التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024

“هيومن رايتس ووتش” تعترف: الجرائم الإسرائيلية مثال للفصل العنصري 

“الجرائم الإسرائيلية مثال على الفصل العنصري”؛قد لا يكون هذا “خبرًا جديدًا” لكثير من الناس حول العالم، لكن اعتراف “هيومن رايتس ووتش” كهيئة أمريكية مؤثرة في مجال حقوق الإنسان، يعدّ قضيةً جديدةً ومهمةً للغاية.

يقدِّم التقرير التالي أولاً لمحةً موجزةً عن تقرير جديد لـ هيومن رايتس ووتش، تعتبر فيه الجرائم الإسرائيلية الفصل العنصري رسمياً، وتصف بعد ذلك الجهود اليائسة لهذا الکيان لمواجهة آثار هذا التقرير.

هيومن رايتس ووتش: إسرائيل تمارس الفصل العنصري

في تقرير من 213 صفحة بعنوان “عتبة متجاوزة: السلطات الإسرائيلية وجرائم الفصل العنصري والاضطهاد”، اعترفت هيومن رايتس ووتش في الثلاثاء 7 مايو 2021 لأول مرة بأن جرائم الکيان الصهيوني هي مثال على الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

يقول “كينيث روث” المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش حول هذا التقرير: “هناك شخصيات بارزة ظلت تحذر منذ سنوات من أنه إذا لم تتغير طريقة إسرائيل في حكم الفلسطينيين، فإنها لا تبتعد من الفصل العنصري سوی خطوة. ويوضح هذا التقرير المفصل أن السلطات الإسرائيلية قد اتخذت بالفعل هذه الخطوة، واليوم ترتكب جرائم ضد الإنسانية على شكل فصل عنصري واضطهاد.”

في تقرير هيومن رايتس ووتش، نقلاً عن “الاتفاقية الدولية لعام 1973 لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها” و”نظام روما الأساسي لعام 1998 للمحكمة الجنائية الدولية”، يُعرَّف الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية تشتمل على ثلاثة عناصر:

1- الإرادة في استمرار سيطرة فئة عرقية على فئة عرقية أخرى

2- أرضية ظلم ممنهج من قبل مجموعة مهيمنة علی أخری مهمشة

3- الإجراءات اللاإنسانية.

لا تسرد هيومن رايتس ووتش فقط بعض جرائم الکيان الصهيوني وتعترف بها على أنها تفرقة عنصرية، بل في قسم بعنوان “الاقتراحات”، بالإضافة إلى الکيان الصهيوني نفسه، اقترحت على مختلف الحكومات والمنظمات في جميع أنحاء العالم اتخاذ إجراءات لوقف الفصل العنصري الإسرائيلي. وتشمل هذه الاقتراحات:

◄للسلطة الفلسطينية: قطع كل تعاون أمني مع الجيش الإسرائيلي، الذي يسهل جرائم الفصل العنصري والمضايقات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

◄ إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية: التحقيق مع الأشخاص المتهمين بشكل موثوق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في شكل فصل عنصري أو مضايقات ومقاضاتهم.

◄ لأعضاء الأمم المتحدة: الاقتراح على الدول الأعضاء والكتل متعددة الأطراف اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في شكل عقوبات هادفة، بما في ذلك حظر السفر، وحظر الأصول ضد المسؤولين والمؤسسات الذين يتهمون بشكل موثوق بارتكاب الفصل العنصري والمضايقات، بالنظر إلى المأزق الحالي في مجلس الأمن.

◄ إلى رئيس الولايات المتحدة: إصدار بيانات عامة تعبر عن القلق من جرائم الفصل العنصري والمضايقات من قبل السلطات الإسرائيلية.

◄ إلى وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والخزانة الأمريكية: جعل المساعدة العسكرية والأمنية لإسرائيل مشروطةً على عمل السلطات الإسرائيلية في اتخاذ خطوات عملية يمكن التحقق منها لإنهاء الفصل العنصري والاضطهاد.

◄ إلى الشركات العاملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: وقف الأنشطة التجارية التي تساهم بشكل مباشر في جرائم الفصل العنصري والمضايقات.

ما أهمية تقرير هيومن رايتس ووتش؟

على الرغم من أن دعوة منظمة هيومن رايتس ووتش للحكومات والمنظمات المختلفة لمقاطعة وقطع التعاون التجاري مع الکيان الصهيوني هي نوع من الدعم الضمني لحركة “المقاطعة وعدم الاستثمار والعقوبات”، وهي من أكثر الحركات المناهضة للصهيونية فاعليةً، لکن أهمية تقرير هيومن رايتس ووتش لا تقتصر على ما ورد أعلاه والاقتراحات الأخرى لهذه المنظمة لمؤسسات أخرى مثل الاتحاد الأوروبي.

إضافة إلى ذلك، فإن سبب استخدام هيومن رايتس ووتش لهذه الأدبيات الصريحة، وتراجع هذه المؤسسة عن مواقفها السابقة في التسامح مع الکيان الصهيوني، يتطلب مزيدًا من التوضيح.

في بداية مذکرة حول تقرير هيومن رايتس ووتش، كتب موقع “کامن‌دریمز” التحليلي الأمريکي: “من بين العديد من منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، تعتبر هيومن رايتس ووتش الهيئة الأكثر شهرةً وربما الأكثر نفوذاً في واشنطن. لذلك، عندما تكتب هذه المؤسسة تقريرًا قانونيًا قائمًا على الحقائق في أكثر من 200 صفحة، وتخلص إلى أن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية قد ارتكبوا جريمة الفصل العنصري، فإنها مسألة كبيرة جدًا.”

ويواصل هذا الموقع التقدمي الأمريكي تقريره حول أهمية وسبب نشر تقرير هيومن رايتس ووتش على النحو التالي:

“عندما تقول منظمة هيومن رايتس ووتش، وهي الهيئة الدولية لحقوق الإنسان التي تتمتع بأكبر قدر من الوصول المباشر إلى السلطة في واشنطن العاصمة، إن إسرائيل ارتكبت جريمة الفصل العنصري، فهذا ليس مجرد تغيير في الخطاب حارب الكثير من أسلافنا من أجله ونجحوا في ذلك، لكنه خطوة جديدة في اتجاه هذا التغيير. كان مراقبو حقوق الإنسان والمؤسسات الأخرى مترددين في استخدام كلمة “الفصل العنصري”، لأنها تعني الكثير وقوية جدًا، ولم يرغبوا في ذكر الحقيقة الواضحة.”

ولأن الحركات التي يقودها الفلسطينيون والحركات الأوسع الداعمة للحقوقية الفلسطينية قد نجحوا في تغيير هذا الخطاب، قررت منظمة مثل هيومن رايتس ووتش الآن الانضمام إلى هذه المجموعة (وإدانة الفصل العنصري الإسرائيلي).

وسواء اعترفت هيومن رايتس ووتش بذلك أم لا، ليس هناك شك في أن جزءًا كبيرًا من قرارها بنشر تقرير حديث في هذا الوقت، كان مبنيًا على فهمها بأن الاعتراف بالفصل العنصري الإسرائيلي لم يعد انتحارًا سياسيًا، بل نحن الآن في نقطة تحول وبموجبه يؤدي عدم الاعتراف بالفصل العنصري الإسرائيلي إلى فقدان مصداقية منظمة حقوق الإنسان.

مؤيدو الکيان الإسرائيلي يهاجمون هيومن رايتس ووتش

الموقع الأمريكي “مينت برس نيوز” وفي تقرير بعنوان “في أعقاب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن الفصل العنصري، شن مؤيدو الکيان الإسرائيلي هجوماً عالمياً في مجال العلاقات العامة”، وصف تقرير هيومن رايتس ووتش الأخير بأنه “قنبلة إخبارية”، ونقلاً عن آسا وينستونلي، المحقق الاستقصائي لموقع “الانتفاضة الإلكترونية” الأمريكي، کتب قائلاً: “بحسب ما ورد، تستعد منظمة العفو الدولية للاعتراف بالفصل العنصري الإسرائيلي بعد هيومن رايتس ووتش.”

وفي مقابلة مع “مينت برس نيوز”، قال وينستونلي: إن تقرير هيومن رايتس ووتش يضع مؤيدي إسرائيل في موقف صعب، لأن هيومن رايتس ووتش هي في الحقيقة جزء من النظام(للولايات المتحدة)؛ لذا لا يمكنهم تجاهل هذا التقرير … من الصعب القول إن هيومن رايتس ووتش معادية للسامية؛ ومع ذلك، فهم يبذلون قصارى جهدهم.”

ثم يشرح “مينت برس نيوز” هذه الجهود بالتفصيل. وفيما يلي ملخص لتقرير هذا الموقع الأمريكي.

إن جزءًا كبيرًا من الغضب عبر الإنترنت ضد هذا التقرير، هو في الواقع من عمل تطبيق تابع للحكومة الإسرائيلية: Act.IL. ينظم هذا البرنامج مؤيدي الدولة اليهودية للتنسيق بينهم، لخلق موجة مصطنعة من المعارضة للتقرير. ويوجِّه التطبيق، الذي يقال إن ميزانيته تزيد عن مليون دولار سنويًا، مستخدميه لنشر تعليقات سلبية حول التقرير على فيسبوك وتويتر ومواقع إعلامية شهيرة، ويدعم الأشخاص الآخرين الذين يفعلون ذلك.

کما أن أسفل منشور هيومن رايتس ووتش على فيسبوك حول التقرير الأخير، يوجد أكثر من 1400 تعليق، مئات منها مكتوبة بنبرة متشابهة وسلبية للغاية.

على سبيل المثال، أحد الآراء التي طلب Act.IL صراحةً من مستخدميه الترويج له، يصف الفلسطينيين بأنهم شعب ” غرست فيهم كراهية إسرائيل واليهود لأكثر من 100 عام”، ويدعي أن الفلسطينيين يتقاضون رواتبهم لقتل الإسرائيليين، وأن حرب 1967 واحتلال فلسطين خطوة إنسانية لتوصيل الكهرباء والبنية التحتية للعرب.

و”المهمة” الأخرى التي أوکلها Act.IL لمستخدميه، هي دعم تعليق على فيسبوك يصف تقرير هيومن رايتس ووتش بأنه “مجرد نشر للكراهية”، ويعتبر الكاتب الأصلي للتقرير بأنه “مسعور معاد للصهيونية وکاره لإسرائيل”.

ما هو Act.IL وكيف يعمل؟

Act.IL واحدة من الأدوات الرئيسية في الهيكل الإلكتروني للعلاقات العامة الإسرائيلية.

بدأ هذا البرنامج في عام 2017 وهو جزء مما يسميه جلعاد أردان، وزير الشؤون الاستراتيجية والدبلوماسية العامة الإسرائيلي آنذاك(ممثل الکيان الإسرائيلي حاليًا لدى الأمم المتحدة وسفيره في الولايات المتحدة)، “القبة الحديدية الحقيقة”.

وإذ أشار اردان إلى أن الرأي العام في الولايات المتحدة ينقلب علی إسرائيل، أوضح أن “هواتفنا المحمولة هي السلاح الأول ضدنا”. وعلى الرغم من أن معظم مستخدمي هذا البرنامج البالغ عددهم 20 ألف شخص هم متطوعون، إلا أن النواة الأساسية لهؤلاء المستخدمين هم وكلاء يتقاضون رواتب، ويحصل العديد من الطلاب على منح دراسية لقاء أنشطتهم.

لقد تم تصميم البرنامج ليبدو وكأنه لعبة: يتلقى المستخدمون نقاطًا إزاء “المهام” التي يقومون بها، مثل مشاركة مقاطع فيديو مؤيدة لإسرائيل، أو الإبلاغ عن انتهاكات المحتوى المعادي لإسرائيل، أو توقيع العرائض، أو حضور ندوات عبر الإنترنت.

کما يمكنهم أيضًا تتبع نقاطهم في لوحة النتائج التنافسية، وكسب الميداليات والجوائز، والدردشة مع أعضاء آخرين في الجمعية. وعلى الرغم من أن البرنامج قد يبدو مثل “أنيمل كروسينغ” أو “وورلد أوف ووركرافت”(ألعاب متعددة اللاعبين عبر الإنترنت) بالنسبة للبعض، إلا أن مبتكري البرنامج يرونه جبهةً جديدةً في الحرب ضد فلسطين.

بالإضافة إلى ذلك، يوجد صندوق أدوات عبر الإنترنت مليء بالمجلدات التي تجيب على الأسئلة الشائعة والمشكلات. على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين الانتقال إلى مجلد “المقاطعة، عدم الاستثمار والعقوبات”، والحصول على إجابات جاهزة لحجج مؤيدي الحركة. أو يمكنهم الانتقال إلى مجلد معين للعثور على مقالات وصور ومقاطع فيديو، يمكنهم استخدامها لانتقاد حرکة حماس.

يتم تصنيف هذه المهام وفقاً لوسائل الإعلام؛ لذلك يمكن للمستخدمين، على سبيل المثال، استهداف فيسبوك أو تلغرام أو المنصات الأساسية الأخرى المألوفة لديهم أكثر.

حتى كتابة هذه السطور، هناك 10 مهام على فيسبوك و 10 مهام على يوتيوب و 30 مهمة على إنستغرام و 25 مهمة على تويتر. على سبيل المثال، تتمثل إحدى المهام في دفع متجر على الإنترنت لإزالة محفظة مکتوب عليها “لنجعل إسرائيل فلسطين مرةً أخرى”.(في إشارة إلى شعار حملة دونالد ترامب، “لنجعل أمريكا عظيمةً مرةً أخرى”.)

يقول وينستينلي: “إنه لأمر مدهش حقًا كيف ​​يفعلون ذلك علناً”. في الوقت نفسه، عندما ترى رأيًا عبر الإنترنت، فأنت لا تعتقد بالضرورة أنه ربما تم تسجيله نيابةً عن الحكومة الإسرائيلية؛ لكن هذا هو ما يحدث بشكل أساسي”.

ومع ذلك، على الرغم من كل الجهود الإسرائيلية، فمن الواضح أن تطبيق Act.IL يواجه مشاكل خطيرة في الاحتفاظ بمستخدميه، وليس لديه عدد كافٍ من المتطوعين لتغيير نتيجة اللعبة حقًا.

الشبكات الاجتماعية وسياسة المعايير المزدوجة

في الوقت الذي زاد فيه الوعي بتدخل الحكومات الأجنبية في الفضاء الإلكتروني، من المدهش أن هذه العملية تحدث بشكل واضح على جميع المنصات الرئيسية تقريبًا.

وتعمل شركات التكنولوجيا العملاقة مثل تويتر و يوتيوب و فيسبوك باستمرار على حذف عشرات الآلاف من الحسابات الروسية والصينية والإيرانية والكوبية، التي يُزعم أنها تنتمي إلى حملات مكافحة استخبارات منظمة ترعاها حكوماتهم.

وقد تواصل “مينت برس نيوز” مع فيسبوك و يوتيوب و کوئرا (Quora) وغيرها من المنصات الرئيسية التي يستخدمها هذا البرنامج، لمعرفة ما إذا كانت عمليات Act.IL قانونيةً أم لا؛ ولکن لم ترد أي من هذه المنصات على “مينت برس نيوز”.

علی الرغم من أن هذا الأمر جدير بالملاحظة بشكل خاص(لأن هذه الشركات لديها فرق علاقات عامة تجيب على الأسئلة المتعلقة بالقضايا الأخرى بوضوح شديد وفي الوقت المناسب)، ولکن قد لا يكون مفاجئًا.

يعمل موقع فيسبوك، على وجه الخصوص، منذ فترة طويلة مع الحكومة الإسرائيلية عن كثب في قراراته بشأن الأصوات التي يجب تعتيمها. وقد تفاخرت وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد في عام 2016، بأن فيسبوك أزال 95٪ من المنشورات التي طلب مكتبها إزالتها.

هذا في حين أنه عندما دعت شاكيد بنفسها إلى الحرب والإبادة الجماعية ضد فلسطين ونساء هذا البلد اللواتي يلدن “ثعابين صغيرة”، لم يقتصر الأمر على بقاء التغريدة على الإنترنت، بل نالت آلاف الإعجابات وتم تغطيتها على نطاق واسع.(تم حذف التغريدة أخيرًا بعد تلقي آلاف الإعجابات وأكثر من ألف اشتراك.)

رغم أن تقرير هيومن رايتس ووتش جديد، إلا أن مزاعم الفصل العنصري ضد الکيان الإسرائيلي ليست جديدةً. ففي تقرير صدر عام 2017، خلصت الأمم المتحدة “صراحةً وبشكل لا لبس فيه” إلى أن إسرائيل هي “دولة عنصرية خلقت نظام فصل عنصري يضطهد الشعب الفلسطيني”.ومع ذلك، فإن تقرير هيومن رايتس ووتش هو أحدث علامة على أن الناس في الغرب يغيرون مشاعرهم تجاه فلسطين.

کذلك، خلال المنافسة الحزبية في الانتخابات الرئاسية الأمريکية عام 2020 داخل الحزب الديمقراطي، نأى عدد من المرشحين البارزين بأنفسهم علانيةً عن لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية(أيباك، اللوبي الصهيوني القوي داخل الولايات المتحدة)، ورفضوا حضور مؤتمر ايباك.

لكن مؤيدي فلسطين لم ينتصروا بعد في هذا النضال، ومن الواضح أن اللوبي الإسرائيلي سيواصل هذه الحرب، وستحاول ايباك إيقاف هذه الموجة حتى يتم السيطرة عليها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق