هل ينجح رئيس الوزراء المغربيّ بتشكيل حكومة منسجمة ومتماسكة
عقب فوز حزبه بالانتخابات البرلمانيّة وإلحاقه الهزيمة بحزب “العدالة والتنمية” الإخوانيّ الذي قاد الائتلاف الحكوميّ لولايتين متتاليتين، أصبح رئيس حزب “التجمع الوطنيّ للأحرار”، ورجل الأعمال الملياردير، عزيز أخنوش، رئيساً للحكومة المغربيّة وفقاً لأمر من الملك المغربيّ، محمد السادس، ينص على تشكيل حكومة جديدة في البلاد برئاسته، وحسب بيان وزارة القصور الملكيّة، فإن الملك استقبل أخنوش بالقصر الملكيّ في فاس، وكلفه بتشكيل الحكومة الجديد، واصفاً هذا التعيين بأنّه جاء طبقاً لمقتضيات الدستور وبناء على نتائج الانتخابات التشريعيّة الأخيرة.
تصدر حزب التجمع الوطنيّ الليبراليّ نتائج الانتخابات البرلمانيّة بحصوله على 102 مقعد من أصل 395، بينما تهاوى حزب العدالة والتنميّة الذي ترأس الحكومة في المغرب لعقد من الزمن إلى المرتبة الثامنة بحصولهم على 13 مقعداً مقابل 125 في البرلمان المنتهية ولايته، الشيء الذي أوصل الأخنوش الذي عُرف وسط محيطه وأبناء مدينته بالشخصية المتواضعة والرجل الطموح والنشيط، إلى رئاسة الحكومة المغربيّة.
ويعتبر رئيس الحكومة المغربيّة الجديد، واحداً من أبر رجال الأعمال في المغرب والعالم العربيّ، حيث حل في المرتبة العاشرة عربيّاً وفي المركز 1664 عالميّاً، ضمن تصنيف قائمة “فوربس” لأثرياء العالم هذا العام، بثروة قدرت بحوالي 2 مليار دولار، وحاصل على شهادة عليا في التسيير الإداريّ من جامعة شيربروك الكنديّة عام 1989، وبعد عودته إلى المغرب وهو في عقده الثالث ترأس مجموعة “أكوا” القابضة التي أسسها والده عام 1932، وتحتضن مجموعة من المؤسسات الاقتصاديّة الكبرى العاملة في مجال المحروقات والاتصالات والخدمات وغيرها من القطاعات المختلفة.
وعقب سنوات من النجاح في مجال المال والأعمال عبر المجموعة الاقتصاديّة التي يديرها عزيز أخنوش، تقلد عدة مناصب مهمة في المغرب، حيث انتخب عام 2003 رئيساً لـ “جهة سوس ماسة درعة” الواقعة وسط المغرب وتحتل شريطاً يمتد من المحيط الأطلسيّ إلى الحدود الجزائريّة، كما عُيّن وزيراً للزراعة والصيد البحريّ والتنمية القرويّة والمياه والغابات منذ عام 2007، وخلال فترة وجوده بهذا المنصب المهم في البلاد، وضع عدداً من الاستراتيجيات لتنمية القطاع الزراعيّ، من بينها مخطط “المغرب الأخضر” الذي يهدف لتطوير الزراعة، و”اليوتيس” التي ترمي للنهوض بالصيد البحريّ.
وفي الوقت الذي تجمعه علاقات متميزة بشركاء بلاده داخل الاتحاد الأوروبيّ ولعب دوراً محوريّاً في التوصل إلى اتفاق تاريخيّ بشأن عودة نشاط السفن الأوروبيّة في المياه المغربيّة، بعد تعثر المفاوضات بين الطرفين عام 2014، يُتّهم أخنوش أطراف حزبيّة باستغلاله لمنصبه ومعارفه من أجل جني أرباح لشركاته بشكل غير شرعي، فيما يُعرف ب “قضية 17 مليار درهم”، إضافة إلى اتهامات أخرى تتعلق بإعطائه امتيازات كثيرة لزوجته سيدة الأعمال، سلوى إدريسي، والتي تملك عدّة شركات تجاريّة.
يشار إلى أنّ رئيس الوزراء المغربيّ الجديد، سيجري مشاورات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان لتشكيل فريق حكوميّ لهذه المرحلة، لن يكون من ضمنه حزب العدالة والتنميّة الإسلاميّ الذي أعلنت قيادته مؤخراً اصطفافها في المعارضة، فيما تواجه الحكومة المغربيّة الجديدة تحديات كثيرة بينها التداعيات الاقتصاديّة لجائحة فيروس كورونا التي سببت ركوداً غير مسبوق في البلاد.
وعلى الرغم من أنّ الدستور المغربيّ يمنح صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، لكنّها تبقى مقيدة من ناحية مركزيّة القرار في القضايا الاستراتيجيّة والمشاريع الكبرى، لأنّ الملك هو صاحب القرار الأوحد فيها، وتلك القضايا لا يمكن أن تتغير مع تبدّل الحكومات والأشخاص، ما يجعل من الصعب بمكان تطبيق طموحات أخنوش في تكوين أغلبيّة رصينة قادرة على تفعيل التوجهات الكبرى والمشاريع المهيكلة التي أطلقها محمد السادس لاستكمال مسار التنميّة، وتحسين الوضع المعيشيّ للمغاربة.
بناء على كل ذلك، من المستبعد أن تُفلح المشاورات الحاليّة في تشكيل حكومة جديدة منسجمة ومتماسكة، خاصة مع إظهار الاستعداد الكبير للعمل بثقة ومسؤولية فقط مع الأحزاب التي تتقاطع مع حزب التجمع الوطنيّ في المبادئ والبرامج، في ظل انتقادات لاذعة من قبل بعض الأطراف بافتقار أخنوش للخبرة والدرايّة السياسيّة، وعدم امتلاكه سوى المال، إضافة إلى أنّ غياب التعاون الحزبيّ سيؤثر بلا شك على طبيعة تلك الحكومة.
المصدر / الوقت