جريمة جنين تختصر المسافات لحدوث “ثورة غضب” في الضفة الغربيّة
يوماً بعد آخر، تتمادى قوات المحتل الباغي بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وترتكب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، ومؤخراً استشهد أربعة شبان فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الغاصب، الذين اقتحموا مدينة جنين ومخيمها بالضفة الغربيّة فجر الاثنين الماضي، وارتكب العدو جريمة أخرى باختطاف جثمانيّ اثنين من الشهداء، وتتزايد في هذه الأيام دعوات تفعيل كافة وسائل المقاومة والمواجهة في الضفة الغربيّة المحتلة، بسبب مواصلة قوات العدو جرائم الإعدام بدم بارد بحق الشبان الفلسطينيين وبالأخص على حواجز الموت المنتشرة في كافة محافظات الضفة الغربيّة المحتلة، ما يؤكّد من جديد أن العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير.
نتيجة لاقتحام قوات العدو القاتل مخيم جنين قرابة الساعة الرابعة، دارت اشتباكات عنيفة بين الشباب المقاومين وجنود الكيان، ما أدى بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية لاستشهاد صالح أحمد محمد عمار، وأمجد إياد حسينية، ورائد زياد عبد اللطيف أبو سيف، ونور الدين عبد الإله جرار، حيث إنّ عشرات الجنود الصهاينة اقتحموا المخيم عبر مركبات خاصة تحمل لوحات تسجيل فلسطينيّة يعتقد أنها شاحنات تبريد للمثلجات، وداهموا منازل المواطنين واعتلوا أسطحها ولا سيما فرق القناصة قبل أن تتوغل قوات أخرى إلى المخيم وبين أزقته وتتسبب بمواجهات عنيفة بين المقاومين والعدو.
وباعتبار أنّ الضفة الغربيّة مرهونة بقرارات السلطة الفلسطينيّة المتعاونة مع العدو الإرهابيّ، وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه أبداً، وإنّ حركة “فتح” برئاسة محمود عباس، ترتكب “خطيئة تاريخيّة” لا تغتفر من خلال اعتقادها بأنّ وجود علاقة مع الكيان الغاصب ربما تصب في يوم من الأيام بمصلحة الفلسطينيين، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان بأنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل الجديد على ذلك هو إطلاق قوات الاحتلال المستبد الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر تجاه الفلسطينيين.
وعلى هذا الأساس، إنّ الضفة الغربيّة المحتلة تتجه إلى أن تتحول غزة ثانيّة تردع الكيان وتوقفه عند حده، وقد زادت جريمة إطلاق النار على الناس وتسببها باستشهاد أربعة شبان أبرياء، من احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم في كافة مناطق تواجده وبالتحديد في الضفة الغربيّة، في ظل ارتفاع حدة الاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن.
“دماء الشهداء لن تذهب هدراً” رسالة فلسطينيّة واضحة من المقاومة التي تدعو أبناء الشعب الفلسطينيّ في الضفة والقدس والداخل المحتل إلى إشعال الأرض الفلسطينيّة المحتلة تحت أقدام جنود الاحتلال رداً وانتقاماً لدماء الشهداء، لأنّ جنود الاحتلال لا تكف عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وقد حان الوقت لأن توجه الأجهزة الأمنيّة في السلطة الفلسطينيّة بنادقها باتجاه قوات العدو المعتدي ثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة.
وفي الوقت الذي تمنع السلطة الفلسطينيّة إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، إنّ هذه الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ستكون دائماً وقوداً لثورة الشعب الفلسطينيّ التي لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، حيث إنّ رد الشعب الفلسطينيّ على هذه الجرائم سيكون بالفعل مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة.
ويعلم الجميع حتى تل أبيب نفسها، أنّ الكيان الصهيوني العنصريّ منذ ولادته غير الشرعيّة، قام على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
ولا يخفى على أبناء فلسطين، أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وأكبر دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة الذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من “بلادهم”، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
في النهاية، إنّ الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ترفع يوماً بعد آخر من احتماليّة وقوع “ثورة غضب” عارمة في الضفة الغربيّة بوجه الاحتلال الصهيوني، لأنّ التصدي لهجمات المستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، بسبب تعاون حركة “فتح” بشكل فاضح مع تل أبيب خاصة من خلال التنسيق الأمنيّ مع المؤسسة الأمنيّة والعسكرية الصهيونيّة، بما يشجع قوات الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.
المصدر/ الوقت