إعادة المسرحية.. عودة داعش بإخراج أمریکی
هاجمت فلول تنظيم داعش الإرهابي اللواء التاسع عشر للشرطة الاتحادية العراقية في 5 أيلول / سبتمبر 2021 (4 أيلول / سبتمبر 1400) في قرية ” تل سطیح” التابع لناحية الرشاد بمحافظة كركوك، ما أسفر عن استشهاد 13 منتسباً. وبالتزامن مع هذا الهجوم، شهد تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة نينوى تحركات كبيرة ونظم عدة هجمات محدودة أسفرت عن مقتل شرطة آخرين. في أعقاب هذه الاحداث، في أعقاب هجمات داعش على كركوك ونينوى، تشير التقارير إلى عقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن القومي العراقي برئاسة رئيس الوزراء.
وحسب تقارير صدرت خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن العراقي، شدد كاظمي على أن قدرات العدو ضعفت، لكن سوء الإدارة والتقصير في عمل القادة العسكريين في بعض الأحيان يؤدي إلى بعض الانتهاكات، لذلك يجب إيجاد آليات جديدة لمنع حدوث أي هجوم. وشدد على ضرورة تفعيل دور أجهزة المخابرات وإنشاء آليات تنسيق فعالة بين مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية لمنع انتهاكات داعش، ودعا إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الهجمات ومنع تكرارها. وفيما يتعلق بالجولة الجديدة من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، يُشار إلى أن هذه الأحداث تجري على وجه التحديد في سياق الأجواء الحالية التي نرى فيها طالبان في أفغانستان قد تمكنت من السيطرة على كابول في فترة وجيزة، بعد انسحاب القوات الأمريكية. في مثل هذه الأجواء، فإن تصعيد هجمات داعش يعيد إلى الأذهان هذا السيناريو المشابه. لكن السؤال هل كانت هجمات داعش مستقلة أم أن هناك أيادي وراء كواليس الجولة الجديدة من تحركات هذا التنظيم الإرهابي؟ وما هي الأغراض المحتملة لتنفيذ هذه الهجمات في ظل الوضع الراهن؟
التيارات السياسية العراقية تؤكد على الأيادي الخفية العربية والغربية في إحياء داعش
من السهل قراءة ما إذا كانت هجمات داعش عفوية ومستقلة في الوضع الحالي أو ما إذا كانت الأيدي الخفية للجهات الأجنبية وراءها. أظهرت عدة شواهد ووثائق في السنوات الأخيرة أن دولاً عربية وغربية وصهيونية قد دعمت تنظيم داعش الإرهابي. في الوضع الجديد، من الواضح أن هؤلاء الفاعلين يستخدمون داعش لتحقيق أهدافهم، ولكن على عكس الماضي، أدركت الجماعات السياسية العراقية الأخرى بوضوح أنها تلعب دورًا وراء الكواليس. كما نرى، غرد أبو علي العسكري، المتحدث العسكري والمسؤول الأمني في حزب كتائب حزب الله العراقي، عن العمل الإرهابي الأخير لداعش في كركوك: “الحقيقة أن المخابرات السعودية والإماراتية تدير تنظيم داعش بشكل مباشر. أولئك الذين يتساهلون في جرائم داعش مشتركون في هذه الجرائم. واضاف ان “قادة الحشد الشعبي في مناطق شمال العراق بحاجة الى بسط سيطرتهم هناك”. إضافة إلى ذلك، ضمن المناصب الإدارية السياسية والأمنية العليا في الحكومة العراقية، هناك بعض المرتزقة والمنتسبين من الدول العربية والغربية الذين يقدمون معلومات سرية للجماعات الإرهابية على مختلف المستويات. لذلك، أصبح تحقيق الحكومة العراقية وجديتها في التعرف على هؤلاء الأفراد ومواجهتهم وإحباط المؤامرات الأجنبية الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي حقيقة لا يمكن إنكارها تتطلب ملاحقة وإجراءات من قبل حكومة مصطفى الكاظمي.
محاولات ربط السيناريو الأفغاني؛ النضال الأخير لأمريكا من أجل البقاء
في الأشهر الأخيرة، ربما كان يُنظر إلى هجمات داعش على قوات الأمن العراقية وحتى العمليات الإرهابية في المدن على أنها المزيد من المحاولات لتأكيد وجودهم ومناورتهم، ولكن في الوضع الجديد الذي انتصرت فيه قوات طالبان في أفغانستان، اشتدت هجمات داعش في ثلاثة أبعاد، ويحتاج إلى القراءة.
أولاً، تحاول وسائل الإعلام الغربية والمرتزقة العرب الأمريكيون في المنطقة رفع الصورة النمطية الإقليمية بأن نمط انتصار طالبان في أفغانستان يمكن أن يلهم داعش، وفي المستقبل القريب، ستنظم جماعة داعش، كطالبان، قواتها للنضال من أجل السيطرة على المدن.
ثانيًا، يحاول الأمريكيون والدول العربية الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب النظام الصهيوني، غرس هذه الوسائط الإعلامية في الرأي العام العراقي والجماعات السياسية بأن التطورات في أفغانستان ستتكرر في العراق وسيتكرر سينارو سيطرة داعش على مدن مختلفة في البلاد قريبًا. بعبارة أخرى، فإن جهدهم الأساسي مخطط له لجعل سيناريو التطورات الأفغانية في العراق قابلاً للتكرار، وتقديم هذه القضية تدريجياً كحقيقة لا يمكن إنكارها ولا مفر منها بين المواطنين والرأي العام في العراق.
في المستوى الثالث، يحاول الأمريكيون تبرير حجة استمرار وجودهم في العراق من خلال دعم تصعيد هجمات داعش وتقوية هذه المجموعة بصورة خفية، وهدفهم وتركيزهم هو تقديم هذا البيان كحقيقة أنه في حال انسحبت القوات الأمريكية ستتكرر أحداث 2014 ولن تكون القوات العراقية قادرة على الدفاع عن البلاد، لذلك من الضروري أن يستمر الوجود العسكري لواشنطن. في الواقع، هذا النهج هو استراتيجية مألوفة ومتكررة من قبل الأمريكيين، تقوم على الأزمة المستمرة وخلق فراغ أمني للحفاظ على وجودهم العسكري.
في السنوات الأخيرة، حاولت واشنطن مرارًا وتكرارًا ضمان استمرار وجودها من خلال خلق أزمات في مناطق مختلفة من العراق، ومنع تنفيذ قانون البرلمان العراقي الخاص بطرد القوات الأجنبية، والذي تمت الموافقة عليه في 5 كانون الثاني (يناير) 2020. لكن تشير الدلائل إلى أن الأمريكيين سيفشلون في تحقيق هذا الهدف. لأنه بات واضحا للجميع الآن أن هذا هو الجيش العراقي وقوى الحشد الشعبي التي تقاوم في مختلف الهجمات الإرهابية وفلول تنظيم داعش الإرهابي، قادر عسكريا وسياسيا على تدمير ومواجهة مقاتلي داعش في أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف. يدرك الرأي العام العراقي بوضوح أن خارطة طريق واشنطن لن تخدم أمن البلاد ومصالحها الوطنية.
المصدر/ الوقت