التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

عضوية الكيان الصهيوني في الاتحاد الأفريقي.. و استمرار حياة العزلة التي لا مفر منها 

انضم الكيان الصهيوني مؤخرا إلى الاتحاد الأفريقي بصفة “مراقب”. ولقد أثارت العضوية الصهيونية في الاتحاد الأفريقي ردود فعل من الفصائل والجماعات الفلسطينية المختلفة في الأيام الأخيرة. وفي هذا الصدد، ذكرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في بيان لها أن قرار الكيان الصهيوني بالانضمام إلى الاتحاد الأفريقي سيشرعن احتلال الأرض الفلسطينية ويمهد الطريق لاستمرار خطط العدو الصهيوني لانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني وارتكاب جرائم وحشية بحقه. وواصلت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” بيانها بالأسف على القرار الذي اتخذته الدول الأفريقية التي ابتليت بالاستعمار والعنصرية منذ قرون. وقال البيان “كالعادة، ندرك دعم الدول الأفريقية في نضالها العادل من أجل الحرية والاستقلال، ونتطلع إلى دعمها القوي والمستمر”. واضافت حركة “حماس” في بيانها: “لسوء الحظ، اتخذت هذا القرار الدول الاعضاء في الاتحاد الافريقي التي كانت تحت سيطرة الاستعمار والعنصرية لقرون وبذلت جهودا كبيرة للتخلص منها”. وتابعت: “كنا وما زلنا نرى في دول هذه القارة امتدادًا طبيعيًا لنضالنا العادل من أجل الحرية والاستقلال، ونتطلع لدعمها القوي والمستمر”. وطالبت “حماس” بـ”طرد الاحتلال الإسرائيلي من الاتحاد فورًا، وفرض العقوبات الرادعة عليه حتى يرضخ للحق والعدل”.

وعلى صعيد متصل، أدانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بشدة، يوم السبت الماضي، قرار منح الكيان الإسرائيلي عضوية بصفة مراقب في الاتحاد الإفريقي. وقال المتحدث باسم الحركة “طارق سلمي”، في تصريح له، إن: “القرار يعكس مدى النفوذ الصهيوني الذي وصل حد الهيمنة على الاتحاد الإفريقي الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار الدول الإفريقية”. وأكد أن “منح عضوية مراقب للاحتلال انتكاسة كبيرة في سياسات الاتحاد الإفريقي التي عانت دوله على مدار عقود من الاحتلال والعنصرية، وخاضت شعوبه ثورات كبيرة ضد الاستعمار والعنصرية”. وشدد على أن “القرار لا يمثل الشعوب الإفريقية التي تقف دوماً مع مظلومية الشعوب وتنحاز لعدالة القضية الفلسطينية”. ودعت الجهاد الإسلامي الأحزاب والقوى الحرة في دول القارة الإفريقية إلى الانتباه لمخاطر هذا القرار على أمن القارة واستقرار دولها، والوقوف ضد هذا القرار ورفضه والعمل على إسقاطه وطرد الكيان الإسرائيلي.

إن الحقيقة هي أن الصهاينة منذ البداية كانت لديهم نظرة استغلالية للقارة السوداء وحاولوا توسيع نفوذهم في هذه القارة. لذلك، فإن اهتمام إسرائيل بالقارة الأفريقية لا يعود إلى الأمس واليوم، ولكن هذا الأمر متجذر في التاريخ. فقد حاول الصهاينة منذ البداية أن يجعلوا القارة الأفريقية حديقتهم الخلفية الخاصة بهم. ويعتبر أحد الأسباب الرئيسة لانضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد الأفريقي هو الحفاظ على هذه الخصوصية. ومن الأسباب والعوامل الرئيسية لمحاولة الكيان الصهيوني توسيع هيمنته في القارة الأفريقية هو أن الكيان يشعر بأن جمهورية إيران الإسلامية لها تأثير أيديولوجي في هذه القارة. في الواقع، أدى تاريخ المعاناة في القارة الأفريقية، والذي نشأ من الأعمال العدائية للمستعمرين في هذه القارة، إلى تحول البلدان الأفريقية أكثر فأكثر نحو الخطاب والإيدولوجية الإيرانية.

وهذا الاتجاه نحو جمهورية إيران الإسلامية من قبل دول القارة الأفريقية أدى إلى توسع نفوذ طهران في هذه القارة. ولهذا يعتقد الصهاينة أن هذا التأثير يمكن أن يكون له عواقب اقتصادية جيدة على طهران. لذلك قررت سلطات “تل أبيب” الحد من نفوذ طهران في القارة السوداء لمنع توسع علاقات إيران مع الدول الأفريقية. الهدف الآخر الذي جعل الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم للتسلل إلى القارة السوداء هو استخدام واستغلال موارد هذه القارة، بما في ذلك نفطها. وبحسب آخر التقارير المنشورة، تقدر احتياطيات إفريقيا من النفط بنحو 125 مليار برميل. بالإضافة إلى ذلك، فإن 10 دول في القارة الأفريقية هي دول مصدرة للنفط إلى أجزاء أخرى من العالم. وإضافة إلى ذلك، فإن القارة الأفريقية مهمة جغرافيا. ويدرك الصهاينة أيضًا أهمية القارة السوداء ويحاولون الاستفادة من موقعها الجغرافي. في الواقع، تقع قارة إفريقيا بين قارتين أوروبا وآسيا، ما ضاعف من أهميتها الاستراتيجية والجغرافية وهذا الأمر يدركه الصهاينة جيدا.

وهناك قضية مهمة أخرى في مناقشة انضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد الأفريقي كعضو مراقب، تتعلق بالمنافسة الإقليمية بين مختلف الجهات الفاعلة على النفوذ في القارة الأفريقية، وخاصة في الجزء الشمالي من القارة والدول المجاورة للبحر الأبيض المتوسط. قفي السنوات الأخيرة، حاولت جهات فاعلة مختلفة التدخل بنشاط في أزمات دول هذه القارة. وعلى سبيل المثال، لعبت الإمارات دوراً خبيثاً في جيبوتي، وفي صحراء تغرا في إثيوبيا، والسودان، وليبيا ، وما إلى ذلك، من خلال إنشاء قواعد عسكرية، وتقديم الدعم العسكري والسياسي للقوات الموالية لها. وتنطبق مثل هذه التدخلات والتنافسات على النفوذ في القارة الأفريقية على دول أخرى، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر والكيان الصهيوني وهذا يعني أن كل من هذه الجهات الفاعلة قد دخلت في منافسة على النفوذ في القارة الأفريقية في شكل تحالفات منفصلة. وحتى الآن، يبدو أن انضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد الأفريقي كعضو مراقب يمكن تقييمه من خلال التنافس مع الجهات الفاعلة الأخرى، وخاصة الحكومة التركية.

وفي غضون ذلك، يحاول الكيان الصهيوني مواجهة الحركات والدول في القارة الأفريقية التي لا تقوم بتطبيع علاقاتها مع هذا الكيان. وعلى سبيل المثال، نرى الآن أن الحركة الإسلامية في نيجيريا، بقيادة الزعيم الشيعي المعتقل الشيخ “زكزاكي”، لديها نهج مناهض للصهيونية بقوة. ولطالما كانت دول مثل تونس والجزائر على خط المواجهة ضد الصهاينة. ولقد علقت الجزائر على انضمام “إسرائيل” عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي. وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية، يوم الأحد الماضي، أن قرار مفوض الاتحاد الأفريقي ضم “إسرائيل” كعضو مراقب إلى المنظمة، “اتخذ من دون مشاورات موسعة ومسبقة مع الدول الأعضاء”، مشيرة إلى أن “هذا القرار لن يؤثر في دعم الاتحاد الثابت للقضية الفلسطينية العادلة”. وأصدرت الخارجية الجزائرية بياناً بشأن انضمام “إسرائيل” إلى الاتحاد الأفريقي، قالت فيه إن “القرار الأخير لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بشأن قبول مُراقب جديد، والذي يدخل ضمن صلاحياته الإدارية، ليس من شأنه أن يؤثر في الدعم الثابت والفعّال للمنظمة القارية تجاه القضية الفلسطينية العادلة، والتزامها تجسيد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة”. وأضاف البيان إن هذا “القرار لا يحمل أي صفة أو قُدرة على إضفاء الشرعية على ممارسات المُراقب الجديد وسلوكياته، والتي تتعارض تماماً مع القيم والمبادئ والأهداف المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي”. وذكّر البيان بأن “نُظم عمل الاتحاد الأفريقي لا تمنح أي إمكان للدول المراقبة الـ 87 من خارج أفريقيا للتأثير في مواقف المنظمة القارية، والتي يعد تحديدها اختصاصاً حصرياً للدول الأعضاء”.

وتشمل الأهداف الصهيونية الرئيسة الأخرى صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الدول الأفريقية، والدعم السياسي لتغيير الرواية الدولية للوضع في فلسطين، ومواجهة النقد العالمي لجرائم “تل أبيب” كنظام فصل عنصري واستعماري، والسيطرة على الدعم الأفريقي العربي للأنشطة السياسية والعسكرية الفلسطينية، والتي كانت أكثر بروزًا في الماضي، وكانت تشمل إدارة الهجرة، وخاصة نقل اليهود السود كعمال وجنود، وعمليات التعدين، والتنمية الزراعية. إجمالاً، تعود قصة توسع نفوذ الكيان الصهيوني في القارة السوداء، إلى أزمات العقود الأخيرة التي وقعت في الدول الأفريقية، حيث تتكرر الآثار والتدخل الصهيوني في تلك الازمات. وفي الستينيات، كان الكيان الصهيوني يتعامل مع حكومات الدول الأفريقية، ولكن بعد ذلك الحين، كان للجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الجيش والأنظمة الانقلابية روابط وراء الكواليس مع “تل أبيب” التي كانت تدعمها استخباراتيا وأمنيا ولهذا فقد اصبحت تلك الجماعات وتلك الانظمة الانقلابية بشكل متزايد اللاعبين المهيمنين في القارة السمراء. بناءً على ما قيل، يسعى الكيان الصهيوني إلى مواجهة تلك الحركات والدول المعارضة له من خلال توسيع نفوذه في القارة الأفريقية. ومن جهة أخرى، يحاول هذا الكيان إحداث انقسامات وخلافات في الدول الإفريقية. والأهم من ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الصهاينة جعلوا “جذب اليهود الأفارقة” إحدى أولوياتهم، ويحاولون تغيير النسيج الديمغرافي للمجتمع الصهيوني. ونظرًا لأن المجتمع الصهيوني يعاني حاليًا من أزمة هوية وعلى وشك الانهيار، فقد قرر المسؤولون الإسرائيليون أنهم بحاجة إلى تغيير التركيبة السكانية للمجتمع الصهيوني في أسرع وقت ممكن من خلال جذب اليهود الأفارقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق