التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

أسلحة ومعدات أمريكيّة بيد حركة “طالبان”.. الأبعاد والنتائج 

بعد سيطرة حركة “طالبان” المتشددة على مساحات واسعة من أفغانستان، عقب 20 عاماً من احتلال القوات الأميركيّة وانسحابها، استولت الحركة مع استيلائها إلى السلطة في جميع أنحاء البلاد على عدة ملايين، وربما مليارات الدولارات من المعدات العسكريّة الأمريكيّة، التي كانت في السابق مملوكة للقوات النظاميّة الأفغانيّة، حيث إنّ واشنطن أنفقت الولايات المتحدة خلال فترة احتلالها مئات مليارات الدولارات لتدريب الجيش الأفغانيّ وتجهيزه، لكن ذلك لم يمنع انهيار القوات الأفغانيّة أمام هجوم طالبان التي باتت تملك ترسانة هائلة لم تكن تملكها من قبل.

منذ أن اتخذت الولايات المتحدة قرار سحب ما تبقى من القوات الأمريكيّة من أفغانستان وترك الأفغان يقاتلون لوحدهم، لم تبد عناصر قوات الأمن الحكوميّة أيّ رغبة كبيرة في القتال، فقد ألقى الآلاف من بينهم أسلحتهم، وأحياناً بدون أدنى مقاوم، فيما سارع متمردو طالبان إلى وضع يدهم على كافة الأسلحة والمعدات الأمريكيّة، ومؤخراً أظهرت لقطات كثيرة من المناطق التي استولت عليها طالبان، العديد من المقاتلين وهم يحتفلون بالسيطرة على بنادق ومدرعات أمريكيّة الصنع وحتى طائرات هليكوبتر وطائرات مسيرة من نوع “بلاك هوك”، وبالرغم من أنّ القوات الأمريكية أثناء انسحابها أخذت معها المعدّات التي تُعدّ “متطوّرة”، إلا أن قوات طالبان استحوذوا على مركبات وآليات هامفي وأسلحة خفيفة وذخيرة.

وفي هذا الصدد، تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير، عن قلق الخبراء العسكريين من أن الجماعة المتشددة ستكون مسؤولة عن تكنولوجيا متطورة، بما في ذلك الأجهزة البيومترية التي يستخدمها الجيش الأمريكي لتحديد الأفغان الذين ساعدوا الأمريكيين والحلفاء عبر بصمات الأصابع، وصور الوجه وقزحية العين، والتعرف على الصوت.

ويرى خبراء أمريكيون أنّ طالبان لديها خبرة سابقة في التكنولوجيا الأمريكيّة، مستندين إلى ذلك بأنّ الحركة استخدمت بالفعل معدات عسكريّة متطورة استولت عليها من قوات الأمن التابعة للحكومة الأفغانيّة في السنوات الأخيرة، وأنّهم استخدموا كل شيء من نظارات الرؤية الليلية والمناظير إلى بنادق القنص والمدرعات والمدفعية، وإنّ الغنائم الجديدة ستساعد إلى حدّ بعيد متمردي الحركة الذين بإمكانهم الاعتماد على مصادرهم الخاصة للحصول على الأسلحة والذخائر.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه بعض الأمريكيين أنّ استحواذ طالبان المتشددة على التكنولوجيا الأمريكيّة يُعد انتصاراً رمزياً هاماً للحركة، التي قاتلت لعقود بأسلحة بسيطة وعاشت في ظل الخوف من القوة الجوية الأمريكيّة والقوة التكنولوجيّة، من المؤكّد أنّ تلك القضيّة ستؤثر بشكل كبير من الناحية العمليّة، خاصة أنّ طالبان تعرف جيداً قيمة الأسلحة المتطورة للغاية التي أصبحت في أيديها، كيف لا وهي التي كانت تدير قوة جوية محدودة خلال فترة حكمها الأول في العاصمة الأفغانيّة كابول في التسعينيات.

أيضاً، بالنسبة إلى حركة طالبان يمكن أن تكون التكنولوجيا الأكثر فائدة هي التكنولوجيا المنخفضة، وليس بالضرورة دائماً تلك المصنوعة في أمريكا، لأن قدرتها الفائقة على استخدام مدفعية “هاوتزر” والكثير من المعدات الأخرى، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الإحراج للولايات المتحدة التي كانت معداتها في أفغانستان عبارة عن مخلفات مشروع ضخم لتعزيز قوات الأمن الحكوميّة في أفغانستان، كلفته 83 مليار دولار، وفقا لمكتب المفتش العام، الذي قال إن القوات المحلية كانت تمتلك أكثر من 40 طائرة مروحية أمريكيّة من طراز “إم دي-530-30” قبل أن تستولي عليها الحركة المتشددة، وكان هناك أيضاً أكثر من 23 طائرة هجوميّة.

في النهاية، إنّ المعدات الأمريكيّة التي استولت عليها حركة طالبان لن تساعدهم في السيطرة القويّة على العاصمة الأفغانيّة كابل فحسب، إنما ستساهم كذلك في تعزيز سلطتهم بشكل أكبر في المحافظات الأخرى، خاصة أنّ انسحاب القوات الأمريكيّة جعل متمردي طالبان يملكون عدداً كبيراً من المعدّات الأميركية الهامة، بدون الحاجة إلى إنفاق دولار واحد للحصول عليها، وهذا أمر خطير وله تبعاته السياسيّة على البيت الأبيض.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق