فك رموز الهجوم الجديد على الحشد الشعبي على الحدود العراقية السورية
أفادت تقارير إعلامية ومصادر إخبارية بأنه في مساء يوم 14 أيلول 2021، تعرضت مواقع الحشد الشعبي في بلدة البوكمال الحدودية شرقي دير الزور لهجوم بأربعة صواريخ، وتشير التقارير الأولية إلى أن الهجوم نفذته طائرة مقاتلة وأطلقت أربعة صواريخ على مواقع للوحدات الشرقية التابعة للحشد الشعبي الواقعة على الحدود العراقية السورية، واستهدفت ثلاثة من مركبات الحشد الشعبي.
على الرغم من أن معظم وسائل الإعلام للوهلة الأولى عزت الهجمات إلى الأمريكيين، إلا أن القيادة الوسطى الأمريكية (Centcom) نفت في بيان لها أي تورط في الحادث وقالت إنها لا علاقة لها بالهجوم. نتيجة لذلك، يمكن طرح السؤال الآن ما هي القوة أو الفاعل الذي كان مسؤولاً عن هذا الحدث وما هي أهمية هذا الحدث ومن يقف وارءه؟ وأيضًا، هل يمكن طرح السؤال المهم أنه بافتراض أن الأمريكيين وقوات ما يسمى التحالف المناهض لداعش ليسوا وراءه، فهل سيتم إعفاؤهم من مسؤولياتهم؟ عند معالجة هذه الأسئلة الأساسية، من الضروري أولاً اعتبار فرضيتين كعامل لهذا الهجوم.
فرضية هجوم أمريكي على مواقع الحشد الشعبي
الفرضية الأولية بشأن الهجوم على مواقع الحشد الشعبي في منطقة البوكمال الحدودية هي أن الأمريكيين فعلوا ذلك. وفي هذا الصدد، نرى أن بعض المصادر الإخبارية العراقية والجماعات السياسية قد صرحت بأن الهجوم نفذته مقاتلات أمريكية من طراز F15 E وأنه تم إطلاق ما لا يقل عن أربعة صواريخ. وتستند الفرضية تحديداً إلى حقيقة أن قوات الحشد الشعبي صدت هجوماً لتنظيم داعش الإرهابي الذي كان يحاول التسلل إلى العراق، قبل ساعات، لكن في أعقاب الحادث، اتخذت الطائرات المقاتلة الأمريكية، التي كثفت دعمها السري لداعش في الأشهر الأخيرة، مثل هذه الإجراءات.
صمت الكيان الصهيوني وفرضية هجوم من قبله
إضافة إلى فرضية عدم تدخل الولايات المتحدة في الهجوم على مواقع الحشد الشعبي، كان تركيز المراقبين السياسيين والإعلاميين على الإعلان عن موقف النظام الصهيوني. أساس هذه الفرضية، حلقت مقاتلات الكيان الصهيوني فوق الأجواء السورية لمهاجمة قوات الحشد الشعبي في مدينة البوكمال. وتأتي هذه الفرضية، التي تبدو مرجحة للغاية، في وقت شهدت الأسابيع الأخيرة، من جهة، زيارة نفتالي بينيت، رئيس وزراء الكيان الصهيوني للولايات المتحدة، ومن جهة أخرى، يائير لبيد، وزير خارجية النظام أواخر الأسبوع الماضي، والتقى خلال زيارته لموسكو نظيره الروسي سيرغي لافروف. في مثل هذه الظروف، أصبح من الممكن الآن إقامة خط اتصال مباشر بين هذه اللقاءات الدبلوماسية والهجوم على مواقع الحشد الشعبي.
صمت موسكو غير المبرر والمسؤولية المباشرة لإرهابيي القيادة المركزية
الهجمات على مواقع الحشد الشعبي في شريط البوكمال الحدودي، سواء من قبل مقاتلات أمريكية أو إسرائيلية، تتحملها واشنطن وموسكو أكثر من أي جهة أخرى. وفي حال قامت مقاتلات إسرائيلية بهذا الهجوم، فإن الروس مسؤولون عن الدفاع عن المجال الجوي السوري. يجدر التفكير الآن في أن الهجوم يأتي بالضبط بعد أن كرر لافروف التزام موسكو بضمان أمن النظام الصهيوني خلال اجتماع بين وزارة الخارجية الروسية والنظام الصهيوني في 9 سبتمبر 2021. بل إنه حذر من أن الأراضي السورية ستصبح مسرحًا لتصفية حسابات بين دول أخرى. ولكن الآن، إذا تم القاء مسؤولية الهجوم على الصهاينة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا بقي الجيش الروسي صامتًا في وجه هذه الحركة ولم يدافع عن الحدود الرسمية والأجواء السورية. في الواقع، المشكلة الآن هي أن روسيا، كما في السنوات السابقة، كانت حليفًا استراتيجيًا لمحور طهران – موسكو – دمشق، ملتزمة بالتزاماتها بحماية قوى مكافحة الإرهاب الحقيقية في المنطقة. على صعيد آخر، وحتى بقبول فرضية عدم تدخل الولايات المتحدة في مهاجمة مواقع الحشد الشعبي في منطقة البوكمال، فلن يتم رفع أي مسؤولية عن أكتاف القوات الأمريكية. على مدى السنوات القليلة الماضية، دأبت قوات التحالف المناهض لداعش بقيادة واشنطن على ترديد شعارات مناهضة للإرهاب، ودافعت عن سماء العراق، وقدمت نفسها على أنها منمؤسسي الأمن في العراق والمنطقة.
استمرار الدعم الأمريكي لداعش وجهوده لإحياء التنظيم الإرهابي من خلال تجهيزه ونقله بين الحدود العراقية السورية والهجمات المتكررة على مواقع الحشد الشعبي داخل العراق، وهي جزء رسمي من القوات المسلحة العراقية، هي إشارات واضحة. دور الولايات المتحدة: التحالف تحت قيادته يخلق حالة من انعدام الأمن في البلاد. في ظل الوضع الحالي، يعتزم الأمريكيون منع تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بشأن طرد القوات الأجنبية، وكذلك تنفيذ بنود الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين بشأن ضرورة الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية في نهاية شهر كانون الأول من هذا العام، والتي كانت رأس حربة في محاربة داعش، كعامل من عوامل انعدام الأمن وجعله عرضة للهجمات.
المصدر/ الوقت