الليلة التي تحوّل فيها كابوس “محمد بن سلمان” إلى حقيقة.. الذكرى الثانية لهجوم “أنصار الله” على “أرامكو”
يصادف الرابع عشر من أيلول / سبتمبر الذكرى الثانية لعملية “أنصار الله” اليمنية التي لا تُنسى على منشآت أرامكو النفطية في منطقتي بقيق وخريص. ففي الساعات الأولى من صباح يوم 14 أيلول / سبتمبر 2019، أضاءت سماء منطقتي “بقيق وخريص” شرقي السعودية، بسلسلة من الانفجارات على منشآت أرامكو النفطية الواقعة في تلك المناطق. وبحسب المعلومات، فإن وحدة الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة لقوات “أنصار الله” اليمنية شنت هجمات صاروخية على منشآت نفطية في تلك المنطقة، الواقعة على بعد أكثر من 1000 كيلومتر من اليمن، بـ 18 طائرة انتحارية بدون طيار (وعيد) وسبعة صواريخ كروز (قدس 1). وكانت مصفاتي بقيق وخريص تكرران ما مجموعه حوالي 8 ملايين برميل من النفط السعودي وتجهزه للشحن إلى محطات النفط السعودية على ساحل الخليج الفارسي، وهو أكبر هجوم صاروخي حدث على أكبر منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية على مر السنين الماضية. وكان الهجوم فعالاً ومضرًا لدرجة أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” ومسؤولين سعوديين آخرين دعوا الأمم المتحدة والدول الغربية بدافع الخوف والغضب، على عكس الهجمات العسكرية اليمنية السابقة على البلاد، والتي غالبًا ما كانت تُنكر فعاليتها وشدتها، إلى تأمين سوق الطاقة العالمي ودعم المملكة العربية السعودية!.
وفي ذلك الوقت قال العميد “يحيي سريع” المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، في بيان متلفز: “أن سلاح الجو المسير نفّذ عملية واسعة بعشر طائرات مسيرة استهدفت مصفاتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو شرقي السعودية”. وأشار العميد “يحيى سريع” إلى أن استهداف حقلي بقيق وخريص من أكبر العمليات في العمق السعودي وسميت بعملية “توازن الردع الثانية”. وشدد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أن العملية تأتي في إطار الرد المشروع والطبيعي على جرائم العدوان والحصار. وقال إن عملية “توازن الردع الثانية” جاءت بعد عملية استخبارية دقيقة ورصد مسبق وبالتعاون مع أبناء المنطقة، وتوعّد ناطق القوات المسلحة النظام السعودي بأن عملياتنا القادمة ستتسع وستكون أشد إيلاماً طالما استمر عدوانه وحصاره مؤكداً أن بنك الأهداف يتسع يوماً بعد يوم. ومن الواضح أن حجم العملية كبير جداً حيث انتشرت صور الحرائق الهائلة والدخان الكثيف في حقول نفط أرامكو في بقيق وخريص على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع السلطات السعودية للاعتراف بالعمليات. وعمدت السلطات السعودية كعادتها إلى تقليل الخسائر جراء العملية، حيث زعمت وزارة الداخلية السعودية السيطرة على حريقين في معملين تابعين لشركة أرامكو بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات من دون طيار “درون”.
الأهمية الاقتصادية لشركة “أرامكو” في عجلة الاقتصاد السعودي
ذكر العديد من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين بأن الضربات الموجعة التي نفّذها سلاح الجو المسيّر التابع لقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، على عدد من المخازن والحقول النفطية التابعة لشركة “ارامكو” السعودية، تسبب في حدوث الكثير من الخسائر المادية والمالية، الأمر الذي انعكس سلباً على عجلة الاقتصاد السعودي وذلك لأن هذه الشركة تعتبر أكبر شركة نفطية في العالم ويعتمد عليها الاقتصاد السعودي اعتماداً كلياً. وشركة “ارامكو” هي الشركة الأكبر في تصدير النفط في العالم ولقد تأسست عام 1933 كشركة أمريكية ولكنها لم تعرف باسم أرامكو إلا عام 1944 وهذا الاسم اختصار لشركة الزيت العربية الأمريكية. إن الهجمات اليمنية على شريان النفط السعودي لم تهزّ البلاد اقتصادياً فقط وإنما سبّبت لها صدمة كبيرة وخلقت لها أزمة جديدة، وتسبّبت في إرباك الرياض عسكرياً ولا يزال السعوديون حتى هذه اللحظة لا يعرفون كيف خطط اليمنيون ونفّذوا هذه العملية المفاجئة.
وفي هذا الصدد، سارعت أمريكا إلى تقديم يد المساعدة للسعوديين، وقال وزير الخارجية الأمريكية بطريقة سخيفة إن العملية لم تكن من عمل قوات “أنصار الله” بل من إيران. إن كلمات “بومبيو” واتهاماته التي وجهها ضد إيران تهدف في الحقيقة إلى تغطية الضعف العسكري السعودي لأن واشنطن مسؤولة عن هذا الضعف. يذكر أن السعودية قامت قبل عدة أشهر بالتوقيع على أكبر صفقة أسلحة مع أمريكا ولكن الرياض على رغم صرفها مبالغ ضخمة من الدولارات وتخصيصها أرقاماً فلكية لدعم جيشها، لم تتمكن من صدّ الهجمات العسكرية التي ينفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” الذين يملكون معدات عسكرية بسيطة. وخلال السنوات القليلة الماضية باعت أمريكا أنظمة الدفاع الصاروخي “باتريوت” للسعودية لمساعدتها في التصدي للهجمات، ولكن هذه الأنظمة الدفاعية أثبتت فشلها بجدارة وذلك لأنها لم تتمكن من صدّ تلك الهجمات التي نفّذها أبطال الجيش اليمني ولم تعلم الرياض بوقوع هذه الانفجارات في مصفاتي “بقيق” و”خريص”، إلا بعدما أعلن أبطال الجيش اليمني عن تنفيذ هذه العملية المفاجئة. يذكر أن الأمريكيين كانوا قد تعهّدوا في السابق بحماية حقول النفط السعودية، وخاصة شركة أرامكو ومصافيها، لكن اليمنيين استهدفوا تلك الحقول السعودية خلال السنوات الماضية عدة مرات.
عملية الردع اليمينة السابعة
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن قوات الجيش اليمني نفذوا عملية الردع السابعة واستهدفوا قبل عدة أيام أيضا منشآت تابعة لأرامكو في منطقة “رأس تنورة” بمحافظة الدمام بطائرات “صماد 3” بدون طيار وصواريخ ذو الفقار الباليستية، مما وجه تحذيرا للمسؤولين السعوديين لتوعيتهم بالعواقب الخطيرة للعدوان اليمني. وحول هذا السياق، أعلنت القوة الصاروخية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” يوم السبت الماضي استهداف شركة ارامكو النفطية وقواعد عسكرية في المناطق الشرقية والغربية والجنوبية للسعودية بغارات جوية نفذتها ثمان طائرات مسيرة من نوع “صماد 3” وصاروخ باليستي من نوع “ذو الفقار”، ضمن عملية نوعية استهدفت العمق السعودي. وذكر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية العميد “يحيي سريع” في سلسلة تغريدات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بأن الطائرات المسيرة أصابت أهدافها بدقة.
وفي الختام يمكن القول أن استهداف منشأة أرامكو النفطية في العاصمة السعودية خلال الفترة الماضية بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية، جاء كرد مشروع على كل الجرائم غير الانسانية التي ارتكبتها مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي في اليمن. خاصتا وأن شركة أرامكو هي التي كانت تمّول وتقدم الكثير من الدعم المالي لتلك القوات الغازية وأنها لها دوراً في كل الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن، ولقد كشفت العديد من التقارير أن شركة أرامكو قدمت الكثير من الاموال لشراء الكثير من الاسلحة من الولايات المتحدة وكان لها دورا في تقديم الدعم المالي واللوجستي للمطارات السعودية التي تنطلق منها الطائرات الحربية السعودية التي تهاجم أبناء الشعب اليمني الاعزل.
المصدر/ الوقت