية أكبر من هذه الأمور وهذا قرار لا رجعة فيه”. وأعلنت اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للجودو السبت الماضي أنها أوقفت “نورين وبن خليف” مؤقتا. وردا على ذلك، سحبت الأولمبية الجزائرية اعتماديهما، مشيرة إلى أنها ستعيدهما إلى البلاد. وهذه هي المرة الثانية التي يُقدم فيها “نورين” على خطوة مماثلة، بعد بطولة العالم للجودو عام 2019 في طوكيو أيضا، حينما كان سيواجه اللاعب الإسرائيلي نفسه.
رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية يلتقي اللاعب الجزائري
التقى رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، “جبريل الرجوب”، بلاعب الجودو الجزائري “فتحي نورين”، الذي أعلن عن انسحابه من المشاركة في أولمبياد طوكيو 2020 بعدما وقعت عليه القرعة لمواجهة لاعب إسرائيلي. جاء ذلك خلال زيارة “الرجوب” للبعثتين الجزائرية والفلسطينية، يوم السبت الماضي، بحضور القائم بأعمال سفير دولة فلسطين في اليابان “هشام نصار”. وأشاد “الرجوب” بالمواقف الجزائرية الداعمة لفلسطين على كافة الأصعدة بما فيها الرياضة، مثمنا موقف اللاعب “نورين” الذي يعكس صدق انتمائه لفلسطين وقضية شعبها. وخلال الزيارة التقى رئيس بعثة الجمهورية الجزائرية، “حسيبة بولمرقة”، مؤكداً عمق العلاقة الجزائرية الفلسطينية. وشدد خلال اللقاء الذي جمعة باللاعبين الفلسطينيين على ضرورة أن يظهروا بصورة تليق باسم ومكانة فلسطين، قائلاً: “على الجميع أن يتحلى بالروح الرياضية، لا سيما وأن الرياضة هي إحدى تجليات الهوية الوطنية الفلسطينية، وأحد المنابر التي من خلالها نقل معاناة أبناء شعبنا للعالم أجمع”، متمنياً أن يحصدوا مراتب متقدمة خلال المنافسات في الأولمبياد.
انسحاب لاعبين عرب أو مسلمين
لطالما انسحب لاعبون عرب أو مسلمون من بطولات دولية رفضا لمواجهة لاعبين إسرائيليين ودعما لقضية الشعب الفلسطيني. ولقد أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأن العديد من اللاعبين المسلمين رفضوا خلال السنوات الماضية مواجهة بعض اللاعبين الإسرائيليين وذلك دعماً للقضية وللشعب الفلسطيني المظلوم، حيث ذكرت تلك المصادر أن لاعب الشطرنج الإيراني “آرين غلامي” ذا الثمانية عشر عاماً رفض مواجهة لاعب شطرنج إسرائيلي خلال مسابقات ريلتون التي عقدت في السويد قبل عدة أشهر وخلال استقباله في مطار الإمام الخميني (ره) في طهران قال “غلامي”: “لقد رفضت هذه المنافسة دعماً للشعب الفلسطيني، ولا أعترف بدولة تسمى إسرائيل”.
كما أعلن “أمير يحيى” لاعب المنتخب الوطني العراقي “للجوجيتسو” وهو صاحب ذهبية دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة، عن انسحابه من بطولة العالم في كولومبيا بسبب القرعة، التي جعلته في مواجهة لاعب الكيان الصهيوني، حيث أعلن اتحاد لعبة “الجوجيتسو”العراقي أنّ البطل العالمي يحيى في وزن 62 كغ، حُرم من ذهبية بطولة العالم باللعبة، مشيراً إلى أنّ هذا الانسحاب يأتي بسبب الثوابت الوطنية العراقية، التي تؤكد عدم الاعتراف بهذا العدو المحتل، منوّها بأنّ هذا الأمر تكرر مع لاعبي منتخب العراق الوطني “سفيان ناظم ومحمد إسماعيل” اللذين رفضا مواجهة لاعبي الكيان الصهيوني في تايلند عام 2015.
وتستمر عمليات رفض التطبيع لتصل إلى دولة الكويت ففي فبراير من العام 2013، أعلن لاعب التايكوندو الكويتي “عبد الله الفرهود” رفضه مواجهة خصمه الإسرائيلي في إطار منافسات الدور الثاني من بطولة دولية للعبة أُقيمت في السويد، وعبر الفرهود عن اعتزازه باتخاذه هذا القرار، مؤكدا في تغريدة على موقع “تويتر” بأنّ انسحابه أمام الكيان الصهيوني فخر له، وأنّ عدم اعترافه بدولة إسرائيل شرف له في مسيرته الرياضية. وبالإضافة لـ”الفرهود” انسحب بطل تنس الطاولة لذوي الاحتياجات الخاصة الكويتي” عادل الحربي” من نصف نهائي كأس العالم في رومانيا ورفض أن يلعب ضد منافسه إسرائيلي، وذلك في العام 2012.
اليمن هي الأخرى لم تكن بعيدة عن أجواء الانسحابات، حيث انسحب لاعب المنتخب اليمني للجودو الدولي “علي خصروف” من مواجهة لاعب إسرائيلي ضمن بطولة كأس العالم للجودو التي أُقيمت في مدينة “دوسلدورف” الألمانية، وكانتا هذه البطولة هي المؤهلة لأولمبياد لندن 2012. وفي ليبيا انسحب البطل الليبي في لعبة الجودو “محمد الهادي الكويسح”، من بطولة العالم للجودو في كازاخستان عام 2015، وذلك بعد أن أسفرت قرعة منافسات وزن 60 كيلو جرام، عن وضعه في مواجهته أحد لاعبي الكيان الإسرائيلي، حيث أكد الكسيح أن انسحابه هذا تعبيراً منه عن مساندته ودعمه للقضية الفلسطينية.
كما برزت مؤخرا حملات تضامن مع الشعب الفلسطيني من قبل العديد من الرياضيين، أبرزهم الجزائري رياض محرز لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي، والفرنسي بول بوغبا لاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي أيضا، في أعقاب عمليات القصف الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. كما أن لاعب الكيك بوكسينغ الأردني “محمد البناط” رفض هو الآخر خوض مباراة أمام لاعب إسرائيلي في مباراة ضمن بطولة تركيا الدولية وأوضح اللاعب الأردني “البنا” الذي اكتفى بالمدالية البرونزية أنه يرفض بشكل قاطع منافسة أي لاعب يمثل “إسرائيل”، في رسالة تضامن واضحة مع الشعب الفلسطيني الذي يفقد خيرة شبابه يومياً بسبب بطش الاحتلال وعنصريته.
كما ذكرت وسائل إعلام مصرية بأن “أحمد عوض” لاعب المنتخب الوطني للجودو، انسحب أمام اللاعب الإسرائيلي، ضمن منافسات بطولة العالم التي أقيمت في النمسا، وأشارت تلك الوسائل الإعلامية إلى أن المقاطعة الرياضية للاعبين العرب بصفة عامة والمصريين بصفة خاصة، تأتي ضمن سياسة المقاطعة التي تفرض على اللاعبين الإسرائيليين. كما انسحب لاعب الفريق السوري من منافسات البطولة الدولية الرابعة المفتوحة للكيك بوكسينغ التي أقيمت في مدينة أنطاليا التركية، رافضاً مواجهة لاعب إسرائيلي في البطولة وقال مدرب اللاعب: “إنه من الطبيعي اتخاذ هذه المواقف من الرياضيين الأحرار، ولا يمكن الالتقاء مع لاعبي الكيان الصهيوني في المنافسات الرياضية”، مضيفاً إن ذلك الموقف هو إجراء طبيعي بالنسبة لنا، ونعبّر فيه عن مبادئنا وإخلاصنا لقضيتنا. وفي السياق نفسه، أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأن بطل لبنان “بسام محمد صفدية” رفض خلال مشاركته مع منتخب لبنان لكرة الطاولة في بطولة البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا، مواجهة لاعب إسرائيلي، أوقعته القرعة في مواجهته، رفضاً للتطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني.
لقد أشاد الكثير من أبناء الشعوب العربية والمحللين السياسيين والمغردين بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بانسحاب الكثير من اللاعبين العرب والمسلمين واعتبروا كل تلك الانسحابات وكل ذلك الرفض موقفاً عربياً وإسلامياً مشرّفاً رافضاً للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. وجاءت هذه الخطوات أيضا من دول رافضة للتطبيع مع إسرائيل في خضم الاتفاقات التي أبرمتها بلدان عربية عدة مع الدولة العبرية، على غرار الإمارات والبحرين والمغرب. وفي الختام يمكن القول أن قائمة اللاعبين المنسحبين من مواجهات خصومهم الإسرائيليين تطول يوما بعد يوم، حيث يبقى الانسحاب هو السلاح الأبرز أمامهم لمواجهة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وهو موقفٌ يبتعد عن الحال الذي وصلت له عدد من حكومات المنطقة التي آثرت التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، ليبقى الرياضيون يمثلون الحالة الشعبية والجماهيرية في رفض التطبيع ولو كلّفهم ذلك التضحية بالمراكز التي أتوا للحصول عليها.
المصدر/ الوقت