السليمانية ما زالت ملتهبة.. أبناء “طالباني” يصرون على إقالة الرئيس المشترك للاتحاد الوطني
فشلت جهود حل الخلافات بين الرؤساء المشتركين للاتحاد الوطني الكردستاني، ودخلت الانقسامات الداخلية بين عائلة “طالباني” لمرحلة جديدة. وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية أن الاجتماع المنفصل الأخير بين “علي بابير”، زعيم حزب الجماعة الكردستانية العراقية، و”بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي”، لم يمنع تصعيد التوترات في مدينة السليمانية، حيث أعرب “محمود سنكاوي”، عضو الاتحاد الوطني العراقي (المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني)، أن هذه التوترات تعتبر شأناً عائلياً وليس لها علاقة تذكر بالجماعات الحزبية الأخرى. وبالطبع، تحاول الفصائل المتعددة في الاتحاد الوطني الكردستاني بطريقة ما تأمين حصتها من مستقبل الحزب في ضوء التطورات والأحداث الجارية. وكان لقاء يوم الاثنين الماضي بين “بافل طالباني” الرئيس المشارك وبالطبع صانع القرار الرئيسي في الاتحاد الوطني الكردستاني هذه الأيام مع الفريق العسكري الفرنسي في إقليم كردستان، تمهيدا لتصعيد التوترات في مدينة السليمانية. ولقد ذكر الابن الأكبر لـ”طالباني” صراحة في الاجتماع أن الاتحاد الوطني الكردستاني سيواصل العملية الحالية وسينفذ إصلاحات جذرية ولن يسمح باستخدام قوات الحزب العسكرية والأمنية لتحقيق مكاسب شخصية تحت أي ظرف من الظروف. وبالنظر إلى أن الفريق العسكري الضيف لم يلتق ب”لاهور شيخ جنكي”، فإن ذلك يعني فعليًا انفصاله عن قيادة الاتحاد الوطني، وهذا ما يؤكده اصداره بعد ذلك رسالة إلى أهل المنطقة وأعضاء وأنصار الاتحاد.
وعد “لاهور شيخ جنكي” بالمواجهة
أعلن “لاهور شيخ جنكي” في رسالة على فيسبوك أن أسرة “طالباني” أبلغته بضرورة مغادرة كردستان. وقال إن الإخلاء كان سيتم باستخدام القوات العسكرية التابعة للحكومة الإقليمية. وأكد الرئيس المشارك في لاتحاد الوطني الكردستاني لأنصاره أنه سيبقى في مدينة السليمانية حتى اللحظة الأخيرة، وأن الوقت قد حان لمقاومة ما أسماه مؤامرة. وفي أعقاب ذلك، لجأت أسرة “جلال طالباني” إلى شن هجمات إعلامية مكثفة على “لاهور شيخ جنكي” وقامت بتلفيق العديد من الاتهامات اليه في هذه المنطقة والتي منها الاتجار المنظم وخطف رجال الأعمال والرأسماليين وأخذ أموال من النشطاء الاقتصاديين ودعم المفسدين الاقتصاديين والمتهمين في هذا المجال.
وفي هذه الرسالة، قال “شيخ جنكي”، انه “بعد صبر طويل من اجل امن مدينة السليمانية واقليم كردستان بصورة عامة، ومن اجل حل مشكلات ما بعد مؤامرة 8 تموز، حاولت حلها عن طريق الحوار والمسار الحزبي”. وأضاف بالقول، “من اجل ذلك اعلنت استعدادي بصورة مؤقتة ان اتنازل عن سلطاتي التنفيذية للرئيس المشترك بافل طالباني بشرط تشكيل لجنة تحقيقية حزبية لتوضيح الحقائق حول التهم الموجهة ضدي”. وأوضح، “للاسف يظهر انه بسبب المنع، لم يتمكن الحزب من تشكيل تلك اللجنة، وبعد يأسي من المكتب السياسي للحزب، قررت اللجوء الى محكمة السليمانية واطلب حسم كل تلك التهم الموجهة إلى عن طريق المحكمة”. واضاف، “كنت استطيع ليس عن طريق اطلاق التهم بل بالدلائل رفع الستار عن الكثير من الاعمال البغيضة، التي يقوم بها الاشخاص الذين يطلقون التهم ضدي”، مستدركا ان “تربيتي واخلاقي لا تسمحان لي اطلاقا ان افعل هذا الامر”. وتابع “شيخ جنكي”، أن “اقليم كردستان يمر اليوم باوضاع معقدة جدا سياسيا وامنيا واقتصاديا وانا لم انتظر ابدا ان نزيد الحمل على شعبنا اكثر، ولو كنت اعلم ان مشكلة شعبي وقطع دابر الفساد تنتهي بتنحي لاهور شيخ جنكي وابتعاده عن الوطن فكونوا على ثقة بأنني كنت سافعل ذلك منذ مدة”.
وأضاف، إن ما يحصل “مؤامرة أخطر مما يتم الحديث عنها”، مردفا “في السنوات الماضية حاولنا ان يكون الاتحاد الوطني الكردستاني صاحب قراره المستقل ولا يقع تحت تاثير اي حزب آخر”. وقال “شيخ جنكي”، “في الوقت نفسه حددنا الخط الوطني والقومي للاتحاد، ولم نكن على استعداد باي شكل من الاشكال ان نقع تحت تأثير المؤامرات الاقليمية، وحاولنا حفظ المنطقة الخضراء (مناطق نفوذ الاتحاد) وان نوفر سيادة القانون وحرية الاعلام وحرية التعبير عن الرأي والامان والاستقرار والعيش الرغيد لاهالينا، ودفعنا ضرائب كثيرة من اجل ذلك”. وزاد أن “هذه المؤامرة جزء من الضريبة التي كان يجب ان ندفعها، وان استهدافي الشخصي فقط البداية لهذه المؤامرة، والا فان هناك العديد من التصرفات الخطيرة التي ستجرها بعدها”. وذكر “شيخ جنكي”، “اريد ان احذر اعضاء وكوادر وانصار ومؤيدي الحزب والمجتمع انه تم ابلاغي بان اترك كردستان، ويبدو انهم قرروا اقتحام منزلي بقوة القوات الحكومية وابعادي عن كردستان”. وختم بالقول، “لذلك قررت ان اواجه هذه المؤامرة والا اترك شعبي لآخر نفس، وان افعل كل ما استطيع القيام به بمساندة المخلصين لاجتياز هذا الوضع الذي ابتلي به اقليمنا لاني كنت قد قررت ان اكون خادما للشعب الكردستاني”.
تغييرات واسعة في مؤسسات وأجهزة الاتحاد الوطني الكردستاني
يُقال إن عائلة “طالباني” ستفرج عن وثائق سرية في الأيام والأسابيع المقبلة تتعلق بشكل مباشر بالتهم الموجهة إلى “لاهور شيخ جنكي”، ومن المقرر أن تعمل محكمة مدينة السليمانية، على إحداث تغييرات واسعة في المؤسسات والأجهزة في الأسابيع المقبلة فرع من الاتحاد الوطني وهو نوع من التطهير لأعضاء وأنصار “لاهور شيخ جنكي”. وشدد أبناء طالباني على أن “لاهور شيخ جنكي”، حتى قبل اجتماع مجلس القيادة، بحاجة إلى الاستقالة من منصب الرئيس المشترك للاتحاد الوطني ومغادرة إقليم كردستان. ومن المتوقع أنه بسبب التطورات التي شهدها يوم الاثنين الماضي في الاتحاد الوطني ومنطقة السليمانية، سيتغير اتجاه التطورات في الأيام المقبلة.
الجدير بالذكر أن الخلاف وصل ذروته بين أبناء طالباني و”لاهور جنكي” وكاد يفضي إلى مواجهة عسكرية، حينما قامت قوة مقربة من “بافل طالباني”، ليلة الخميس الماضي، بتوقيف رئيس مؤسسة المعلومات “محمد تحسين طالباني” وهو ابن أخت “لاهور شيخ جنكي” وشقيق “آلا طالباني”، رئيسة كتلة الاتحاد الوطني في البرلمان العراقي ومستشار رئيس المؤسسة، “رنج شيخ علي”، لـ24 ساعة، قبل إطلاق سراحهما، نتيجة تدخل عدد من مسؤولي الاتحاد السابقين والحاليين، إضافة إلى المنسق العام لحركة التغيير، “عمر سيد علي”. وشهدت السليمانية ليلة الخميس الماضي، تحريك قوات كما تم وضع القوات التابعة للاتحاد الوطني من الجانبين في حالة تأهب قصوى، قبل أن تنجح مبادرات عاجلة من شخصيات متنفذة في الاتحاد وخارجه في الحد من التصعيد وتجنب حدوث اشتباك مسلح وشيك بين هرمي الحزب الواحد.
وحدث الخلاف، بعدما عمل “بافل طالباني” على منح منصب رئيس مؤسسة المعلومات والتي تقوم بمهام استخبارية للحزب، لشخصية مقربة منه وهو “أجي أمين”، الضابط البارز في مؤسسة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد. التغيير الآخر، طال منصب رئيس مؤسسة مكافحة الإرهاب في الحزب، والذي كان يديره، “بولاد شيخ جنكي”، وهو شقيق “لاهور شيخ جنكي”، حيث عيَّن “بافل طالباني”، الضابط البارز في مكافحة الإرهاب، “وهاب حلبجيي” لتولي المنصب. ومن المقرر أن يباشر الرئيسان الجديدان لمؤسسة المعلومات ومكافحة الإرهاب منصبيهما، الأحد المقبل، كما ستشهد إدارة مطار السليمانية تغييرات في عدة مناصب رغم اعتراض جناح “لاهور شيخ جنكي”.
إلى ذلك، أفاد مصدر في المكتب السياسي للاتحاد، بأن جهوداً تبذل على مستوى رفيع من قادة الاتحاد من أجل إيجاد مخرج وحل للخلافات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني. مبيناً أن الأجواء السائدة تمضي باتجاه التهدئة. ولدى رئيسي الحزب المشتركين، اللذين انتخبا في 18 شباط 2020 رؤى متضاربة حيال القضايا التنظيمية داخل الحزب، وكذلك فيما يتعلق بالمسائل الخارجية، المتعلقة بالعلاقة مع الأحزاب الأخرى، ويقول مصدر في الاتحاد، إن “حصول بافل على أصوات 128 من أصوات أعضاء مجلس القيادة مقابل حصول لاهور على 85 صوتاً، في المؤتمر الرابع للحزب جعل الأول يشعر بأنه في موقع أقوى من نظيره ما يعطيه أحقية إصدار القرارات بشكل أحادي”.
المصدر/ الوقت