التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

اهداف لقاء بغداد ورسائل دعوة بشار الاسد 

بعد عدة سنوات من الأزمة والاضطرابات في منطقة غرب آسيا، تلوح تطورات جديدة، حيث تبذل جهات فاعلة مختلفة جهودًا كبيرة لإعادة بناء النظام الإقليمي. في هذا الصدد، في أحد أهم الإجراءات، يبدو أن العراق، الذي كان أحد مراكز الأزمات الرئيسية وحتى مكانًا للتنافس بين القوى الإقليمية وفوق الإقليمية في السنوات الأخيرة، يلعب الآن دوراً مهماً في إعادة الاستقرار والوساطة بين القوى الإقليمية.

وبحسب مسؤولين عراقيين، سيعقد اجتماع بغداد في أواخر آب / أغسطس بمشاركة جهات إقليمية مختلفة، منها إيران والسعودية وتركيا والإمارات وسوريا وغيرها. على الرغم من عدم الإعلان عن أهداف محددة للاجتماع حتى الآن، إلا أن الأدلة تظهر أن قضايا مثل الإرهاب، والتعاون الأمني ​​والاقتصادي، والبيئة، وموارد الطاقة، وما إلى ذلك ستكون محور التركيز الرئيسي لاجتماع بغداد. في البعد السياسي، لن يركز اجتماع بغداد على قضية محددة، بل سيسعى إلى التقريب بين جيران العراق. في ظل هذه التمهيدات، يطرح السؤال الآن ما هي أهداف حكومة الكاظمي من عقد اجتماع بغداد، وما هي الرسائل السياسية التي تمثلها دعوة بعض الفاعلين، مثل سوريا، إلى الاجتماع؟

اهداف حكومة الكاظمي عقد اجتماع في بغداد

وفيما يتعلق بأهم أهداف الحكومة العراقية في عقد اجتماع بغداد نذكر أربعة محاور رئيسية هي:

أن تصبح محوراً للوساطة وخفض التصعيد بين الجيران: على المستوى الابتدائي مصطفى الكاظمي ومسؤولون سياسيون عراقيون آخرون في حقبة ما بعد داعش، أي في حقبة ما بعد تحرير البلاد من خلافة أبو بكر البغدادي، وخفض التصعيد السياسي، وجعل دور الوساطة لحل التشنجات السياسية، على رأس سياستهم الخارجية. وفي هذا الصدد، نرى أن بغداد استضافت حتى الآن عدة مراحل من المشاورات والمحادثات بين الوفد السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية، باعتبارهما قوتين إقليميتين كبيرتين ومؤثرتين. في الوضع الحالي، مع دراسة متأنية للجهات الفاعلة المدعوة إلى اجتماع بغداد، يمكن ملاحظة أن العراق لا يزال يفكر في الوساطة وخفض التصعيد في المنطقة المتمركزة حول إيران والمملكة العربية السعودية. وستكون حقيقة أن قمة بغداد تجمع القوى الإقليمية معًا خطوة إيجابية نحو حل الخلافات الإقليمية.

استعادة مكانة العراق السياسية في المنطقة: كان العراق لعقود من الزمن أحد أهم اللاعبين في العالم العربي وحتى في غرب آسيا. وتم الاعتراف بها كواحد من مراكز القوة الرئيسية في منطقة غرب آسيا خلال النظام البعثي، كما عمل كقوة عسكرية وسياسية رئيسية في جامعة الدول العربية، ولم تفقد الدولة فقط موقعها على المستوى الإقليمي، ولكن كحكومة ضعيفة ومنهارة، أصبحت أيضًا نقطة محورية لتدخل الجهات الفاعلة الأجنبية. لكن في الوضع الجديد، يبدو أن السلطات السياسية في هذا البلد تحاول استعادة مكانة البلد التقليدية وهيبته من خلال عقد اجتماعات مثل تلك التي عقدت في بغداد.

إعادة بناء أمن العراق من خلال الاستقرار السياسي في المنطقة: أصبح العراق أحد المراكز الرئيسية للأزمات وانعدام الأمن في منطقة غرب آسيا في السنوات منذ عام 2003، وخاصة منذ صعود داعش. في غضون ذلك، فإن معظم الفاعلين الإقليميين لم يلعبوا فقط دورًا إيجابيًا في مساعدة واستعادة الاستقرار في العراق في محاربة داعش، بل كانوا هم أنفسهم أحد الأطراف الرئيسية في الأزمة في هذا البلد، أو حتى بشكل أدق وجود الفاعلين الاجانب في العراق والمنافسة. مناطقهم مجتمعة جعلت من هذا البلد ساحة للتنافس الاقليمي بين مختلف الفاعلين. وكانت النتيجة بلا شك انعدام الأمن وزيادة عدم الاستقرار في العراق. لذلك، يمكن الآن تقييم جهود حكومة مصطفى الكاظمي لعقد اجتماع في بغداد في شكل إعادة بناء أمن هذا البلد من خلال إرساء الاستقرار على المستوى الإقليمي. وهذا يعني أنه كلما قل التوتر بين الأطراف المختلفة في المنطقة، كان الوضع الأمني ​​في العراق أفضل.

احتمالية بقاء الكاظمي في السلطة: على المستوى الرابع، يتابع مصطفى الكاظمي أيضًا احتمالات استمرار وجوده في السلطة بعد انتخابات 10 أكتوبر 2021 منذ اجتماع بغداد. بل إنه يحاول الحصول على مكانة خاصة من خلال عقد مثل هذه اللقاءات، داخليًا وخارجيًا، وبالتالي إقناع الفصائل السياسية العراقية بالموافقة على استمرار رئاسته في مجلس الوزراء. الحقيقة هي أن الكاظم ي يدرك أن منصب رئيس الوزراء في العراق لا يعتمد فقط على الدعم المحلي، ولكن أيضًا على رضا اللاعبين الإقليميين.

دعوة دمشق لاجتماع بغداد، انتصار لبشار الأسد

مما لا شك فيه، من بين المدعوين إلى اجتماع بغداد، يمكن اعتبار أهم مدعو وربما يكون الأهم هو سوريا. تكمن أهمية دعوة بشار الأسد في حقيقة أن الجهات الفاعلة الأخرى الحاضرة في الاجتماع هي دول مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، أي الدول التي لم تتخل عن أي محاولة للإطاحة بشار الأسد خلال السنوات العشر الماضية.

الآن، يمكن أن يكون لحضور ممثل حكومة دمشق في اجتماع بغداد نتيجتان، على المستوى الشعبي، يشير وجود ممثل للحكومة السورية الشرعية إلى جانب الجهات المعارضة لها خلال عقد من الأزمة في البلاد إلى انتصار حكومة دمشق على جميع المؤامرات الخارجية والداخلية. بالتأكيد، فإن حضور سوريا في قمة بغداد سيعني انتقال دمشق من الأزمة السياسية الأولية وترسيخ سلطة حكومة بشار الأسد. على المستوى الثاني، يعني وجود الحكومة السورية في اجتماع حضرته قوى إقليمية مختلفة عودة حكومة بشار الأسد واستعادتها إلى المنطقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق