التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

تخبط في تشكيل الحكومة المغربية.. هذا هو السيناريو الذي يبحث عنه عزيز أخنوش 

عين ملك المغرب محمد السادس، في 10 سبتمبر الجاري، عزيز أخنوش رئيس “التجمع الوطني للأحرار” وزير الفلاحة والصيد البحري بالحكومة المنتهية ولايتها، رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة المقبلة؛ بعدما تصدر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأربعاء الماضي.

وحصل “التجمع الوطني للأحرار” على 102 مقعد من أصل 395 في مجلس النواب (الغرفة الرئيسية للبرلمان)، متبوعا بحزبي “الأصالة والمعاصرة” 86 مقعدا، و”الاستقلال” 81 مقعدا ، و”الاتحاد الاشتراكي” 35 مقعدا ، و”الحركة الشعبية” 29 مقعدا، و”التقدم والاشتراكية” 21‎ و”الاتحاد الدستوري 18 مقعداً. فيما حل حزب “العدالة والتنمية” (قائد التحالف الحكومي المنتهية ولايته) في المركز الثامن، مسجلا تراجعاً كبيراً بحصوله على 13 مقعداً فقط.

وعقب تعيينه، صرح أخنوش بأنه سيفتح باب المشاورات مع “الأحزاب التي يمكن أن نتوافق معها في المستقبل، لتشكيل أغلبية منسجمة ومتماسكة لها برامج متقاربة”.

ومنذ تعيين رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار” (ليبرالي)، عزيز أخنوش، رئيسا للحكومة المغربية المرتقبة، تتصاعد تحليلات بشأن السيناريوهات المحتملة لتحقيق أغلبية برلمانية تسمح بتشكيل الحكومة، في ضوء نتائج انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول الجاري.

والاثنين، انطلقت مشاورات تشكيل الحكومة بلقاءات منفصلة جمعت أخنوش مع أمناء الأحزاب الأولى في الانتخابات، وهم: عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لـ”الأصالة والمعاصرة”، ونزار بركة، الأمين العام لـ”الاستقلال”، وإدريس لشكر، الأمين العام لـ”الاتحاد الاشتراكي”، ومحند العنصر، الأمين العام لـ”الحركة الشعبية”، حسب إعلام محلي. كما لا توجد وفق دستور البلاد مدة محددة لمشاورات تشكيل الحكومة. كما لا توجد وفق دستور البلاد مدة محددة لمشاورات تشكيل الحكومة.

وقال الأمين العام لـ”الأصالة والمعاصرة”، في تصريح صحفي عقب لقاء أخنوش: “تبادلنا بعض الأفكار حول إمكانية التحالف الحكومي.. تلقينا إشارات جد إيجابية بخصوص التحالف، وسنعمل على استمرار هذا الحوار لبناء تصور مشترك”.

وأضاف بركة إن حزبه “سيناقش العرض الذي تقدم به أخنوش.. ستكون هناك مشاورات مهمة مع رئيس الحكومة المعين حول البرنامج الحكومي المقبل لإدراج العديد من الالتزامات المتضمنة في البرامج الانتخابية للأحزاب التي ستشكل الأغلبية الحكومية”.

كما عقد رئيس الحكومة المغربي المكلف عزيز أخنوش، الأربعاء، لقاءً مع الأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية” اليساري نبيل بن عبد الله في إطار مشاوراته المتواصلة لتشكيل الحكومة الجديدة.

وعقب اللقاء، أعرب بن عبد الله، في تصريحات صحفية، عن “أمله في نجاح رئيس الحكومة المعين عزيز أخنوش في مهمته لتشكيل الحكومة في أقرب وقت”. وأوضح أنه “ناقش مع أخنوش عددا من المواضيع والتحديات المرتبطة بتعميق المسار الديمقراطي وفضاء الحريات، وتعزيز الأمور الاقتصادية”، دون ذكر تفاصيل أخرى.

ووفق تقارير إعلامية، اعتذر سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته) عن حضور المشاورات التي يجريها أخنوش، بعدما قضى حزبه عشرة أعوام في رئاسة الحكومة.

وكشف النائب الأول لأمين عام حزب “العدالة والتنمية”، سليمان العمراني، أن حزبه لن يشارك في المشاورات الحكومية، بعدما كان من المنتظر لقاء أخنوش بقيادة الحزب، الأربعاء.

وعن السبب وراء عدم مشاركة قادة الحزب في المشاورات، يكتفي العمراني بالتأكيد أن حزب العدالة والتنمية سيكون خارج الحكومة، ويؤكد “موقعنا المقبل هو المعارضة خارج الحكومة”.

في المقابل، يرفض حزب التجمع الوطني للأحرار التعليق على عدم مشاركة “العدالة والتنمية” وعلى مجمل عملية تأليف الحكومة.

وأكد حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تصدر النتائج بـ 102 مقعد، استعداده للتعاون مع كل القوى السياسية الوطنية محليا ووطنيا لتكوين تحالفات منسجمة وقوية، حسب ما نشره عبر موقع الرسمي.

وكذلك وعد أخنوش، غداة الإعلان عن فوز حزبه استعداده “للعمل بثقة ومسؤولية مع كل الأحزاب التي تتقاطع معنا في المبادئ والبرامج”.

وفي سياق المشاورات، قال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول (حكومية) في مدينة سطات (شمال)،: “بعد التعيين الملكي لعزيز أخنوش، نحن في مرحلة المشاورات قبل اقتراح الحكومة بكامل أعضائها، ثم الذهاب إلى البرلمان لتقديم البرنامج الحكومي”.

ورأى أن “السيناريو الأقرب للتحقق هو أن أخنوش سيشرك حلفاءه السابقين الذين فاوض بهم في 2016 (عقب انتخابات برلمانية تصدرها العدالة والتنمية)، ويتعلق الأمر بالحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري”.

وتابع: “لكن بهذه الأحزاب (تمتلك 184 نائبا) لن يتمكن أخنوش من تكوين أغلبية مريحة (مطلوب ما لا يقل عن 198 نائبا)، لذلك سيكون مضطرا إلى أن يختار بين الاستقلال (81 نائبا) والأصالة والمعاصرة (86 نائبا)”. ورجح أن “الأقرب للتحقق هو أن يلتحق حزب الاستقلال بالأغلبية الحكومية، بالنظر إلى أنه أطال المقام في المعارضة”.

وزاد اليونسي بأن “ما يجعل الأصالة والمعاصرة أقرب إلى المعارضة هو أنه سيتم إعداده ليكون البديل للتجمع الوطني للأحرار مادام كليهما حزبي الإدارة (الدولة)”.

وأوضح أن “هناك سببا وجيها آخر لبقاء الأصالة والمعاصرة في المعارضة وهو أن الدولة تريد مزيدا من الإشعاع لهذا الحزب، وخاصة أن عبد اللطيف وهبي (أمينه العام) جاء بخطاب جديد ووجوه جديدة، وبقاؤه في المعارضة يستهدف تحسين صورته في المجتمع”.

لكن ثمة سيناريو ثانٍ لتشكيل الحكومة، وفق اليونسي، “وإن كانت إمكانية تحققه ضعيفة، وهو حصول تحالف بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة مع الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، مع بقاء الاستقلال في المعارضة”.

واستدرك: “ما يجعل هذا السيناريو صعبا هو أنه سيفتح المجال أمام تشكيل المعارضة من حزبين يشتركان في المرجعية نفسها (الاستقلال والعدالة والتنمية)، مع ما يفرضه ذلك من تحقيق تحالف مستقبلي بينهما، على الرغم من أن الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية ضعيفة العدد”.

بدوره اعتبر سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومة) بمدينة فاس (شمال)، أن “السيناريو الأرجح هو خروج الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية إلى المعارضة لتجاوز أزمة المعارضة التي تلوح في الأفق”.

وأضاف بونعمان إنه “مع النتائج التي حققها كل حزب ووصول المرشحين الأعيان (أصحاب نفوذ) إلى البرلمان، هناك أزمة معارضة يجب تدبيرها، ولن يكون أفضل من الحزبين السابقين للقيام بهذا الدور”.

وشدد على أن “تحقيق التوازن بين الأغلبية والمعارضة هو شرط أساسي لنجاح العملية السياسية في الولاية الحكومية القادمة”. وختم بأن “الأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية بإمكانهم لعب دور المعارضة بشكل جيد”.

من جهته قال أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط أحمد بوز ، إن مشاورات تشكيل الحكومة، ستمر عبر 3 مراحل، وأن المرحلة الأولى التي انطلقت يوم الاثنين، ليس هي الأهم، لأنها تتمحور حول أمور مبدئية، مثل التعبير عن المشاركة في الحكومة. واعتبر هذه المرحلة بمثابة نوع من البروتوكول لأنها ستشمل حتى الأحزاب غير المعنية بالمشاركة، كحزب العدالة والتنمية، وربما أحزاب أخرى.

وأضاف إن العروض التي سيقدمها رئيس الحكومة المعين، ستكون مبدئية، ومرتبطة برغبتها في المشاركة في الحكومة، من عدمه. المرحلة الثانية، ستكون على ضوء تفاعل الأحزاب مع عرض أخنوش، هل هناك قبول وتجاوب مبدئي من الأحزاب التي التقاها، الاثنين، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية.

ويرى أن المرحلة الثالثة من المشاورات، هي الأصعب، ويمكن أن تخلق مشاكل حتى في الموافقة المبدئية، ويمكنها أن تدخل أو تخرج أحزاب أخرى، وهذه المرحلة هي التي سيقدم فيها رئيس الحكومة المعين العروض التفصيلية، المرتبطة بالتقطيع الحكومي وطبيعة الحقائب الوزارية. مشيراً الى أن الأحزاب تولي أهمية للحقائب الوزارية التي ستتحصل عليها، لأن كثيرا من الأحزاب لا تريد وزارات “محروقة”، أو تشكل نوعا من التماس المباشر مع مشاكل صعبة وعويصة، وفي مواجهة فئات معينة من المجتمع، كالتشغيل والتربية الوطنية.

و أشار إلى أن هذه المرحلة، ستكون فيها جوانب من التعقيد مرتبطة بالأشخاص، لأن طبيعتهم، تتحكم فيها عدد من المعايير، الجانب السياسي مثلا، وتدخل فيها أيضا الاستجابة لطموحات ورغبات أشخاص مع بعض التفاوت بين بعض الاعتبارات السياسية والشخصية من حزب لآخر، لافتا إلى أن “معايير انتقاء المرشحين للوزارات ليست نفسها في جميع الأحزاب”. لذلك أعتقد بأن المرحلة الأصعب من المشاورات هي المرحلة القادمة والتي سيتم التطرق فيها إلى التفاصيل، لأن مبدأ المشاركة في الحكومة لا يطرح مشكلا كبيرا مادامت كل الأحزاب عندها الرغبة، اللهم إذا كان رئيس الحكومة المعين يشتغل لتشكيل الحكومة ومنشغل في الوقت نفسه بنوعية المعارضة التي يمكن أن تكون.

وأردف، إن أخنوش، يمكن أن يفكر في نوعية المعارضة التي ستكون صالحة ومفيدة، وتكون بناءة في علاقتها بالحكومة، لأنه لا يمكن أن يكون رئيس الحكومة مع جميع الأحزاب المتصدرة في قارب واحد في مواجهة الاحتجاجات المفترضة للشارع، وخاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار الظروف التي جاءت فيها الحكومة والتعقيدات التي تطرحها التحديات التي تواجهها.

وأضاف، إذا كان أخنوش يريد التأسيس لمعارضة في المستوى في البرلمان ففي هذه الحالة مضطر للتضحية بحزب الاستقلال أو الأصالة والمعاصرة، إن كان يفكر بمنطق من سيملأ الفراغ التشريعي لأن العدالة والتنمية لا يمكنه أن يلعب هذا الدور على الأقل في الأفق المنظور بـ13 مقعدا.

مسألة التأليف والتحالفات ستكون معقدة وصعبة وكل السيناريوهات ستكون مطروحة، فالأمر لا يتحكم فيه فقط رئيس الحكومة، بل أيضا للنظام كلمته ونظرته تجاه بعض الوزارات الاستراتيجية، كالخارجية والداخلية والدفاع والأمانة العامة للحكومة، والمالية، ووزارات أخرى تحكمها رؤية الدولة، وفي النهاية الحاكم في هذا النظام الملكي هو الذي يعين ويوافق وهناك فرق كبير بين مظاهر الاقتراح التي تجري الآن أمام أعين الإعلام والتعيين الذي يأتي بقرار من رأس الهرم المهيمن على مفاصل الدولة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق