التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

قانون ممتلكات اليهود.. الأزمة بين بولندا والكيان الصهيوني إلى أين 

وقع الرئيس البولندي أندريه دودا، على القانون القاضي بتقييد إمكانية حصول الناجين من المحرقة النازية “الهولوكوست” إبان الحرب العالمية الثانية على تعويضات لممتلكاتهم المسلوبة في بولندا.

وينص مشروع القانون البولندي على منع “الناجين اليهود من المحرقة” وأحفادهم من استعادة أملاك يهودية” استولى عليها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية، أو الحصول على تعويضات، بحسب قناة “كان” الإسرائيلية الرسمية.

وتوقيع الرئيس البولندي هو الخطوة الأخيرة المطلوبة للمصادقة بشكل نهائي على القانون من قبل البرلمان، وفق القناة بعد إقراره من قبل مجلس الشيوخ (الغرفة الأولى للبرلمان) الأربعاء.

وتعقيبا على توقيعه على مشروع القانون قال الرئيس البولندي: “بتوقيع القانون الجديد ستنتهي حقبة من الفوضى القانونية، وستحمي الدولة البولندية مواطنيها من الظلم”، رافضًا الادعاءات بأن “القانون أضر بالناجين من الهولوكوست وأبنائهم وأحفادهم”.

وعلى خلفية توقيع الرئيس البولندي أندريه دودا، على القانون احتدم الأزمة الدبلوماسية بين الكيان الصهيوني وبولندا. حيث عقب وزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس قائلاً إن “القانون يتخلى عن العدالة تجاه ضحايا المحرقة وعائلاتهم”. واعتبر أن هذا “قانون خطير وغير أخلاقي”.

واضاف: “صدمت بشدة بصفتي ابناً لأحد الناجين من المحرقة”، وأشار إلى أن “الملكية هي جزء صغير ولكنه مهم من ممارسة حقوق أولئك الذين نجوا والتعرف على الأشخاص الذين ماتوا في واحدة من أعظم حوادث الإبادة الجماعية في التاريخ”.

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في تغريدة عبر صفحته الرسمية في موقع تويتر: “إسرائيل تنظر بخطورة لإقرار القانون البولندي الذي يمنع اليهود من الحصول على تعويضات على ممتلكات قد نهبت منهم إبان الهولوكوست، هذا قرار مخز ومشين، وإسرائيل لا تستطيع تجاهله”.

كما هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، توقيع الرئيس البولندي بالقول: “أصبحت بولندا دولة معادية للديمقراطية”. وأضاف: “بولندا لا تحترم أكبر مأساة في تاريخ البشرية”.

وفي وقت لاحق قال لابيد، في تغريدة عبر صفحته الرسمية في موقع تويتر: “أصدرت تعليماتي للقائم بأعمال السفير في وارسو بالعودة على الفور إلى إسرائيل لإجراء مشاورات حتى إشعار آخر”. وأضاف: “أصبحت بولندا دولة معادية للديمقراطية وغير ليبرالية ولا تحترم أعظم مأساة في تاريخ البشرية”.

ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن أحد الخيارات المطروحة هو إلغاء الإعلان المشترك بين إسرائيل وبولندا، الذي أنهى الأزمة بين الجانبين عام 2018.

ونقلت الإذاعة العبرية عن مصدر سياسي قوله الأسبوع الماضي: “تجري حاليا دراسة هذه الخطوة، وهي قيد المداولات، كنوع من الرد على تمرير قانون الممتلكات في بولندا”. ونقلت عن مسؤولين مطلعين بأن “إسرائيل والولايات المتحدة تنسقان ردودهما على القانون البولندي الجديد، وفي وزارة الخارجية البولندية يفهمون أن العلاقات بين الجانبين سوف تتراجع ان تم تمرير القانون بجميع مراحله”.

وأكد مندوب التجمع الوطني الديموقراطي في القائمة العربية المشتركة، النائب سامي أبو شحادة، أن على إسرائيل أن تشكر بولندا التي لم تتصرف بشكل مختلف عن تصرفها هي في كل ما يتعلق بالأملاك الفلسطينية. واقترح أبو شحادة في تغريدة، أن تتخذ إسرائيل من بولندا قدوة وتدعم مشروع القانون الذي قدمّه والقاضي بإعادة أموال وأملاك الفلسطينيين التي سرقتها إسرائيل في أكبر سطو مسلح في القرن العشرين، خلال نكبة 1948.

لكن الأزمة المتصاعدة بين تل أبيب ووارسو ليست وليدة اللحظة، فمنذ عام 2018 تشهد العلاقات بين البلدين توترا ملحوظا يدور حول “المحرقة النازية” التي ارتكبت على أراض بولندية.

ويشير ذلك إلى ما حدث بعد اجتياح ألمانيا النازية بولندا عام 1939، حيث قتلت خلال تلك الفترة 3 ملايين يهودي بولندي، من إجمالي 6 ملايين يهودي قتلوا في تلك الجرائم المعروفة بالهولوكوست.

وترفض بولندا استخدام مصطلحات مثل “معسكرات الموت البولندية” والتي تشير إلى مشاركة البولنديين في أعمال الإبادة التي لحقت باليهود آنذاك، مقابل مكافآت من النازيين، وهو ما تنفيه وارسو وتقول إن تلك المعسكرات وأشهرها معسكر أوشفيتز لم تكن بولندية.

صعدت الأزمة إلى السطح في فبراير/شباط من العام 2018، عندما صوت البرلمان البولندي على قانون يجرم من يتهم علنا بولندا بالمسؤولية أو التواطئ في الجرائم التي ارتكبها الرايخ الألماني الثالث، ويعاقبه بغرامة مالية أو السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، يستثنى من ذلك من يقومون بذلك كجزء من الأنشطة العلمية أو الفنية.

غضبت إسرائيل حينذاك، واعتبر رئيس وزرائها في حينه بنيامين نتنياهو أن القانون ليس سوى محاولة لنكران المحرقة وإعادة كتابة التاريخ.

وفي فبراير من العام التالي تسببت تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها يسرائيل كاتس في إلغاء قمة كان يفترض أن تلتئم في إسرائيل بمشاركة بولندا.

وقال كاتس في تصريحات للإعلام الإسرائيلي، إن بعض البولنديين تعاونوا مع النازيين، مضيفا “مثلما قال إسحاق شامير (رئيس وزراء إسرائيل 1983 إلى 1984 ومن 1986 إلى 1992) إن البولنديين يرضعون معاداة السامية مع حليب أمهاتهم”.

ورد السفير البولندي على تصريحات كاتس بقوله “إنه لأمر مدهش أن نرى كيف يعبر وزير الخارجية المعين حديثًا عن نفسه بطريقة عنصرية ومخزية. إنه أمر غير مقبول”.

وكان من المقرر أن تضم قمة “فيشيغراد 4” التي كانت مقررة في القدس إسرائيل وبولندا وتشيكيا والمجر وسلوفاكيا، قبل أن تعلن وارسو انسحابها منها على خلفية تصريحات كاتس.

في أبريل/نيسان 2019، أبدت إسرائيل أسفها لواقعة إحراق دمية “يهوذا” في بلدة بروشنيك” جنوب شرقي بولندا خلال احتفالات بيوم الجمعة العظيمة.

وأظهرت مقاطع فيديو وقتها صورا لسكان بينهم أطفال، يقطعون رأس دمية بأنف كبير وسوالف طويلة قبل إحراقها، وهو الحادث الذي وصف بأنه “معاد للسامية” وأدانته الكنيسة والحكومة في بولندا.

وفي مايو 2019، استعدت وزارة الخارجية البولندية سفيرة إسرائيل في البلاد لتفسير الاعتداء على السفير البولندي في إسرائيل وإهانته في شوارع تل أبيب.

ووقتها، ندد الرئيس البولندي، أندريه دودا، بما وصفه “بالشوفينية والكراهية”، في خطاب أرسله للرئيس الإسرائيلي بعد أن بصق رجل على السفير البولندي في إسرائيل قبل أيام.

وفي يناير 2020، ألغى الرئيس البولندي مشاركته في مؤتمر الهولوكوست في متحف “ياد فاشيم” الإسرائيلي بالقدس، احتجاجا على عدم إدراجه ضمن المتحدثين في المؤتمر.

ومجددا عادة الأزمة إلى بعدها الرسمي، وفي 27 يونيو/حزيران الماضي، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير البولندي لديها، وذلك على خلفية مصادقة البرلمان البولندي على مشروع القانون.

وفي اليوم التالي، وبخت بولندا المسؤولة عن السفارة الإسرائيلية في وارسو “تال بن آري”، مؤكدة مضيّها قدما في سن القانون.

الأزمة بين الجانبين سوف تتصاعد والقضية ليست فقط استدعاء سفراء ولكنها ستفتح عدة ملفات، منها، ملف الابتزاز الإسرائيلي للدول تحت مسمى “الهولوكوست”، وأن تل أبيب تقوم بخلط الموضوع الأخلاقي بالسياسي والاقتصادي الخاص بالتعويضات. اذ حول الكيان الصهيوني هذه القضية إلى أداة سياسية بل سلاح حصري لابتزاز أوروبا في أي قضية لا تتوافق مع المصلحة الإسرائيلية. لذلك ان الهدف من تصعيد تل أبيب هو تخويف الدول الأوروبية من الأقدام على هذه الخطوة وإقرار تشريعات تمس اليهود. إلا أن كثيرون يرون أن الأزمة بين اسرائيل وبولندا ستتوسع خاصة أن هناك دول أوروبية أخرى ستسير على نهج بولندا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق