التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024

السكك الحديدية بين شلامجة والبصرة… من التجارة بقيمة 20 مليار دولار إلى الشراكة في طريق الحرير الصيني 

في حين أن العراق هو أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين لإيران في التجارة الخارجية، التقى إيرج مسجدي، سفير جمهورية إيران الإسلامية لدى العراق، بالأمين العام لمجلس الوزراء العراقي السيد حميد نعيم الغزي، في 9 أغسطس 2021، وطالب باستكمال مشروع ربط الخط الحديدي الإيراني مع العراق.

أكملت جمهورية إيران الإسلامية عام 2011 مشروع ربط سكة حديد خرمشهر بحدود شلامجة بطول 17 كم، ولكن منذ ذلك الحين فإن الجزء البالغ طوله 32 كيلومترًا من حدود الشلامجة – البصرة لربط السكك الحديدية الإيرانية بشبكة السكك الحديدية الوطنية العراقية، ينتظر إجراءً تنفيذيًا من حكومة بغداد.

يعدّ طريق العبور الترانزيتي هذا مهماً جدًا أيضًا لتطوير التجارة الخارجية للعراق، ولهذا السبب فإن الحكومة العراقية تهتم بإكمال هذا المشروع، بحيث شدد مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخراً على ضرورة بدء المفاوضات لتسريع بناء هذا الخط الحديدي بين العراق وإيران.

سيكلف هذا الخط الحديدي ملايين الدولارات، ويمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا في تطوير العلاقات بين إيران والعراق. كما يُعتبر منصةً لتنفيذ مشروع الحزام والطريق الصيني لربط آسيا الوسطى بمنطقة غرب آسيا.

دور خط سكة حديد الشلامجة – البصرة في تحقيق التجارة بقيمة 20 مليار دولار

اليوم، أصبح تطوير طرق الاتصال بين الدول خطوةً مهمةً نحو تعزيز وزيادة مستوى التبادلات الاقتصادية والتجارية.

وفيما يتعلق بالعراق وجيرانه، فقد لعب بناء الخط الحديدي دورًا مهمًا في تطوير العلاقات الاقتصادية مع العالم، بحيث نظرت تركيا في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى إيران، في ربط الخط الحديدي بالعراق لأغراضها الاقتصادية. وفي هذا الصدد، تنفذ أنقرة بناء خط سكة حديد بين الموصل وتركيا تحت عنوان “إعادة الإعمار الكبرى”.

وبالتوازي مع جهود تركيا لزيادة مستوى العلاقات الاقتصادية مع العراق، ركزت جمهورية إيران الإسلامية في السنوات الأخيرة على بناء خط سكة حديد الشلامجة – البصرة. في الواقع، حددت جمهورية إيران الإسلامية تصدير منتجات بقيمة 20 مليار دولار كهدف استراتيجي لها، وفي غضون ذلك، سيلعب خط السكك الحديدية هذا بلا شك دورًا مهمًا للغاية في تحقيق هذا الهدف.

في الوقت الحالي، تبلغ صادرات إيران السنوية إلى العراق ما بين 12 و 13 مليار دولار، منها 9 مليارات دولار للسلع العامة التي يصدرها القطاع الخاص، و 3 مليارات دولار لتصدير الكهرباء والطاقة من قبل الحكومة.

وفي عام 2020، استورد العراق 7 مليارات و 448 مليون دولار من البضائع الإيرانية، وكان نصيبه 21٪ من إجمالي قيمة الصادرات الإيرانية.

وبشكل أكثر تحديدًا، تعتمد صادرات إيران إلى العراق على مجموعات السلع الأساسية، مثل مجموعة البتروكيماويات والبترول بقيمة 2706 مليون دولار، مجموعة الصناعة بمبلغ 1751‌ مليون دولار، مجموعة الزراعة والصناعات الغذائية بمبلغ 1746 مليون دولار، مجموعة التعدين وصناعة التعدين بقيمة 1226 مليون دولار، والسجاد والصناعات اليدوية بـ 19 مليون دولار على التوالي.

وفي الوضع الجديد أيضًا، يبدو أن خط السكة الحديد هذا يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تحقيق رؤية صادرات بقيمة 20 مليار دولار.

تعزيز وتطوير خط السكك الحديدية الإقليمي كممر لتفعيل طريق الحرير الجديد

الجانب المهم الآخر لإكمال هذا الخط الحديدي، هو العمل الأساسي الجاد لربط إيران والعراق بشبكة التجارة الدولية، وخاصةً مبادرة الحزام والطريق وشبكة الترانزيت الإقليمي التي تمتد من الشرق إلى البحر الأبيض المتوسط ​​والخليج الفارسي، والتي تعدّ حاليًا مکانًا لمنافسة دول مثل الإمارات والسعودية والکيان الإسرائيلي.

في الواقع، إن شبكة السكك الحديدية بين إيران والعراق، هي جزء من شبكة السكك الحديدية الإقليمية التي ستكون حلقة الوصل بين إيران والعراق وسوريا.

ووفقاً للمسؤولين العراقيين، فإن هذا الطريق، الذي يشمل خطي الشلامجة – البصرة والمسيب – كربلاء، يستلزم في المستقبل ربط العراق ليس فقط بإيران بل أيضًا بسوريا والأردن والخليج الفارسي عبر الكويت.

کما ستمهد شبكة السكك الحديدية هذه، التي تربط الشرق بالبحر الأبيض المتوسط​​، الطريق لربط وتنفيذ مبادرة “حزام واحد-طريق واحد” الصينية. وفي هذا الصدد، نرى أنه قد تم النظر مؤخرًا في الجزء العراقي – السوري من حزام السكة الحديد هذا، وتجري إعادة إعمار الخط الحديدي السوري الذي يبلغ طوله حوالي 1800 كيلومتر، وامتد جزء منه إلى دول الجوار، وخاصةً العراق.

يشمل الجزء السوري من هذا المشروع بناء خط سكة حديد بطول 32 كيلومترًا (20 ميلًا)، فيما يتولى العراق بناء هذا الخط في عمق أراضيه، ومن خلاله ترتبط بغداد بكربلاء وكربلاء بسوريا.

بشكل عام، يمكن أن يسهل هذا الأمر حركة الأشخاص والبضائع بين إيران والعراق وسوريا. ولا شك أن دور سوريا في طريق الحرير الجديد(مبادرة الحزام والطريق الصينية) له أهمية خاصة، وتکون خلالها السكك الحديدية الإقليمية جزءًا من مشروع يتصل بشبكات آسيا الوسطى، ويرتبط بدوره بخطوط السكك الحديدية الصينية الروسية.

تعزيز التحالف السياسي والثقافي بين طهران وبغداد

على الصعيد الآخر، فإن استكمال مشروع خط السكة الحديد الحدودي بين الشلامجة والبصرة، يمكن أن يمهد الطريق لتعزيز التحالف السياسي والثقافي بين طهران وبغداد.

في السنوات الأخيرة، تطورت العلاقات بين إيران والعراق من مستوى التحالف التكتيكي والعلاقات الدبلوماسية البحتة إلى التحالف الاستراتيجي، والآن سيمهد إنشاء خط السكة الحديد هذا، باعتباره طريق السكك الحديدية الوحيد بين البلدين، الطريق لتعزيز التحالف السياسي والدبلوماسي بين البلدين أكثر من أي وقت مضى.

وفي المستقبل القريب، يمكن لخط السكة الحديد هذا تسهيل سفر الزوار بين البلدين؛ وهذا يعني أنه يمكن لزوار البلدين زيارة العتبات المقدسة من خلال أسطول السكك الحديدية، وإزالة العديد من العوائق السابقة في طريق الرحلات الدينية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق