التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

صحيفة :فوضى الانسحاب من أفغانستان زعزع ثقة الأوروبيين ببايدن 

وكالات ـ الرأي ـ
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للصحفي إيشان ثارور، أشار فيه إلى أن الانسحاب الأمريكي غير المخطط والفوضى التي تزامن معه، زعزع ثقة الأوروبيين في قرارات بايدن.

وقالت الصحيفة، إن شهر العسل بدا في أحسن أحواله قبل بضعة أشهر فقط عندما وصل الرئيس بايدن إلى بروكسل في حزيران/ يونيو، وعُومل كصديق افتُقد منذ فترة طويلة، بعد فترة إقامة قصيرة في صحراء ترامب، وقال تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، لبايدن أمام وسائل الإعلام: “عادت أمريكا إلى الساحة العالمية.. إنها أخبار رائعة. إنها أخبار رائعة لتحالفنا. إنها أيضا أخبار رائعة للعالم”.

ولكن مع اقتراب نهاية الصيف، تلاشت أيضا الرومانسية عبر المحيط الأطلسي التي رافقت صعود بايدن إلى السلطة في وقت سابق من هذا العام. وكان بايدن قد وعد بعلاقة أقل قابلية للاشتعال مع الحلفاء الغربيين التقليديين لأمريكا، وبدا أنه يحفز زملاءه الأوروبيين بكلامه بالعزف على وتر القيم المشتركة والجهود المتجددة للمساعدة في قيادة العمل الجماعي بشأن تغير المناخ. لكن مصادر الخلاف باقية. لم ترفع إدارة بايدن، التي تروج علامتها التجارية الخاصة من الشعبوية الاقتصادية، بشكل كامل قائمة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب.

علاوة على ذلك، قام الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين بإزالة أمريكا من “القائمة الآمنة” للدول التي لا ينبغي أن يواجه سكانها قيود سفر وسط جائحة فيروس كورونا. كانت هذه الخطوة، التي تعتبر إرشادية للدول الأعضاء السبعة والعشرين في الكتلة، بمثابة رد فعل على تدهور الوضع في أمريكا، التي أصبحت مرة أخرى موطنا للعدوى المتزايدة ومعدل التطعيم ضد فيروس كورونا الذي يتخلف الآن عن الاتحاد الأوروبي.

وقد يعكس ذلك أيضا إحباطا أوروبيا واسع النطاق من رفض بايدن رفع حظر السفر العقابي المتعلق بالوباء على مواطني الدول الأوروبية. قال جاكوب كيركيغارد، الزميل في “صندوق مارشال الألماني”، وهو مركز فكري: “منح الأمريكيون حرية زيارة أوروبا خلال الصيف، حتى مع تدهور الوضع في أجزاء كثيرة من البلاد بشكل كبير”، مضيفا أن “الدفاع عن استثناء المواطنين الأمريكيين أصبح أكثر فأكثر صعوبة وخاصة في غياب المعاملة بالمثل من إدارة بايدن”.

الآن هذا الافتقار إلى المعاملة بالمثل هو مجرد موجة واحدة في بحيرة متنامية من السخط عبر المحيط الأطلسي. وبالرغم من الأسباب الصحية لفرض قيود على المسافرين الأمريكيين، فإن التوجيه الجديد للاتحاد الأوروبي، بحسب ما غرد فرانسوا هايسبورغ، كبير مستشاري أوروبا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قد يُنظر إليه أيضا على أنه “تصويت على نطاق أوسع بعدم الثقة في الإدارة الأمريكية”.

وخيم استيلاء طالبان المفاجئ على أفغانستان وما ظهر أنه تعامل فوضوي مع الانسحاب الأمريكي على كل المداولات، الأمر الذي زعزع ثقة الأوروبيين في قرارات بايدن وأولوياته. وضغط القادة الأوروبيون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الأسبوع الماضي، على بايدن لتأجيل الموعد النهائي المقرر له في 31 آب/ أغسطس للانسحاب، ولكنه لم يتزحزح. ليلة الإثنين، غادرت آخر الطائرات العسكرية الأمريكية مطار كابول، لتشكل نهاية لعمليات الإجلاء التي قادها الجيش من العاصمة الأفغانية ونهاية للحرب الأمريكية الأطول، وإن كان ذلك من الناحية الفنية فقط.

بالنسبة لعدد لا يحصى من السياسيين والدبلوماسيين الأوروبيين، لا سيما في البلدان التي استثمرت الكثير في دعم مهمة الناتو التي دامت عقدين من الزمن في أفغانستان، كانت أحداث الأسابيع الماضية بمثابة اختبار داخلي. أعلن بايدن، بناء على اتفاق ترامب مع طالبان، انسحابا كاملا لم يكن أمام حلفائه في الناتو خيار سوى اتباعه. بينما يعبر المسؤولون الأوروبيون عن مخاوفهم بشأن المحنة الإنسانية في البلاد، فضلا عن احتمال حدوث تدفقات جديدة ضخمة من اللاجئين الأفغان، فإنهم يشتكون أيضا سرا من عدم وجود تشاور حقيقي مع إدارة بايدن.

قال كونستانز ستيلزنمولر، الخبير في الشؤون الألمانية والزميل البارز في معهد بروكينغز: “نحن لسنا جزر. إن قرارات حلفائنا لها عواقب على حلفائهم.. تشعر بأن صناع القرار يقومون بذلك في فراغ بينما يجب أن يكون هناك تنسيق”.

إن الشعور بالكارثة الذي يخيم على الوضع في أفغانستان قد أضاف فقط إلى الحوار المستمر منذ فترة طويلة حول حاجة أوروبا إلى قدر أكبر من الاستقلال الذاتي الاستراتيجي.

وقال أرمين لاشيت، الذي ينافس لخلافة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، خلال مناظرة تلفزيونية يوم الأحد ضد منافسيه الرئيسيين في الانتخابات: “يجب أن نعزز أوروبا، بحيث لا نضطر أبدا إلى ترك الأمر للأمريكيين”. وقال لاشيت، وهو ديمقراطي مسيحي من يمين الوسط مثل ميركل، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الانسحاب من أفغانستان كان “أكبر كارثة يعانيها حلف الناتو منذ تأسيسه”.

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، في خطاب برلماني الأسبوع الماضي: “هل كانت معلوماتنا الاستخباراتية ضعيفة لهذه الدرجة؟ هل كان فهمنا للحكومة الأفغانية ضعيفا لهذه الدرجة؟ هل كانت معرفتنا على الأرض غير كافية إلى هذا الحد؟.. أم أننا اعتقدنا فقط أنه كان علينا أن نتبع أمريكا ونأمل أن يكون كل شيء على ما يرام؟”

كانت الحرب في أفغانستان أول مهمة في تاريخ الناتو تنبثق من تطبيق المادة الخامسة، بند الدفاع الجماعي للحلف. قد يكون بايدن قادرا على تجاهل خاتمة هذا القرار المخزية، لكنها كانت بمثابة ضربة للهيبة الأوروبية.

وقال ستيلزنمولر: “ما سيتغاضى عنه الناس هو أن جيلا كاملا من المحترفين الغربيين -بما في ذلك الضباط العسكريون والدبلوماسيون ومسؤولو الاستخبارات والصحفيون- مروا بأفغانستان.. هذه هي أكثر مهام الناتو شرعية، وهي المهمة الأكثر أهمية في فهمنا لأنفسنا”.

قال بنجامين حداد، مدير قسم أوروبا في مركز دراسات أتلانتك كاونسل: “بالنسبة لدول مثل ألمانيا وبريطانيا، التي استثمرت بكثافة في أفغانستان -رأس المال السياسي والقوات والأموال- كانت عملية أفغانستان تتعلق بالتزامها تجاه الناتو والتحالف، وهذا هو السبب في أن ما حدث في الأسابيع الأخيرة كان بمثابة صدمة حقيقية في برلين ولندن. إنه يشير إلى تحول في أولويات أمريكا أعمق من الشخصيات والخطابات الرئاسية”.

كتب ستيفن والت في فورين بوليسي: إن هذا لا ينبغي أن يكون مفاجئا، “فقد كانت أوروبا محور السياسة الخارجية لأمريكا في معظم القرن العشرين، خاصة خلال الحرب الباردة، لكن انهيار الشيوعية، وصعود الصين وآسيا، وحروب ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، وحملات مكافحة الإرهاب، حولت أولويات أمريكا إلى أماكن أخرى.. كان دونالد ترامب أول رئيس صاغ هذه الأفكار بشكل علني، والآن تخشى النخبة الأوروبية أن هذا ربما لم يكن مجرد خروج عن القاعدة”.

وأشار حداد إلى أن دور بايدن يجب ألا يثير الخوف في أوروبا. وقال: “دعونا نذهب إلى أبعد من ‘أمريكا عادت’، ونجري محادثة صريحة بين الحلفاء حول ما لا يريد الأمريكيون فعله بعد الآن، حيث يتعين على الأوروبيين تحمل المسؤولية”.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق