لماذا لا تشهد أفغانستان السلام والاستقرار
على الرغم من سيطرة طالبان على أكثر من 70 في المائة من أفغانستان، تستمر الاجتماعات الدولية والمتعددة الأطراف بشأن أفغانستان.
قبل أيام قليلة، عقد في قطر اجتماع متعدد الأطراف بين روسيا والصين والولايات المتحدة وباكستان حول الوضع في أفغانستان. لكن هناك الكثير من الشکوك فيما إذا كانت هذه الاجتماعات ستنجح في إيجاد حل لأفغانستان أم لا!
في الاجتماعات الدولية الرئيسية التي عقدت حتى الآن حول أفغانستان، كان المشاركون من الدول الإقليمية والفاعلين الدوليين الرئيسيين الذين أكدوا دائمًا دعمهم لحكومة كابول. لكن ربما كان اعتماد حكومة كابول على الداعمين الأجانب والجهات الفاعلة الدولية، قد أضعف هذه الحكومة في التطورات الحالية في أفغانستان.
النظرة إلى الخارج بدلاً من الداخل
تقاتل الحكومة الأفغانية حاليًا جماعةً مسلحةً تشكك أساسًا في شرعية الحكومة المركزية بسبب اعتمادها على الجهات الأجنبية. حيث تعتبر طالبان الحكومة الحالية التي تتخذ من القصر الرئاسي مقراً لها، معتمدةً على جهات أجنبية وتشكك في شرعيتها.
طبعاً، نظرة طالبان إلى حكومة كابول غير دقيقة، لأنه من جهة أخرى تشكلت حكومة كابول نتيجة الانتخابات، ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن الفاعلين السياسيين المحليين في أفغانستان قد اعتمدوا دائمًا على الدعم الأجنبي أكثر من الاعتماد على القوة المحلية على مدى العقدين الماضيين.
ولعل أحد الأسباب الرئيسية لضعف حكومة كابول، هو عدم اهتمامها بالقوة الداخلية وزيادة تركيزها على القوات الأجنبية. إذ يضعف الجيش الأفغاني يومًا بعد يوم مع تقدم طالبان، بينما يتمتع هذا الجيش بمعدات حديثة وآليات قتالية كبيرة، ولکنه يتراجع سريعاً أمام طالبان التي تستخدم معدات تقليدية.
من الواضح أنه على مدى العقدين الماضيين، ركز الاستثمار الضروري في الجيش الأفغاني على مساعدة القوات الأجنبية أكثر من التركيز على التعاليم الوطنية والشاملة حول الاستقلال وعدم الاعتماد، سواء من حيث التدريب أو من حيث القضايا اللوجستية والدعم.
بالطبع، هناك أسباب أخرى لضعف الجيش الأفغاني مثل النظرة العرقية أيضًا، ويرى البعض أن المصالح العرقية لها الأولوية على القضايا الوطنية في الجيش، وهذا ما يمكن اعتباره كسبب آخر لضعف الجيش الأفغاني.
إذاً، نقطة الضعف الكبيرة في هيکل القوات الحكومية والسياسية وفي جسم القوی العسکرية والجيش الأفغاني، هي عدم الاعتماد الضروري على القدرات الداخلية للتعامل مع التهديدات، في حين أن تعزيز الروح الوطنية والاستقلال يمكن أن يغير مصير أفغانستان اليوم في مواجهة تهديدات مثل العمليات العسكرية لطالبان، ويقلب الصفحة لصالح السلام بدلاً من الحرب.
الخلافات الخارجية حول أفغانستان
لقد فشلت عشرات الاجتماعات الإقليمية والدولية بشأن أفغانستان حتى الآن في دفع مصير البلاد نحو الاستقرار والسلام.
وربما يعود السبب الرئيسي لعدم فعالية الاجتماعات الدولية بشأن أفغانستان، إلى الخلافات والثغرات الرئيسية في مصالح الأطراف الأجنبية بشأن أفغانستان.
من بين الجهات الإقليمية الفاعلة، لدى باكستان مصالح متضاربة نسبيًا في أفغانستان مع الآخرين، بما في ذلك مع تركيا والهند. تتهم تركيا قوات طالبان بممارسة الحرب والإرهاب، بينما تنظر باكستان إلى طالبان على أنها قوة سياسية تقدمية في أفغانستان.
من ناحية أخری، لا يرغب الهنود في قبول دور الصين في مشاريع التنمية والبنية التحتية في أفغانستان، وفي المقابل تشكل باكستان أكبر العقبات أمام وجود الهند في أفغانستان.
وهذا التضارب في المصالح موجود أيضًا بين الفاعلين الأكبر مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين في أفغانستان، حيث يسعی کل طرف إلی توجهات متضاربة في أفغانستان بما يتماشى مع مصالحه الخاصة.
لذلك، أدى الضعف الداخلي في أفغانستان، من ناحية، إلى أن يكون هذا البلد مسرحًا لاصطفافات وخلافات الجهات الأجنبية المختلفة، ومن ناحية أخرى، منع تضارب مصالح الجهات الأجنبية في أفغانستان وصول البلد إلی مرحلة الاستقرار والسلام، وقد أدى هذا الوضع إلى حدوث أزمة انعدام الأمن وعدم الاستقرار اليوم في أفغانستان.
المصدر/ الوقت