التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

سرقة المسجد الأقصى في ذكرى حرق هذا المسجد المبارك 

في عام 1967، بعد احتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية بعد حرب الأيام الستة، دخل الصهاينة المسجد الأقصى لأول مرة. وفي ذلك الوقت، مُنع الفلسطينيون من دخول المسجد الأقصى لمدة أسبوع، وبعدها سلم الصهاينة مفاتيح القدس إلى الأردن. والسبب في هذا الإجراء الإسرائيلي هو أنها أرادت عدم الاعتراف بالفلسطينيين وقدمت الأردن كقديس للأماكن المقدسة في فلسطين ومدينة القدس. ومنذ ذلك الوقت بدأ عدوان المستوطنين المتطرفين على المسجد الأقصى. إن هذه القضية لم يسبق لها مثيل، فبعد عامين من احتلال الضفة الغربية والقدس، في عام 1969، قام صهيوني متطرف قيل أنه سافر من أستراليا إلى فلسطين بإضرام النار في المسجد الأقصى في جريمة شنيعة من خلال صب مواد حارقة في المسجد. ولقد تم إرسال مساعدات من جميع أنحاء فلسطين والعالم الإسلامي لإخماد حريق المسجد الأقصى، لكن هذه الجريمة استمرت وحدثت بأشكال أخرى خلال العقود الماضية، والآن وصلت إلى مرحلة أصبح فيها المسلمون والفلسطينيون على وشك الطرد من المسجد الأقصى ومن مدينة القدس.


صورة لأوضاع المسجد الأقصى بعد حريق عام 1969 بكاميرا “دنيس مايكل روهان”.

الجدير بالذكر أن “الأزهر الشريف”، قال يوم السبت الماضي، إن “ذكرى حريق المسجد الأقصى شاهد على إرهاب الكيان الصهيوني وجرائمه النكراء”. وأوضح “الأزهر” في بيان أن “محاولة حرق المسجد الأقصى جريمة نكراء ستظل شاهدا على إرهاب الكيان الصهيوني وعدوانه”. وقال إنه “بالتزامن مع هذه الذكرى الأليمة يجدد رفضه “أية محاولات لسرقة الأراضي الفلسطينية، وتغيير الهوية التاريخية للمدينة المقدسة”. وجدد الأزهر “التزامه التاريخي والإنساني بدعم الشعب الفلسطيني في نضاله المستحق، وسعيه العادل في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”. وفي سياق متصل، قالت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان السبت، إن الذكرى تحل في “ظل استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين في أحياء القدس وخاصة بحق المسجد الاقصى”. وجددت المنظمة “دعمها الثابت لحق دولة فلسطين في حماية هوية القدس العربية”. ودعت منظمة التعاون الإسلامي المجتمع الدولي إلى الانخراط في عملية سلام جادة قصد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية ومنها إقامة دولته المستقلة وذات السيادة على حدود 4 يونيو/ حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أصدرت حركة المقاومة الفلسطينية حماس يوم السبت الماضي بيانا صحفيا بمناسبة الذكرى الثانية والخمسون لإحراق المسجد الأقصى المبارك . وأكدت الحركة في بيانها إن المسجد الأقصى هو خط أحمر، وإن أي اعتداء عليه سيوَاجه بمقاومة باسلة من شعبنا الذي لن يسمح للنار أن تمتد إليه مرة أخرى. كما دعت الحركة أبناء شعبنا إلى مواصلة الرباط وعمارة المسجد الأقصى لإعاقة ومنع كل مخططات الاحتلال الخبيثة ضد المسجد الأقصى المبارك. وأشارت الحركة إلى أن عمليات التطبيع مع الاحتلال مرفوضة رفضًا قاطعًا، ومستهجنة، ولن تعدو كونها طعنة في قلب القضية الفلسطينية، وخيانة للمسجد الأقصى والقدس وفلسطين.

النهج الجديد للكيان الصهيوني بعد 2020

منذ احتلال فلسطين، تعرض المسجد الأقصى للاقتحام في فترات مختلفة، واعتمادًا على إرادة الكيان الصهيوني في مهاجمة هذا المكان المقدس، كان عدوان المستوطنين غطاءً واستعراضًا لهذا العمل. وبعد عام 2020، أصبح الصهاينة أكثر جرأة في عدوانهم على المسجد الأقصى، لأنهم قرروا سحب المسجد الأقصى من أيدي المسلمين تمامًا من خلال انتزاع السلطة من اليمين والمتطرفين في حكومة الكيان الصهيوني وذلك عقب تلقيهم الضوء الأخضر من الولايات المتحدة. إن البنية التحتية لهذا العمل سبق أن أعدها الصهاينة وأصدروا قانون الإثنية، ونقلوا السفارة الأمريكية إلى القدس، ومنعوا المسلمين من دخول المسجد الأقصى، وقسموا المسجد الأقصى، وحفروا تحته، وقام بنقل مؤسساتهم الحكومية إلى القدس وخلقوا العديد من الأسباب لطرد الفلسطينيين من القدس.

حكومة “بينيت” والاعتداءات الجديدة

مع وصول “نفتالي بينيت” إلى السلطة – الذي يمكن تسميته رئيس الوزراء الأكثر تطرفاً في النظام الصهيوني، مع التركيز بشكل خاص على تسوية التطرف الديني وتطويره- وجد المستوطنون الصهاينة فرصة جديدة وبتنسيق من الشرطة و جيش الكيان الصهيوني، لتنظيم عدواناً جديداً على المسجد الأقصى. وجاء العدوان الجديد بمناسبة وهمية، حيث دعا المستوطنون جميع المستوطنين والمتطرفين الدينيين للحضور إلى مدينة القدس للمشاركة في مسيرة. وفي هذه المسيرة بإلاضافة إلى اغتصابهم للمسجد الأقصى، دخلوا الأحياء الفلسطينية حول المسجد الأقصى، ورددوا شعارات عنصرية ضد الفلسطينيين والمسلمين.

وقال شهود عيان، إن المسيرة “الاستفزازية” للفلسطينيين مرت من “باب العامود” وسط القدس تجاه حائط البراق (يطلق عليه اليهود حائط المبكى). وقبل بدء المسيرة كانت القوات الإسرائيلية أغلقت منطقة “باب العامود” وانتشرت فيها لتأمين مسيرة المتطرفين اليهود وفق الشهود. وأضافوا أن مئات من عناصر قوات الاحتلال أخرجت كل من في المنطقة، وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة، قبل أن تعتقل 3 شبان فلسطينيين على الأقل، اعتدت على أحدهم بالضرب المبرح. وأردف الشهود، أن قوات الاحتلال أغلقت مناطق شارع السلطان سليمان والمصرارة القريبة من باب العامود. وأشاروا إلى أن قوات الاحتلال ضيقت على الصحفيين خلال عملهم في “باب العامود”، وحاولت إبعادهم من المنطقة. ومؤخرا، دعت جماعات إسرائيلية متطرفة، إلى تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى وبأعداد كبيرة، في 18 يوليو/تموز الماضي، بمناسبة حلول ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل”. كما تستعد ما تسمى “حركة السيادة في إسرائيل” لتنظيم مسيرة للمستوطنين حول أسوار البلدة القديمة بالقدس في اليوم ذاته.

وعي المقاومة وغفلة المعتدين

إن هذا النوع الجديد من العدوان، الذي صاحبه طرد فلسطينيين يعيشون في حي “الشيخ جراح”، منعت المقاومة العدو بمواصلة عدوانه، وحذرت الصهاينة من تجاوز الخط الأحمر الإسلامي للقدس. ولقد أدى هذا التحذير إلى نشوب عملية “سيف القدس” عقب استمرار العدوان وإصراره على طرد الفلسطينيين من حي “الشيخ جراح”. إن هذه العملية التي انطلقت دعما للمسجد الأقصى والفلسطينيين المظلومين في القدس غيرت الأوضاع لصالح المقاومة في فلسطين. والآن الصهاينة على وشك سرقة المسجد الأقصى ولكن المقاومة لم تظل مكتوفة الأيدي وإنما صوبت سيفها الحاد عليهم. وفي الذكرى الـ 52 لحريق المسجد الأقصى، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي في رسالة ذات مغزى للصهاينة أن “سيف القدس” لن تتوقف أبداً. وهذا يعني أنه عشية الذكرى الـ 52 لحريق المسجد الأقصى، إذا اعتزم الصهاينة سلب المسجد الأقصى ومدينة القدس بالكامل، فإن المقاومة هي التي سوف تقف أمامهم ولن تسمح لهم بذلك.

وحول هذا السياق، أكد الدكتور “أحمــد بحـر” رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، أن الاحتلال حاول بكل إمكانياته ومقدراته خنق المدينة المقدسة وفرض واقع جديد عليها، وتزييف تاريخها، وقلب موازينها الديمغرافية، وطمس هويتها، وتهجير أهلها واستصدار قوانين وتشريعات متعاقبة لتنفيذ مخططاته العنصرية بحق القدس وأهلها، وأمعن في إجراءاته القمعية بحق المسجد الأقصى بهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا، وصولا إلى لحظة هدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه حسب مخططهم المعروف. وبين “بحر” خلال كلمته في جلسة المجلس التشريعي في الذكرى السنوية الثانية والخمسين لإحراق منبر المسجد الأقصى المبارك، أن “شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة عبر معركة (سيف القدس) التي تمكنت من صياغة معادلات وقواعد اشتباك جديدة، ومنحتنا البشارة في اقتراب النصر والتحرير، وأعادت الأقصى والقدس إلى الصدارة، وكبحت مخططات أنظمة التطبيع، وتوافد الجماهير الفلسطينية الحاشدة في مهرجان (سيف القدس لن يغمد) في مخيم ملكة، أكدوا على وحدة الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وأراضي 48 وفي الشتات أن القدس بوصلتنا”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق