حرب التنافس على الحصص الآسيوية تجبر السعودية على تخفيض أسعارها
في رسالة للدول المصدرة للنفط فحوها أن أكبر مصدر للخام في العالم يريد جذب دول شرق آسيا لشراء المزيد من براميله، قامت السعودية بتخفيض أسعار النفط المباع إلى الأسواق الآسيوية الشهر المقبل بأكثر من ضعف التخفيض المتوقع.
بينما وضعت الأشهر الأخيرة السعودية في موقف صعب نتيجة ارتفاع في اسعار النفط الخام حيث تسببت جائحة فيروس كوفيد-19 في إحداث فوضى في تعافي الطلب على الطاقة، تعمل شركة أرامكو السعودية المنتجة المملوكة للدولة على تخفيض أسعارها في وجه أكبرأسواقها في آسيا. حيث فوجئت شركات التكرير في دول شرق آسيا و التي تعتبر من أكبر عملاء أرامكو، بحجم الانخفاض في الاسعار التي تقدمها المملكة العربية السعودية. و تشير هذه التخفيضات إلى أن السعوديين يضغطون على زر المنافسة مع الدول المنتجة الأخرى للاستيلاء على أكبر حصة ممكنة من المشترين.
و في هذا السياق، تحدث وارن باترسون، رئيس وحدة استراتيجية السلع لدى “أي إن جي غروب” في سنغافورة لوكالة بلومبيرغ: “كان مستوى التخفيضات في السعودية لآسيا مفاجأة، لكنَّه لا يرسل إشارات كبيرة إلى السوق في ما يتعلَّق بديناميكيات الطلب الحالية”. حيث خفضت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعار جميع أنواع النفط الخام للعملاء الآسيويين في أكتوبر/تشرين الأول مقابل سبتمبر/أيلول، لكنها تركت أسعار بيع الخام لشمال غرب أوروبا والولايات المتحدة من دون تغيير حيث إن60% من الصادرات النفطية السعودية تتجه للأسواق الآسيوية و تعتبر كل من الصين و كوريا الجنوبية و اليابان و الهند من أكبر المشترين. و بناء على وثيقة تسعير رسمية أفصحت عنها “رويترز” فقد خفضت شركة “أرامكو” لأوَّل مرة منذ أربعة أشهر سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف للتسليم لآسيا في أكتوبر إلى علاوة قدرها 1.70 دولار للبرميل فوق متوسط سعر خامي عمان ودبي، وينظر خبراء إلى خفض السعر 1.30 دولار لشهر أكتوبر مقابل سبتمبر، إلى أنه أكبر تخفيض شهري خلال عام. في حين شكل التخفيض السعودي مفاجأة للأسواق العالمية، إذ كان المشترون يتوقَّعون انخفاض الأسعار بما يتراوح بين 20 و40 سنتاً فقط للبرميل، تماشياً مع التغيّرات في الأسعار المعيارية في دبي. في حين كانت شركة رامكو السعودية قد أعلنت في وقت سابق عن تخفض أسعار شحنات النفط إلى آسيا خلال شهر يونيو/حزيران المقبل، في ظل تراجع الطلب على الطاقة في الهند مع تزايد أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا بما يتراوح بين 10و 30 سنتا للبرميل.
و قد كان الاضطراب الشديد الذي وقع في سوق النفط قد أحدث شرخاً كبيراً داخل تحالف استمر نحو عامين بين منظمة أوبك و المنتجين من خارجها، و هو ما دفع الدول المصدرة للدخول في حرب أسعار لجذب الزبائن الذين يتراجع طلبهم في الأساس في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي بسبب الشلل الذي ضرب العديد من القطاعات الانتاجية و الخدمية الحيوية في مناطق متعددة من العالم و الذي قد تسبب فيه انتشار جائحة كوفيد-19
مساع فاشلة في ظل تفشي جائحة كوفيد-19
جاء التخفيض السعودي في أسعار النفط الخام بعد قيام العديد من المصافي الآسيوية بطلب نفط أقل من المملكة العربية السعودية للشهر المقبل حيث أثرت خطوات كبح متحور الفيروس دلتا على الطلب. حيث إنه طلب أربعة عملاء على الأقل – ثلاثة في شمال شرق آسيا وواحد في جنوب شرق آسيا – كميات أقل من الإمدادات المتعاقد عليها لشهر سبتمبر، وفقًا لمسؤولين في المصافي. قالوا إن أرامكو السعودية أخطرتهم هذا الأسبوع بأنها ستمنحهم الكميات التي طلبوها. وامتنعت شركة النفط السعودية المملوكة للسعودية عن التعليق على الأمر. حيث تعمل السلطات في جميع أنحاء آسيا على توسيع أو فرض قيود جديدة على التنقل لكبح جماح سلالة دلتا سريعة الانتشار. في حين تتبع الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، استراتيجية احتواء صارمة على الرغم من وجود أعلى معدلات التطعيم في العالم لديها. و وفقا لباحث السلع ICIS-Chinaستقوم الشركة الصينية للبترول والكيماويات (China Petroleum & Chemical Corp.)، أكبر شركة تكرير في البلاد، بخفض معدلات التشغيل في بعض المصانع بنسبة 5٪ إلى 10٪
الهيمنة على اسواق شرق آسيا امتداد لحرب اقتصادية سعودية اماراتية
كان خلاف معلن بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية حول حصص إنتاج النفط مؤخرا قد أدى إلى توقف المحادثات بين أكبر دول العالم المنتجة للذهب الأسود. كما ترك هذا الخلاف النادر أسواق الطاقة معلّقة، بينما دفع أسعار النفط إلى أعلى ارتفاع لها في ست سنوات وتعلّقت مفاوضات تحالف أوبك بلس المكوّن من 23 دولة هي الدول المصدّرة للنفط أوبك وحلفاؤها من الدول المنتجة كـروسيا. وطفت المشكلة على السطح عندما رفضت الإمارات مقترحًا لتمديد اتفاق قيود الإنتاج ثمانية أشهر أخرى كانت تقدّمت به السعودية وروسيا عن تحالف أوبك بلس. وأرادت الإمارات إعادة التفاوض بشأن خط الأساس الخاص بها، والذي تُحسب بناء عليه مسألة زيادة أو خفض الإنتاج، وذلك لكي تتحرر في ضخّ المزيد من النفط، لكن السعودية وروسيا عارضتا إرادة الإمارات. واتخذت عندها المفاوضات مساراً مختلفاً عندما خرج وزيرا الطاقة في كل من السعودية و الامارات و أعلنا الخلافات بشكل علني بين الحليفتين. و على الرغم من أن الشراكة بين السعودية و الامارات و على مدى سنوات طويلة رسمت خارطة الجغرافيا السياسية للعالم العربي إلا أن التصدع في جسد هذه العلاقة بدأ يتضح منذ عامين، عندما سحبت الإمارات معظم قواتها من اليمن على غير هوى السعوديين. وتعمق الخلاف عندما أصدرت السعودية إنذارا نهائيا لشركات متعددة الجنسيات بضرورة نقل مقارها الإقليمية إلى المملكة بحلول عام 2024 تفاديا لخسارة تعاقدات حكومية.
المصدر/ الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق