التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أكتوبر 10, 2024

انتهاك حقوق اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية 

نشرت منظمة العفو الدولية مؤخراً تقريراً حول مدى الترحيل القسري لبعض طالبي اللجوء السوريين في بعض الدول الأوروبية. وتناول التقرير محنة اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية وأنتقد على وجه التحديد الدنمارك والسويد وتركيا التي قامت بالحد من الحماية والضغط على اللاجئين السوريين. ويقول التقرير إن هذه الدول مارست ضغوطا على اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة إلى بلادهم بالقوة. وبالإضافة إلى ذلك، أنتقد التقرير حكومتي الأردن ولبنان اللتين اتبعتا نهجًا صارمًا تجاه اللاجئين السوريين. ووفقًا للتقرير، ففي تركيا، حيث يعيش العديد من طالبي اللجوء السوريين في ظروف غير مواتية وتمييز عنصري، تمارس الحكومة التركية ضغوطًا متزايدة لإجبار طالبي اللجوء على العودة إلى بلدانهم. ولقد أفادت الأنباء أن تركيا طردت قسراً العديد من السوريين في العامين الماضيين. كما ألغت الدنمارك والسويد تصاريح الإقامة للعديد من طالبي اللجوء في وقت سابق من هذا العام، مؤكدين أن الوضع في سوريا سيكون أكثر أمانًا. ودعت منظمة العفو الدولية في تقريرها الحكومات الأوروبية إلى وقف أي عمل من شأنه إجبار اللاجئين السوريين بشكل مباشر أو غير مباشر على العودة إلى ديارهم. كما طُلب من جيران سوريا، بما في ذلك لبنان وتركيا والأردن، الذين يستضيفون غالبية اللاجئين السوريين، حمايتهم من الترحيل وعدم اجبارهم على العودة وفقًا للالتزامات الدولية.

الدنمارك، مثال على سوء معاملة طالبي اللجوء السوريين

اتبعت الحكومة الدنماركية سياسة هجرة صارمة لسنوات عديدة. وفي بعض الأحيان ترسل طالبي اللجوء الجانحين إلى الإقامة في جزيرة “ليندهولم” غير المأهولة، وأحيانًا تلغي تصريح الإقامة المؤقت لطالب اللجوء. ويعيش ما مجموعه 30 ألف لاجئ سوري في الدنمارك، وقد ألغت الحكومة الدنماركية الآن الإقامة المؤقتة لـ 300 لاجئ سوري. ويعيش اللاجئون السوريون، وخاصة النساء والأطفال ، الآن في وضع صعب. ولقد تحدث موقع شبكة التليفزيون الألمانية “تاغس شو” إلى بعض طالبي اللجوء هؤلاء الذين يتجمعون كل يوم في ساحة قصر “كوبنهاغن”. ولقد كتبت “تاغس شو”: “السوريون يحتجون أمام البرلمان الدنماركي. وكتبوا على لافتة أوقفوا الطرد!”. وإحدى طالبي اللجوء هؤلاء هي “رشا قيروت”، التي تلقت مؤخرًا رسالة من مسؤولي الهجرة. و”رشا” المعلمة البالغة من العمر 38 عامًا تعيش في الدنمارك مع طفليها منذ ست سنوات وعليها الآن مغادرة الدنمارك. و”بلال مصطفى”، طالب لجوء سوري آخر جاء إلى الدنمارك في سن 13، وعليه مغادرة الدنمارك.

كما كتبت “تاغس شو” أن معظم الذين ألغيت إقاماتهم المؤقتة هم من النساء والأطفال السوريين لأن الحكومة الدنماركية تعتقد أنه لا يوجد خطر عليهم. وحول هذا السياق، أشارت هذه القناة إلى أن الدكتور “فريدريكسون”، زعيم الديمقراطيين الاجتماعيين الدنماركيين البالغ من العمر 43 عامًا ورئيس وزراء البلاد، لديه سياسة هجرة صارمة. وكان قد وعد سابقًا في حملته في يونيو 2019 بالحد من عدد المهاجرين من الدول غير الغربية إذا أصبح رئيسًا للوزراء. ولقد جادل رئيس الوزراء الدنماركي بأنه لا يوجد خطر على اللاجئين وأنه يجب على السوريين العودة. ويفكر البرلمان الدنماركي أيضًا في إصدار قوانين صارمة لتوفير أساس قانوني لترحيل طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة في المستقبل. لكن سياسة ترحيل اللاجئين السوريين داخل الدنمارك قوبلت بالمعارضة. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن تحرك الحكومة الدنماركية يتعارض مع حقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى، يشعر “بلينكينبيرج” بالقلق إزاء العفو الدولي الدنماركي، قائلاً إن “سياسة اللجوء في الدنمارك قد تجد قريبًا مقلدين في الاتحاد الأوروبي”.

الوضع غير المواتي للاجئين السوريين في تركيا

مع تصاعد الاضطرابات، تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين على تركيا، وأعلنت حكومة أنقرة أنها ستتبنى سياسة الباب المفتوح تجاه المواطنين السوريين. وكتب الدكتور “مراد أردوغان”، الأستاذ في جامعة “حجة تبه” في تركيا، في تقرير علمي عن أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا: “عدد اللاجئين الذين قدموا إلى تركيا بعد عام 2011 ما بين 4.2 و 4.5 مليون، منهم 1.2 مليون ذهبوا إلى دول أوروبية أخرى.” وفي إشارة إلى عدد سكان تركيا البالغ 78 مليون نسمة، كتب “أردوغان”: “إن عدد اللاجئين السوريين يساوي أربعة في المائة من إجمالي سكان تركيا، وتعيش غالبية هذا الرقم في المدن التركية. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين الذين يعيشون في مدن مختلفة من تركيا 92٪ من إجمالي عدد اللاجئين، يعيش 8٪ منهم فقط في مخيمات مختلفة تدعمها حكومة أنقرة”.

وفي بداية الاضطرابات وتدفق اللاجئين السوريين، أقامت حكومة أنقرة مخيمات مختلفة للاجئين في المناطق الحدودية بالقرب من سوريا وحاولت إيوائهم في هذه المخيمات. ومع ازدياد عدد طالبي اللجوء اختفى احتمال الإقامة في المخيمات ودخل السوريون إلى تركيا دون جوازات سفر ووثائق هوية واستقروا في مناطق مختلفة وفي السنوات الأولى استقروا بشكل رئيسي في المناطق الحدودية القريبة من سوريا. ولقد تسبب وصول اللاجئين السوريين إلى تركيا خلال السنوات الأولى من الصراع وإقامتهم في المناطق الأقل تطوراً على الحدود مع سوريا، مثل مدن “هاتاي ومرسين وعنتب بطل مرعش”، في استياء سكان هذه المناطق. ويعزى هذا الاستياء إلى زيادة الإيجارات في هذه المناطق، وبطالة غالبية العمال الذين يعيشون في هذه المناطق بسبب استخدام العمالة الرخيصة لطالبي اللجوء، وارتفاع تكلفة السلع العامة بسبب الزيادة المفاجئة في عدد السكان وزيادة انتشار الفساد.

وعلى مر السنين، انتقل اللاجئون السوريون الذين يعيشون في تركيا إلى أجزاء أخرى من البلاد، والآن يمكن رؤية اللاجئين السوريين في معظم أنحاء تركيا. وفي السنوات السابقة، مُنع السوريون من دخول بعض المناطق السياحية، مثل أنطاليا أو البلدات الصغيرة التي يغلب عليها السياح الأجانب. بالإضافة إلى مدن في منطقة الحدود التركية السورية، وتستقبل مدن اسطنبول وأنقرة وإزمير وغيرها من المدن التركية الكبرى لاجئين سوريين باعداد كبيرة. وتشكلت في بعض أجزاء هذه المدن أحياء سورية، وفي هذه الأحياء تخدم المحلات التجارية والمطاعم باللغة العربية. ومن بين السوريين الذين يعيشون في تركيا، هناك أقلية صغيرة فقط لديها مرافق رعاية اجتماعية وقادرة على عيش حياة طبيعية. ويعمل غالبية السوريين الذين يعيشون في تركيا كعاملين في قطاعات مختلفة بدون تأمين وخدمات اجتماعية وبأجور أقل من العمال الأتراك. ويعمل السوريون في وظائف البناء المختلفة، وكنادلين في مطاعم ووظائف مماثلة.

وتستقبل إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا، نحو 557694 سوريًا. وتستقبل مدينة شانلي عرفة 453 ألفًا، ومدينة خطاي 443 ألفًا، ومدينة القاضي عنتيب 421 ألفً، ومدينة أضنة 231 ألفًا، ومدينة مرسين 206 آلاف، ومدينة بورصة 163 ألفًا، ومدينة إزمير 141 ألفًا، ومدينة كلس 117 ألفًا، ومدينة قونية 104 آلاف لاجئ سوري. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين 22.38٪ من سكان محافظة شانلي عرفة و 16.28٪ من محافظة هاتاي و 21.04٪ من محافظة غازي عنتاب و 86.4٪ من محافظة كيليس. وتقوم حكومة أنقرة حاليًا بإصدار بطاقات هوية لطالبي اللجوء السوريين وتحاول السيطرة عليهم، ويطلب من طالبي اللجوء تقديم هويتهم إلى السلطات المختصة، وعلى رأسها مكتب الهجرة التركي. ويمكن لطالبي اللجوء السوريين الذين يحملون بطاقات هوية الوصول إلى المرافق الحكومية مثل التعليم والمساعدة الاجتماعية والخدمات الصحية والتوظيف. وعلى الرغم من ذلك، وفقًا للاتحاد التركي لنقابات أصحاب العمل، في عام 2015، تم توظيف 3686 سوريًا فقط وتم إعطائهم التأمين والخدمات الاجتماعية، وفي ذلك العام كان ما لا يقل عن 400 ألف سوري يعملون بدون تأمين وبأجور منخفضة.

وعلى الرغم من أن الحكومة التركية أصدرت تصاريح عمل لطالبي اللجوء السوريين في فبراير 2016، إلا أن إن الحصول على تصريح عمل يتطلب من صاحب العمل الاتصال بهم، وإذا فعلوا ذلك، فسيتعين على صاحب العمل دفع راتب الشخص وتأمينه، ولكن بسبب العبء المالي على صاحب العمل، يرفض صاحب العمل القيام بذلك. ولقد صورت القنوات التلفزيونية التركية مرارًا وتكرارًا الوضع المؤلم للاجئين السوريين، خاصة في المدن الكبيرة مثل اسطنبول. وفي هذه الصور، كان العشرات من الأشخاص يحاولون البقاء على قيد الحياة في مكان لا تتوفر فيه مرافق الحياة الأساسية. ووفقًا لمسؤولين حكوميين في أنقرة، فإن طالبي اللجوء السوريين يمكنهم الحصول على الرعاية الصحية في المراكز الطبية التركية، بالإضافة إلى إنشاء فصول تعليمية للأطفال السوريين في بعض المناطق. ويتم تقديم هذه الخدمات في مخيمات اللاجئين، ولكن نظرًا لكبر عدد اللاجئين وتشتتهم، لا يمكن تقديم خدمات تعليمية لأطفال هؤلاء اللاجئين في جميع مدن تركيا.

ووفقًا لمجموعة الأزمات الدولية، فإن 38٪ فقط من الأطفال السوريين يحصلون على التعليم ويضطر الباقون إلى العمل لكسب لقمة العيش. وحول هذا السياق، قال نائب رئيس الوزراء التركي، “رجب أكداغ”، في مؤتمر حول وضع اللاجئين السوريين في تركيا العام الماضي، إن “حكومة أنقرة أنفقت أكثر من 31 مليار يورو على اللاجئين، لكن الحكومات الغربية لم تساعد تركيا في هذا الصدد”. بالطبع، من المهم الإشارة إلى أن طالبي اللجوء السوريين في السنوات الأخيرة أصبحوا رافعة ضغط لحكومة أنقرة على الحكومات الأوروبية، وفي بعض الأحيان هددت الحكومة التركية بفتح حدودها مع أوروبا وإرسال ملايين المهاجرين إليها. وقد أثارت حكومة أنقرة في بعض الأحيان مسألة ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم والاستقرار في مناطق آمنة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق